صنعاء نيوز -
باتَ انتِشار فيروس “كورونا الجديد” يُشَكِّل قلقًا في مُختلف أنحاء العالم، ويَنعكِس سلبًا على حياة مُعظم الشّعوب، والبورصات والأسواق الماليّة، وبينما باتت أخطاره تتراجع في دولةِ المنشأ، أيّ الصين، بسبب الإجراءات الوقائيّة الصّارمة، إلا أنّ إصابات جديدة ظهرت في مناطق اعتقد الكثيرون أنّها مُحصّنة مثل إفريقيا والصّحراء الكُبرى وبعض دول الاتّحاد المغاربي والدّول الاسكندنافيّة، والأمور نسبيّة.
منظّمة الصحّة العالميّة أحصت حتى الآن 85 ألف إصابة في 50 بلدًا، وأكّدت في بيانٍ لها أنّه لا يُوجد أيّ بلد مُحصّن، وأي دولة تتجاهل هذه الحقيقة ترتكب خطأً مُميتًا.
لعلّ حالة الهلع التي تسود مُعظم الحُكومات من جرّاء اتّساع دائرة انتشار الفيروس تفاقمت بسبب انهيار البورصات العالميّة، حيث خَسِرت حواليّ 10 بالمِئة من قيمتها، وتراجعت أسهم بورصة داو جونز حواليّ 4000 نقطة في أسبوعٍ فقط، وانخِفاض أسعار النّفط بحواليّ 5 بالمِئة ووصول سعر البرميل إلى أقل من 45 دولارًا، الأمر الذي سيتسبّب بزيادة مُعدّلات العجز في ميزانيّات الدول المُنتجة وخاصّةً في دول الخليج التي وضع أُسسها بعض الدول، على أرضيّة 60 دولارًا للبرميل.
المملكة العربيّة السعوديّة اتّخذت قرارات جريئة بتقليص عدد الزوّار لأداء مناسك العمرة وزيارة قبر الرّسول صلى الله عليه وسلم، في المدينة المنورة، وهُناك تقارير تتحدّث عن احتِمال إلغاء موسم الحج هذا العام، بينما ألغت الحُكومة الإيرانيّة صلاة الجمعة في أكثر من سبع مُحافظات، وإيران من أبرز الدّول المُتضرّرة من جرّاء انتشار الفيروس، حتى أنّ نائبة الرئيس الإيرانيّ، ونائب وزير الصحّة فيها أُصيبا بالمرض.
وزراء الصحّة العرب وضعوا خِلافات بلادهم جانبًا، وعقدوا اجتماعًا في مقرّ الجامعة للاتّفاق على استراتيجيّة تنسيقيّة مُشتركة فيما بينهم، وقرّروا عقد اجتماع طارئ للخُبراء يوم 15 آذار (مارس) المُقبل، وهي الخطوة التي واجهت بعض الانتِقادات لأنّها لا تَعكِس جديّةً أكبر في مُواجهة هذا الخطر، وكان من المَفروض تقديم موعد الاجتماع، وعقده في أسرعِ وقتٍ مُمكن.
الوعي الشعبيّ الذي تمثُل في بعض جوانبه بإلغاء عشيرة أردنيّة عادة “التّقبيل” بين أفرادها كنوعٍ من الإجراءات الوقائيّة كان موضع تأييد وإعجاب الكثيرين على وسائط التواصل الاجتماعي، حتى أنّ هُناك من طالب بإلغاء هذه العادة كُلِّيًّا وإلى الأبد، بينما طالب آخرون بإلغاء “حكّ الأُنوف”، العادة التّرحيبيّة في بعض دول الخليج، لما يُمكن أن تُسبّبه من نقلٍ للعدوى ليس بمرض كورونا فقط، وإنّما بأمراضٍ أُخرى عديدة مِثل الانفلونزا، والزّكام، والالتِهاب الرؤي وغيرها.
الحُكومات العربيّة التي سارعت بوقف رحلات الطيران إلى الدول الأكثر تضرّرًا بهذا الوباء مثل الصين وكوريا الجنوبيّة وإيران وإيطاليا، ومنع مُواطنيها من السّفر إليها أظهرت درجةً عاليةً من المسؤوليّة تُجاه مُواطنيها والحِرص على سلامتهم.
نختم هذه الافتتاحيّة بالإشارة إلى المُساهمات والتّغريدات الأكثر انتشارًا على وسائل التواصل الاجتماعي في قِطاع غزّة، وجسّدت الكوميديا السوداء في أقوى صُورها، وتحدّثت بشكلٍ ساخرٍ عن فوائد الحِصار في منع الفيروس من الوصول إلى القِطاع بسبب إغلاق المعابر على القادمين أو المُغادرين من الدول التي ينتشر فيها الوباء أو غيرها، حتى أنّ أحدهم كتب مازحًا تغريدةً تقول قد يأتي الخير من باطِن الحِصار.
مِن المُفارقة أنّ مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، صرّح أنّ بلاده قدّمت عُروضًا لطِهران بشأن تقديم مُساعدات فنيّة لها لتعزيز إجراءاتها في مُواجهة هذا الفيروس الذي انتشر بنسبةٍ عاليةٍ فيها، إنّها دُموع التّماسيح الكاذِبَة، فلو كانت أمريكا حريصةً فِعلًا على إيران وشعبها لما فرضت هذه العُقوبات الجائرة التي كان لها دَورٌ مُباشرٌ في انهِيار الاقتِصاد في ضعف الخدمات الصحيّة، وسُوء الأحوال المعيشيّة ممّا أسهمَ في انتِشار الوباء.
“رأي اليوم” |