صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور. وينظم القانون الأحزاب السياسية" وقد تحقق بهذا التعديل تغيير جذري في إحدى ركائز النظام السياسي في الدولة،
أن الأحزاب التي ليس لها تواجد في مجلس النواب أو الانتخابات المحلية المزمع إجرائها قريبا ستفقد مصداقيتها قريبا وستفكك من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى شطبها من الحياة السياسية نتيجة فشلها في تحقيق أي مكاسب سياسية.
إن مقترح القانون الذى تقدم به أحد النواب يطالب فيه بشطب الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان، مخالف للقانون والدستور، و أنه يُعد انتهاكا للمادة 74 والمادة 5 من الدستور، التي تنص على أن النظام السياسي يقوم على أساس التعددية الحزبية والفصل بين السلطات.
أن مقترح القانون يعتبر تقييدا للمادة 74 من قانون 44، التي تنص على إنشاء الأحزاب يكون وفقا للإخطار، لافتًا إلى أن مقترح القانون يعد مصادرة على حق الشعب، الذي وافق على الدستور، الذي نص في مادته 35 على المواطنة وأقر التعددية الحزبية في المادة 74.
أن تعدد الأحزاب أمر طبيعي وموجود في كل دول العالم، فهناك أكثر من 400 حزب في أمريكا غير معروفة، ويظل الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي هما الأكثر تأثيرًا، ومع ذلك لم يطالب نواب أمريكا بشطب هذه الأحزاب أو دمجها. وذلك، تعميقاً للنظام الديمقراطي الذي أقام عليه الدستور البنيان السياسي للدولة
وبما ردده في كثير من مواده من أحكام ومبادئ تحدد مفهوم الديمقراطية التي أرساها، وتشكل معالم المجتمع الذي ينشده، سواء ما اتصل منها بتوكيد السيادة الشعبية - وهي جوهر الديمقراطية - أو بكفالة الحقوق والحريات العامة - وهي هدفها - أو بالاشتراك في ممارسة السلطة - وهي وسيلتها -، كما جاء ذلك التعديل انطلاقاً من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلاً على الحرية، وأنها تتطلب - لضمان إنفاذ - محتواها تعدداً حزبياً، بل هي تحتم هذا التعدد كضرورة لازمة لتكوين الإرادة الشعبية وتحديد السياسة القومية تحديداً حراً واعياً.
لما كان ذلك، وكان الدستور إذ نص على تعدد الأحزاب كأساس للنظام السياسي في جمهورية مصر العربية، يجعل هذا التعدد غير مقيد إلا بالتزام الأحزاب جميعها - سواء عند تكوينها أو في مجال ممارستها لعملها - بالمقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، وهو ما لا يعني أكثر من تقيد الأحزاب كتنظيمات سياسية تعمل في ظل الدستور - بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فيه، مدى توافر المقومات الأساسية للأحزاب الجديدة، ويدخل أيضا في دائرة العوامل المؤثرة في التعددية الحزبية سلبا وإيجابا مدي توافر المقومات الأساسية لأي حزب والتي لا يمكن بدونها اعتباره حزبا حقيقيا مثل البرنامج السياسي والكادر السياسي وشبكة العلاقات الجماهيرية والانتشار الجغرافي بما يؤكد أنه يعبر بالفعل عن قوي اجتماعية محددة في المجتمع. أيضا تعتبر القدرات المالية والمقرات الحزبية من المقومات الأساسية المطلوبة لأي حزب. فهناك العديد من الأحزاب لن تستطع أن ترى النور بسبب قلة الموارد المالية المطلوبة لعمل التوكيلات أو توفير المقرات الحزبية. ويضاف إلى ما سبق البنية التنظيمية، فأغلب الأحزاب الجديدة لا يمتلك بنية تنظيمية مؤسسية واضحة، فلا يوجد لها تمثيل في المحافظات أو مقار بها، ولا تستطيع أن تقدم مرشحين عنها في أغلب الدوائر
فإن الدستور إذ تطلب عدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسي في الدولة، يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها في الإطار الذي رسمه لها، يما يستتبع حتما ضمان حق الانضمام إليها، ذلك أنه من خلال ممارسة هذا الحق، وبه أساساً، يتشكل البنيان الطبيعي للحزب وتتأكد شرعية وجوده في واقع الحياة السياسية، وبالتالي فإن الحرمان منه يشكل اعتداء على حق كفله الدستور.
عرفت مصر ظاهرة الحزب بمعناها الحديث كتنظيم سياسي وحيث ان الاحزاب السياسية فى مجتمع ما لا تنشأ من فراغ بل تعكس فى نشأتها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى يمر بها المجتمع ،فان تلك الظروف تنعكس على اشكال الاحزاب وطريقة عملها . وقد ارتبطت نشأة الاحزاب ارتباطا عضويا بمسالة الديمقراطية وتطورت من نضال الشعوب ضدد الاستبداد . ومن هذا المنطلق فمن الطبيعى ان يكون لكل مجتمع تجربته الخاصة التى قد تتشابه او تختلف فى بعض جوانبها مع تجارب الشعوب الاخرى .
