صنعاء نيوز/البلد | محمـد دهشـة - بين مستشفى وأخرى، دفع الفتى الفلسطيني محمد نبيه الطه (11 عاما) من مخيم عين الحلوة حياته ثمنا الاهمال والتقصير في علاج اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، فإختنق حتى الموت وهو الذي يعاني اصلا من نقص حاد في "الاوكسجين" جعله مقعدا منذ سنوات، لكن اختناقه ارتفع صوت غضب واحتجاج فلسطيني شعبي صارخا.. في وجه الجهات المعنية "ان اوقفوا موت المرضى الفلسطينيين على ابواب المستشفيات".
حكاية الطه لا تختلف في تفاصيلها عن حكايات مرض فقدوا حياتهم وبقيت آهاتهم صامتة، فتكررت من منزل الى آخر لترسم مشهد البؤس والفقر المدقع الذي يترنح تحت وطأته الاف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين لا يملكون المال الكافي للعلاج ولا يتمتعون باسط الحقوق، فيما وكالة الاونروا" الشاهد الحي على لجوئهم تحولت الى شاهد صامت على موتهم امام تراجع خدماتها وخاصة الصحية منها.
ويروي محمود رابح ابن عم الضحية الطه تفاصيل ما جرى لـ "صدى البلد"، فيقول ان محمد أصيب بحالة اختناق فسارعنا بنقله الى احدى المستشفيات الحكومية التي استقبلته في قسم الطوارىء وقدمت له كل الاسعافات اللازمة لكنها في نهاية الامر اعتذرت عن ادخاله بسب عدم وجود جهاز تنفس اصطناعي فارغ كما ابلغنا الطبيب المناوب"، مضيفا بتنهد " اجرينا اتصالا باحدى المستشفيات الخاصة المتعاقدة مع وكالة "الاونروا" في صيدا واتفقنا مع المسؤولة على نقله وقمنا بتأمين سيارة اسعاف بمعرفتنا وعند وصولنا الى مدخل المستشفى تفاجئنا بعدم استقباله تحت ذريعة انه لا يوجد طبيب مختص".
وتابع رابح "بقي في سيارة الاسعاف قرابة ربع ساعة ونحن نجري اتصالات المراجعة مع المسؤولة ذاتها، الى ان لفظ أنفاسه وفارق الحياة ثم ادخل الى قسم الطوارىء في محاولة لانقاذه عبثا بواسطة صعقات كهربائية ولكن الاوان قد فات، لقد دفع حياته ثمنا للاهمال والتقصير والتبرير من يعيده الى الحياة الان، نريد شركة تأمين لتوفير الطبابة كما كان يحصل سابقا وهي الطريق الوحيد لمنع الموت مجددا بلا سبب".
بينما قال والد نبيه الطه "ان قسم الطوارىء طلب منا دفع مبلغ تأمين عبارة عن الف دولار اميركي للموافقة على ادخاله، ولم تجدي محاولة تدخل طبيب "الاونروا" نفعا مع التأكيد بان وكالة الاونروا تتحمل ما يتوجب عليها من نفقات كالعادة".
ويعاني محمد من نقص في "الاوكسجين" جعله مقعدا وبين الحين والآخر يصاب بنوبات اختناق ما يستدعي نقله الى المستشفى لتلقي العلاج وقد تكررت النوبة قبل عشرة ايام من الان فادخل الى المستشفى الخاصة ذات وبلغت كلفة العلاج 13 مليون ليرة لبنانية، تم تأمين جزء من الملبغ من "منظمة التحرير الفلسطينية" ووكالة "الاونروا" بعد مراجعات عديدة، فيما البقاي دفع من المال الخاص وفق ما اكد شقيقه نادر، الذي اضاف لقد تحولنا الى متسولين لتسديد باقي المبلغ، متسائلا والدعة في مقلتيه اين وكالة "الاونروا" لماذا لا تقوم بواجباتها على اكمل وجه، كيف تترك المرضى يموتون على ابواب المستشفيات ومن يحاسبها".
غضب ووداع
وقد أرخت قضية وفاة اطه محمد حالة غضب فلسطيني هو الاول الذي يشهد عين الحلوة منذ سنوات، ترجمت باقدام غاضبين فلسطينيين الى ذويه واقاربه باغلاق عيادتي "الاونروا" في المخيم وبعض مكاتبها الخدماتية والاجتماعية في حركة احتجاج يؤكدون انها مستمر وستتلاقى مع التحرك الشعبي الكبير بالاعتصام امام المركز الرئيسي للاونروا في بيروت يوم الجمعة في 11 اذار الجاري لتكزن صرخة مدوية تحت شعار "نريد اصلاح الاونروا وقف الموت".
بالمقابل، كان مشهد وداع محمد مؤثرا من مسجد "خالد بن الوليد" الى جبانة المخيم التي امتلأت بدورها بالموت وتنوء بدفن المزيد منذرة بأزمة جديدة، ارتفعت هتافات المشاركين غضبا رافضة السكوت بعد اليوم عن موت الاطفال ومتسائلة الى متى يستمر الاهمال، يتقدمهم ممثلون عن القوى الوطنية والاسلامية واللجان الشعبية ولجنة المتابعة، فيما بقي جثمانه مكشوفا على الملأ وقالت والدة الضحية "ام نادر" وهي تحتضنه وتطبع قبلة الوداع الاخيرة على وجنتيه الله لا يسامحهم، قالوا انه لا يوجد طبيب مختص، هل يعقل انه لا يوجد طبيب مختص، ام انهم يريدون مالا، ما ذنبه كي يموت على بابها، لقد فقدت ولدي وخسارتي كبيرة لا تعوض ابدا".
واثناء الصلاة على الجثمان، طالب امام المسجد الشيخ علي اليوسف وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور محمد جواد خليفة فتح تحقيق بما جرى لمنع تكرار الموت على ابواب المستشفيات.
اهتمام انساني واستأثرت هذه القضية ايضا على اهتمام جمعيات حقوق الانسان التي شارك ممثلوها في التشييع ايضا، وقال مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان ـ شاهد محمود الحنفي "ان القضية لن تبقى صامتة كسواها، يجب ان يسمع صوتها كل الناس"، معتبرا "ان وكالة "الاونروا" تتهرب من تحمل المسؤولية تحت ذريعة العجز المالي بينما تنفق اموال طائلة على رواتب الموظفين الاجانب"، فيما وصف المدير التنفيذي للجمعية الفلسطينية لحقوق الانسان "راصد" عبد العزيز طارقجي ما جرى بانه "غير اخلاقي ويتوجب وقفة ضمير مسؤولة لمنع تكرار موت اللاجئين وكأن حياتهم ليس لها اي قيمة، داعيا مدير عام الاونروا في لبنان الى الرحيل بسبب الفشل". |