صنعاء نيوز/ بقلم/ احمد الشاوش -
من نوادر الرؤساء والمواطنين اليمنيين الظرفاء ، ان الرئيس اليمني الأسبق المشير عبدالله السلال ، كان من اذكى واظرف واطرف الناس بخفة دمه وبديهيته واجادته للنكتة السياسية و الفكاهة الاجتماعية والاساطير الشعبية التي رقصت الطير وأضحكت الناس نتيجة للمخزون الشعبي الذي أكتسبه من البيئة الصنعانية واختلاطه بأبنا جلدته في تعز وإب وذمار والعديد من المدن اليمنية.
وقيل انه بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ، وأثناء زيارة المشير السلال الى محافظة إب الخضراء ، الآسرة للعيون والقلوب والابصار والمشهورة بأوراق الحشيش الملفوف والمبروم لدى بعض المدمنين الذين يفضلون العيش خارج اطار التغطية ، أوقف أحد " الحشاشين" موكب السلال ، قائلاً له بكل جرأة ، يامشير عندي شكوى ، فقال له السلال خير هات ماعندك.. فقال الحشاش : العسكر وافراد الامن يضايقونا من بدري .. نشتي نتحشش بدون هدرة ، فرد عليه السلال متعجباً .. يهي والطرفة.. الرجال يشتي يتحشش بقرار جمهوري فضحك الجميع وغادروا.
وجاءت امرأة الى الرئيس السلال والمعارك تدور في كل مكان مع الملكيين وقالت له ، أبني مجنون أشتي تعمله حل ، وكأن الرئيس السلال طبيب أو ساحر ، فقال السلال هنيت لش ، معي خمسة مليون مجنون بين أدور من يعالجهم فصدمت المرأة وضحك الحضور وعادت المرأة بخفي حنين بعد ان صعقت بعدد المجانين في ذلك الوقت نتيجة للجهل والمرض والأوضاع الصعبة.
وعندما خطب السلال في أهل حبابه والمحويت وثلاء وأرتفعت الهتافات المؤيدة للثورة اليمنية ، قال اهل حبابه احنا بنادق ترم بنا ، وقال اهل المحويت احنا قنابل ترم بناء ، وقال اهل ثلاء احنا بوازيك ترم بنا .. فقال السلال بلطافته المعهودة وتأثيره العجيب ، أيها المواطنون ، حبابه بنادق والمحويت قنابل وثلا بوازيك فأرتفع سقف الوطنية والتوجه الى جبهات القتال بالكلمات العفوية .
ومن الطرائف ان العقيد معمر القذافي زار اليمن أثناء رئاسة علي عبدالله صالح ، وذهب الى بعض الاسواق الشعبية ،وقال القذافي للرئيس صالح ، مارأيك لو دمجنا " الكتاب الأخضر" مع "الميثاق الوطني" ، فأجاب السلال بعد ان عاد الى صنعاء نطلق عليها " مخضرية" فقال الرئيس القذافي زين .. تمام ، فضحك جميع المسؤولين اليمنيين ، وضحك القذافي دون أن يدرك مغزى كلمة " مخضرية " التي تعني المستحيل ، وملخصها ان شخص كان له دكان صغير في سوق الملح بصنعاء يبيع برعي في جرة فوقف بالصدفة " حمار " و" تبرز " في الجرة وتحول لون البرعي من اللون البني الغامق الى الأخضر الفاتح فأحتار البائع بين الربح والخسارة ففضل ان يحرك الخليط ويواصل البيع ، وكل ما سأله شخص يريد وجبة الصبوح ، متسائلاً مال اليوم البرعي أخضر ،اجاب عليه اليوم نبيع "مخضرية".
