صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
1- الانتماء إلى العقيدة:- نجد موقف نوح مع ابنه يقول تعالى" انه ليس من اهلك إنه عمل غير صالح"وابراهيم مع ابيه قال تعالى (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) ومع آسية مع زوجها(ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين) وكذلك مصعب مع اخيه عزيز فى بدر لما ناداه إلتفت مصعب الى المسلم وقال هذا أخى دونك.
2- الانتماء الى الشريعة"-وهذا واضح جليآ فى قصة عبدالله بن رواحه لما بعثه النبى صلى الله عليه وسلم الى خيبر فجمعوا له حليآ من حُلى نسائهم فقالوا له هذا لك وخفف عنا وتجاوز فى القسم فقال"يا معشر اليهود والله انكم لمن ابغض خلق الله الى وماذاك بحاملى ان احيف عليكم.....الخ" فقالوا بهذا قامت السموات والارض.هنا انتماء لشريعه الاسلام يقول النبى صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتمونى أصلى"ويقول"خذوا عنى مناسككم"ويقول"من عمل عملاليس عليه امرنا فهو رد"ويقول تعالى"واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك"
3- الانتماء الاخلاقى"-يقول صلى الله عليه وسلم انما بُعثتُ لأتمم مكارم الاخلاق"ويقول" الاسلام حُسن الخُلق" فالتخلق بالاخلاق الاسلاميه هو انتماء الى الاسلام فى اخلاقه ولذلك استحق كل من ينتمى وينتسب لأخلاق غير المسلمين اللعن والعقاب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال وليس المسلم بالفاحش ولا البذىء وليس المسلم بالطعان ولا اللعان. (1)
ولذلك اهتم الاعداء بهذا الجانب الذى هو عباره عن ترجمه الاسلام فى الاخلاق وقالوا فى بروتوكلات اشقياء صهيون ويجب علينا ان نعمل لتنهار الاخلاق فى كل مكان فتسهل سيطرتنا ،وإن فرويد منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسيه فى ضوء الشمس لكى لا يبقى فى نظر الشباب شىء مقدس ويصبح همه الاكبر هو ارواء غريزته الجنسيه وعندئذ تنها أخلاقه.
4- الانتماء الوطنى:- وهو ان يكون الانسان منتسبا لوطنه محبآ له شريطة ألا تتعارض مصلحةالاسلام والوطن وإلا قُدمت مصلحه الاسلام. النبى صلى الله عليه وسلم ينظر إلى مكة وهو خارج منها هاربآ قائلآ "والله انك لاحب البلاد الى الله وأحب البلاد الىّ ولولا ان اهلك اخرجونى منك ما خرجت" ويأتى أصيل بالمدينه ليصف مكة فيحرك العاطفه والحنين الى الوطن فى قلب النبى صلى الله عليه وسلم فيقول له يا أصيل "دع القلوب تقر" ولما قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينه دعى اللهم حبب الينا المدينه كحبنا لمكه.
فلما قُتل هذا الانتماء الوطنى تجد من الشباب من يخرب فى المرافق العامه ويهدر اموال الدوله بل تجد جواسيس وعملاء للخارج يتأمرون على مصالح الوطن.
5-الانتماء التاريخى واللغوى:- قال تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)ويؤرخ عمر بالتاريخ الهجرى ويفرض علينا المولى تبارك وتعالى مواسم العبادات كالصوم والحج وغير ذلك ويربطها بالتاريخ الهجرى فنحن نتعبد لله تعالى به فلما غاب انتماؤنا الى هذا التاريخ غُيبنا عن تاريخنا ودولتنا وحضارتنا ونسينا انفسنا من نحن وماذا نريد. فعوده الى هذاالتاريخ انتماء للاسلام. وكذلك لغه الاسلام والتى هى من شعائر الدين ولغه القرآن"قرآنآ عربيآ"ولسان النبى صلى الله عليه وسلم"وما ارسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم"فلما انصرفنا الى لغه الغيرجهلنا القرآن واعجم لدينا كلام النبى صلى الله عليه وسلم ولا يفهم القران ولا السنه الا بلغه العرب يقول الامام حسن البنا فى الاصل الثانى من اصول فهم الاسلام والانتماء له "ويفهم القران الكريم طبقا لقواعد اللغه العربيه من غير تكلف ولا تعسف. (1)
6-الانتماء العاطفى:- يقول تعالى "لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ" ويقول صلى الله عليه وسلم"لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين" ويقول"مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد.....الحديث" ويقول"لايؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من نفسه.وهنا يقف عمر ويقول لأنت احب الىّ من اى شىء إلا من نفسى فيقول لا ياعمر فيقول الان يارسول الله لأنت احب الىّ من كل شيىء حتى من نفسى فيقول صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر". -نقول الانتماء يعنى الحب قال صلى الله عليه وسلم"اوثق عُرى الايمان الحب فى الله والبغض فى الله
7-الانتماء الحركى:-ان المجتمع الحركى الواحد لابدوان يكون له انتماء،وهذا الانتماءيعنى الانضباط يقول تعالى فى سورة النور(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)ويقول صلى الله عليه وسلم "من اطاع اميرى فقد اطاعنى ومن اطاعنى فقد اطاع الله ومن عصى اميرى فقد عصانى ومن عصانى فقدعصى الله". والسمع والطاعه وادب الاستئذان يعنى الانتماء الى الحركه فلمّا غاب عن المسلمين فكرة الانتماء الحركى وفكرة الدوله الاسلاميه(الخلافة)هاهو حالهم!!!!!!!!!
