صنعاء نيوز سعيد الشرعبي -
-
ما تشهده اليمن من تداعيات من شأنها أن تلقي بظلالها على دول الخليج العربي بصورة مباشرة أو غير مباشرة, فما يحدث للمنطقة واليمن جزءا أساسيا منها يجعل (الرياض) في واجهة استحقاق الأحداث على ضوء الحضور (الإيراني) الواضح والشفاف في تداعيات أحداث (البحرين) والمنطقة من فلسطين مرورا بمصر والمغرب العربي وصولا لمنطقة الخليج واليمن, وأن كانت اليمن وتبعاتها تعد محور اهتمامنا ومعها منطقة الخليج وفي المقدمة المملكة العربية السعودية التي نتأثر بمواقفها وتتأثر بأحداثنا.
فأن ما تعيشه اليمن يتطلب حضورا أخويا سعوديا واضحا ودون لبس لأن الدخان الذي يتصاعد في صنعاء سيجد طريقه حتما إلي سماء (الرياض) وهذه المعادلة التاريخية ليست وليدة اليوم ولكنها حصيلة تناغم تاريخي صنع بحكم الشراكة الجغرافية وبحكم خصائص المكونات الاجتماعية والحضارية والثقافية, صنعت هذه المكونات التاريخية نوافذ جلب مشتركة تعكس تداعياتها أحداث (صنعاء - والرياض) بطريقة يصعب معها حماية صنعاء من أحداث الرياض والعكس.
ويدرك الأخوة الأشقاء في المملكة هذه الجدلية منذ زمن موغل فاليمن تعد مصدر استقرار لكل من منطقة الخليج وخاصة المملكة بحكم الترابط الجغرافي كما هي مصدر لاستقرار منطقة القرن الإفريقي وما قد تنتج عنه تبعات الراهن اليمني من تطورات فأن هذه التطورات سوف تلقي بظلالها على التخوم المجاورة لليمن ومن ثم يصعب أن نؤطر الأحداث أو نختزلها إذا ما قدر الله وراحت في اتجاهات الفوضى والتمدد باتجاهات تتجاوز نطاق المربع الجغرافي لليمن وهذا الفعل يصعب السيطرة عليه.
لذا فأن الأشقاء في المملكة مطالبين بدور فعال وواضح في تقريب وجهة نظر فرقاء المشهد اليمني بحكم تأثيرها لدى هؤلاء الفرقاء وبحكم ثقلها التاريخي ومكانتها الروحية وبحكم دورها باعتبارها المرجعية المحورية للعرب في ضل غياب محاور التأثير العربية الفاعلة مثل (مصر) فيما العراق جميعنا نعرف وضعها، وبالتالي لم يعد هناك ثمة محور عربي فاعل غير محور (الرياض).
وللرياض مع اليمن خصائص وحقائق وشراكة يصعب تجاهلها لآن كل ما يحدث في اليمن يلقي بظلاله على المملكة وكل ما قد يحدث في المملكة لا قدر الله يلقي بتبعاته على اليمن في ظل هذه الفوضى التي تعصف بالمنطقة ويدفع ثمنها النظام العربي الرسمي والمجتمعات العربية الشعبية فيما هناك أطراف متربصة ترصد وتجني ثمار الأحداث بطريقة جد سافرة وتصل حد الوقاحة بعد أن غدى التدخل بشئون العرب والتحريض على استقرار (موضة) تمارسها محاور إقليمية ودولية وهي محاور تدعي العداء فيما بينها لكنها تجاه استهداف العرب تبدو مصالحهم متقاطعة وتكمل بعضها..؟
لست ملزما بتوضيح مواقف (إيران) من مجمل المستجدات العربية والأحداث التي تعيشها العواصم العربية لكني بالمقابل فقط ألفت نظر الأشقاء في المملكة بما توجهه اليمن وما يتعرض له استقرارها من مؤامرة لم تعود خافية على أحد وأن بداء المشهد وكأن هناك تباين يمني أطرافه (سلطة ومعارضة) بل في خلفيات المشهد هناك حقائق مرعبة ومخطط أن نجح في استدراج اليمن إلي مساره فلن يسلم الأشقاء في المملكة من (غباره).
وعليه أتمنى على الأشقاء وقفة جادة مع اليمن ومع أمنها واستقرارها حتى لا تكون التبعات كارثية على الجميع وحتى لا تتسع دائرة (الفوضى) وحتى لا تجد (الرياض) نفسها تواجه (حراب) الاستهداف على خاصرتها من اتجاهين (اليمن والبحرين) وهذا ما تؤشر إليه معطيات الأحداث الراهنة، وما يصدر عن بعض المؤسسات (الإيرانية)، وما تكشفه تقارير مراكز الدراسات والأبحاث الأمريكية التي تتناول الأوضاع الراهنة في المنطقة ويدرك قطعا الأشقاء في (الرياض) هذه الحقائق والنوايا التي تبيتها بعض الأطراف المحورية إقليميا ودوليا, إذا ما أدركنا أن موقف الأشقاء في (الرياض) من المشهد (البحريني) قد يجعل الأطراف الدافعة لتداعيات البحرين والمغذية لها تعمل على استهداف المملكة من نوافذ أخرى.
وبالتالي وتجنبا لكل هذا واستباقا لما قد يرتب من قبل هذه الأطراف المحورية فأن الأشقاء في المملكة مطالبون بوقفة جادة ومسئولة مع اليمن وأن يساهموا بفعالية في احتوى أطراف الفعل فيها عبر استغلال علاقتها مع جميع الأطراف والتقريب فيما بينهم بحيث تتبلور رؤية توافقية تعيد الاستقرار للخارطة اليمنية وتوحد خيارات ومواقف الأطراف اليمنية لما يخدم أمن واستقرار وطنهم بعيدا عن المغامرات.
فالدعم السعودي تحديدا بكل جوانبه مطلوب وبسرعة للنظام في اليمن وبما يمكنه من تجاوز الأزمة الراهنة وخلق فرص للتوافق عبر ترجمة مبادرة الأخ رئيس الجمهورية وهي تمثل قاعدة أساسية لأي حوار وطني يمني لكن المطلوب دورا سعوديا في دفع مختلف الأطراف للجلوس على طاولة الحوار وتفنيد مبادرة الأخ الرئيس والاتفاق على آلية لتنفيذها وترجمة نصوصها واقعيا وعمليا..
أقول هذا وأناشد الأشقاء في المملكة مستبقا كل الأحداث وأنا أقف أمام ما تعرضت له السودان وكيف تجاهل (مصر) ما يحدث في السودان, ثم ما آلت إليه أخيرا الأوضاع في (مصر) التي أدى تخلفها عن دورها الحضاري إلى انعكاس تبعات ذلك التخلف على وضعها الداخلي لتخرج من جميع معادلة الفعل وهذا طبعا لن يحدث مع المملكة حيث الوعي والحكمة والقدرة ولكن فقط سردت هذا المثل من باب التأكيد على أهمية دور ومكانة المملكة وتأثيرها على خارطة الأمة.. والله المستعان.