صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
المشاركة في عملية بناء المجتمع ليست خطوة اختيارية يمكن بأن تَقبل بها وتُقبل عليها متى أردت، أو أن تفر منها متى شعرت بعدم رغبتك في فعل ذلك، بل خطوة يكون التقدم بها إجبارياً، وإن تم الانخراط وسط ظروف قد لا تشعر معها بأنك قد ملت نحو تلك الخطوة من الأصل؛ لتُقوم بما عليك من مهام، فالأمر يتعلق بكل ما ستدركه متى ركزت وبشكلٍ جيد على مخرجاتك، التي ستُنسب، وفي نهاية المطاف إليك فقط، وسيكون منها ما قد شاركت به في بناء مجتمعك، وكان الأولى إن فعلت ذلك بضمير لا بد وأن يكون حاضراً كل الوقت، فما سيلحق بك لاحقاً يعتمد عليه وعليك من قبله، والآن أشعر بأن كلماتي ستستوقفك؛ لتبادر بسؤال سيلح عليك، ألا وهو: وما هي تلك المخرجات التي ستكون مني؛ لأكون بها ومن خلالها قد شاركت في عملية بناء المجتمع؟ فالأمر ليس بالهين والبسيط؛ كي نتهاون فيه أو نُقلل من أهميته، بل وعلى العكس تماماً يُعد خطيراً، ويستحق وقفة.
حسناً يا عزيزي يسرني أن أجيب عن سؤالك وبكل حب من خلال التالي: هل تصدق بأن كل واحد منا يتحمل مسؤولية تلك المخرجات التي تكون منه وسيتقدم بها للمجتمع، فيكون بذلك قد ساهم وفي يومٍ من الأيام في عملية البناء حين أقبل على كل ما يفعله وكأنه العادي والمألوف في حين أنه ليس كذلك؟ دعنا نتعهد بشيء منذ البداية ألا وهو: عدم الذهاب بعيداً؛ للبحث عن الأمثلة، فيكيفنا أن نقف عند (الأبناء)، كمثال عظيم وبسيط في ذات الوقت، نعم الأبناء الذين نشعر بأننا نملك الدنيا حين نُرزق بهم، وتمسح لحظة ولادتهم كل تلك المعارف التي اكتسبنها وكونت لنا قاعدة أساسية حسبنا وفي مرحلة من المراحل بأنها ستساعدنا في تربيتهم وعليها، غير أنها لم تلتزم بذلك، وسرعان ما أصبحت من الماضي؛ ليحل من بعدها (الجديد) الذي نشعر معه وبه بأننا نعيش ولأول مرة في هذه الحياة.
لم تكن تربية الأبناء يوماُ هينة، بل صعبة جداً، تتطلب منا التركيز على كل ما يبدر منا على الأقل في المراحل الأولى ومع الطفل الأول والتفكير في حاضرهم وتلك المتطلبات التي ستساعدنا على جعله بوضع أفضل (لن نقول الأفضل على الإطلاق، ولكن أفضل مما هو عليه) ثم التحضير الجيد لمستقبل نكون فيه قد أصبحنا أكثر وعياً ودراية بما نفعله، فما نفعله يتجاوز حدود (العلاقة) التي تربط الأب بابنه؛ ليصل إلى مراحل أكبر تشمل المجتمع الذي سيتزود بما سنتقدم به من عينات ستتولى زمام أمور المستقبل في المستقبل إن شاء الله، ومن هنا يكون كل واحد منا قد تحمل مسؤولية مخرجاته.
التحضير لكل ما نود فعله خطوة مطلوبة تُساعدنا على التركيز وبشكلٍ جيد في كل المراحل، غير أن وجودها لا يعني أننا لن نخوض التجربة، التي تؤكد على صحة كل ما قد اكتسبتاه من معرفة، ونكون بحاجة ماسة إليها، ولم يكن خوضنا لها من فراغ يفرضه الفراغ، ولكن من باب الواجب الذي سندرك أهمية تلبيته دون شك؛ لأننا وإن لم نلتفت إليه، فلن نتمكن من اكتساب الخبرات الخاصة بنا، والتي يمكننا اعتمادها كمرجع نعود إليه بين الحين والآخر متى تعرضنا لذات الظروف.
حياتنا تعتمد على الأخذ والعطاء، فلا يُعقل بأن نأخذ كل الوقت أو أن نعطي كل الوقت دون إحداث التوازن المطلوب، الذي سندرك معه قيمة الحياة التي نعيشها وروعتها التي لا تُدرك بسهولة، وتحتاج إلى من يعرف كيف يُعطي ومتى يأخذ؟ وبالنسبة لموضوع الأبناء، الذين نعرف تمام المعرفة أنهم من سيتولون زمام الأمور مستقبلاً، فلا بد وأن نهتم بهم منذ البداية وعلى أكمل وجه، سيعود بأثره علينا، وإن كان ذلك على المدى البعيد إن شاء الله تعالى.
إن التطرق إلى هذا الموضوع قد يبدو مناسباً بالنسبة للبعض، وقد لا يبدو كذلك للبعض الآخر، وبين من يحسب ما نحسبه ومن لا يُجيد الحساب، فلقد توجب علينا التوقف؛ لتسليط الضوء عليه فندرك ما إذا كان ما نفعله صائباً أم لا؟.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.
[email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/