صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
لقد اصبح مفهوم التسامح اليوم من اكثر المفاهيم حضوراً بعد الحوادث المفجعة التي مر بها العالم وقد تم عقد جملة من المؤتمرات واللقاءات والندوات في الآونة الأخيرة حيث تم إعلان سنة 1995 سنة دولية من اجل التسامح، وعهد لمنظمة اليونسكو بإعداد وثيقة إعلان مبادئ حول التسامح وأقيمت عدة لقاءات ومؤتمرات وندوات وقيام حملة إعلامية حول أشكال اللاتسامح الجديدة في العصر الحديث بهدف تعزيز التفكير الأخلاقي في سبيل تجنب الآثار السلبية للحداثة وانعكاساتها على الثقافات والمجتمعات المعاصرة. يتأسس الخطاب العالمي المعاصر حول التسامح على مبادئ حقوق الإنسان، حيث ورد في البند الأول من وثيقة إعلان المبادئ حول التسامح الصادرة عن اليونسكو في 16 تشرين الثاني 1995 على أن معنى التسامح:
أولا: الاحترام والقبول يتنوع واختلاف ثقافات عالمنا، وهو ليس مجرد واجب أخلاقي ولكنه أيضا ضرورة سياسية وقانونية وهو فضيلة تجعل السلام ممكنا عالميا وتساعد بالتالي على استبدال ثقافة الحرب بثقافة السلام.
ثانيا: اعتبار التسامح ليس تنازلا أو مجاملة للآخر، بل هو قبل كل شيء موقف يقوم على الاعتراف بالحقوق العالمية للشخص الإنساني والحريات الأساسية للآخر، ولذلك فإن التسامح ينبغي أن يطبق من طرف الأفراد كما من طرف الجماعات والدول.
ثالثا: إن التسامح هو مفتاح حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية ودولة الحق.
رابعا: أن تطبيق التسامح يعنى ضرورة الاعتراف لكل واحد بحقه في حرية اختيار معتقداته والقبول بأن يتمتع الآخر بالحق نفسه كما يعني أيضا أن لا احد يعمل على فرض آرائه على الآخر.
إن هذا التصور الثري لمفهوم التسامح الذي يربط بين حقوق الإنسان والسلم والديمقراطية يمكن أن يتسع ويتمدد ليصبح جزءا من الثقافات العالمية بحيث تسهم في ثقافات مختلفة مساهمة ايجابية في ظل وجود قدر هائل من العنف والتعصب والاستبداد.
لقد غدا الوضع الإنساني المعاصر، عموماً، محكوماً بالتعايش والنزاع في الوقت نفسه. وهو الوضع الذي يقتضي مقداراً كبيراً من التسامح. ففي المجتمعات المتعددة الثقافات التي تحفل بالاختلاف في أنماط المعيشة والتفكير، وتنطوي على تنوع كبير في الآراء والعقائد، يحتل مفهوم التسامح أهمية مركزية. إذ لا معنى للتسامح في أوضاع المماثلة والنمطية في الأفكار والعقائد.
من هنا يؤكد راينر فورست في كتابه “التسامح في النزاع” على الارتباط العضوي بين التسامح والتنازع، مشيراً إلى أن التسامح ينبثق عن التنازع ويولد من رحم النزاعات البشرية.
لا يمكن عدّ التسامح قيمة أخلاقية مجردة ومطلقة، منفصلة عن التاريخ والتطور. وهو ليس مجرد مبدأ يرنو من خلاله الإنسان إلى التعالي على تناقضات الواقع القائم، وإنما يتوقف معناه على ثقافة العصر السائدة وعلى علاقاته الفعلية. وإذا ما فصلنا مفهوم التسامح عن سياقه التاريخي وعزونا إليه وجوداً مستقلاً عن التاريخ فإن من شأن ذلك أن يفقده كل قيمة إنسانية وعملية.
لم يرقَ مفهوم التسامح إلى مستوى المفاهيم الفلسفية المتماسكة إلا في إطار الصراع بين فكر الأنوار والكنيسة المسيحية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. ولكنه قبل هذا الزمن بكثير كان موضوعاً للتأملات الفلسفية والوصايا الدينية والأخلاقية.
إن مقولة سقراط الذائعة “إني أعرف شيئاً واحداً هو أني لا أعرف شيئاً” تكرّس لوعي التسامح عبر إقرار عميق بالتواضع العقلي الذي يحتمل القبول برأي الآخر والاختلاف معه في آن. يؤشر التسامح على الموقف من آراء الآخرين وعقائدهم ومصالحهم. كما يعكس مقدرة المرء على التعايش مع عاداتهم وأنماط السلوك لديهم. وتبرز الحاجة إلى التسامح بهدف الوصول إلى التفاهم والاتفاق حول المسائل الخلافية ووجهات النظر المتباينة، وبغرض الخروج على المصالح المتعارضة من دون اللجوء إلى القسوة أو العنف أو الإقصاء. لكن السؤال الذي يظل قائماً هو: هل التسامح يعني أن نتسامح مع غير المتسامحين؟
التّسامح يعني العفو، وعدم ردّ الإساءة بمثلها، طواعية وبكامل الإرادة، ويدلّ على تقبّل اختلاف الآخر سواءً بالعرق أو العقيدة أو الاتجاه الفكريّ، والاستعداد للإنصات لرأيه، كما يدلّ هذا المفهوم على التفاهم الجماعي المتبادل بين مختلف الشعوب والمجتمعات والثقافات والأديان، ويعبّر عن رفض مفاهيم التعصّب والإقصاء والاستعلاء العرقي والاجتماعي، والتسامح مظهرٌ راق من مظاهر المجتمعـات المتحضرة، وركيزة أساسيّة من ركائز حقوق الإنسان، والحريات الإنسانيّة العامّة. وللتسامح أنواع عدة مثل: التسامح الديني التسامح الفكري التسامح السياسي وغيرها من الأنواع، وله يوم عالمي يُحتفل به (اليوم العالمي للتسامح) يصادف 16 نوفمبر/ تشرين الثاني من كلِّ عام.
