صنعاء نيوز/ مطهر تقي. - يعيش العالم العربي و الإسلامي و منه اليمن صراعا سياسيا برداء ديني مذهبي تحت عنوان الصراع السني الشيعي. تعتلي المنبر الأول السعودية و المنبر الثامي إيران و في الأصل الصناعة ليست إيرانية أو سعودية ولكنها صناعة أمريكية بدفع إسرائيلي بإمتياز تحت مسمى القوى الناعمة و ملخص تلك المؤامرة عدم تورط أمريكا في صراع أو تواجد أمريكي مباشر بإستبداله بصراع إقليمي محلي من خلال إذكاء الخلافات المذهبية و العرقية في بعض الدول (العربية و الإسلامية) و إيجاد قوى مسلحة مثل القاعدة و داعش تقوم بمهمة إشعال النيران في البلاد العربية و الإسلامية و إشغال العرب و المسلمين بصراع سياسي و مذهبي من خلال تيارات دينية سياسية أهمها:
التيار الإسلامي الأول ( الإخوان المسلمون):
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر جمال الدين الأفغاني والإمام المجدد الشيخ محمد عبده بدعوة لتجديد الخطاب الديني ونفض الغبار الذي علق به بعد سنوات طويلة من الانحطاط الحضاري الذي اصاب العالم الإسلامي ، إلا أن الإخوان الوهابيين سرعان ما اعتلوا ذلك المنبر بعد موت صاحبا الدعوة وتزعموا الدعوة بدعم معنوي ومالي من قبل الملك عبدالعزيز آل سعود ومن ارتهن إليه وإلى ماله أمثال الداعية السياسي الصحفي محمد رشاد رضا (١٨٦٥-١٩٣٥) صاحب مجلة المنار في النصف الأول من القرن الماضي والذي كان مثله الأعلى المفكر الإسلامي الهندي أبو العلاء المودودي ، الذي كان قاسياً في نظرته الدينية وحاداً في أحكامه التكفيرية نظراً لموقفه الرافض لوضع المسلمين الصعب في الهند تحت الإحتلال والقهر البريطاني واتسمت دعوته بالتشدد والعنف و كان يرى أنه يجب أت يتم إعداد المسلم قبل إعلان الدولة الإسلامية ... وكما كان المودودي مثلاً أعلى لمحمد رشاد رضا كان هذا هو المثل الأعلى للشاب الطموح حسن البناء المولود في 1906م، الذي ظن بأن بإمكانه أن يعيد مجد الخلافة الإسلامية بعد أن أعلن مصطفى اتاترك إلغاء الخلافة الإسلامية وعاصمتها اسطنبول في منتصف عشرينات القرن الماضي .
وهكذا نشأت علاقة حميمية بين محمد وحسن إستوعب حسن من محمد مجمل أفكاره وارائه الفكرية الوهابية ليضيفها إلى فكر الجماعة آخذاً بنصيحة أستاذه محمد رشاد رضا بأن يسمي جماعته بإسم جماعة الإخوان المسلمين تأسياً بإسم الإخوانية الوهابية (هكذا كان إسم جماعة الوهابية) كما أنه اختار لنفسه اسم المرشد بدلاً من الرئيس أو القائد .
وبعد مقتل حسن البناء 1949م، أخذ راية الإخوان المسلمين شيئاً فشيئاً الشاعر والناقد الفني سيد قطب التي حلت في نفسه تغييرات حضارية شديدة بعد عودته من أمريكا وكان كتابه معالم في الطريق نقطة فاصلة في فكر حركة الإخوان المسلمين فقد خرج بقناعة بأن المسلمين في ضلال أشد من ضلال العرب قبل الإسلام و أنه يجب على الجميع من المسلمين أن يعيدوا إسلامهم على يد جماعة الإخوان المسلمين فلا يمكن إقامة الدولة الإسلامية إلا بعد إعداد المجتمع المسلم كما أنه كان يرى أن من لم يكفر الكافر فهو كافر ، وبعد إعدام سيد قطب في 1965م استمرت افكاره جزء من مرجعيات ذلك التيار الإسلامي ومصدر فتاوى لعدد من قياداته و قد كان لبريطانيا في الثلاثينات و الأربعينات من القرن الماضي دور مشجع لحسن البنا و من بعده سيد قطب نكاية في المد القومي العربي في ذلك الزمن.... استمر ذلك التيار يناضل من أجل الوصول إلى الدولة حتى تم له ذلك بوصول محمد مرسي إلى رئاسة مصر ولمدة عام... و هذا التيار لا يرى أن آل محمد (ص) هم الهاشميون بل هم جميع من إتبع الدين الإسلامي فجميهعم آل محمد (ص) و أن آل البيت هم أفراد أسرته (ص) المكونة من زوجاته و بناته الأربع و منهم فاطمة فقط.
