shopify site analytics
بيان صادر عن القيادات القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بشأن سوريا - ‏كيف يقدّم الحوثيون طوق نجاة أخلاقي لإسرائيل؟ - خروج مليوني بالعاصمة صنعاء في مسيرة "ثابتون مع غزة العزة - جامعة ذمار تنظم وقفة احتجاجية تنديداً بالجرائم الصهيونية - مسيرة طلابية لطلاب كلية الطب بجامعة ذمار - نزلاء الإصلاحية الاحتياطية بمحافظة صعدة ينفذون وقفة تضامنية مع غزة - تفقد وكيل مصلحة الجمارك سير العمل بمكتب ذمار - اليمنية تؤكد استمرار رحلاتها عبر مطار صنعاء - وزير النقل والأشغال بصنعاء: سيتم استئناف العمل بمطار صنعاء وميناء الحديدة اليوم - 7 شهدا حصيلة العدوان الصهيوني على اليمن -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - 
بعد أيام قليلة تُطِــلُّ الحربُ باليمن التي اعلنت عنها المملكة العربية السعودية مِــن واشنطن في أذار مارس 2015م  باسم عاصفة الحزم

الإثنين, 29-مارس-2021
صنعاء نيوز/ صلاح السقلدي -

بعد أيام قليلة تُطِــلُّ الحربُ باليمن التي اعلنت عنها المملكة العربية السعودية مِــن واشنطن في أذار مارس 2015م باسم عاصفة الحزم بدعوى إعادة الحكومة الشرعية الى سُدّة الحُــكم بصنعاء برأسها على عامها السابع دون أن تلوح بالأفقِ أية مؤشرات حقيقة وجادة لتوقفها أو لحسمها عسكريا لمصلحة طرف مِــن أطراف الصراع برغم طولة مدتها وحجم الخسائر البشرية المروعة والدمار الهائل الذي يأتي على كل شيء في البُــنية التحتية والاقتصاد ويطال مُــجمل الصُعد، وضربَتْ ( الحرب) النسيج الاجتماعي في الصميمِ في بلدٍ هو في الأصل مُــنهكُ الحال ممزق الأوصال إلى حدٍ كبير… فهذه الحرب أتتْ مِــن رحمِ إرهاصات ومتغيرات سياسية وفكرية حادّة شهدتها اليمن والمنطقة العربية خلال الربع قرن الماضي، وتحديداً بعد حرب 1994م التي أطاحت بالمشروع الوحدوي الطموح بين دولتيّ اليمن الشمالي والجنوبي عام 1990م.. ففي ذروة الصراع الذي نشبَ بين حزب التجمع اليمني للإصلاح” ذو التوجه الإسلامي” وحزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة رئيسه ورئيس الدولة حينها الراحل علي عبدالله صالح بعد أن أخــرَجَ هذا الأخير حزب الإصلاح مِــن السُــلطة على إثر خسارة الحزب للانتخابات النيابية عام 1997م عمَـدَ صالح للتقرب من جماعة الحوثيين -شمالي البلاد- التي كانت في طور التشكّل، وذلك لكسب ودهم ومواقفهم في معركته السياسية مع حزب الإصلاح مستفيدا من الخلاف الايدلوجي العميق بينهم وبين حزب الإصلاح المحسوب على حركة الإخوان المسلمين الدولية، ومشجعا حينها ما كانَ يُـــعرف بتيار “حركة الشباب المؤمن” التي شكّــلت نواة الحركة الحوثية” أنصار الله”، وكان لصالحٍ ما أراد بأن قـــوّض الى درجة كبيرة حضور ذلك الحزب بمناطق أقصى الشمال وكسبَ دوائر انتخابية برلمانية برموز حوثية كبيرة، ولكن الأمور سرعان ما انقلبت بوجه صالح في علاقته بالحوثيين بعد أن عزز علاقاته العسكرية والأمنية مع أمريكا التي يرى فيها الحوثيون شرا مستطار على اليمن وعلى المنطقة العربية ( الشيطان الأكبر)، وبعد أن زاد صالح من وتيرة التنسيق الأمني مع السعودية” الخصم القادم للحوثيين”، فضلا عن توسع نشاط الجماعات السلفية المتشددة في المناطق التاريخية الحصينة للفكر الزيدي الذي تنتمي له حركة أنصار الله الحوثية، هذا النشاط الذي كان يجري بدعم السعودية وحزب الاصلاح وبرعاية ورضاء من سُـــلطة الرئيس السابق صالح، على الرغم من التباين النسبي بين الفكر السلفي والإخواني إلّا أن معاداة الحوثية كان الجامع بينهما.
