صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
إن الأمن الغذائي يبقى دائما هو صمام الأمان لتجنب تداعيات الآثار السلبية للازمات العالمية، وترجع أسباب أزمة الغذاء العالمية إلى كثير من العوامل ـ كما سبقت الإشارة - من بينها ارتفاع أسعار النفط وتنمية الوقود الحيوي والتغير المناخي وأزمة المياه ،
ولابد أن تحل هذه المشاكل ، غير أن تنمية قطاع الزراعة وزيادة المنتجات الزراعية لا زال يعتبر أمثل الطرق لحل هذه الأزمة على المدى الطويل، فينبغي للدول النامية زيادة الاستثمار في الزراعة وزيادة القدرة الإنتاجية للأغذية، وبالنسبة للدول المتقدمة فيجب عليها زيادة المساعدات الإنمائية وتعديل سياساتها لخلق بيئة عادلة ومعقولة لتجارة الأغذية العالمية.
إن الأزمة المالية الحالية ستقوض على نحو أكبر الأمن الغذائي وسوق المنتجات الزراعية من حيث الإنتاج والاستهلاك، لذا يجب تصحيح النظام الحالي الذى يؤدى إلى زعزعة الأمن الغذائي العالمي على حساب اضطرابات السوق الدولية الناتجة عن الدعم الزراعي والتعريفة الجمركية والحواجز الفنية أمام التجارة، وتصحيحه أيضا من حيث التوزيع غير المتساوي لموارد مساعدات التنمية الرسمية وموارد الميزانيات القومية في الدول النامية.
إن القضاء على الجوع من على كوكب الارض للأبد – بحسب منظمة الفاو - يتطلب تخصيص 30 مليار دولار سنويا، إلا أن اقتراح التعهد بتوفير هذا المبلغ لإنقاذ البشرية من الجوع ليس على أجندة الدول المتقدمة.
أن إجمالي الصادرات الزراعية المصرية لجميع دول أوروبا وإفريقيا والأسواق الآسيوية، بلغت 3 ملايين و395 ألفًا و936 طنًا، في الفترة من 1 يناير حتى 23 أغسطس الماضي. ، أن "الموالح" كان لها النصيب الأكبر في التصدير، وبلغت مليونًا و554 ألفًا و241 طنًا، واحتل محصول البطاطس المركز الثاني بالغًا 755 ألفًا و527 طنًا.
إن الوزارة أتبعت كافة الإجراءات الخاصة بمتابعة ورصد متبقيات المبيدات، وعمليات ضبط العلامات التجارية من أجل تفادي حظر أي منتج مصري. أنه لا توجد أي دولة عربية أو أجنبية تفرض حظرًا على الحاصلات الزراعية المصرية حاليًا، متوقعً أن يشهد العام المقبل زيادة في معدلات التصدير لدول الخليج. أن فتح أسواق تصديرية جديدة وراء زيادة المعروض من الصادرات الزراعية المصرية مثل التصدير للصين لأول مرة، وفيتنام وكندا، وغيرها من الأسواق الجديدة التي تعود بالنفع على الاقتصاد المصري.
الأشجار وتلفها، إلا أن أصناف الموالح التي تنتج في مصر لا تزال كاسدة في الأسواق. فالموسم الحالي كان منتجاً في بدايته، لكن المزارعين والتجار لم يتمكنوا من تصريف إنتاجهم في الخليج بسبب المنافسة التي تعرّضوا لها.
أما في السوق المحلية، فلم تحصل أي تغيّرات بنيوية تخفّف من جشع التجّار الذين يستغلّون الأنباء المتداولة عن ضعف تصريف الإنتاج في الخارج ليشتروا الكميات من المزارعين بأسعار بخسة، فيما تباع السلع نفسها في سوق المفرّق بأسعار مضاعفة أكثر من 2.5 مرة. فالمزارعون المصريون استفادوا من انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الواحد من 5.6 جنيهات لكل دولار إلى 7 جنيهات، وهو ما ساعد في تصدير الإنتاج المصري إلى دول الخليج بأسعار منخفضة تمكنت من منافسة المنتجات اللبنانية وإبعادها عن هذه السوق عنصراً آخر أسهم في المنافسة المصرية للحمضيات اللبنانية، وهي كلفة النقل المنخفضة نسبياً للمصريين، مقابل كلفة نقل مرتفعة من لبنان، حيث بلغ سعر نقل الحاوية الواحدة برّاً (عبر سوريا) 6 آلاف دولار أميركي، وهو السعر نفسه للتصدير البحري أيضاً. ويضيف بعض المزارعين والتجار إلى كل ذلك ارتفاع كلفة اليد العاملة في لبنان في عام 2012 وهي كلفة لا يمكن مقارنتها بأسعار اليد العاملة المتدنية في مصر.
سادت حالة من الغضب بين المئات من سكان القرى وشركات تصدير الموالح وعددا من الشركات الكبرى الواقعة على طريق كفر شكر – منيا القمح الواقع بنطاق مركز كفر شكر بمحافظة القليوبية والتي تتعامل مع السوق الأوربية والعربية بسبب سوء حالة الطريق وخاصة في المنطقة الواقعة بين منطقة جمجرة – الشقر بسبب عدم رد الشيء لأصله بعد الانتهاء من اعمال الصرف الصحي .