فى حالة مصر ارتبطت نشأة الاحزاب بظرفين احدهما موضوعى ،وهو وجود حالة من الازمة فى المجتمع تتطلب ظهور تنظيمات سياسية لمواجهتها وطرح الحلول المختلفة لها . والاخر ذاتى ،ويتعلق بالاحساس بانه يمكن حل هذة الازمة وان وضعا افضل يمكن ان يتحقق من خلال العمل العام وان هناك القوة الاجتماعية والقيادة الضرورية لتحقيق ذلك . حيث بدأت التجربة فى مصر مبكرا مقارنة مع باقى دول المنطقة ويعد عام 1907 هو البداية الحقيقية لتجربة التعددية الحزبية فى مصر وقد مرت تجربة الاحزاب السياسية فى مصر بفترات متفاوته من الانتصارات والانتكاسات ،اوقات للقوة واخرى للضعف تعكس فى مجملها تجربة ثريه ،كما يمكن الخروج منها بانماط عامة تشكل اساس للتجربة
والنظام الحزبى فى مصر ثم حدثت ثورة 25 يناير المجيدة حيث فتحت الباب واسعاً أمام حرية التنظيم السياسى والنقابى والاجتماعى، فتأسست عشرات الأحزاب السياسية الجديدة من كل التيارات الفكرية والسياسية، إسلامية واشتراكية وليبرالية وقومية، حيث يوجد فى مصر الآن أكثر من سبعين حزباً حصلت على موافقة لجنة الأحزاب بعد استيفاء شروط التأسيس بالإضافة إلى عشرات الأحزاب تحت التأسيس
لم تستكمل الشروط التى حددها قانون الأحزاب، كما تشكلت مئات النقابات العمالية المستقلة خارج نطاق التنظيم النقابى الرسمى الذى تنظمه أحكام القانون رقم 35 لسنة 1976وتعديلاته، كما تأسست نقابات مستقلة للفئات التى تدخل فى نطاق النقابات المهنية، مثل النقابة المستقلة للمعلمين، ويقبل المصريون بمختلف توجهاتهم
ومن مختلف الأجيال على عضوية هذه التنظيمات الحزبية والنقابية بوفرة ملحوظة، حيث اجتذبت الثورة مئات الألوف من المصريين إلى ساحة العمل العام بكل أشكاله، وتحظى الأحزاب السياسية بنصيب وافر من هذا الإقبال، يتجلى بوضوح فى العضوية الكبيرة للأحزاب السلفية التى يؤسسها شيوخ السلفيين ويقبل على عضويتها المريدون التابعون لهؤلاء الشيوخ، وبعد أن كانت علاقة السلفيين تقوم على علاقة الشيخ بالمريد، ها هى تتحول إلى علاقة مؤسسية داخل حزب سياسى .
للمجتمع المدنى دور أساسى فى بناء الديمقراطية ودعم التعددية الحزبية بتأكيده للقيم الديمقراطية فى المجتمع ومساهمته فى تدريب أعضائه عملياً على ممارستها فى أنشطته اليومية ويساهم المجتمع المدنى فى توسيع دائرة المشاركة لأوسع دائرة من المواطنين فى الحياة العامة، وعندما تتوفر لمنظمات المجتمع المدنى حياة داخلية ديمقراطية تمكن الأعضاء من نشاط تطوعى فى المجتمع والمساهمة بأدوارهم فى منظماتهم.
هنا تنشأ إمكانية حقيقية لقيام مجتمع مدنى شعبى وديمقراطى يكون بمثابة البنية التحتية لنظام ديمقراطى فاعل فى المجتمع كله، وبذلك يتأكد مفهوم الديمقراطية كنظام للحياة وأسلوب لتسيير المجتمع، ويتأكد أيضاً أن الديمقراطية لا يمكن أن تأتى منحة من الحكام، ولكن الشعب ينتزعها كحقوق وآليات ومؤسسات عندما يكون قادراً على ممارستها وعندما تنضج حركته فى إطار قيمها، وتتوافر له القدرة من خلال عمل جماعى منظم لتعميمها فى سائر مجالات الحياة اليومية وفى مؤسسات الحكم أيضاً. وفى علاقة الدولة بالمواطنين ومؤسسات الدولة بعضها ببعض، وعلاقات المواطنين بعضهم ببعض،
وذلك بعد أن أعيتنا الحيل فى أن يتم بناء الديمقراطية من أعلى بواسطة الحكام الذين طالما توجه إليهم الخطاب السياسى للمعارضة والقوى الديمقراطية أن يتخذوا الإجراءات ويصدروا التشريعات اللازمة لتحقيق التطور الديمقراطى ولكن دون جدوى. ولتحقيق هذا التطور الذى يتطلب تدعيم مؤسسات المجتمع المدنى
لابد من تعديل القوانين القائمة للجمعيات الأهلية والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات التعاونية ولوائح الاتحادات الطلابية بحيث تتوفر لهذه المؤسسات الشروط الديمقراطية الكفيلة بتحريرها من سيطرة الأجهزة الإدارية وأجهزة الأمن .
أن قوة الدولة من قوة الأحزاب. وقد كان من الحكمة أن تتيح الدولة فرصة كاملة لجميع الأحزاب بما فيها الدينية، فكان لابد أن يعمل رجال حزب الإخوان من خلال كيان واضح ومحدد. وما ندعو إليه اليوم بأن تكون الأحزاب سواء القديمة أو الجديدة أو التي مازالت تحت التأسيس واضحة وشفافة في كل ما يتعلق بمبادئها وتمويلها وسبل دعمها للجماهير وعلاقتها بالدولة، وبالعلاقات الخارجيه التي لا تؤذى سياسية مصر خارجيا، والتي لا تتعارض أيضا مع مستقبلها في المنطقة. ولابد أن يكون لهذه الأحزاب وجود حقيقي في الواقع، خاصة أن كثيرا منها له شعبية ضخمة ومؤهل لأن يحتل المكانه الكبرى في الحياة السياسية الجديدة. و نتمنى من اللة ان يوفق الجميع من اجل ان تصل الثورة الى اهدافها التى راح سبيلها شبابا فى مقتبل العمر و ان تكون الاحزاب هى وقود الامة ونحو التقدم و الوصول الى مصاف الامم المتقدمة. , |