صنعاء نيوز/ عباس الكتبي -
بسمه تعالى:﴿فَلَمّا أَحَسَّ عيسى مِنهُمُ الكُفرَ قالَ مَن أَنصاري إِلَى اللَّهِ قالَ الحَوارِيّونَ نَحنُ أَنصارُ اللَّهِ آمَنّا بِاللَّهِ وَاشهَد بِأَنّا مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ٥٢]
الإصلاح الشامل والعام في أي مجتمع إنساني، أو لنقل الإصلاح في جميع مناحي الحياة البشرية، لا يتحقق إلا بثلاثة شروط أساسية مجتمعة، هي: وجود برنامج إداري متكامل، قائد يتميز بصفات عالية من القدرة والكفاءة والنزاهة، وجود قاعدة شعبية واسعة تؤمن بالقيادة وتلتزم بتطبيق البرنامح.
المقصود "بالحس" في الآية الكريمة:العلم الناتج من تجربة المجتمع والمعرفة به، فبعد أن علم نبي الله عيسى عليه السلام من قومه عدم الإيمان به وبمشروعه التوحيدي وهو الدعوة إلى الله، أمتحنهم وأختبرهم ووضعهم على المحك، ليظهر حقيقة ما يضمرون بداخلهم من إيمان وكفر﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُترَكوا أَن يَقولوا آمَنّا وَهُم لا يُفتَنونَ) فلم يؤمن به ويستجيب له سوى الحواريون وهم نفر قليل، وفي بعض الروايات أنهم كانوا "١٢" نفراً!..لذلك لم ينجح مشروع نبي الله عيسى عليه السلام في نهاية المطاف وهو ذاك الإنسان الكامل المعصوم، بسبب فقدان أحد الشروط، وهو خولان القاعدة الجماهيرية له، مما تعرض أتباعه المؤمنين به للمطاردة والقتل والتعذيب، ولولا أن رفع الله نبيه الى السماء لصلبوه أو قتلوه.
ما شاءالله عندنا في العراق بل في أغلب بلداننا العربية والإسلامية أن لم يكن جميعها..واويلاه! لا يوجد برنامج حقيقي قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في البلد، ولا قيادة صالحة لديها القدرة والقابلية في إدارة الحكم، ولا توجد قاعدة شعبية عريضة واعية عندها الحرص الشديد على إختيار القائد الأكفأ.
من يتدبر في خطبة الجمعة الماضية للمرجعية الدينية العليا، يجد أنها ركزت على الشروط الثلاثة المذكورة أعلاه، وحملت المجتمع بما فيه من أحزاب سياسية وزعماء وقادة كتل، والحكومة وخاصة رئيسها، الذي ليس لديه رؤية سياسية وبرنامج حكومي واضح، مسؤولية ما يحدث من أزمات وتدهور في الأوضاع الأمنية والخدمية والإقتصادية والسياسية.
لم يقم المجتمع بواجبه السياسي في تغيير الوجوه، ولم يشارك بشكل واعي في الإنتخابات لإختيار الأفضل والأحسن من المرشحين، وأما القيادة الحاكمة فكانت ضعيفة وهزيلة، تفتقد للشجاعة والحزم في معاقبة ومحاسبة الفاسدين، ولم يكن لديها برنامج عادل يتضمن تشريع قوانين يخدم المواطن والوطن.
ما لم يكن هناك جمهور واسع لديه إيمان ووعي سياسي كبير، وقيادة صالحة رشيدة لإدارة الحكم، وبرنامج حكومي مبني على أسس علمية صحيحة، لا يحدث أي إصلاح أو تغيير جذري في الحياة الإجتماعية والإقتصادية، ونخشى من تمييع وتذويب خطاب المرجعية الدينية من قبل الحزب الحاكم، فقيادات هذا الحزب لديها القدرة في التحايل والمراوغة وخداع الجماهير، فهي من أجل المنصب والتشبث بالسلطة تفعل كل شيء، وطبعا ذلك بمؤازرة وتأييد من التيار الذي يدعي الإصلاح، وأن غداً لناظره قريب. |