يعتبر التّسامح مفهوماً أخلاقياً واجتماعياً ذا قيمة كبيرة، وأحد أهمّ المبادئ الإنسانية السامية، التي لا ترتبط بدين أو جنس أو ثقافة معيّنة، والتّسامح اصطلاحاً؛ يعني العفو، وعدم ردّ الإساءة بمثلها، طواعية وبكامل الإرادة، ويدلّ على تقبّل اختلاف الآخر سواءً بالعرق أو العقيدة أو الاتجاه الفكري، والاستعداد للإنصات لرأيه والسماح له بالتعبير الحرّ عن أفكاره ومواقفه، واحترام ثقافته وقيمه وأساليبه الخاصة في الحياة، كما يدلّ هذا المفهوم على التفاهم الجماعيّ المتبادل بين مختلف الشعوب والمجتمعات والثقافات والأديان، ويعبّر عن رفض مفاهيم التعصّب والإقصاء والاستعلاء العرقي والاجتماعي،
كما أنّ التسامح مظهرٌ راق من مظاهر المجتمعـات المتحضرة، وسبيل أمثل لحماية العلاقات الاجتماعية وتماسكها، وجعلها أكثر قبولاً للتعايش السلميّ، في ظلّ اختلاف البشر في ألوانهم وأعراقهم ومعتقداتهم، وهو -أيضاً- ركيزة أساسيّة من ركائز حقوق الإنسان، والحريات الإنسانيّة العامّة، وأسلوب للوصول إلى عالم خالٍ من الخلافات والصّراعات والانتهاكات. تجمِع الأديان السماوية على أهميّة فضيلة التسامح، كوسيلة للتعايش السلميّ بين أفراد الأسرة البشرية، وتعتبرها من أقدس القيم التي بعثَت لتحقيقها، وأكدت أهميتها وأثرها في صلاح الأفراد والمجتمعات والأمم، فقد دعا إليها جميع الرّسل والأنبياء والمصلِحين، واعتبروها زينة الفضائل كلّها، فالتسامح مرتبط جداً بالتقرّب من الله وتجسّد فعليّ لمعاني الدعوة إلى الخير والعدل والسلام، والتّعايش الحقّ بين الأديان هو من أجل الذات الإلهية، ثم لخدمة الحياة الإنسانيّة الكريمة، وتحقيق المبادئ الإنسانية العليا.
والجدير بالذكر أن التّعايش بين الأديان هو تعايشٌ ثقافيّ وحضاريّ أيضاً، يهدف إلى خدمة الأهداف السّامية الّتي يعيش لأجل تحقيقها الإنسان. إن دعوة النصّ القرآنيّ إلى التسامح في مواقع كثيرة، ثم مجموعة أحداث السيرة النبوية بهذا الخصوص، وما يزخر به الفكر والتاريخ والتراث الإسلامي من نماذج في تعايش المسلمين مع أصحاب الأديان الأخرى، دليلٌ على أنّ الإسلام دينُ رحمة ومحبّة وتعايش، وتأكيدات لمعاني التسامح، وضرورته كشرط أساسيّ لبناء المجتمع الإنساني الذي ينظر الإسلام إلى أفراده على أنّهم أسرة واحدة.
إنّ الشعوب والأمم العظيمة هي التي تدرك أنّ سرّ قوّتها في محبّة أبنائها وتسامحهم فيما بينهم، فتحمي بذلك مجتمعاتها ومكتسباتها، وتصنع لأجيالها حاضراً ومستقبلاً أفضل، بل تشكّل -من خلالها- جسوراً متينة بين مختلف الثقافات والحضارات، فالتسامح والمحبة والسلام وروح التعايش المشترك بين أبناء الوطن، على اختلاف عقائدهم وثقافاتهم وطبقاتهم الاجتماعية، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان بمختلف أشكالها، هي تعبير عن الإنسانية وطريق ليسود العدل والحرية والمساواة.
والتسامح لا يأتي من أجل الآخرين فقط، بل هي تطهير من الأخطاء، فقد أكد بعض علماء النفس أهمية الرضا عن النفس -كنتيجة من نتائج التسامح- في علاج الكثير من الاضطرابات النفسية، وأكد آخرون أنّ الأشخاص الأكثر سعادة هم الأكثر تسامحاً مع غيرهم |