صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
أضحت خطورة ظاهرة الارهاب واقعاً مفروضاً وليست حالة وقتية طارئة، جراء الإخفاقات والفَشلْ في التعامل معه، فضلا عن الاندفاع وراء العواطف والشعارات والانقياد خلف التهويل الدعائي البراغماتي المصلحي، الامر الذي يدعونا للإجابة على سؤال مفادهُ: ما هي الطريقة المثلى في التعامل مع الارهاب كفكر ومنهج وسلوك وواقع مفروض؟! وستتطلب الاجابة وقفة تحليلية علمية وواقعية صادقة، ولا ضير إن تطلبت بحوثاً ودراسات معمقة بُغية التعرف على بعض خواص هذا السرطان المستشري اليوم.
تتعدد أسباب وجود الظاهرة (الإرهاب) وازديادها وهي موزعة على ميادين مختلفة سياسية – اقتصادية – اجتماعية ونفسية وغيرها، ودراسة هذه الأسباب مجتمعة مهمة صعبة للغاية، إذ يجب أن تسبق هذه الدراسة دراسة أخرى لمعظم المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع الدولي والمحلي على حد سواء.
ومع ذلك يبقى الامر مهما ومطلوبا وضروريا، إذ لا يمكن القضاء على الظاهرة إذا لم تعالج أسبابها فالمسالة الرئيسية التي تواجه تحديد أسباب الظاهرة هي اختلاف وجهات النظر في تحليل الظاهرة نفسها ومرد هذه الاختلافات يعود إلى تباين التفسيرات للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنشأ عنها هذه الظاهرة،
وبالرغم من ذلك فان هناك اتفاقا حول عدد من أسباب الإرهاب الدولي على الأقل في الجانب الاقتصادي، وعلى هذا الاساس بقدر ما يكون للإرهاب من أسباب ظاهرة مختلفة ودوافع خفية متباينة، بقدر ما تكون الأوجه التي تمظهر بها متنوعة والمسالك التي يتسرب منها متعددة. يتمثل التطرف الفكري في الخروج عن القيم والمفاهيم والسلوكيات واللجوء الى استخدام العنف، ومن صفات ذلك التطرف هو أنه يلغي الآخر، ويمنع حقه بالتفكير المختلف، وهذه صفة ملازمة للتفكير المتطرف أي (أنا أفكر صح، والشخص الذي يختلف عني لا أحترمه ولا أتعامل معه).
تجديد الخطاب الديني: يجب ألا نستند الدولة على الازهر وغيره من مؤسسات الدولة , فهي فاشلة بقدر كبير في القيام بأي مهام وتحمل الكثير من الأفكار المتشددة التي تدفع المجتمع المصري للتشدد والأفكار السلفية التكفيرية , على الدولة ألا توقف المحاولان الجادة للتجديد وعدم الوقوف أمام نشوء مؤسسات او مواجهة تواجد مفكرين أخرين
مكافحة الفقر: إن الإرهاب ليس المردود الطبيعي للفقر، ف وجهة النظر القائلة بأن الإرهاب هو المردود الطبيعي للفقر هي رؤية يسارية بإمتياز ولا تمت للواقع بصلة، ولنا في ذلك مثال للألاف من الشباب المنضم لصفوف داعش من دول غنية أوروبية وقد نجد من ضمنهم شباب من دول الخليج التي هي أغنى بمراحل عن دول اخرى في وسط صحاري إفريقيا، وعلى الرغم من ذلك فإننا نرى أن عامل الفقر هو من العوامل التي قد تدفع عدد من الشباب إلى التطرف نظراً لعدم وجود منافذ للتطور والرقي الاقتصادي والمجتمعي للأفراد.
وفي هذا الشأن نعتقد أن على الدولة المصرية الانتباه إلي المشروعات الصغيرة والمتوسطة , وأن تعلم أن السياسات الحالية لتطوير الاقتصاد _ بالرغم من جهودها _ إلا إنها لن تحل المشكلات المصرية الأصيلة والتي تحتاج إلي الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة .
تجفيف منابع الارهاب الاعلامية: وهي قنوات وصحف واذاعات ومواقع انترنت وكل وسيلة اعلامية تدعو الى الارهاب (الشيعي او السني او المسيحي او اليهودي) ومنعها من ممارسة عملها منعاً قاطعاً، ومنها الصحف التي أساءت للخاتم الأمين محمد (ص).