8-الانتماء الثقافى(ثقافه المجتمع المسلم):-ونعنى بها انتماء الى الفكرة ووحده التلقى لصنع المناعة الفكريه لدى المسلم لمزيد من الانتماء ؛فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر يقرأ فى صحف التوراه احمر وجهه وقال له:-"أمتهوكون فيها يابن الخطاب والذى نفس محمد بيده لو أن موسى بن عمران حيآماوسعه الا ان يتبعنى "ومع هذا امر زيد بن ثابت أن يتعلم لغه يهود.
*الانتماء سبب في الولاء: (1)
قال تعالى فى سورة الانفال"ان الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين ءاووا ونصروا اولئك بعضهم اولياءُ بعض والين ءامنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وان استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير" وقال تعالى فى سورة المائدة"انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاه ويؤتون الزكاةوهم راكعون"
*حدود الانتماء:-
الاصل فى هذا الانتماء أنه انتماء الى الاسلام قال تعالى"إن الدين عند الله الاسلام"وقال "ومن يبتغى غير الاسلام دينآ فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين"وهذه عناصر الانتماء شرعها لنا الاسلام لكن ان تعارضت هذه مع الاسلام كدين ومنهج يُقدم الاسلام اولا كل هذه العناصر المتعلقه بالدنيا قال تعالى"قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين".
*الآثار المترتبة على عدم الإنتماء:
1-(اللعن والطرد من رحمه الله). قال صلى الله عليه وسلم "من تشبه بقوم فهو منهم". وقال تعالى"يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياءُ بعض ومن يتولهم منكم فأولئك منهم".
2-(ذوبان الشخصيه المسلمه وميوعتها). قال صلى الله عليه وسلم"لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرآ بشبر وذراعآبذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قلنا يارسول الله اليهود والنصارى قال فمن" وقال صلى الله عليه وسلم لا يكن أحدكم إمعه يقول أنا مع الناس ان احسن الناس أحسنت ، وإن أساؤا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤا تجتنبوا إساءتهم" وقال صلى الله عليه وسلم "وخالفوا اليهود".
3-(كثرة العملاء والجواسيس).
4-(ضعف الامه وتكالب الاعداء عليها).قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"تتداعى عليكم الامم كما تتداعى الأكله على قصعتها . قالوا أو من قله نحن يومئذ يارسول الله؟قال لا ولكنكم كثير ولكن كغثاء السيل...........(الحديث)........يتلاعب به الامواج ضعيف غير راسخ على الارض.
5-(الاستقواء بالخارج والبراء من المسلمين). 6-(ضعف الاقتصاد والاستجداء من الخارج). 7-(ضرب الذمم ونشر الفساد والاباحيه). 8-(السماح بانتشار الكفر فى بلاد المسلمين ). "شيخ الازهر الراحل يوقع على وثيقه بحريه التنصير فى مصر".
*بواعث ودوافع الانتماء:-
قال تعالى"وعجلت اليك ربى لترضى".
2-قال صلى الله عليه وسلم "ألا إن سلعةالله غالية ألا إن سلعه الله الجنة". وقال" حُفت الجنه بالمكاره وحُفت الجنة بالشهوات"
3-الحب:- قال صلى الله عليه وسلم"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" وقال "حتى أكون أحب إليه من نفسه".
4-طلب النجاة للعالم كله:- قال تعالى"كنتم خير أمه اخرجت للناس " وقال رِبعى بن عامر لرستم"لقد إبتعثنا الله لنُخرج العباد من عباده العباد إلى عباده الله رب العباد،وم ضيق الدنيا إلى سعتها ،ومن جور الأديان إلى عدل الاسلام". قال تعالى"وما أرسلناك إلا رحمه للعالمين",
5- الوصول بالناس إلى العداه أو مايسمى بـ"العيش الكريم" وهذا ما نفهمه من كلام "رِبعى بن عامر"حينما قال"من ضيق الدنياإلى سعتها ومن جور الاديان إلى عدل الاسلام".
*وسائل غرس الانتماء:-
1-ان تتعرف على الاسلام عقيده وشريعه واخلاق.
2-وحده التلقى.
3-ان تنتسب إلى جماعه تفهم الاسلام فهمآ شاملا.
4-أن تقرأ القرآن "ورد يومى"وأن تحفظ من القرآن.
