صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
البينة الشخصية أو شهادة الشهود وسيلة من وسائل الإثبات القانونية والمقصود منها أن يثبت المرء حقه أو يثبت ادعاءه في مجلس القضاء بأشخاص يسميهم للقاضي للإدلاء بالشهادة في النزاع المنظور أمام المحكمة.
ودائما يلجأ الناس لإشهاد بعضهم البعض في معاملاتهم وذلك لحفظ الحقوق ولكن هنالك من يخطئ في اختيار الشاهد أو الشهود مما يتسبب له في المستقبل إذا حدث خلاف في ضياع حقه والسبب يعود لجهل الكثير من الناس في معرفة شروط الشهادة ومدى انطباقها على الشاهد أو شهود الذين أشهدهم على حقه عند الآخرين.
حينما ينكر خصمك حقك فإنه بتلقائية سوف يبحث عن مخرج قانوني لإبطال دعواك وحينما تقدم أنت شهودك سوف ينظر الخصم إلى مدى انطباق صحة شروط الشهادة على شاهدك أو شهودك وإذا وجد خصمك أن شاهدك لا تنطبق عليه الشروط دفع وطعن بشهادة الشهود وأن دعواك باطلة وليس لك حق ثم قد يذهب حقك أمام عينيك.
ولذا نبين بعض الأخطاء الشائعة في إشهاد الشهود بما رأينا أن هنالك من يشهد ابنه أو يشهد أباه أو أشخاصا لهم منفعة عنده وهذا يقدح في صحة شهادتهم، وهنالك من يشهد شخصا من أرباب السوابق بمعنى أنه ظاهر فسقه للناس وهذا لا تقبل شهادته، وحينما تريد أن تثبت حقك في معاملاتك والعقود التي تجريها مع أشخاص بينك وبينهم مصلحة مالية ونحوها أنظر في الشخص العدل الذي عرف بحسن سيرته بين الناس وأن يكون معروفا باليقظة وعدم كثرة النسيان وأن لا يكون من أصولك أو فروعك أو شخص له منفعة عندك وأن تشهده على شيء معلوم وواضح، حيث إن الشهادة مظهرة للحق فمتى صحت شروطها وتطابقت مع دعواك أخذ بها القاضي. الشهادة ما يقوله الشاهد لإثبات أو نفي واقعة معينة، وكثيراً ما تكون الشهادة الفيصل في الحكم، والمرجح لجهة على أخرى، فكم من شهود كانوا سببا لتعليق مجرمين على المشانق، وكم من شهود أخرجوا أبرياء من وراء القضبان.
ولقبول الشهادة ضوابط، كأن لا يكون ثمة مصلحة أو مفسدة للشاهد فيما يشهده، وفي حال إشهادات الأحوال الشخصية يجب مراعاة أنه لا تقبل شهادة الأصل للفرع -الأب لابنه أو ابن ابنه-أو الفرع للأصل -الابن لأبيه أو جده-ولا شهادة الأزواج لبعضهم.
أما حقوق الشاهد، فهي أنه لا يجوز الإضرار بالشاهد سواء الحسي أو المعنوي، ويجب توفير أماكن جلوس مناسبة للشهود بعيدة عن المتهمين، وتأمين الحماية لهم عند حضورهم لتأدية الشهادة.
وفي حال تعذر حضور الشاهد جاز للمحكمة ندب قاض لسماع أقوال الشاهد خارج حرم المحكمة بعد تحديد مكان وتاريخ ذلك، ويجب تلاوة محضر الشهادة على الشاهد والسماح له بقراءته والتوقيع عليه بعد أخذ اليمين منه.
أما الواجبات المستحقة على الشاهد فهي ذكر الحقائق التي يعلمها، وهو يتحمل جميع عواقب شهادته الدنيوية والأخروية، وكل من يدلي بشهادة مخالفة لما يعلم يعتبر مرتكباً لجناية يطلق عليها اسم جناية شهادة الزور، وعقوبتها الحبس بحسب تقدير القاضي.
وتوجه الأسئلة إلى الشاهد من المحكمة، ويجيب الشاهد أولا على أسئلة الخصم الذي استشهد، وإذا انتهى الخصم من استجواب الشاهد فلا يجوز له إبداء أسئلة جديدة إلا بإذن المحكمة، وإذا لم يحضر الخصم شاهده أو لم يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة إلزامه بإحضاره أو تكليفه بالحضور لجلسة أخرى، فإذا لم يفعل سقط الحق في الاستشهاد به، ولا يخل هذا بأي جزاء يرتبه القانون على هذا التأخير. وفي حال كلف الشاهد بالحضور تكليفا صحيحا ولم يحضر قضت المحكمة عليه بالعقوبة المالية ولا يكون قابلا للطعن.