كل هذه التطورات شكّــلتْ إرهاصات الحروب الستة التي شهدتها تلك المناطق بين الحركة الحوثية التي كان عودها قد قوي واشتدت صلابته وبين الجيش النظامي اليمني بقيادة صالح… وفي خصم تلك الحروب التي اندلعت أولها عام 2004م انتهز حزب الاصلاح كعادته الفرصة لإضعاف الجيش النظامي الذي كان يدين بولائه الاكبر للرئيس صالح ولإسقاط النظام برمته والعودة الى الحكم، حيث قدّمَ الاصلاح نفسه حمامة سلام بتلك الحروب مُوظِفا موقف المعارضة المعروف باسم أحزاب اللقاء المشترك التي كانت تتوعد صالح بهزيمة بالدورة الانتخابية الرئاسية والنيابية التي لم تتم بعد ذلك بسبب حدة الازمة السياسية ومؤشرات الربيع العربي, والتي تضم أعني المعارضة الى جانب الإصلاح الحزب الاشتراكي وعدة أحزاب ناصرية وبعثية وغيرها من التنظيمات المعارِضة الصغيرة التي هيمن عليها الإصلاح بشكل مطلق وجيّــر مواقفها لمصلحته أبّان تلك الحروب وما قبلها وبعدها.
حتى إذا ما أتى عام2011م لتندلع ثورة الربيع العربي بالمنطقة العربية ومنها اليمن لم يجد حزب الاصلاح غضاضة من أن يتحالف علناً مع الحوثيين بل وحثّــهم ودعمه إعلاميا على هذا التحالف بقوة لتشكيل جبهة معارضة ثورية عريضة لتغيير النظام، وكانت النتيجة مريحة للإصلاح ولحلفائه بإسقاط صالح من رأس هرم الحكم برغم ابقاء منظومة حكمه قائمة نوعاً ما، على رغم الخلاف الفكري المتصادم بين الطرفين أعني الحوثيين والإصلاح الذي ظل هذا الأخير يدعم علنا كل الجماعات الجهادية ومنها السلفية ضد الحوثيين كحركة الداعية الشهير مقبل الوادعي في معاقل الزيدية ، برغم تعاطف الحزب الشكلي مع الحركة الحوثية في الحروب الستة التي شنها ضدها صالح، ولكن ما لبثت التحالفات تتبدل ثانية بين هذه القوى مجتمعة، فبمجرد تشكيل الحكومة الوليدة التي ضمت أحزاب وقوى كانت خارج السلطة ومنها الحركة الحوثية القادمة الى المشهد بقوة و التي تشكلت( الحكومة) إنفاذا للمبادرة الخليجية التي أتت بها السعودية لإنقاذ نظام صالح من السقوط ولقطع الطريق أمام حزب الإصلاح ” ذراع الإخوان باليمن” من الوصول للسلطة سرعان ما دَبَّ الخلاف المؤجل بين الطرفين: الاصلاح والحوثيين، داخل الحكومة الجديدة وتفاقمت الأوضاع عسكريا بشكل دراماتيكي لمصلحة الحركة الحوثية الصاعدة المنضبطة التي شرعت بإسقاط المناطق والمعسكرات من اقصى الشمال وصولا الى صنعاء الواحدة تلو الأخرى كمرحلة أولى قبل ان تتجه جنوبا فيما بعد.