واشتكى عددا من سائقي الشاحنات الضخمة التي تنقل الموالح والحاصلات الزراعية من محطات التصدير الأربعة من سوء حالة الطريق الذى يهدد بكارثة وخاصة مع الشاحنات الضخمة التي تمر بالطريق وتزامنا مع قرب بداية موسم التصدير الشهر المقبل .
وطالب المواطنون من محافظ القليوبية بالتدخل واصدار تعليماته برصف الطريق واصلاحه قبيل موسم تصدير الموالح وخاصة ان المنطقة من اشهر مناطق انتاج الموالح في مصر .
في الوقت الذي راهن فيه مراقبون على تراجع أسعار الدولار، بعد سلسلة إجراءات إصلاحية اتخذها البنك المركزي المصري، وأخرى تشريعية ورقابية لملاحقة تجار السوق السوداء التي وصلت إلى السجن مدة 10 سنوات للمتلاعبين بالدولار، عاود الدولار الصعود مجددا أمام الجنيه مسجلا 14 جنيها في السوق السوداء بفارق يصل إلى نحو 5 جنيهات عن سعر الصرف الرسمي.
الأزمة التي تزامنت مع حضور طارق عامر محافظ البنك المركزي، وسحر نصر وزيرة التعاون الدولي، وزير المالية، اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي في واشنطن بحثا عن تمويلات بالعملة الصعبة من مؤسسات التمويل الدولية، كصندوق النقد والبنك الدولي اللذين تجاوبا مطالب مصر، شريطة تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي متكامل تمضي الحكومة المصرية قدما في تطبيقه من خلال الخفض الجزئي لدعم الطاقة وتطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة وتقليل الفجوة بين واردات مصر، التي تجاوزت حاجز الـ 80 مليار دولار وبين الصادرات التي تبلغ 20 مليار دولار.
السوق المصرية التي تنتظر تحرير سعر الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، دفع مواطنوها الثمن بارتفاع باهظ في الأسعار وظهور تجار الدولار، أملا في الحصول على مكاسب قريبة قبل أن يقدم البنك المركزي على خطوة التحرير، قبل أن يخالف توقعات المضاربين بتثبيت سعر الدولار الرسمي عند 8.78 جنيه.
ولا شك في أن المجموعة الاقتصادية القائمة على إدارة الأزمة، لديها سيناريوهات عديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية المحدقة من خلال تدخل سريع شريطة رفع قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري على عدة مراحل، حيث وصل هذا الشهر 19.50 مليار دولار، ومن المقرر أن يرتفع إلى 22 مليار دولار مطلع الشهر المقبل، مع صرف الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي بقية 2.5 مليار جنيه، يعقبها حزمة تمويلات دولية من السعودية والصين والبنك الدولي التي تجعل الاحتياطي النقدي يقترب من حاجز الـ 30 مليار دولار في هذه الأثناء، يستطيع البنك المركزي اتخاذ قرار بتخفيض جزئي على العملة الوطنية للاقتراب من السعر الحقيقي للدولار في السوق الموازية.
وترتكز سيناريوهات البنك المركزي في إدارة الأزمة، على حيازة شهادة دولية بتعافي الاقتصاد المصري لإعادة الاستثمارات الاجنبية المباشرة وجذب المزيد من الفرص الاستثمارية وإمكانية توفير تمويلات مفتوحة لاستيراد السلع الأساسية والاستراتيجية وتوفير العملة الصعبة لاستيراد المواد الخام، لدفع عجلة الإنتاج وتنشيط الصناعة بالتزامن مع تنشيط الصادرات الزراعية، لعدة دول بدأت برفع الحظر الروسي عن الموالح والفواكه المصرية، وصولا إلى رفع الحظر السياحي الذى بدأ بعودة السائحين الألمان، ومن المتوقع أن يتوج بقرار سيادي بعودة حركة السياحة والطيران بين مصر وروسيا قبل نهاية العام الجاري، الأمر الذي يساهم فى عودة تدفق الدولار ومن ثم تعافي الاقتصاد.
بين معاناة المواطن المصري غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وخطة الإصلاح الاقتصادي التي توصف بالدواء المر، يبقى الالتزام الحكومي ببرنامج زمني لتنفيذ ما وعدت به، الأمل الوحيد في الخروج من هذا النفق المظلم.
إن خطورة الأزمة المالية والضجيج المصاحب لها غطت على أزمة أكثر خطورة وهي أزمة الفقر والغلاء في عالم يعاني من أزمة في جانب العرض ناهيك عن ترابط الأزمتين، عالم يزداد فيه الفقراء فقراً بينما طاقته الإنتاجية تتوسع بشكل عالي، عالم يندحر فيه البعد الاجتماعي الإنساني أمام ضربات البعد التكنولوجي الذي جرى تصويره بما لا يمكن إيقافه، مزيدا من الإنتاج ومزيدا من العجز عن الاستهلاك ... إنه الركود ... أليس كذلك؟. |