وفي حال الاستعجال والضرورة يحق للمحكمة إصدار أمر بإحضار الشاهد، أما في حال عدم الاستعجال فيأمر الشاهد بالحضور ويتحمل مصروفات ذلك التكليف، ويجوز للمحكمة إقالة الشاهد من الغرامة في حال حضر وأبدى عذرا مقبولا عن عدم حضوره، وللمحكمة الحق في توجيه أية أسئلة للشاهد تراها مفيدة في كشف الحقيقية. إذا رفض الشاهد الحضور إجابة لدعوى الخصم أو المحكمة يتم حسب الأحوال تكليفه بالحضور لأداء الشهادة قبل التاريخ المعين لسماعه بأربع وعشرين ساعة على الأقل، ويجوز في أحوال الاستعجال بناء على أمر المحكمة تكليف الشاهد الحضور بالطرق الإلكترونية بواسطة القسم المختص.
ويجوز لمن يخشى فوات فرصة الاستشهاد بشهادة الشهود أن يطلب من المحكمة سماع الشهادة من خلال طلب مستعجل يقدم لقاضي الأمور المستعجلة للاستفادة من هذا الإثبات لاحقا في دعوى موضوعية.
عندما فكرت ان اكتب في موضوع الشهادة ودورها في الاثبات كان غرضي واهتمامي هو ان احاول تهميش دور الشهادة في الاثبات ولكن بعد الدراسة والبحث ثبت لي بأن للشهادة دورا فعالا وايجابيا في اثبات الحقوق وان المجتمع مهما تطور لا يستطيع ان يهمل العمل بالشهادة كطريق من طرق الاثبات وان الابقاء عليها مهم لصيانة الحقوق وتعزيز الثقة في التعاملات المدنية.
فكما ان قانون الاثبات بشكل عام يقوم بتنظيم المسائل القانونية في المجتمع وان اي نظام قانوني لا يكون فيه قانون للأثبات يعتبر نظاما مبتورا فنظرية الاثبات من اهم النظريات القانونية في جميع التشريعات الحديثة في العالم واكثرها تطبيقا في الحياة العملية فمن هذه الاهمية تأخذ الشهادة اهميتها باعتبارها أحد طرق الاثبات. ان التطور الكبير الحاصل في عالم التكنولوجيا والاتصالات والنواحي التقنية الاخرى اضعفت دور الشهادة في الاثبات ولكن لم تعدمها حيث انها سوف تبقى طريقا مهما من طرق الاثبات لان الانسان بنفسه سوف يبقى اهم وأعظم من اي جهاز او الة او تطهر حيث انه هو المبدع لهذه الادوات العلمية ولا يمكن للإنسان ان يخلق شيئا يكون سببا في الغاء دوره في الحياة.
بعد الدراسة كما اسلفت تأكدت لي اهمية الشهادة ودورها في الاثبات لذا أصبح الموضوع أكثر تشويقا لي وأكثر اهمية بعد هذه المقدمة اريد ان اوضح بأنني في هذا البحث القصير حول موضوع متشعب وطويل قمت بتقسم الموضوع الى مبحثين.
المبحث الاول يتناول مفهوم الشهادة ونطاقها ويقسم هذا المبحث الى اربعة مطالب، المطلب الاول تعريف الشهادة كدليل من ادلة الاثبات. المطلب الثاني يتناول الاحوال التي تجوز فيها الشهادة اصلا، والمطلب الثالث يتناول الاحوال التي تجوز فيها الشهادة استثناءا،
واخيرا المطلب الرابع اختص على الاحوال التي لا تجوز فيها الشهادة اما المبحث الثاني تخصص بأجراء الشهادة وحجيتها في الاثبات القضائي ويقسم هذا الى ثلاثة مطالب، المطلب الاول هو اجراءا استحضار الشهود والمطلب الثاني تناول اجراءات الادلال بالشهادة والمطلب الثالث يتناول حجية الشهادة في الاثبات. والمبحث الخامس الشهادة في القانون المصري.
