صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
واجه المجتمع العديد من التحديات خاصة في مجال الدواء، في ظل انتشار عشرات الأدوية المسرطنة ومجهولة المصدر، إلي جانب غياب العديد منها وبدائلها نظراً لإقدام الحكومة علي تحرير سعر العملة، ووسط حملات التفتيش المتعددة لمواجهة الأدوية المهربة، ومنتهية الصلاحية، تعالت أصوات الأطباء والصيادلة للمطالب بإنشاء "هيئة عليا للدواء"، وفصله عن الصحة بتعيين وزيراً يحمل تلك الحقيبة التي يقدر عائدها السنوي أكثر من 60 مليار جنيه، في ظل رواجه كصناعة يقبل علي شرائها ملايين المصريين.
أن الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية ستحلل عينات من جميع التشغيلات الموجودة في السوق، وإذا ثبت وجود مواد مسرطنة بها سيتم سحبها من السوق نهائيا ولن يتم تناولها مرة أخرى، مؤكدا أن حظر بيع تلك المستحضرات لن يؤثر على الصيدلي والأهم مصلحة المريض، خاصة أن هناك عدة بدائل متوفرة في الصيدليات.
أن بعض أدوية "الرانتيدين" تحتوي على نسب قليلة من شوائب نيتروزامين المسرطنة، وعلى رأسها الدواء المعروف باسم "زانتاك"، قررت وزارة الصحة والسكان، أمس الأربعاء، سحب هذا العقار بكل أشكاله الصيدلية وتركيزاته، لحين الانتهاء من الإجراءات التي تؤكد خلو المستحضر من شائبة بها مواد مسرطنة بمستويات منخفضة. طالبت وزارة الصحة المرضى الذين يستخدمون هذه المستحضرات التي تحمل الاسم العلمي "الرانتيدين" بمراجعة الأطباء لاستخدام البدائل المتاحة لحين ورود منشورات أخرى.
أن الحالة الصحية لمرضي ضغط الدم المرتفع واختلال عضله القلب، تحوم حولهم الأخطار بعد أن أطلقت هيئه الدواء الأوروبية ( ema) تحذيرا لمستخدمي الدواء في مصر، بعد ثبوت أن بالمادة الفعالة شوائب مسرطنة المعروفة عالميا باسم (NMDA)، بعد إجراء تجارب متعددة،
أن الدواء الموجود في الأسواق غير صالح للاستخدام، حيث تقدم عملاق الشركات الصينية الموردة المادة الفعالة للشركات المصرية ( بيك فارم) أن لديها شكوك في نقاء المادة التي تم استخدامها أبلغت هيئه الأدوية الأوروبية عن أسماء الشركات خاصة الشركات التي لا يوجد في دولها مراكز تكافؤ حيوي باشتراطات دولية مثل مصر. ولا يكاد يمر شهر إلا وتظهر قضايا فساد تتعلق بالأدوية المغشوشة في كثير من البلدان العربية والأفريقية، أقربها كان في مصر
سوق الدواء المصري كبير للغاية، وتقدر حجم استثماراته هذا العالم فقط بــ 60 مليار جنيه، فهو يقوم علي 133 شركة خاصة ، و11 شركة عامة ، 22 شركة أجنبية، 1200 شركة تول -وهي الشركات التي تمتلك مصانع وتصنع لشركات أخرى، في الوقت الذي يعاني المصريين من الإنفاق الصحي، أن المصريين ينفقون حوالي 118 مليون جنيه على الصحة، 68% من هذا المبلغ من جيب المواطن، والثلث الآخر للحكومة، إذن الإنفاق الصحي في مصر من جيب المواطن، خاصة أننا دولة تفتقد لقانون التأمين الصحي، فـ54.7% من المواطنين فقط لديهم هذا التأمين.
مشكلة الصحة في مصر متراكمة منذ فترة طويلة، فمن الصعب أن نلقها على عاتق وزير بعينه، فهي خدمة يتم تكليفها، في عام 2003 حضرت مصر مؤتمر كبير للأمم المتحدة عن الصحة، واتفق جميع الدول الأعضاء بأن تكون ميزانية الصحة 3% ووقعت جميع الدول من بينهم مصر، ولكن بعد ثورتي يناير ويونيو، أصبحت ميزاني الصحة تقدر 1.4% فقط، والمطلوب 145 مليار جنيه لتحسين المنظومة الصحية، وغير ذلك تظل الأزمة مستمر، وندور في نفس الدائرة.
