صنعاء نيوز/ رضوان العسكري -
قرار الأحزاب الشيعية بإخراج القواعد الأمريكية من العراق، لم يتخذ بين ليلةٍ وضحاها، وإنما نتيجة تراكمات التصرفات الأمريكية السلبية المتتالية, مع الحكومة العراقية، وعدم الاهتمام لمواقها وقراراتها.
اختراق الأجواء العراقية المستمر، والاعتداء السافر على الحشد الشعبي، الذي اصبح جزء من القوات الأمنية الرسمية، وتابعيتها لمجلس الوزراء، ناهيك عن دخول المسؤولين الأمريكان العراق متى ما شاءوا بدون إذن، أو على الأقل إعلام الحكومة العراقية بدخولهم، بالإضافة الى التدخلات المباشرة وغير المباشرة في عمل الحكومة، وفرض بعض الشخوص لتولي مناصب حكومية رفيعة، كذلك منعها من التعاقد مع اي شركة اجنبية لصيانة الكهرباء، التي باتت المشكلة الاساسية فيه, أو اعادة بناء البنى التحتية للدولة.
امريكان وبسبب دعمهم العلني للتظاهرات الجارية, والضغط على إلغاء الاتفاقية مع الصين, وضرب مقرات الحشد الشعبي الأخيرة, واغتيال نائب رئيس الحشد الشعبي والجنرال سليماني قرب مطار بغداد، هي "القشة التي قصمت ظهر البعير" لتدفع بالقوى الشيعية للتصويت على إخراج القواعد العسكرية الأمريكية من العراق، بدون مشاركة القوى السياسية الأخرى (السنة والكرد)،
عدم مشاركة القوى السياسية الأخرى في قرار الشيعة نتيجة لمخاوفهم من تداعيات القرار ولأسباب عدة منها:
السنة وبسبب الإرهاب الذي تعرضت له مناطقهم، أمسوا خائفين من عودة داعش والقاعدة وأمثالهما مرةً أخرى، والحذر من الشيعة التي أصبحت هدف للإرهاب القادم من محافظاتهم، فكان على الشيعة الحاكمين ان يعطوهم تعهدات وضمانات بحمايتهم إذا ما تعرضوا للإرهاب مرة أخرى هذا من جانب.
أما الجانب الآخر هو وجود الحشد الشعبي، الذي نجح الإعلام الخارجي بتخويفهم منه، على انه سيسطر على محافظاتهم وتحكمه بمقدراتهم، ففي هذه النقطة يحتاجون ايضاً الى تطمينات وضمانات موثقة وكافية لرفع من ما لديهم مخاوف، لذلك تراهم مصرين على سحب الحشد الشعبي واستبداله بالجيش العراقي، باعتبار وزارة الدفاع من حصتهم كــمكون سني.
الأكراد مخاوفهم تختلف، لأنهم يعتبرون الأمريكان حليفهم الاستراتيجي والمحامي المدافع عنهم، والضامن الوحيد لبناء الدولة الكردية، وانفصالها عن العراق، وفي هذه النقطة بالذات لا يمكن لأي احد ان يضمن لهم ذلك، وسيقفون بالضد من انفصال الأكراد بدولة مستقلة، أو بدولة (كونفدرالية) لذلك رفضوا الحضور نهائياً الى مجلس النواب، مما اضطر الشيعة على التصويت بمفردهم، بإخراج قوات التحالف الدولي من العراق.
الشيعة باعتبارهم اصحاب الحكم، لديهم القدرة على منح السنة ضمانات كافية على حمايتهم من اي اعتداء، وحفظ حقوقهم المناطقية والسياسية.
أما الأكراد فهم يعلمون علم اليقين ان لا ضمانات لأحلامهم، ولا تعهدات على اعطائهم كركوك، ولا السكوت على تصرفاتهم بالثروات النفطية والغازية، ناهيك عن المشتركات كالمنافذ الحدودية والرسوم الكمركية وغيرها من الواردات المشتركة، فأقل ما يفعله الشيعة هو استقطاع جميع تلك الأموال من حصتهم من الموازنات المالية، ومنعهم من التصرف بالثروات النفطية والغازية، باللجوء الى جميع السبل المتاحة التي تضمن منعهم من التصرف الأحادي الجانب، ولم تأتي تلك الاجراءات دفعة واحدة وانما بالتتابع.
السنة إذا اضطروا سيقبلون تعهدات الشيعة مع وجود الضغوطات الخارجية عليهم بالرفض، أما الأكراد فأنهم سيضعون جملة من الشروط التعجيزية على الشيعة، اقلها موافقة الحكومة على السماح لهم باستضافة القواعد الأمريكية، لذلك نراهم بين شد وجذب مع الطرف الشيعي، ولن يوافقوا على قرار الشيعة.. الا مقابل ثمن. |