استمرت الاوضاع تأخذ مسارها العسكري المحتدم لمصلحة الحوثيين الذين وجدوا الحظ يبتسم لهم من كل الجهات والجبهات المحلية والاقليمية ومنها حزب صالح وقواته الضاربة التي كان الرئيس هادي الواصل لتوه للحكم قد بدأ بهيكلتها أو بالأحرى بتفكيكها وبتدميرها بتشجيع ورغبة جامحة من حزب الاصلاح، حيث وضع صالح كل قواته المتاحة تحت تصرف الحركة الحوثية نكاية وانتقاما من مواقف حزب الإصلاح الذي رأى فيه صالح أنه كان رأس الحربة بتلك الثورة، ومدشنا (صالح) بذلك مرحلة جديدة من مسلسل التحالفات والاختلافات التي كانت سِــمة تلك السنوات وما بعدها، بتحالف الضرورة أبرمه مع الحركة الحوثية لمواجهة نفس الخصم القديم الجديد ” الاصلاح، إخوان اليمن” الذي كان قد أحكم قبضته على مفاصل الحكومة المُشكّــلة حديثا وعلى كل المؤسسات الأخرى بعد أن ارتخت قبضة حزب صالح الى حد كبير.. واصل الحوثيون تقدمهم الحثيث حتى بلوغ العاصمة صنعاء مرورا بعمران، مستفيدين بالوقت عينه من مواقف وزير الدفاع في ذلك الوقت اللواء محمد ناصر أحمد (جنوبي الانتماء) المُــقرّب مِــن الرئيس الجديد منصور هادي الذي كان( الوزير ناصر) خير معين للحركة الحوثية، بل واستطاع أن يجيّـــر الى حدٍ كبير موقف الجيش لمصلحتها – أو على أقلها وضع جزء منه على الحياد-، وهو مبلغ ما تمناه الحوثيون من الجيش في تلك الظروف، فلم يكن ينقصهم السلاح والعتاد ولا الإقدام والخبرة القتالية بقدر ما كانوا بمسيس الحاجة الى أن يلتزم خصومهم بالداخل الصمت والحياد كما فعلت وحدات كثيرة بالجيش والرئيس الضعيف هادي، ويلتزم الخصوم الإقليميين الصمت المطبق كما فعلت السعودية العدو اللدود للحركة الحوثية الزيدية ، بعد أن شاركت المملكة نظام صالح مشاركة فاعلة في حروبه الستة في صعدة شمالي البلاد منذ عام 2004م.هذا الصمت السعودي كان يخفي خلفه نوايا وآمال، سنتعرض لها لاحقا.
فموقف وزير الدفاع هو نفس الموقف المتودد الذي تبناه الرئيس هادي نفسه مع الحوثيين،وقد تجلى هذا بوضوح في تعاطي الرُجلان المتهاون مع الحوثيين في الأحداث العسكرية الدراماتيكية في محافظة عمران المعقل الرئيس لقبيلة حاشد الموالية للإصلاح على التخوم الشمالية لصنعاء بتنسيق مع قوات الرئيس المنصرف صالح وبالذات قوات الحرس الجمهوري أو ما تبقى منها بعد عملية الاستهداف التي طالها من قبل العهد الجديد باسم الهيكلة، حيث اعتبر هادي من موقع الضعف سيطرة الحوثيين على عمران وعاصمتها ومعسكرها الرئيس هناك بأنها تمثل عودة لهذه المحافظة المهمة الى حضن الدولة بحسب تعبيره الشهير: ( لقد عادت عمران الى حضن الدولة)، وهو الموقف الذي وضَعَ هادي نفسه بمواجه مباشرة دون أن يعرف مع حزب الإصلاح الذي أضمر الضغينة لهادي، قبل أن تتمكن السعودية لا حقاً من جمعهما تحت مظلة واحدة اسمها عاصفة الحزم بمواجهة الحوثيين وحلفيهما الجديد صالح.