المبحث الاول
مفهوم الشهادة ونطاقها
للأثبات بشهادة الشهود قوة محدودة في نطاق التصرفات القانونية فالأصل في الاثبات يكون للدليل الكتابي. اما بالنسبة للوقائع المادية فان لشهادة الشهود قوة مطلقة في الاثبات ويفهم من نصوص المادتين (77. 79) من قانون الاثبات ان المشرع وضع قاعدة عامة هي عدم جواز الاثبات بالشهادة إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على قيمة دينار او كان غير محدد القيمة وكذلك لا يجوز اثبات ما يخالف او يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي ثم اورد استثناء على هذه القاعدة اجاز فيه الاثبات للشهادة حتى بالنسبة للتصرفات القانونية التي تزيد قيمتها على خمسين دينار وذلك إذا وجد مبدأ ثبوت الكتابة او في حالة فقد السند الكتابي لسبب لا دخل لإرادة صاحبه فيه او في حالة وجود مانع من الحصول على دليل كتابي(1). اجاز قانون الاثبات بشهادة الشهود كأصل هام ضمن نطاق محدد واجازها على سبيل الاستثناء في حالات اخرى ومنع الشهادة لاعتبارات تتعلق باحترام علاقات معينة او للثقة ببعض الاشخاص الناتجة عن ممارسة مهنة تقوم على اعتبارات الثقة (2). ويقسم هذا المبحث الى اربعة مطالب التالية: -
المطلب الاول: تعرف الشهادة كدليل من ادلة الاثبات.
المطلب الثاني: -الاحوال التي يجوز فيها الشهادة اصلا.
المطلب الثالث: -الاحوال التي يجوز فيها الشهادة استثناءا.
المطلب الرابع: -الاحوال التي لا يجوز فيها الشهادة اصلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عباس العبودي / احكام قانون الاثبات المدني العراقي، ط1, 1991، ص286.
د. ادم وهيب النداوي / الموجز في قانون الاثبات، ط2، بغداد,2007، ص 142.
المطلب الاول
(تعريف الشهادة كدليل من ادلة الاثبات)
الشهادة لغة: -الاخبار القاطع عن مشاهدة وعيان لاعن تقدير وحسبان وعلى ذلك سمي الشاهد غي القران الكريم شهيدا اي عليما فقال سبحانه وتعالى (واستشهدوا شهيدين) (1). وتعني أيضا الحضور والعلم ومنه قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (2). اي من كان حاضرا في الشهر مقيما غير مسافر فليصم ما حضر واقام فيه.
وفي الاصطلاح القانوني: -قيام الشاهد في مجلس القضاء بعد حلف اليمين بالأخبار عن واقعة حدثت من غيره ويترتب عليها حق لغيره (3).
وهناك من يعرف الشهادة بتعريف اخر هو (اخبار الانسان في مجلس القاضي بحق على غيره بغيره ولأنها خبر فهي تحتمل الصدق والكذب لكن يقوى احتمال اصدق على الكذب فيها لان الشاهد يحلف على صدق ما يقول وانه انما يشهد بحق لغيره على غيره فليس له مصلحة في الكذب وانما كان احتمال العكس لا ينتفي بها انتفاء تام) (4). وتنصب الشهادة على عرض للوقائع المعروفة على للشهاد مسبقا فليس محل للشهادة تكييف هذه الوقائع حسب علم او فن معين او استخلاص النتائج القانونية او المنطقية التي تترتب على مثل هذا التكييف وفي هذا يختلف الشاهد ع الخبير فاذا دعي شخص للشهادة وكان خبيرا في فرع معين فأنه يلتزم بالأخبار عن الوقائع باعتباره شاهدا واذا طلب من شاهد الادلاء بشهادة عن واقعة شاهدها فعليه ذكر الوقائع مجردة دون وصفها القانوني فليس له ان يؤل او يقس ولذا قيل في الفقه الاسلامي ان الشاهد في السرقة يشهد ويقول اخذ ولا يقول سرق لأنه اذا قال سرق فقد حكم بالسرقة (5) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ سورة البقرة / الآية (282).
2ـ سورة البقرة الآية 185
3ـ د. انور سلطان / قواعد الاثبات في المواد المدنية والتجارية، بدون طبعه, 1984، ص194.
4ـ احمد ابراهيم / طرق القضاء، ص209
5ـ الكمال ابن الهمام / فتح التقدير، ج6، بدون طبعه وتاريخ، ص5-6.
