صنعاءنيوز/رشيد شاهين -
كنت قد كتبت مقالا هو أقرب إلى المناشدة قبل عدة أشهر، عن طالبة جامعية كانت تعيش في الحمام، "نعم في حمام عربي وليس غربي"، بسبب ضيق الحال وقلة الحيلة، وأوضاع اقتصادية بائسة يعيشها الكثير من أبناء هذا الوطن لأسباب عديدة، أهمها وجود هذا الاحتلال البغيض، الذي مما لا شك فيه انه السبب وراء جميع مصائب أبناء الشعب الفلسطيني أينما كانوا.
عندما كتبت ما كتبت، كنت اعتقد بان الموضوع سيمر مرور الكرام، وان أحدا لن يلتفت إلى المأساة "التي تمشي على الأرض" ممثلة في الطريقة التي تعيشها تلك الفتاة، الطالبة الجامعية، التي أطلقت عليها عندئذ اسم الصابرة.
كان من الواضح انني جانبت الصواب في اعتقادي ذاك، حيث ما إن تم نشر الموضوع حتى فوجئت بكم هائل من الاتصالات، سواء الهاتفية أو عبر بريدي الاليكتروني، ولأنني لم أكن املك من المعلومات عن الطالبة الكثير- حيث انني علمت بوضعها من خلال احد الزملاء- فانني كنت أقوم بتحويل تلك المكالمات أو أية استفسارات عن الموضوع إلى الزميل المعني والذي هو على دراية تامة بوضع الطالبة بالصابرة.
ما لفت انتباهي في جميع الاتصالات التي وردت، انها كانت من أناس بسطاء، أحيانا من طلبة يرغبون بتخصيص مصروفهم اليومي للصابرة، أو من موظف يقول بأن ليس لديه سوى راتبه، وانه يرغب بالتبرع به للصابرة، أو من عامل فقير هو قي حقيقة الأمر بحاجة للمساعدة ربما كما الصابرة او أكثر، إلا أنه كان على استعداد للعطاء والتبرع، لم أتلق أي اتصال من – هوامير أو حيتان المال في البلد- كما انني تلقيت تأكيدا من الجامعة التي تدرس فيها الطالبة، بان الجامعة سوف تمنحها منحة طيلة السنوات الأربع عدا عن مساعدات أخرى.
بالإضافة إلى ذلك فقد تم الاتصال بي من قبل أكثر من مؤسسة إعلامية، ومن زملاء يعملون في مجال الصحافة، وكذلك من مراسلي فضائيات معروفة، واعتقد بان هدف هؤلاء كان الوصول إلى الطالبة، من اجل خبر صحفي أو كتابة قصة مصورة ربما، على أية حال كنت أقوم بدوري بتحويل هؤلاء إلى الزميل إياه برغم ما لدي من تحفظات حول مرامي هؤلاء الزملاء.
في اليوم التالي، تم الاتصال من قبل مكتب السيد الرئيس محمود عباس، الذي تعهد بأن يتابع الموضوع، وان يبني بيتا للطالبة على حساب الرئاسة الفلسطينية، وهذا هو الانجاز الأكبر والاهم، حيث ان الطالبة التي كانت تعيش عمليا في "الحمام العربي" في بيتها، انتقلت بعد أشهر للعيش في غرفة محترمة، وتنام على سرير مريح، لا على بقايا سرير أو ما يشبه السرير.
كنت متابعا لكل التطورات التي تجري مع الصابرة من خلال زميلي المحترم، برغم انني لم التق بها لغاية اللحظة، ولا اعرف اسمها ولا شكلها، وكل ما اعرفه عنها، هو، في أي الجامعات تدرس واسم القرية التي تقطن فقط، وقد رغبت في ان أتحدث إليها هاتفيا، لأسالها كيف هو شعورها، وما إذا كانت ترغب في ان تقول شيئا لمن أبدى اهتماما، ولمن سأل او بادر بالاتصال والاستعداد للمساهمة في المساعدة، او للسيد الرئيس، أو لمن ساهم في تأثيث البيت، أو للجامعة التي تدرس بها والتي وهبتها منحة دراسية شاملة، إلا ان الزميل اخبرني بان ذلك غير ممكن لظروف قال انها عائلية.
وحيث ان الصابرة لم تشأ ان تتحدث، فانني وعلى لسانها أقول للجميع، شكرا لكم، شكرا للجامعة وشكرا للسادة في المكتب الرئاسي للمساعدات الإنسانية على متابعتهم واهتمامهم، وشكرا لمديرية الشؤون الاجتماعية في محافظة رام الله، شكرا لكل من اتصل او اهتم او تضامن حتى ولو بتعليق قصير في المواقع الاليكترونية المختلفة او أراد ان يقدم – كرت تلفون- او مصروفه اليومي، وللسيد الرئيس ألف تحية وألف شكر، حيث ان ما قمتم به سيادتكم إنما ساهم في إنقاذ طالبة جادة ومجتهدة – بحسب ما نقل لي- أدام الله في عمركم لمزيد من الأعمال الخيرة. شكرا لكل الخيرين في هذا البلد على ما أبدوه من استعداد وتعاطف ومشاعر تنم عن أصالة لا زالت موجودة نتمنى أن تدوم. |