5- قراءه سيرة النبى صلى الله عليه وسلم من المولد حتى الممات.
6-توفير الامن والاستقرار فى البلاد وحاربه الظالمين.
7-تقديم الخدمات الاجتماعيه للفقراء والمحتاجين وكذلك النفسية "من دخل دار أبو سفيان فهو آمن".
8-تربيه الاولاد منذ الصغر على هذا الانتماء.
9-ان تردد يوميى صباحا ومساء عشر مرات (أنا مسلم).
10- تقديم حلول بالرؤيه الاسلاميه عمليه حل مشاكل الناس الاقتصاديه والاجتماعيه وغيرها تكون ترجمه عمليه لشعار "الاسلام هو الحل" حتى يقول الناس "أيها الناس أسلموا فإن محمدآ يُعطى عطاء من لا يخشى الفقر". وصلى الله على سيدنا محمد.
4- دور الانتماء الإسلامي في تعزيز الانتماء للوطن.
اءت الشريعة الإسلامية الغراء لتؤكِّد وتقرِّر العناية بالوطن، وضرورة الحفاظ علية بقوله تعالى:
﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 66].
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القدوة الحسنة، وهو خير مِن خير مَن يُعلمنا حبَّ الوطن والانتماء؛ فهو المعلم الأول، الذي أُوتي جوامع الكلم، يعلمنا صلوات الله وسلامه عليه أن حب الوطن من الإيمان، ولا خير فيمن لا يحب وطنه. (1)
الانتماء للوطن عقيدة راسخة في الشريعة الإسلامية، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة تؤكد ذلك الحب والانتماء للوطن.
الإسلام دين الفطرة السليمة والله - سبحانه وتعالى - يقول:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].
ومحبة الوطن طبيعة طبَع الله النفوس عليها، ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا إذا اضطرته أمور للخروج منه، وقد اقترن حبُّ الأرض في القرآن الكريم بحب النفس؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [النساء: 66].
واقترن في موضع أخر بالدين: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
هذا يدل على تأثير الأرض، وعلى أن طبيعة الإنسان التي طبعه الله عليها حب الوطن والديار، ولكنَّ لهذا الحب حدودًا يجب ألا يتجاوزها؛ لأن فوق هذا الحب حبًّا آخرَ أَولَى منه وأهم، وهو حب العقيدة والدين، فإذا ما تعارض حب الوطن مع الدين، وجَب حينئذ تقديم الأعلى وهو الدين، فبعقيدتنا وإسلامنا وتعاليمه، سوف يتحرر العقل والفكر من التخبط الناشئ عن خلو القلب من هذه العقيدة، وتكسب النفس الراحة، فلا خلْط ولا اضطراب في الفكر والسلوك، ولا تحوُّل نوعي في الفكر، ولا انحراف في السلوك الجماعي أو الفردي، ويمكن عندها بناء مجتمع قوي بعقيدته، ثم بمجموع أفراده؛ حيث عندها يدرك كل منهم ماذا تعني المواطنة، وماذا يعني الانتماء إلى وطنه؟
الوطن هو الأم؛ لأنه الحب والعطاء، وهو الأمن؛ لأن نسيمه عبير الحرية، وهو الأمان؛ لأنه يصون الكرامة ويحفظ الحقوق، ويحافظ عليها؛ فالوطن حقوق وواجبات، وفاء وتضحيات، عدل ومساواة.
إن العلاقة بين المواطن ووطنه علاقة جدلية حميمة، تجد جذورها في الوِجدان والعاطفة، كلاهما بحاجة إلى الآخر؛ المواطن بحاجة إلى وطن يقدم له الحماية، ويصون له حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية، والوطن بحاجة إلى مواطنين يدافعون عنه ويحمونه ممن يريدون به سوءًا، هذه العلاقة الجدلية إذا أخذت مسارها الصحيح، تجعل المواطن مهما كانت مشاربه وتوجُّهاته الفكرية والثقافية والسياسية، مستعدًّا بالفطرة للدفاع عن وطنه.
إذا كان حب الوطن عاطفة تَجيش في النفوس - شأنها في ذلك شأن سائر العواطف الأخرى - فإن الشرع الإسلامي جاء ضابطًا للعواطف؛ ليحدد مسارها، ويُحسِّن توجيهها؛ لتعمل في ميدانها السليم دون تقصير أو زيادة.
المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان، أمرٌ غريزي، وطبيعة طبع الله النفوس عليها، وحين يولد الإنسان في أرض، وينشأ فيها - فيشرب ماءها، ويتنفس هواءها، ويحيا بين أهلها - فإن فطرته تربطه بها، فيحبها ويواليها، ويكفي لجرْح مشاعر إنسان أن تشير بأنه لا وطنَ له، لقد فطر الله تعالى الناس على حب المال والأهل والولد، والأوطان وغيرها؛ حتى يَعمُروا الأرض التي جعلهم مستخلفين فيها، وبيَّن تعالى أن الغاية مِن خلْق الخلق هو عبادته وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]. |