كما يشترط في الشهادة لكي تون لها حجيتها في الاثبات ان تقع امام القاصي مطبقا للأوضاع المقررة قانونا ومن حيث الموضوع يشترط في موضوع الشهادة ان يرد على واقعة متعلقة بالدعوى منتجة فيها جائزة الاثبات وان طلب الاثبات بشهادة الشهود قد يكون بناء على طلب الخصم وموافقة المحكمة وكما ان للقاضي ان يستدعي للشهادة من يرى لزوما لسماع شهادته ولو لم يستشهد به أحد الخصوم (1).
وقد عدت الشهادة في المجتمعات القديمة من اهم طرق الاثبات لدرجة انها كانت تفضل على الدليل الكتابي ويضع غالبية الفقه الاسلامي الشهادة في المرتبة الاولى بين طرق الاثبات على الرغم من ان الشريعة الاسلامية عدت الدليل الكتابي من اقوى ادلة الاثبات والسبب فب ذلك يرجع الى ان الاعتماد على الكتابة كان محدود المجال في فترة تكوين الفقه الاسلامي فضلا عن الضمانات التي احاط بها المشرع الاسلامي للشهادة فقد كان القاضي يعرف اكثر افراد مجتمعه ويعلم مقدار صدق كل واحد منهم ولم يكن يخشى الا من تأثير الزمن على ذاكرته (2) . غير انه لما اتسعت المجتمعات قلت الثقة في شهادة الشهود إذا كثر احتمال الكذب والتزوير فأصبح للأثبات بالشهادة مجال محدود لاسيما بعد ان وضعت غالبية التشريعات الحديثة مبدأ اثبات التصرفات القانونية في الكتابة مما ترتب عليه عدم جواز الاثبات بالشهادة الا في الأمور التي حددها القانون وهكذا رد اعتبار الكتابة وعادت لها منزلتها المفقودة بوصفها أرقي دليل في الاثبات (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. ادم وهيب النداوي / مرجع سابق، ص141.
السنهوري / الوسيط، ج2، ط3، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان,2009، ص319.
عباس العبودي / الاثبات بالدليل الكتابي في الشريعة الاسلامية، بدون طبعه وبدون تاريخ، ص117.
المطلب الثاني
الاحوال التي تجوز فيها الشهادة أصلا
أجازت المادة (77أولا) أثبات وجود التصرف القانوني أو انقضائه بالشهادة أذا كانت قيمته لا تزيد على خمسة الاف دينار وندرس الوقائع المادية والتصرف القانوني الذي لا تزيد قيمته على خمسة الاف جنية فيما يأتي:
أولا: الوقائع المادية :أن الواقعة القانونية هي واقعه ماديه يرتب القانون عليها أثرا وقد تكون واقعه طبيعية لا دخل لإرادة الأنسان كالموت وقد تكون واقعه اختياريه حدثت بأراده الأنسان كالبناء والغراس واذا كانت واقعه اختياريه فقد يقصد من ورائها أحداث الأثر القانوني عليها كالاستيلاء والحيازة وقد لا يقصد هذا الأثر كدفع غير مستحق وقد يقصد عكس هذا الأثر كالعمل غير المشروع وسواء كانت الواقعة القانونية طبيعية أو اختيارية وسواء قصد أثرها القانوني أولم يقصد أو قصد عكسه فهي دائما واقعة مادية وليست أراديه كما هو الحال في التصرف القانوني. والكسب دون سبب. وقد تكتسب الحقوق العينية كما هو الأمر في الحيازة والموت(الميراث)وقد تقضي الحقوق الشخصية كما في أتحاد الذمة وقد تقضي الحقوق العينية كما في الترك وقد تحدث آثار قانونيه أخرى كما في القرابة وهي مانع من موانع الزواج وفي التقادم وفي حالة القصر ويترتب عليها وقف التقادم وفي ألحاق المنقول بالعقار لخدمته ويحول المنقول الى عقار بالتخصيص. وأن المقابلة بين التصرف القانوني والواقعة القانونية هي مقابله ما بين الإرادة والفعل المادي فحين تمخضت الإرادة لأحداث أثر قانوني فأحدثه القانون فسم تصرف قانوني.
وحيث وقع عمل مادي ولو خالطته الإرادة فرتب عليه القانون أثراً فسم واقعه قانونية(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. عصمت عبد المجيد بكر، شرح قانون الأثبات، ط2، المكتبة القانونية 2007 ص196 وما بعدها.
