صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
إن لهذه الصناعات دور لا يستهان به في بناء الاقتصاد الوطني، وتظهر أهميتها من خلال استغلال الطاقات والإمكانيات وتطوير الخبرات والمهارات كونها تعتبر أحد أهم روافد العملية التنموية. وعلى الرغم من الجدل القائم حول قدم أو حداثة الصناعات الصغيرة والمتوسطة،
فقد تبين أن هذه الصناعات قديمة لأنها كانت النواة والبداية لحركة التصنيع فعلى سبيل المثال إن شركة بينيتون للألبسة (United Colors of Benetton)،
بدأ صاحبها بالعمل على مكانة خياطة واحدة في مدخل العمارة التي يسكنها وكان يجمع بواقي القماش من المصنع ويحيكها على شكل ملابس جاهزة.
وما توصلت إليه من هذه المشروعات تطور واتساع، وهي كذلك جديدة من حيث استحواذها على الاهتمام الأكبر من جانب المهتمين بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وعلى الرغم من هذا التباين في ترتيب الأولوية التي تتمتع بها الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنها تستحوذ على خصائص معينة تميزها عن غيرها من الصناعات، وهي كما يلي:
1. مالك المنشأة هو مديرها، إذ يتولى العمليات الإدارية والفنية، وهذه الصفة غالبة على هذه المشروعات كونها ذات طابع أسري في أعلب الأحيان.
2. انخفاض الحجم المطلق لرأس المال اللازم لإنشاء المشروعات الصغيرة وذلك في ظل تدني حجم المدخرات لهؤلاء المستثمرين في المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
3. الاعتماد على الموارد المحلية الأولية، مما يساهم في خفض الكلفة الانتاجية وبالتالي يؤدي إلى انخفاض مستويات معامل رأس المال/العمل.
4. ملاءمة أنماط الملكية من حيث حجم رأس المال وملاءمته لأصحاب هذه المشروعات، حيث أن تدني رأس المال يزيد من اقبال من يتصفون بتدني مدخراتهم على مثل هذه المشروعات نظراً لانخفاض كلفتها مقارنة مع المشروعات الكبيرة.
5. تدني قدراتها الذاتية على التطور والتوسع نظراً لإهمال جوانب البحث والتطوير وعدم الاقتناع بأهميتها وضرورتها.
6. الارتقاء بمستويات الادخار والاستثمار على اعتبار أنها مصدراً جيداً للادخارات الخاصة وتعبئة رؤوس الأموال.
7. المرونة والمقدرة على الانتشار نظراً لقدرتها على التكيف مع مختلف الظروف من جانب مما يؤدي إلى تحقيق التوازن في العملية التنموية.
8. صناعات مكملة Subcontractors للصناعات الكبيرة وكذلك مغذية لها.
9. صعوبة العمليات التسويقية والتوزيعية، نظراً لارتفاع كلفة هذه العمليات، وعدم قدرتها على تحمل مثل هذه التكاليف.
10. الافتقار إلى هيكل اداري، كونها تدار من قبل شخص واحد مسؤول إدارياً ومالياً وفنياً.
11. تكلفة خلق فرص العمل فيها متدنية مقارنة بتكلفتها في الصناعات الكبيرة.
يلاحظ مما تقدم أن خصائص المشروعات الصغيرة والمتوسطة منها ما هو سلبي ومنها ما هو ايجابي، غير أن الجوانب السلبية في هذه المشروعات لا ترجع إليها مباشرة بقدر ما هي مرتبطة بالمشكلات التي تواجهها
أما ما يجب التأكيد عليه هنا فهو أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكنها الاستمرار مدة طويلة دون تحقيق أرباح، ولكنها سرعان ما تنهار حين تواجهها دفعة مالية حرجة لا تقبل التأجيل، ولذلك فإن التدفقات النقدية المباشرة لمثل هذه المشروعات أكثر أهمية من حجم الربح أو عوائد الاستثمار.
جرت العادة أن يتم قياس دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومساهمتها في الاقتصاد من خلال ثلاثة معايير رئيسية هي المساهمة في التشغيل، الإنتاج وحصتها من العدد الكلي للمنشآت في الاقتصاد. وتظهر أهم المزايا لهذه المنشآت فيما يلي:
1. توفر المشروعات الصغيرة والمتوسطة مصدر منافسة محتمل وفعلي للمنشآت الكبيرة وتحد من قدرتها على التحكم في الأسعار.
2. تعتبر هذه المنشآت المصدر الرئيس لتوفير الوظائف في الاقتصاديات المتقدمة والنامية على حد سواء.
3. هذه المنشآت هي عبارة عن بذور أساسية للمشروعات الكبيرة، مثلاً شركة بنيتون، بناسونيك. 4. تمتاز هذه المشروعات بأنها توفر بيئة عمل ملائمة حيث يعمل صاحب المشروع والعاملين جنباً إلى جنب لمصلحتهم المشتركة.
5. هذا النوع من المشروعات يساعد في تطوير وتنمية المناطق الأقل حظاً في النمو والتنمية وتدني مستويات الدخل وارتفاع معدلات البطالة.