التيار الإسلام الثاني( الإثنى عشرية):
هي فرقة سميت بالإمامية الإثنى عشرية تبدأ حسب رؤيتهم بالإمام علي رضي الله عنه وتنتهي بالثاني عشر محمد المهدي الحسن العسكري و هذا الفكر لم يتبلور بصورته الحالية الا بعد منتصف القرن الثالث للهجرة حين إستولى الفرس على الحكم الإسلامي... و تشترط هذه الفرقة أن يكون الأئمة من نسل الحسين و ليس الحسن و هي فرقة لا تعترف بإمامة الإمام زيد بن على رضي الله عنه... ونواة هذه الفرقة هي فرقة الخوارج التي خرجت على الإمام علي بعد معركة صفين ومن أشهر رموز ذلك الفكر عبدالله بن سبأ الذي كاد الإمام علي رضي الله عنه أن يقتله بعد أن قال له أنت أنت أي (أنت الله) وهو كذلك صاحب مقولة علي وصي محمد .
ومعتقد هذه الفرقة الشيعية يؤكد أن الإمامة تكون بالنص إذ يجب أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق بالإسم لا بالوصف وأن النبي صل الله عليه وسلم قد نص على إمامة الإمام علي نصاً ظاهراً في غدير خم ، وتؤمن الإثنى عشرية بعصمة الإمام من أي خطأ أو نسيان بشري ولا يوجد فرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الإمام المعصوم سوى الوحي كما أنها تؤمن بزواج المتعة ولها موقف معادي من الصحابة ومن زوجات النبي باعتبار أن الصحابة رضي الله عنهم قد اغتصبوا الخلافة من الإمام علي رضي الله عنه .
تخالف هذه الفرقة (الإثنى عشرية) المذاهب الإسلامية عامة بما فيها المذهب الزيدي الذي يتميز بالوسطية و العقلانية في كثير من القضايا الدينية و منها أن أولياء الأمر وأئمة الهداية وأهل الذكر و من يسطفيهم الله هم بالضرورة من نسل الإمام الحسين فقط وغيرهم من الأئمة والعلماء وأهل الذكر من بقية المذاهب الإسلامية لا يعتد بهم أو بآرائهم و لا تعمل هذه الفرقة إلا بالأحاديث النبوية المروية عن أئمة آل البيت فقط اما سواهم رواة الأحاديث من الأئمة من مختلف المذاهب فلا تتبعها و ترى أن آل البيت لهم خواص ليست موجودة في سائر الناس.
ويعتبر الإمام الخميني المجدد لهذا الفكر وهو من أخرجه بإعلان ولاية الفقيه من حالة الستر والانتظار للإمام العادل وله آراء ناقده للمذاهب الإسلامية وتصريحات ناقدة أيضاً للصحابة... و يتميز أصحاب هذا التيار الديني السياسي بالتعصب و المغالاة فإذا كانت أفعال داعش بتلك القسوة و الإجرام في حق من يخالفهم الرأي فمشهد الفيديو الذي تم بثه مؤخراً لأحد غلاة الشيعة الإثنى عشرية في العراق و هو يذبح إبنه الصغير فداء للحسين عليه السلام كما يذبح الجزار الخروف فذلك و الله إجرام و غلو لا يخطر على بال بشر و سيدنا علي و ولداه الحسن و الحسين عليهم السلام براء من ذلك
التيار الإسلامي الثالث ( الوهابية ) :
ظهرت الوهابية في نجد على يد مؤسسها محمد بن عبدالوهاب توفي في 1787م لتقضي على البدع التي افرطت في تقديس الاشخاص والتبرك بهم وطلب القربى من الله بزيارتهم وقد جاءت متخذة من فكر واجتهاد ابن تيمية (ولد في 661 ه) منهجاً لها ، بل تجاوزت فكر ذلك الرجل وإضيف إلى تشدده تشدد أقسى بل أصرت على أرائه التي عدلها بعد أن عرف خطأها وتجاوزت أراءه وأحكامه ووصل حال الفكر الوهابي إلى اعتبار التدخين محرم بل أن المدخن مشرك .. كما أن القهوة حرام وشاربها مؤاثم ، وقد حمل الوهابيون السيف لمحاربة كل من لا يتفق معهم من المسلمين واعتبروهم كفار يجب قتالهم .
و قد تزعم حمل السيف صهر محمد عبدالوهاب ، محمد ابن سعود ، جد الاسرة السعودية الحاكمة الذي تعصب لفكر نسبه عبدالوهاب وقامت جحافل البدو الوهابية بغزو العراق وعمان واليمن تهدم الأضرحة كافة والمساجد وتستأصل بالسيف كل من يعترضها وقاموا بهدم كافة قبور الصحابة وطمس كل المعالم الإسلامية (في نهاية القرن الثامن عشر و بداية القرن التاسع عشر) و من أشهر معالمهم الشنيعة مذبحة تنومة التي قتلت قرابة ٣٠٠٠ حاج يمني عام ١٩٢٣ بإعتبارهم كفرة يجب قتلهم.