وأثناء رئاسة القاضي عبدالرحمن الارياني لليمن ، انتشر الخمر في اليمن وصار سعر القنية " الخمر" أرخص من سعر القنينة الماء ، بحسب ما ذكره شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني وعدد من الثوار والسياسيين الذين عايشوا تلك المرحلة ، ولاقى الخمر رواجاً في صفوف بعض القادة والمخبرين وطبقة التجار والنخب السياسية والمثقفين بعد ثورة 26 سبتمبر ، وتعالت أصوات المجتمع اليمني المحافظ في المساجد وغيرها من المنكر ووصلت الشكوى الى الرئيس الارياني ، ان رجلاً يملك صالون حلاقه في صنعاء يبيع الخمر لكبار المسؤولين وصغارهم بعد صلاة المغرب سراً ، فما كان من القاضي الارياني الا ان توجه الى صالون الحلاقة، وبدأ يتاحف الحلاق وقال الارياني للحلاق ، قالوا انك تبيع الخمر للناس وانت تعلم ان الخمر محرم شرعاً ، فرد عليه " الحلاق" ، أحمد الله عليا يا قاضي عبدالرحمن ، انني ارَقَد لك شياطين الانس من بعد صلاة المغرب ، والله لو يصحوا الموالعة " من سكرتهم لا يطيحوا بك في غمضة عين ، فضحك الارياني وقال له بطل شيطنه وعاد من حيث أتى بعد ان أستشرف شيء من واقع فوضى المدنية والثقافة الوافدة .
وفي أيام الرئيس احمد الغشمي وإبراهيم الحمدي وعلي عبدالله صالح واصل الموالعة البحث عن قنينة الويسكي ذات الماركات العالمية من الفنادق والسفارات وبعض الدكاكين والبيوت المتوارية، بينما فقراء السلطة وبعض المواطنين من الموالعة وجدوا ضالتهم من خلال مصنعي ومروجي الخمر " البلدي في صنعاء وبني حشيش والقاع والصافية ومنطقة المساجد والحيمة الخارجية والحديدة وتعز وإب وذمار للبيع سراً وفق طريقة الارباع والانصاف البلاستيكية ، كما لجأ المدقوقين من انصاف الموالعة الى أستخدام عطورات " الرفدو" ووارد " نعمان " المستخدمة للتنعيم في الحلاقة ومادة " الاسبرت" ما أدى الى نقص حاد لدى الصيدليات والمستشفيات على حساب الامراض الذين يحتاجون الى مادة الاسبرت لتعقيم ابر المجارحة وغيرها ، ورغم هيبة الأجهزة الأمنية وتشديد العقوبات ، إلا ان التوجه المدني والتلاقح الثقافي والعامل السياسي وسياسة التهريب والتجارة المربحة والتقارب مع عدن وعوة بعض المهاجرين اليمنيين من الخارج ساهمت في تفشي ثقافة الكاس ، بعد ان تحولت المخا والخوخة وما بينهما من قرى أشبه بطريق الحرير الرومنسي لتهريب الخمور الى القرن الافريقي وصنعاء وتعز وإب وذمار لجني المليارات ، وكانت تدخل بعض الخمور بتصاريح رسمية تحت اسم السفارات والفنادق بينما الغالب فيها عن طريق التهريب .
ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل واصل الموالعة الجدد والحشاشين القدامى وبعض المراهقين من بعض الشباب والعمال وطلاب المدارس الى الاقبال على تعاطي العقاقير المخدرة واقراص الهلوسة والحبوب المنومة ومشروبات الطاقة التي توهم المستهلك بتحويله الى قوة 64 حصان ، بينما في الحقيقة لايساوي قوة حصان واحد ، بعد ان صار ضحية للصيدليات وشركات الادوية ومهربي السموم الذين يدمرون أجيال الغد وينهبون المليارات ويدمرون الامن القومي اليمني بدليل ، ان تقارير دولية أثبتت ان اليمن أصبح أكبر سوق مستورد للمخدرات والحشيش ، ومحطة دولية لتسويق الافيون والعقاقير المسمومة الى دول الخليج وغيرها .
فهل يتنبه كل أب وأم واخ كبير واسرة يمنية الى حماية فلذات أكبادها من تلك السموم القاتلة وعدم الاختلاط بالمدمنين ، وهل يتق الله أولى الامر في حماية البلاد والعباد من سموم الصيدليات وشركات الادوية التي يهمها تحقيق الارباح الغير مشروعة دون الاكتراث بدمار شبابنا وأمن وطننا .. أملنا كبير .
بقلم/ احمد الشاوش
[email protected]