6. تعتبر هذه المشاريع من المجالات الخصبة لتطوير الإبداعات والأفكار الجدية.
المعوقات والمشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة:
إن نمو وتطور قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في كافة أنحاء العالم يواجه مجموعة من المشاكل، وهذه قد تكون مختلفة من منطقة لأخرى ومن قطاع لآخر ولكن هناك بعض المشاكل التي تعتبر مشاكل موحدة أو متعارف عليها تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في كافة أنحاء العالم.
وتعتبر طبيعة المشاكل التي تتعرض لها المشروعات الصغيرة والمتوسطة متداخلة مع بعضها البعض.
وبشكل عام يعتبر جزء من هذه المشاكل داخلي وهي المشاكل التي تحدث داخل المؤسسة أو بسبب صاحبها، في حين أنها تعتبر مشاكل خارجية إذا حدثت بفعل وتأثير عوامل خارجية أو البيئة المحيطة بهذه المنشآت. ومن خلال مراجعة الأدبيات والدراسات السابقة بهذا الخصوص، كان بالإمكان تلخيص أهم المشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبشكل عام في كافة أنحاء العالم:
1. كلفة رأس المال: إن هذه المشكلة تنعكس مباشرة على ربحية هذه المشروعات من خلال الطلب من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدفع سعر فائدة مرتفع مقارنة بالسعر الذي تدفعه المنشآت الكبيرة. إضافة إلى ذلك تعتمد المنشآت الصغيرة والمتوسطة على الاقتراض من البنوك مما يؤدي إلى زيادة الكلفة التي تتحملها.
2. التضخم: من حيث تأثيره في ارتفاع أسعار المواد الأولية وكلفة العمل مما سيؤدي حتماً إلى ارتفاع تكاليف التشغيل. وهنا تعترض هذه المنشآت مشكلة رئيسية وهي مواجهتها للمنافسة من المشروعات الكبيرة مما يمنعها ويحد من قدرتها على رفع الأسعار لتجنب أثر ارتفاع أجور العمالة وأسعار المواد الأولية.
3. التمويل: تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة صعوبات تمويلية بسبب حجمها (نقص الضمانات) وبسبب حداثتها (نقص السجل الائتماني) وعليه، تتعرض المؤسسات التمويلية إلى جملة من المخاطر عند تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مختلف مراحل نموها. (التأسيس – الأولية – النمو الأولي – النمو الفعلي – الاندماج).
ونطراً لهذه المخاطر تتجنب البنوك التجارية توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات نظراً لحرصهم على نقود المودعين.
4. الإجراءات الحكومية: وهذه مشكلة متعاظمة في الدول النامية خصوصاً في جانب الأنظمة والتعليمات التي تهتم بتنظيم عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
5. الضرائب: يعتبر نظام الضرائب أحد أهم المشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء العالم. وتظهر هذه المشكلة من جانبين سواء لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من حيث ارتفاع الضرائب وهي كذلك مشكلة للضرائب، نظراً لعدم توفر البيانات الكافية عن هذه المنشآت مما يضيق عمل جهاز الضرائب.
6. المنافسة: المنافسة والتسويق من المشاكل الجوهرية التي تتعرض لها المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهم مصادر المنافسة هي الواردات والمشروعات الكبيرة.
7. ندرة المواد الأولية: من حيث الندرة الطبيعية وعدم القدرة على التخزين وضرورة اللجوء الى الاستيراد وتغيرات أسعار الصرف.
مصادر تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة:
ليس هناك من شك في أن جميع المشاريع الصناعية على مختلف مستوياتها، وسواء الجديدة منها أو القائمة، إنما تحتاج للتمويل المناسب والمهارات الإدارية الملائمة حتى تنمو وتحقق دخلاُ وربحا مقبولينً، وقد أصبح تطور المشاريع الصغيرة يشكل مفتاحاً مهماً لخلق فرص العمل وللتنمية الاجتماعية والاقتصادية المتكافئة،
وخصوصاً بالنسبة للفئات والمجتمعات الفقيرة والأقل حظاً. لا بد من الإشارة هنا إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى التمويل في فترات حياتها بدءاً بتأسيس المشروع وانطلاقه، وأثناء تطويره وتنميته وتحديثه، وكذلك في حالة استعداد المشروع أو الصناعة إلى الانطلاق نحو الأسواق التصديرية.
وتحتاج المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتمويل في مجالات البحث والتدريب ومتابعة الأسواق ومسايرة تطورات الإنتاج، إضافة إلى الحالات التي يتعرض فيها المشروع لأي حدث استثنائي. ويمكن حصر مصادر هذا التمويل في المدخرات الشخصية لمالك المشروع أو إجمالي المدخرات العائلية، إضافة إلى الاقتراض من البنوك التجارية في حالة الحاجة لذلك، أومن البنوك المتخصصة في توجيه التمويل نحو قطاع معين، البنوك المتخصصة في تمويل القطاع الصناعي أو تمويل القطاع الزراعي، أومن مصادر أخرى تتمثل عادة في مؤسسات الإقراض المتخصصة، وعادة ما تكون هذه المؤسسات مدعومة من قبل الحكومة والجهات الرسمية. |