والأصل في الوقائع المادية أن يكون أثباتها بالشهادة والقرائين القضائية لأنها تقع وتراها الناس ولا يمكن أعداد دليل كتابي بشأنها كالوقائع الطبيعية (فيضانات. براكين. زلازل) وحراثة الارض ومنع استغلالها من المسائل المادية الجائز اثباتها بالشهادة وكذلك(أثبات قيام المدعي ببعض أعمال المقاولة والتي لم ينفذها المقاول لتعلق ذلك بوقائع ماديه).وأثبات الأفعال غير المشروعة والجرائم التي يحاول مقترفوها أضفاء المشروعية عليها اخفاء لها وتهرباً من أحكام القانون ولا يجوز حصر الشهادة في دعوى الغصب أذ يحق للمدعي تقديم شهود جدد لأثبات واقعة الغصب كما أن اثبات سكن العقار لأغراض تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة لمنحل رقم 1198 لسنة 1977 يكون بمختلف وسائل الأثبات ومنها البينة الشخصية لأن الأشغال واقعه ماديه ألا أن هناك وقائع مادية مهمه ألزم القانون تسجيلها كأثبات الولادة والوفاة بالسجلات الرسمية(1).
ثانياً: التصرف القانوني الذي تقل قيمته عن خمسة الاف جنية:
التصرف القانوني هو الارادة المتجهة الى أحداث أثر قانوني فالتصرف القانوني أراده محضة متجهة الى توليد حق أو تغيره أو زواله أو توليد أثر قانوني بوجه عام. أن هذا يعني أناطت هذا الأثر بمسلك أرادي وقد يقوم التصرف القانوني على أرادتين كما في العقد وقد يقوم التصرف القانوني على أراده واحده كما في الوعد بجائزه (2). ورغم أن الاصل ان التصرف القانوني يثبت كقاعدة عامة بالكتابة فأن المشرع وفي بعض الأحيان وبغية تميز أمور لمتعاملين ولضئال المبلغ الذي يجري الأثبات بصدده قد يخرج على هذا الأصل فقد نصت المادة(77) من قانون الأثبات رقم 107لسنة1979:
أولا: يجوز أثبات وجود التصرف القانوني او انقضائه بالشهادة إذا كانت قيمته لا تزيد على خمسة الاف دينار
ثانيا إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسة الاف دينار او كان غير محدد القيمة فلا يجوز اثبات هذا التصرف او انقضائه مالم يجود اتفاق او قانون ينص على خلاف ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ د عصمت عبد المجيد بكر، مصدر سابق، ص198
(2) ـ د ادم وهيب لنداوي / الموجز في قانون الاثبات، ص 144
ثالثاً: تقدر قيمة الالتزام وقت تمام التصرف القانوني لا وقت الوفاء به فاذا كانت قيمته لا تزيد على خمسة الاف دينار فتصح الشهادة لأثباته حتى لو زادت قيمته على خمسة الاف دينار بعد ضم الفوائد والملحقات أجازت المادة (77/أولا)من قانون الأثبات العراقي النافذ أثبات وجود التصرف القانوني أو انقضائه بالشهادة اذا كانت قيمته لا تزيد على خمسة الاف دينار وان هذه القاعدة ليست من النظام العام لذلك أجازت المادة(77/ثانياً) اثبات وجود التصرف القانوني أثبات وجود التصرف القانوني التي تزيد قيمته على خمسة الاف دينار او كان غير محدد القيمة أو انقضائه اذا وجد اتفاق او قانون خاص ينص على ذلك ومثال التصرف القانوني غير محدد القيمة مطالبة الخصم خصمه بتقدير حساب دون ان يحدد الرصيد الذي في صالحه لأنه قد لا يعرف رصيده بعد أو المطالبة بمستندات مودعه لأن الآخر غير محدد القيمة كوديعه أو شهاده طبيه او تسلم مخطوطات قديمة وتقدر فيه الالتزام وقت تمام التصرف القانوني لا وقت الوفاء به فاذا كانت قيمته في ذلك الوقت لا تزيد غلى خمسة الاف دينار فتصح الشهادة لأثباته حتى لو زادة قيمته على خمسة الاف دينار بعد ضم الفوائد والملحقات المادة (77/ثالثاً)أثبات واذا كان محل الالتزام مبلغ من النقود الأجنبية فيتم تحويله الى النقد العراقي حسب سعر الصرف وقت تمام العقد و أذا كان للنقد الأجنبي أكثر من سعر بالعملة الوطنية كان العبرة من السعر الرسمي مالم يقض القانون او اتفاق يجيزه القانون بعد ذلك اما اذا كان محل الالتزام شيئاً غير النقود فتقدر المحكمة قيمته وقت تمام العقد دون ان تقيد تقدير المدعي قلها عند الحاجه ان تستعين برئي اهل الخبر هو يمكن تحديد النتائج التي تترتب على وجود تقدير قيمة الالتزام وقت تمام التصرف القانوني لا وقت الوفاء به:
1ـ إذا كانت قيمة الالتزام وقت تمام التصرف القانوني لا تزيد على خمسة الأف دينار فتصح الشهادة لأثباته حتى لو زادت قيمته على خمسة الاف دينار بعد ضم الفوائد والملحقات المادة (77/ثالثا) من قانون الأثبات العرقي النافذ(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ د. عصمت عبد المجيد بكر، مصدر سابق.
