صنعاء نيوز/محمد جواد الميالي -
البرهان في علم الرياضيات يكون بعدة طرق، منها طريقة الأفتراض التي تتم بعد عدة تجارب، لتثبت برهان أن التجربة صحيحة، ذلك بالإعتماد على إفتراض عكس نتيجة نظرية الأفتراض..
يمكن بسهولة جداً أن تطبق هذه النظرية في واقع حياتنا.. فمثلاً كيف نبرهن أن حوزة السيستاني الصامتة.. لا تضر ولا تنفع؟ علينا أن نتابع سير الأحداث التي كان له دور فيها، ونبرهنها في نظرية الأفتراض.. وماذا لو لم يتدخل السيستاني فيها، وماذا كان سيحدث؟
لنبدأ بما يعرف بمعركة النجف ضد الإحتلال الأمريكي، مجموعات مسلحة تعلن الجهاد ضد الوجود الأمريكي، وتتخذ من مقبرة النجف حِصنا لها، ويبدأ النزال غير المتكافئ.. تسقط النجف بيد مليشيات ملثمة، وتبدأ بمحاربة طائرات العدو، بسلاح رشاش أقصى مدى له نصف كيلو متر.. تبدأ الطائرات بقصف الأحياء، تتهدم المنازل وتقطع أشلاء الأطفال، مما يدفع المقاتلين للإنسحاب إلى مرقد علي عليه وأله أفضل الصلوات، هنا تحدث الفاجعة، فلم يتدخل أحد.. تقصف الطائرات المرقد، فيتحول إلى بقيع ثاني! عندها سيندفع الشيعة للدفاع عن مرقد إمامهم المقدس عندهم، وستتم أبادتهم بسبب فعل صبياني لمليشيا ما.. هذا كان سيحدث لو لم يتدخل السيستاني.
ثاني المواقف هو خلال فترة الاحداث الطائفية التي بدأت في ٢٠٠٧، وغزت شوارع بغداد، وتنقسم العاصمة إلى شيعي وسني.. وتم تطبيق نظرية سبعة في سبعة، مجموعات مسلحة تنشر السيطرات الوهمية، مساجد من الطرفين تثير الفتنة وتدعوا للقتل والتهجير، تكثر الدماء على أرصفة الشوارع، والجثث ملقاة في تقاطع شارع حيفا.. تتفاقم الأمور ويفجر مرقد العسكريين عليهما افضل الصلوات، فتتعالى الأصوات للثأر، ويهدم مرقد أبو حنيفة.. عندها يبدأ الإقتتال المذهبي الفعلي العلني، ويصبح العراق مقطعا إلى أشلاء، هذا كان سيحدث لو لم تنطلق توصياته الابوية ويقول وصيته الشهيرة.. "السنة أنفسنا"
ثالثاً الإرهاب الداعشي، يدخل الموصل ويهتك الأعراض، عجلات "البيك آب" تزحف إلى كركوك، صلاح الدين والأنبار، مع أنسحاب لكافة قوات الجيش العراقي، فيبدأ الأمر بجهاد النكاح، وينتهي بسبيّ النساء وذبح الأطفال، ترفع الراية السوداء مطالبة بإقامة دولتها الإسلامية، ولنتخيل أن فتوى لم تصدر ولا وجد الحشد الشعبي.. فيُقتل من يُقتل، وتنتهك أعراض العراقيين، ويهرب بعضنا حافي القدمين، بحثاً عمن يصدر فتوى النجاة.. هذا كان سيحدث لو لم تتدخل المرجعية.
هذه نظرية الأفتراض، التي تثبت أنه لولا وجود السيستاني، لما أستطعنا أن نحافظ على هذا الوطن...
اليوم يعاد سيناريو آخر، وهو مواجهة وباء كورونا، الذي أمرت فيه المرجعية بإتباع ذوي الإختصاص، وأطلقت حملة تكافل، لرعاية الفقراء في ظل حظر التجوال، لكن هناك بعض المحسوبين على رجال الدين، طالبوا بالعكس، وقالوا إن كورونا بدعة.. ورغم أنهم قلة نادرة.. إلا أن الإعلام ترك كل شيء، وسلط الضوء على هؤلاء، ليوهم السذج أن رجال الدين هم سبب الخراب..
وما يخيف حقا أن يأتي قلم مأجور يوما بعد أن ينسى كل هذا بعد خمسين عاماً.. سيكتب أحدهم زورا وبهتانا ، أن رجال دين من أتباع المرجعية في زمن كورونا، قد أمرت بكسر حظر التجوال؟!
|