إن الوصف المنطبق على الجريمة وفقًا لقانون قمع الغش والتدليس، هو بيع وتصنيع وطرح أدوية غير صالحة للاستخدام وفاسدة وضارة بالصحة باحتوائها على تلك المادة المسرطنة، وقد نص القانون على العقاب بالحبس سبع سنوات وشددها إلى السجن والأشغال الشاقة المؤبدة، حال وقوع ضرر صحي بالمستهلك، مع تأكيد المشرع أنه يسأل الشخص المعنوي جنائيًا عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، إذا وقعت لحسابه أو باسمه بواسطة أحد أجهزته أو ممثليه.
العقوبات الموجودة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش كالآتي:-
- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه كل من باع أدوية مغشوشة أو فاسدة أو انتهي صلاحيته.
ـ وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز أربعين ألف جنيه إذا كانت الأدوية المغشوشة أو الفاسدة أو التي انتهى تاريخ صلاحيتها أو كانت المواد التي تستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان.
ان حال الأدوية أصابها كثير من المشكلات الصحية الخطرة، وهو ما تسبب في زيادة الأمراض لدى المرضى وليس علاجهم، فهناك الأدوية المغشوشة تنتجها "مصانع بير السلم" والمنتهية الصلاحية والتي فيها مواد مسرطنة خبيثة، ما أدى إلى تراجع سمعة الأدوية المصرية داخل البلاد وخارجها. أنه بحسب الأصل فإن القانون يمنع الإعلان عن الدواء في التلفزيون وما نشاهده الآن عبر الشاشات يعد مخالفًا للقانون مخاطبًا المجلس الأعلى للإعلام بمنع هذه الإعلانات لأنها تساهم في قتل المواطنين من أجل تحقيق مكاسب مالية لمافيا غش الدواء .
إنه من الأسباب الأساسية التي تدعو الناس إلى الاتجار في الأدوية المغشوشة هو الارتباط الوثيق في أذهان المواطنين بين تجارة الأدوية المغشوشة وتحقيق الربح الكبير، لذا يتجهون إلى صناعة الأدوية تحت "بير السلم"، بطرق يصعب على المواطن البسيط معرفتها. أن حل الأدوية المهربة والمنتهية الصلاحية، يكمن في ضرورة الالتزام بقرار وزير الصحة رقم 115 لسنة 2017 الخاص بغسل السوق من الأدوية منتهية الصلاحية، والالتزام باللائحة التنفيذية رقم 14 لسنة 2017 الصادرة من الإدارة المركزية للصيدلة والخاصة بتنفيذ قرار وزير الصحة رقم 115 لسنة 2017، بالإضافة إلى وضع آليات التنفيذ الفعلي للقرار الوزاري وقرار الإدارة المركزية وإزالة جميع العقبات لتنفيذ ذلك. إن مصر تشهد فوضى خطيرة في بيع الأدوية، بسبب انتشار أدوية “الإكسابير”، أو منتهية الصلاحية، موضحا أنه يوجد ما يقرب من 500 مليون جنيه أدوية منتهية الصلاحية.
و أن الأدوية منتهية الصلاحية مفترض أن تعود إلى الشركات، ومنذ عامين أجريت عدة اجتماعات موسعة بين نقابة الصيادلة ووزارة الصحة وغرفة صناعة الدواء، أسفرت عن اتفاقات محددة ولكن هذه الاتفاقات لم تنفذ بسبب نفوذ بعض الشركات.
أنه من بين أسباب الفوضى المنتشرة في بيع الأدوية، انتشار سلاسل الصيدليات، التي يديرها الدخلاء على المهنة، والذي ينحصر اهتمامهم في تحقيق الأرباح فقط وليس مصلحة المواطنين، وصحتهم بشكل خاص، فهناك أدوية تكون منتهية الصلاحية لا تعود للشركات، وبالتالي يتم بيعها لأشخاص بأسعار معينة، ثم يقوم هؤلاء الأشخاص ببيعها على الأرصفة.
أن انتشار التجارة الحرة، سهل دخول الدواء ومستحضرات التجميل بين الدول وبعضها دون وجود رقابة أو قوانين رادعة، لذلك نطالب وزارة الصحة بتشديد الرقابة على الصيدليات، وعدم الاكتفاء بالتفتيش ورؤية شهادة مزاولة المهنة،
أن ضعف العقوبات في القوانين، ساهم بشكل كبير أيضا في انتشار الأدوية المغشوشة، ففي الوقت الذي تصل فيه عقوبة غش الدواء في أمريكا والهند إلى الإعدام، نجد قانون عقوبات غش الدواء المصري الصادر عام 1959 ينص على غرامة قدرها 5 جنيهات فقط على غش بعض أنواع الأدوية.
أن أبرز الحلول للحد من هذه الظاهرة، هو تغليظ العقوبات ومبادرة شركات الأدوية، بالتبليغ فور معرفتها بغش مستحضراتها، بالإضافة إلى مكينة الصيدليات وتتبع الدواء للحد من عمليات الغش، حتى لا يتم تعريض حياة المواطن للخطر.
|