فاذا أقرض شخص آخر مبلغا قدره خمسة آلف جنية لمدة سنه بفائدة قدرها (5%) فيحق لدائن(المقرض)ان يثبت عقد القرض بالشهادة ولو انه يطالب بأكثر من خمسة آلاف دينار لأن الزيادة لم تأتي ألا من ضم الفوائد الى الاصل. ويقصد بالملحقات المصاريف كمصاريف الشيء المتنازع عليه كنفقات ارسال البضاعة أوخزنها أو المحافظة عليها وقد تكون الملحقات معروفه وقت تمام التصرف كالفوائد الاتفاقية والشرط الجزائي عن التأخر في تنفيذ الالتزام وقد تكون غير معروفه وقت قيامه كالتعويض عن الأخلال بالالتزام فالعبرة بقيمة التصرف القانوني وقت حصوله اما أذا زادت قيمته وقت المطالبة القضائية أو نقضت خلال قيمة ذلك. فاذا أتفق شخصان على شراء بطاقة يانصيب قيمتها دينار واحد على ان تكون قيمتها وما تحققه من ربح مناصفة فيما بينهما. فيجوز أثبات هذا الاتفاق بشهادة الشهود حتى لور بحت البطاقة جائزة قيمتها أكثر من خمسة آلاف دينار في حين أذا اتفق شخصان على شراء سهم بسند مناصفة فيما بينهما وكانت قيمة النصف تتجاوز مبلغ خمسة آلاف دينار وجب أثبات هذا الاتفاق كتابه حتى لو نقصت قيمته الفعلية عن هذا المبلغ وقت حصول النزاع.
2-أذا اشتملت الدعوة على متطلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الاثبات في كل طلب ل اتزيد قيمته على خمسة الاف دينار حتى ولو كانت هذه لطلبات في مجموعها تزيد على هذه القيمة أو كان منشئها تصرفات قانونية ذات طبيعة واحدة بين الخصوم أنفسهم وكذلك الحكم في كل وفاء يتعلق بتلك الطلبات لا تزيد قيمته على خمسة الاف دينار(1). فاذا كان المدعي على المدعي عليه عدة حقوق أصلاً أو سبباً وكان قيمة كل منها لا تزيد على خمسة الاف دينار مع أن قيمة المجموع تزيد على هذا المبلغ فأن الشهادة تقبل من المدعي ولو أقام دعوى واحدة للمطالبة بحقوقه المتعددة فالعبرة في الدين بذاته لا بالدعوة أي أن الدين أذا كان قيمته دون النصاب الشهادة جاز اثباته بالشهادة أما أذا تعددت الديون في الدعوة ذاتها وكان دين مستقل عن الدين الآخر بالأصل والسبب وكانت قيمته لا تتجاوز خمسين دينار حتى لو تجاوزت مجموع قيم تلك الديون هذا المبلغ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ المادة(77/رابعاً) من قانون الأثبات العراقي النافذ رقم 107 لسنة 1979.
