صنعاء نيوز/ بقلم : سري القدوة -
لقد شكل انطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في يناير 1965، ولادة حقيقية لحركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة بعد النكبة، لتعيد الفتح الاعتبار لهوية الشعب الفلسطيني وشخصيته الوطنية، وتلفت كل الأنظار إلى القضية الفلسطينية وعدالتها ومكانتها بين حركات التحرر العالمية، واستندت الحركة في انطلاقتها للفكر الوطني الحر المستقبل الذي عبر عن اماني وتطلعات الشعب العربي الفلسطيني، فلم تكن الحركة تابعة لأحد ونبعت فكرتها من مجموعة من شباب فلسطين الذين اتكلوا على الله وعملوا بصمت من اجل فلسطين والقضية الوطنية لترسم الفتح معالم الطريق للأجيال وتعيد الامال المفقودة وتنطلق من اجل تحرير فلسطين، وتستند حركة فتح في مبادئها على أن فلسطين أرض للفلسطينيين جميعاً، وهي أرض عربية يجب على كل أبناء العروبة المشاركة والمساهمة في تحريرها وبلورت برنامجها النضالي الذي اهتم بتعبئة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وطبقاته وأماكن تواجده، وتجنب الصراع الطبقي والفئوي والطائفي والإقليمي والأيدلوجي، وتركزت مبادئها الثورية العمل على استعادة الهوية الفلسطينية للأرض والشعب، وعلى أهمية ترسيخ استقلال الإرادة الفلسطينية، وتتطوير ارتباطها بالأمة العربية، واستقطاب دعمها وحمايتها، وبدأت فتح بعدها في الإعداد لانطلاق من خلال تفعيل العمل الوطني لترسم معالم فلسطين وتتشكل خارطة الوطن وترتفع راية الحرية والاستقلال .
انطلقت فتح كحركة للتحرر الوطني للشعب الفلسطيني، وثورة تستهدف تنوير الشعب الفلسطيني وتوحيده وتنظيمه وتحرير إرادته لكي يأخذ زمام قضيته، فيدفعها من الجمود إلى الحركة لإنهاء الاحتلال والاستيطان، وإعادة اللاجئين إلى وطنهم، ونأت الحركة في ثوابتها عن تبني فكر حزبي أحادي ضيق باعتبارها حركة تحرر وطني تمثل الشعب بجميع طوائفه وطبقاته وقطاعاته كافة وفتحت الباب أمام تيارات سياسية وفكرية للانتماء إليها لتضم الجميع ولتعبر عن ارادة الشعب الفلسطيني الحر بكل توجهاته الفكرية ومشاربه الايدلوجية .
وعمليا كانت حركة فتح أول حركة وطنية فلسطينية تتشكل بعد سنة 1948 اي بعد النكبة وتضم الطليعة الثورية من مشارب فكرية وعقائدية مختلفة، إذ هي دعت الحزبيين الفلسطينيين إلى التخلي عن انتماءاتهم الحزبية والانضواء تحت راية حركة «فتح» بصفتها حركة تضم الجميع وتحتوى على الكل الفلسطيني المؤمن بتحرير الوطن من خلال ذلك تبلورت فكرة الثورة للجميع لتطور لاحقا وتتضاعف الجهود في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، فالثورة الفلسطينية كانت فلسطينية في الأصل، عربية في تطورها وعالمية في ابعادها وأهدافها الانسانية واقتداءً بتجارب بعض الثورات ولا سيما بتجارب الثورات الجزائرية والفيتنامية والكوبية، وعملت حركة فتح على الاعتماد الاساسي على الجماهير الفلسطينية من اجل صياغة واقع الثورة والكفاح لتقدم الشهداء وتستمر المعركة من اجل فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية والقدس عاصمتها.
بعد قيام دولة الاحتلال الاسرائيلي باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في حزيران/يونيو 1967، عززت حركة فتح من تواجدها بين الجماهير لتنطلق مسيرة الكفاح الوطني الشمولي حيث عملت الحركة مع الجماهير الفلسطينية من اجل المساهمة الفاعلة في تحرير فلسطين وتفعيل برنامجها السياسي، وقد امنت الحركة بضرورة التفاعل مع معطيات وتوجهات ومواقف المجتمع الدولي وعززت من مكانة منظمة التحرير الفلسطينية لتمثل الكل الوطني الفلسطيني وتعزيز الهوية الفلسطينية وتدعيم قيام الدولة الفلسطينية على ارض الواقع وفقا للإعلان التاريخي في الجزائر من قبل المجلس الوطني الفلسطيني قيام دولة فلسطين فهذا التاريخ الوطني كتب بأحرف من نور لتنير مسيرة الكفاح الوطني للأجيال من اجل الحرية والاستقلال وتقرير المصير .
سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]