صنعاء نيوز فهمي شراب * -
فقط الدور او الواجب الانساني الذي يدعي الغرب بانه يجب ان يقوم به تجاه الانسانية وتجاه العالم الثالث، فالقضية الفلسطينية تعتبر قضية مركزية لدى امريكا و دول الاتحاد الأوروبي كافة لما تمثله هذه القضية من تداخلات وإشكالات معقدة في كل المنطقة، و كونها أصبحت لها طابع دولي واهم قضية عربية وأم القضايا لدى العالم الإسلامي، وفي العديد من استطلاعات الرأي اعتبرت قضية فلسطين قضية داخلية لعديد من الدول العربية مثل جمهورية مصرية العربية والأردن.
ويدعم الغرب إسرائيل منذ منح بريطانيا اليهود 'وعد بلفور' وبما ان لا انفكاك بين اليهود والفلسطينيون بسبب التداخل الجغرافي الجديد الذي فرضته قوة البطش الصهيونية، فهو يعتبر فلسطين مهمة، وحضوره في العملية السلمية مدخلا لعلاقات طيبة مع الدول الإسلامية الأخرى وخاصة المصدرة للبترول، و يحبذ إقامة علاقات متوازنة مع الطرفين حيث اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين وهناك حديث هام حول اشراك حماس في القريب العاجل في الحياة السياسية ورفع الحظر عنها. وذلك لانه يعلم بان توقف المسيرة السلمية ووصول المفاوضات الى مرحلة اليأس سوف لن يكون في مصلحة اسرائيل كما ان الغرب لا يستطيع ان يتوقف عن دعم الفلسطينيين حتى لا تصل الحياة لمرحلة الاعودة ومرحلة اليأس وحتى لا يثور الشعب الفلسطيني متحدا ضد الدولة الصهيونية وهذا هو ما اريد ان اصل اليه عندما عنونت مقالي ب "حديث الانقسام" ، فالوحدة تعتبر درجة متقدمة من النضال والجهاد ضد الدولة الصهيونية والتحرير.
وبالحديث عن الانقسام، لا يعتبر مجديا النبش في مسببات الانقسام وتوجيه اصابع الاتهام ضد اي طرف، فالكل مدان وخاصة في التسبب على الاقل في اطالة امد الانقسام ومؤسسته وهذا الامر الخطير. قلنا في كثير من المقالات بان كل يوم يمر يجعل من امر الوحدة الوطنية امرا صعبا. حيث لدينا دولتان صغيرتان بمؤسسات مستقلة والخوف ان تتبادلا السفراء بعد فترة ليست بطويلة.
بعد هذا التقديم و هذا الإدراك لحقيقة المأساة الفلسطينية التي نعيشها، اقول سنحتاج لمعجزة من اجل الخروج من هذا الواقع المأزوم، وبشكل ابسط نحن نحتاج للوصول أولا لمرحلة الصفر من اجل انطلاقة صحيحة.
لا اقلل من شأن الخروج في مظاهرات سلمية منددة بالانقسام، ولا بثورة 15 اذار- ، ولا خوف من اندلاع اي مصادمات اذا ما تكرر الخروج يوميا او اسبوعيا .. فالشعب يريد حقا انهاء الانقسام ,ولا يريد ان يسقط فتح ولا حماس، وقد حمل السلم طويلا لكي يساعد القادة على النزول بهدوء من اعلى شجرة السلطة لذيذة الثمار،، وللاسف لن يفيد كثيرا هذا الخروج في انهاء الانقسام حتى لو استقدمنا اربعة او خمسة شعوب اخرى تتضامن وتخرج معنا في الشوارع، فالامر كله بيد الله ثم بيد اكبر الفصائل الفلسطينية، فهي التي بيدها الحل والعقد، وهي التي في جلسة واحدة ودية تنهي الانقسام، وخاصة اذا تواجدت النية الصادقة وحسن الاستماع للشعب الفلسطيني بجميع فئاته وطبقاته، ولكن للاسف وضمن شجون المصالحة لا اعتقد بانها تفرط فيما اكتسبته عبر السنين الاربعة الفائتة وخاصة انها ما زالت متعطشة للسلطة.
هذا الواقع المأزوم لم يكن يتمناه أي فلسطيني وطني حر، وهذا يحتم أن تتضافر جميع الجهود، من اجل إتمام المصالحة الفلسطينية، وبعد ذلك، وان تمت المصالحة، والتي أراها بعيدة التحقق بسبب عوامل داخلية وعوامل خارجية، فنحن أمام أزمة جديدة اكبر وأعمق وهي الاصطدام بالواقع الدولي الذي يريد أن يفرض إرادته وشروطه على جميع الأطراف الفلسطينية، ويحدد من يبقى في الحكم ومن يخرج من الحكم، بشكل انتقائي جائر، الأمر الذي سوف يتطلب إما تغير في طرف من الأطراف الفلسطينية ليتواءم مع المطالب الدولية و ليفقد بالتالي هذا الطرف الفلسطيني المبرر الذي يقوم عليه، ويستمد شرعيته منه، إما تغير في اللجنة الرباعية وشروطها المنحازة لإسرائيل، وهذا الأخير شيء ليس مستحيلا بل يتحقق مع الوقت وحسن استخدام أدوات القوة المتاحة ، والحديث بصوت واحد و يحتاج لجهد جماعي وتوافق وطني فاعل وهذا الأمر الأخير غير متوقع في الوقت الراهن لعديد من الأسباب سنتحدث عنها مفصلا في مقال قادم. |