جاز للمدعي ان يثبت تلك الديون بالشهادة ولكن إذا كان بين تلك الديون المدعى بها تزيد قيمتها على خمسة الأف دينار فلا تقبل الشهادة في أثباتها وتبقى الشهادة لأثبات الديون الأخرى. ذلك أن المدعي (الدائن)بإمكانه إقامة دعوى مستقله بكل دين. وللقاضي ان يدقق في علاقة الديون المتعلقة ليرى ما أذا كانت لا ترتبط ببعضها البعض أو لا تشكل ديناً واحداً تولا عن مصدر واحد فيقضي تحايل الدائن بالدليل الكتابي بدلاً من الشهادة التي يأمل الأثبات بها. 3.أذا كان التصرف المطلوب أثباته جزءاً من حق لا يجوز أثباته بالشهادة حتى لوكان هذا الجزء هو الباقي من هذا الحق(1). فاذا كانت قيمة الدين ستة الأف دينار مقسطاً على ثلاث اقساط متساوية وطالب الدائن المدين بواحد من تلك الاقساط وجب عليه ان يثبت عقد القرض كتابة ولو انه لا يطالب ألا الفين ديناراً وهو مقدار القسط المستحق لأنه يؤسس طلبه على عقد القرض وقت صدوره يزيد على خمسة الأف دينار أو كان عليه ان يعد دليلاً كتابياً لأثباته.
ويذكر ان هناك حالات توجب الأثبات بالكتابة حتى إذا كان مبلغ التصرف القانوني أقل من خمسة آلاف دينار وهذه الحالات هي:
الحالة الاولى: لا يثبت الصلح ألا بالكتابة أو بمحضر رسمي المادة (711 من القانون المدني العراقي).
الحالة الثانية: يجب ان يكون عقد الشركة مكتوباً وألا كان باطلاً(2) وبموجب قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 يعد المؤسسون عقداً للشركة موقعاً منهم او من يمثلهم ويقدم طلب التأسيس الا مسجل الشركات ويرفق عقد الشركة ووثائق أخرى وتكتسب الشركة الشخصية من تاريخ صدور تأسيسها وتعتبر هذه الشهادة دليل على اجراءات التسجيل قد تمت وفق اجراءات القانون.
الحالة الثالثة: لا يثبت الاتفاق على التحكيم الا بالكتابة ويجوز الاتفاق عليه اثناء المرافعة(3).
الحالة الرابعة: يجب ان يكون عقد العمل مكتوباً ويحدد فيه نوع العمل ومقدار الأجر وفي حالة عدم كتابة العقد للعامل ان يثبت العقد والحقوق الناشئة عنه بكافة طرق الأثبات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). المادة (79/ثانياً) من قانون الأثبات العراقي النافذ رقم 107 لسنة 1979.
(2). المادة(628) من القانون المدني العراقي.
(3). المادة (252 من قانون المرافعات المدنية العراقية رقم 83 لسنة 1969.
المطلب الثالث
(الاحوال التي تجوز فيها الشهادة استثناءا)
تنحصر هذه الحالات في تصرفات قانونية مدنية كان يتوجب اصلا اثباتها بالكتابة ولكن المشرع استثناها من ذلك خروجا على هذا الاصل واجاز اثباتها بالشهادة (1)
وهذه الحالات هي ما يأتي:
اولا :- مبدأ الثبوت بالكتابة : اجازت المادة (78) من قانون الاثبات العراقي النافذ الاثبات بالشهادة في التصرف القانوني الذي تزيد قيمته على خمسة الاف دينار اذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة ومبدأ الثبوت بالكتابة هو كل كتابة تصدر من الخصم يكون من شأنها ان تجعل وجود الحق المدعى به قريب الاحتمال ولاشك ان هذا المبدأ يساهم في التخفيف من صرامة النظام القانوني للأثبات ذلك ان الخصم الذي لم يتمكن من تهيأت الدليل الكتابي في الوقت المناسب لتهاونه او لشدة ثقته بالخصم الاخر يستطيع ان يتفادى سوء نية خصمه فتقبل منه الشهادة في حالة وجود مبدأ الثبوت بالكتابة وان الشروط التي ينبغي توفرها لوجود مبدأ الثبوت في الكتابة هي :
وجود ورقة مكتوبة: يقصد بالورقة هذه كل كتابة صادرة من الخصم او من يقوم مقامه قانونا او ان تكون له علاقة بالتصرف المراد اثباته ولا يهم شكل الكتابة فقد تكون على شكل رسالة او عقد او اوراق منزلية او ابراق او دفاتر تجارية (وتعتبر الكتابة والارقام المدونة في الدفتر الشخصي لمورث الخصم مبدأ ثبوت بالكتابة اذا طابقت كتابة المتوفي الواردة في سجلات المتخذة مقياسا للتطبيق) (والانذار الذي وجه المدعي الى المدعى عليه بواسطة كاتب العدل مبدأ ثبوت بالكتابة على انشغال ذمة المدعي عليه بالأجرة المطالب بها (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي احمد الجراح / قواعد الاثبات بغير الكتابة في المواد المدنية والتجارية بدون طبعه، ص434.
