صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
غير أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هنالك قاسما مشتركا بين كل هذه التجارب
المشار إليها آنفاَ هو أن كل الجماعات الترابية تتمتع بحرية القرار وإمكانية
personnalité juridique تطبيقه عن طريق التمتع بالشخصية الاعتبارية
الشيء الذي يسمح لها بأن تمتلك autonomie financière والاستقلال الذاتي المالي
الاختصاصات. والإمكانيات للقيام بالمهام المَنُوطة بها وتسوية قضاياها الخاصة
المغرب مر بمراحل كانت للمركزية الكلمة الفصل، إلا أن هذه المرحلة أصبحت
متجاوزة منذ بداية الاستقلال حيث أن الدولة نهجت سياسة إرادية وتطوعية
إذ انطلقت المرحلة évolutive وتدخلها كان متعمداً بناء على سياسة تطورية
الأولى نقول بأنها هيكلية لبناء اللامركزية سنة 1960 ، بصدور ميثاق التنظيم
الجماعي تلتها بعد ذلك مرحلة ثانية انطلقت سنة 1976 تميزت على الخصوص
بصدور قانون جديد عرف بظهير 30 شتنبر 1976 ركز على توسيع الاختصاصات
جاء بعده القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي في صيغة جديدة والذي
عدل بقانون 17.08 بتاريخ 18 فبراير 2009 إلا أن سنة 2011 عرفت منعرجا
جديدا. حمل في طياته مفهوما جديا وجديدا لحرية أوسع للجماعات الترابية
القوانين التنظيمية الجديدة تعتبر الإطار القانوني والمؤسساتي لِلّامركزية والتي
14 الصادرة في 2015 اللبنة الأولى - 113 - 112 - تشكل القوانين التنظيمية 111
وبالتالي فإن تسارع الأحداث في زمن جد قصير يبين بلورة لما تعرفه الساحة
السياسية في المغرب والرغبة في الدفع بعجلة اللامركزية المتقدمة إلى آفاق أوسع.
لامركزية أدت إلى حذف الوصاية القبلية حيث أن قرارات المجالس الترابية أصبحت
قابلة للتنفيذ ولا يمكن إيقافها إلا عن طريق القاضي الإداري كما أن الجهة تمت
ترقيتها إلى مستوى جماعة ترابية كما هو الشأن للأقاليم بناء على الفصل 135 من
الدستور.
اللامركزية لا تؤثر فقط على السلوك السياسي والاقتصادي والتنموي للمجموعة
التي يعهد لها على المستوى اللامركزي للقيام بأمور تَهُم الجماعات الترابية ولكن
كذلك حتى على المستوى المؤسساتي التي تمارس من خلالها الاختصاصات حيث
أنها لا تبقى رهينة بمحيط لما يسمى بالجماعة الترابية واختصاصاتها الإدارية
اليومية، بل تقوم أولا بتكوين نخب سياسية وإدارية تتكفل بالجانب الإداري
ونخبة سياسية تساهم في بلورة السياسة الاقتصادية على المستوى المحلي والجهوي
بل وتساهم حتى على المستوى الوطني ومن جهة أخرى تقوم بخلق مؤسسات
تابعة لها تشكل في الواقع رافعة للاقتصاد المحلي وذلك نتيجة للاختصاصات التي
يخولها. القانون للجماعة الترابية وبالأخص الجهة
وبالتالي تصبح الجماعة الترابية قادرة وقابلة لتقييم مؤهلاتها الاقتصادية
وكفاءاتها على التدبير لهدف واحد هو تنمية الجماعة الترابية ولتنمية الجماعة
الترابية يجب خلق أنشطة اقتصادية التي لا تُدر دخلاً فقط ولكن تكون مصدراً
لخلق. مناصب شغل
في الواقع اللامركزية تم تبنيها من طرف الدول الغربية الرأسمالية كجواب على
الأزمات التي واجهتها هذه الدول سواء تعلق الأمر بالأزمة الاقتصادية لسنة 1929
أو الأزمات التي عرفتها هذه الدول منذ الحرب العالمية الثانية والتي تعتبر إيذانا
بإعادة النظر في النماذج التي ترتكز عليها اقتصاديات هذه الدول والتي ترتكز على
والبيروقراطي بناء على ذلك ظهرت قواعد لعبة جديدة centralisé التدبير المركزي
في تدبير الشأن العام. هذه القواعد تمت إعادة تعريفها وتحديدها من أجل إيجاد
صيغة مثلى للعلاقات التي تربط الدولة بالمجتمع المدني وبالتحديد بين الدولة
والمجتمع المحلي إن صح التعبير. هذا موازاة مع ظهور مجالات لتنازع أفقيا توجد
خارج الإطار الكلاسيكي للعلاقات بين الدولة والجماعات الترابية لاسيما الجهة
،remodelage sociétal مما جعل من عملية إعادة صياغة للقالب المجتمعي
عملية تحمل في طياتها الكثير من المفاهيم الغير الواضحة والمبهمة والمشكوك
في مضامينها. لعل الأزمة التي تعرفها فرنسا مع جهة كورسيكا أو بريطانيا مع
اسكتلاندا. أو إسبانيا حالياً مع كاطالونيا خير دليل على ذلك
لكن ما نريد الإشارة إليه هو هل أن عملية الجهوية يمكن أن توقظ مطالب
جديدة وحقيقية للتغيير أو للحكم الذاتي؟ لأنه لا يمكن إغفال ما يمكن أن نسميه
الناتج عن عملية إعطاء الطابع المؤسساتي l’effet boomerang الارتداد العكسي
للهياكل الجديدة والذي من شأنه أن يساهم في تنمية تعبئة المحيط الخارجي أو
فيه... يتبع la périphérie المحيط
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.
[email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/