و هذا الفكر منغلق ومشغول بأمور صغيرة ليس فيها وثنية ولكنها في نظره كفر بواح.
وتمكن الفكر الوهابي في نهاية القرن العشرين من القرن الماضي بالتوسع بإمكانات مالية سعودية كبيرة في المناطق الإسلامية (جنوب الإتحاد السوفيتي) بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وفي دول إفريقية بل وصل أمر ذلك الفكر أن زرع الفتنة في كثير من الدول العربية والإسلامية كان آخرها ولا زال في العراق وسوريا واليمن وافغانستان وكان مصدراً مهماً ولا زال في تغذية الحروب بالمال والسلاح في تلك الدول .. ولم يكتفي ذلك الفكر بصرف المال والسلاح في اليمن فقط بل لقد أصدر علمائه الفتاوى بمن فيهم خطيب بيت الله الحرام و خطيب يوم عرفة (آل الشيخ) التي تكفر اليمنيين و تدعوا إلى قتالهم باعتبارهم مجوس وروافض ... ويعتبر بن لادن والظواهري وعبدالعزيز بن باز أشهر شخوص ذلك الفكر الإسلامي في هذا العصر ...وأهم نتاج ذلك الفكر القاعدة ثم داعش و الممولون بالمال و السلاح من غلاة الفكر الوهابي و قد لعبت أمريكا دورا كبيراً في تأسيس القاعدة و داعش و هذا الفكر لا يعتد بآل البيت و أئمتهم و الإمام علي ما هو إلا الخليفة الرابع لا أكثر من ذلك... و يعتبر هذا الفكر المناهض سياسياً للفكر السياسي الإثنى عشري و دعاته و علمائه يتبعون ولي الأمر حتى و لو كان جائراً و ظالماً و يحللون و يحرمون ما يرى ولي الأمر فعلى سبيل المثال فقد كانت سواقة النساء للسيارات حرام و حين وافق ولي الامر أصبحت حلال حتى أن مظاهرات الفلسطينيين ضد إسرائيل أصبحت حرام في نظر عدد من علماء الوهابية فإسرائيل هي ولية أمرهم و لا يجب الخروج على ولي الاخر (هكذا أفتى عبر التلفزيون احد دعاة الوهابية)
تلك نماذج للإسلام السياسي التي تحكم وتتحكم في الإسلام والمسلمين اليوم تتصارع على الساحة العربية والإسلامية.
والتي اتخذت تلك القوى الدينية من بلاد المسلمين وكذلك أرض اليمن ملعباً للصراع والقتال والفرقة ووقودها للأسف الشديد أبناء اليمن و أبناء العروبة و الإسلام الذين حوصروا حتى في مساجدهم ، فقد تغلبت المساجد الضرار على غيرها وكل في مسجده يؤكد للمسلمين أن دعوته هي الصحيحة وأن دعوة غيره ضلال وكفر ووصل حد الصراع الديني حتى تصفية الخصوم من الدعاة وأئمة المساجد حتى وهم في مساجدهم في كثير من الدول و الأزمان ، و كان ذلك ولازال في عدن وحضرموت والمهرة ،فلا حول ولا قوة إلا بالله.
والسؤال : أي إسلام يختار المواطن المسلم وأي مسجد يلوذ إليه ليعبد الله ويجد الدين الإسلامي الحق الذي أنزله الله على نبيه الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام وعلى آله وأصحابه أجمعين و خصوصاً و هو يرى كل تيار يرفع المصحف الكريم و يفسر آياته و يحملها أوجه سياسته و مراميها الخاصة بدعوته حتى يستولي على الحكم تحت دعوة ظاهرها دينية و باطنها سياسة رخيصة... و يسمع المواطن أيضاً الأحاديث النبوية من كل طرف توظف سياسياً أيضاً حسب غاياته و أهداف حزبه و الحكم الذي يؤيده؟
و كنا نحن في اليمن و حتى السبعينات من القرن الماضي يعيش المذهب الزيدي و الشافعي في وئام و توافق بعيداً عن التعصب و الغلبة ولا يعرف منا هل هو زيدي أو شافعي فقد كانت الفكرة السائدة بين المواطنين أن الكل مسلم ولا حساسية من مصلي يسربل او يضم و مؤذن للصلاة يقول حي على خير العمل و غيره لا يقولها.
و لنا أن نتسائل أيضاً اي مستقبل أمام بلادنا و العالم الإسلامي وقد أصبح المتعصبون يتصارعون من أجل الحكم بعيداً عن الدين الإسلامي الحنيف الصحيح ويعملون على تشتيت فكر المسلم لغايات سياسية تجعل من الدين وسيلة للوصول إلى الحكم والسيطرة على مقاليد أمر المسلمين، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ملاحظة: ما ورد أعلاه مستمد من بعض الكتب الإسلامية المحايده و البعيدة عن التعصب. |