د. عصمت عبد المجيد بكر / مصدر سابق، ص202.
2- ان تصدر الكتابة من الخصم او من يمثله : تشترط ان تكون الكتابة صادرة من الخصم الاثبات ضده او ممن يمثله قانونا او اما اذا كانت الكتابة صادرة من شخص اخر فلا تعتبر مبدأ ثبوت في الكتابة بل يجوز اعتبارها شهادة مكشوفة ويقصد بالصدور نسبة للكتابة الى الخصم مدعيا كان ام مدعى عليه فالمهم صدور الكتابة من الخصم المراد الاثبات ضده لأنه لا يحق للخصم ان يصطنع دليل لنفسه وصدور الكتابة قد يكون ماديا وذلك بتحرير الورقة من الخصم سواء كانت موقعة او غير موقعة وقد يكون الصدور معنويا وذلك بأن يتم تحرير الورقة بواسطة شخص اخر غير الخصم ولكن بموافقته اي يسلم الخصم بما ورد في الورقة فتغير كأنها صادرة منه وتعتبر الورقة صادرة من الخصم نفسه اذا كانت صادرة من وكيله في حدود وكالته اما الورقة الصادرة من شخص لا يمثله الخصم ولو كان ابنه او شريكه فلا يعتد مبدأ الثبوت بالكتابة كذلك للورقة الصادرة من نائبه خارج حدود نيابته (1) .
ثانيا: فقدان السند الكتابي: -يجوز الاثبات بشهادة الشهود فيا كان يجب اثباته بالكتابة إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه (2). وهذا الاستثناء يفترض ان القواعد المتعلقة بالدليل الكتابي قد روعيت ولكن الاثبات بالكتابة يمتنع بسبب فقد هذا الدليل فقد يتم تحرير الند الكتابي باتفاق الطرفين الا ان هذا السند بفقد بسبب لا دخل لإرادة صاحبه فيه وقد نصت المادة (18/1) من قانون الاثبات العراقي النافذ واجازت أثبات بجميع طرق الاثبات ومنها الشهادة ويفهم من نص هذه المادة ان الشرطين الذين يجب توفرهما هما.
وجود سند كتابي: -يشترط ان يكون هناك سند كتابي كامل كان مستوفيا لجميع شروطه ويقع عبء اثبات وجود السند على الخصم الذي يدعي جوده ثم فقده وله ان يثبت حصوله على السند فعلا بكافة الطرق لأنه يثبت واقعة مادية.
فقدان السند بسبب أجنبي: ان اثبات فقدان السند بسبب أجنبي واقعة مادية يجوز اثباتها بطرق الاثبات كافة والسبب الاجنبي كحريق او سرقة او اغتصاب ويشترط في السبب الاجنبي ان يكون غير ممكن توقعه ولا تلافي حصوله وان يكون خارجا عن ارادة الشخص الذي يتمسك به اما إذا فقد السند بسبب اهمال صاحبه فلا يجوز له ان يحتج بوجود سبب أجنبي (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عصمت عبد المجيد بكر / مرجع سابق، ص203.
د. توفيق حسن فرج / قواعد الاثبات في المواد المدنية والتجارية، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت، لبنان,2003، ص189.
د. عصمت عبد المجيد بكر / مرجع سابق، ص206.
ثالثا: حالة وجود المانع من الحصول على دليل كتابي
جاء في الفقرة الثانية من المادة (18) من قانون الاثبات على انه يجوز ان يثبت بجميع طرق الاثبات ما كان يجب اثباته بالكتابة إذا وجد مانع مادي او ادبي حال دون الحصول على دليل كتابي والمانع الذي يمنع من الحصول على دليل كتابي اما ان يكون مانعا ماديا او ادبيا.
المانع المادي: ينشئ المانع المادي عند استحالة الحصول على الكتابة وقت التعاقد استحالة نسبية عارضة ويتحقق المانع المادي في حالة قيام المتعاقد بأنشاء التصرف القانوني سريع يتعذر عليه الحصول على الوقت الكافي لإثباته ومن الامثلة على ذلك ما يتم من تصرفات قانونية في اثناء الحريق او الاضطرابات الطبيعية او السياسية كالزلازل والثورات في الحروب.