صنعاء نيوز -
ترامب يعتَرِف رَسميًّا بسرِقَة احتياطات النّفط والغاز السوريّة شرق الفُرات ويقترح دعوة شركات مِثل “أكسون” لإدارتها والاستيلاء على عوائِدها.. ما الفرق بينه وبين قُطّاع الطّرق وزُعماء المافيا في هذه الحالة؟ وكيف يَصمِت العالم على هذهِ الجريمة؟
كُنّا نعتقد أنّ سيطرة القوّات والمُدرّعات الأمريكيّة على آبار النّفط والغاز السوريّة الواقِعة شرق دير الزّور الهدف منها حِمايتها من السُّقوط في أيدي قوّات “داعش” التي استطاعت أن تُراكِم ثرَوات هائلة عندما كانت تتواجد فيها، ولكن اعتِقادنا هذا لم يَكُن في محلّه عندما قرَأنا وسَمِعنا الرئيس دونالد ترامب يقترح، بالصّوت والصّورة، وضع المِنطقة السوريّة تحت إدارة شركات نفط أمريكيّة مثل “إكسو موبايل” و”شيفرن” وتصدير نِفطها، وذهاب العوائد إلى الخزينة الأمريكيّة.
نفهَم ولا نتفهّم أن تَسرِق “داعش” النّفط السوريّ، وتستخدم عوائِده لإدارة دولتها، ودفع رواتب عناصرها، وتوفير الخَدمات “لمُواطنيها” الذين كان يَزيد عددهم عن 7 ملايين مُواطن، مُوزَّعين على مِساحة تَبلُغ 250 ألف كيلومترًا مُربّعًا تمتد من المُوصل في العِراق حتى الرقّة في سورية، فداعش حركة إرهابيّة مارِقة لا تلتزم بأيّ قوانين، لكن أن تُمارس إدارة أمريكيّة هذه السّرقة علانيّةً، وهي التي تدّعي رئاسة “العالم الحُر” وتُعَزِّز الدّول وتحتلها تحت ذرائع الديمقراطيّة وحُقوق الإنسان وسِيادة القانون، فهذا أمْرٌ صادِمٌ لا يُصدّقه عقل، وليس هذا أمر مُستَغرب من “التّاجر” ترامب الذي لا يفهَم غير الصّفقات وكيفيّة جنِي المال بأيّ وسيلة.
إنّه تصرّف عِصابات المافيا وقُطّاع الطُّرق، وليس تصرّف رئيس دولة عُظمى مِثل الولايات المتحدة، فاحتِياطات النّفط والغاز السوريّة شرق الفُرات هي مُلك للشّعب السوريّ بكُل ألوانه العِرقيّة والمَذهبيّة، ولا يَحِق للقوّات الأمريكيّة المُحتلّة أخذ برميل واحد منها.
من العار أن يَصمِت العالم على هذه السّرقة للثّروات السوريّة في وضَح النّهار من هذه الدولة الأمريكيّة المارِقة، التي أثبتت أنّها أكثر خطَرًا واختِراقًا للقانون الدوليّ من “داعش” نفسها التي تدّعي مُحاربتها بإقدامها على حِماية عمليّات التّهريب للنّفط السوري، وعوائِدها التي تَصِل إلى 30 مليون دولار شَهريًّا، وربّما ترتفع إلى عشرة أضعاف إذا عاد الإنتاج السوري إلى مُعدّلاته الطبيعيّة في مرحلة قبل الحرب، أيّ 380 ألف برميل يَوميًّا، وجرى اكتِشاف آبار جديدة.
إنّه احتلالٌ أمريكيٌّ غير شرعيٌّ، ونَهب للثّروات غير قانونيّ، الأمر الذي قد يفتح المَجال لإطلاق حركة مُقاومة، مُعظم عناصرها من أبناء المِنطقة، مِثلَما حدث بعد الاحتلال الأمريكيّ للعِراق.
الشّعب السوري، ومعه كُل الشّعوب العربيّة، ومن محور المُقاومة بالذّات، لا يُمكن أن يقبل بسرقة ثَرواته، ومِثلَما تصدّى لمشروع التّفتيت الأمريكيّ لتُرابه الوطنيّ وقدّم آلاف الشّهداء، لن يتردّد في التصدّي لهذا النّهب الأمريكيّ لثَرواته، والمسألة وقت وتوقيت ليس أكثر.
“رأي اليوم” |