وهناك جذور اقتصادية واجتماعية وثقافية للتطرف الديني الذي يتشكل في ظل الفقر والبطالة وفي الأحياء العشوائية، وهي بيئة لا توفر ضرورات الحياة لمن يعيش فيها، ولا توفر له التعليم الكافي أو النسق الأخلاقي المناسب , مما يسهل اصطياده وتلقينه أفكارا خطيرة تنسب إلي الدين, والدين منها براء مثل تكفير المجتمع وتبرير العنف
أن التنمية الشاملة هي المدخل الحقيقي لتصفية الفكر المتطرف، وأن توفير فرص العمل وضرورات الحياة تهيئ المجتمع للقدرة علي محاصرة الفكر المتطرف , ويجب ان تدعم هذه المعالجة جهد ثقافي لتنوير الناس وتمكينهم من الاستمتاع بألوان من الفن تغذي وجدانهم بالقيم الإنسانية النبيلة ,
كما أن وسائل الإعلام تلعب دورا لا يستهان به في هذا الصدد لتعريف الناس بما يعيشه المجتمع من مشاكل وأسبابها، وكيفية علاجها، وتقديم المثل والقدوة في كيفية إجراء الحوار، وشرح الدين علي نحو صحيح يساعد الناس على السلوك القويم، ولا يمكن أن ننسي دور المدرسة والجامعة والمسجد في القيام بدور أساسي في التربية والتنشئة بهذه القيم وبالفهم المستنير للدين،
ولكن هذه المعالجة الاقتصادية والاجتماعية تظل قاصرة عن احتواء الظاهرة في أقصر وقت ولذلك فإن تطوير أداء جهاز الشرطة أسلم بديل في الوقت الحالي. الخطاب الديني المتطرف الذي يؤجج العواطف، والذي وجد له جمهوراً من الشباب
وأن توحيد الخطاب الديني ووضع ضوابط لذلك الخطاب من قبل الوقفين (السني والشيعي) هو السبيل للحد من الخطاب المتطرف، عل أن يكون اعتلاء المنبر وقف على المعتدلين من خلال وضع ضوابط وشروط معينة، بالإضافة الى تشريع وتنفيذ القوانين التي تحضر خطاب الكراهية والتأجيج والتحريض على العنف.
تكمن المعالجات في توفير العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ومنح القروض لدعم المشاريع الصغيرة. هناك كتلة سائبة تذهب مع القوي وكتلة متصلبة لديها أفكاراً متطرفة. الكتلة السائبة هم من الشباب المراهقين بلا عمل وبلا مستقبل، ويعتمدون على انضمامهم الى القوى الإرهابية، ويعتقدون أن تلك القوى المتطرفة توفر لهم فرص العمل. الإرهاب وليد ظروف اجتماعية واقتصادية، وعلينا أن نعترف بالأخطاء لأنها أول سبل الحل.
إن التطرف الفكري موجود بغض النظر عن كونه ديني أو غير ديني، وقد أشار أحد المتحدثين الى مسألة الأوقاف الدينية في العراق، ونحن الآن نتحدث عن التطرف الفكري الذي هو موجود في كل أنواع الفكر، إسلامي وغير إسلامي،
ولكن المشكلة تبدأ عندما ينتقل التطرف من الفكر الى السلوك، الفكر المتطرف هو الفكر الذي يخرج عن القيم. في كل مجتمع وفي كل مكان هناك قيم وسلوكيات خاصة بذلك المجتمع، ونحن لا نستطيع توحيد مكة وبغداد وواشنطن في فكر واحد وذلك بسبب الاختلاف الموجود بين مجتمعات هذه المناطق. هناك فرق بين التعصب والتطرف، فالتعصب قد يأتي من الشعور القوي بالانتماء، والمتعصب لجماعته يدافع عن الجماعة التي ينتمي إليها، وقد ينظر الى الآخر كعدو كونه ليس من مجموعته.
والوطنية هي نوع من التعصب، ولكن هل يعني ذلك النظر الى الدول الأخرى كعدو؟ والوطنية هي نوع من التعصب ويكون ولائي للوطن، وعندما أخرج منه، أدخل في مجال (الآخر)، وهذا لا يكون تطرفاً بالضرورة، فالتعصب هو الشعور العميق بالانتماء، وقد يكون أول درجة تؤدي الى التطرف ولكن هذا ليس شرطاً.
التخلف والناتج بصورة رئيسية عن السياسات الاقتصادية غير المتلائمة مع الواقع الاجتماعي للدولة، بحيث تتكون فجوة تتسع تدريجا بين الفقراء والاغنياء وبين المتعلمين وغير المتعلمين وبين ذوي المصالح الاقتصادية الواسعة وبين فئات اقتصادية مهمشة، باختصار بين من يملك ويحاول زيادة هذه الملكية باي صورة كانت حتى وان ادى ذلك إلى إفقار وتهميش شرائح واسعة من المجتمع وبين من لا يملك ومن هو مستعد للتضحية بحياته في سبيل تحقيق مكانة أو التخلص من واقع الحياة خاصة بين فئات الشباب.
البطالة حيث يعد انتشارها بصورة واسعة لدى فئة الشباب خاصة سواء كانت بطالة حقيقية أم بطالة مقنعة، فإنها تولد شعورا بالعجز واليأس من ناحية، وشعورهم بالإحباط من ناحية أخرى إلى جانب شعور هؤلاء الشباب المرتبط بواقع الحياة المرير بأنهم ليس لديهم ما يغيروه أو يحافظون عليه بالاستمرار بالحياة،
هذا الواقع مترابط مع جهات أو جماعات مستعدة لتقديم أموال كبيرة لقاء أعمال صغيرة يستشعر معها الشباب انهم يقومون بعمل ما وإن كان ذا طابع عنيف أو دموي ولكنه بالنسبة إليهم عمل هادف يستحق الجهد المبذول فيه، فالشاب الذي لا يجد له فرصة عمل يكون هدفا سهلا لمختلف الاتجاهات المتطرفة دينيا أو سياسيا أو عصابات النصب والاحتيال والسطو المسلح. |