وحين أصبحَ الحوثيون على أبواب صنعاء كانت السعودية الموجوعة بشدة من الموقف الصادم لحليفها التاريخي “حزب الإصلاح ورموزه القبليين في قبيلة حاشد ” المؤيد لثورات الربيع العربي والمزهو حينها بفرحة نصر وصول الحركة الإخوانية الى سدة الحكم في مصر تُــرقب المشهد المتشكّــل بصمتٍ مشوبٌ بالأمل المرجو، الأمل بأن يحدث صدامٌ عسكري بين خصميها اللدودين: الحوثية والإخوان، الإخوان ممثلة بحزب الإصلاح الحليف المتمرد لتوه على الطاعة والولاء التاريخي للسعودية وذلك لإنهاكهما عسكريا ببعضهما بعض ومن ثم يتسنى لها التدخل من جديد في الشأن اليمني لفرض تشكيلة حكم جديدة موالية لها يكون رموز نظام صالح عماد ذلك الوضع المرجو قبل أن تكتشف لاحقا الخيبة الكبرى بتحالف صالح مع الحوثيين – هكذا كانت الرياض تتوخى أن تسير الأمور-، ولكن الإصلاح بدهائه السياسي الكبير أدرك المكيدة السعودية ( مكيدة الصدام مع الحوثيين التي توقعتها السعودية)، وآثر بذلك السلامة والاستسلام للحوثيين، وهو يردد شعاره المعروف: لن ننجر، لن ندمر عاصمتنا. لتجد السعودية نفسها وقد أضحت ضحية مخططها الموءود، تستبد بها حالة من الذهول والخيبة مما آلتْ إليه الأمور باليمن, فالصدام المنتظر بين الحوثيين والإصلاح لم يحدث، بل عوضا عن ذلك صار الحوثيون يبسطون جناحيّ حركتهم الصاعدة على طول الشمال اليمني وعرضه، مما يعني هذا للمملكة أن الخصم الإقليمي الكبير” إيران” على وشك أن يطرق بوابتها الجنوبية، بل ويحكم سيطرته على باب المندب والسواحل الجنوبية اليمنية على بحر العرب بواسطة الحركة الموالية لها وحليفها صالح ، فضلا عن سيطرتها” إيران” المتوقعة على مدينة عدن ومينائها الحيوي غربا حتى المهرة شرقا.
– السعودية وصداقة عدو ما مـن صداقته بدُ.. وعلى وقع الأحداث والتطورات المُــقلقة لها لم تجد السعودية بُــدٌ مما ليس منه بدُّ من أن تتحالف مع حزب الإصلاح، ولسان حالها ينشد بمرارة قول الشاعر أبو الطيب المتنبي: (ومِــن نكد الدنيا على الحُــر أن يرى× عدواً له ما من صداقته بدُ)،ومن استجدائها الحزب لكسب موقفه العسكري والسياسي والقبلي والديني ليكون حليفها في المرحلة العصيبة القادمة في مواجهة الحوثيين الداخلين لتــوّهم بحلف مع قوات الرئيس صالح، ولمواجهة الوجود الإيراني” المفترض” باليمن ..وهنا كانت السعودية تنسج فصل جديد من تاريخ اليمن الدامي تحت راية اسمها عاصفة الحزم كغطاء لإعادة الشرعية الى صنعاء، مُـــنتهزة( الرياض) بذلك الفرصة ليس لإعادة الحكومة المُـــعترف بها دوليا والرئيس هادي الى فوق كراسي السلطة في صنعاء كما اُعلنت السعودية ذلك عشيّـة إعلانها الحرب من واشنطن على لسان سفيرها في ذلك الحين السيدعادل الجبير، بل لإعادة فرض النفوذ السعودي باليمن أولاً، والقضاء على الحوثيين – أو أضعافهم- وقطع الطريق على إيران باليمن ثانياً، وبالفعل حققت الرياض هدفها الأول وهو إعادة جزء من بسط نفوذها وهيمنتها على اليمن من جديد لا سيما في الجنوب، وأخفقت تماما بالثاني وهو إعادة هادي وحكومته الى صنعاء، فبالكاد أعادتْ جُــزءاً منها الى عدن دون الرئيس هادي. كما أنها لم تقوى على كبح جماح الحركة الحوثية ولا قطع يد إيران المزعومة، بل على العكس فقد زادتْ هذه الحركة من تشديد قبضيها على شمالي البلاد واستطاعت أن تستقطب قطاع واسع من الشعب هناك مستثمرة السخط الشعبي من التصرفات السعودية والإماراتية التي يصفها الحوثيون بدول العدوان ،كما ضاعفت( الحركة الحوثية) من قدراتها العسكرية ومن خبراتها القتالية، ومن تطوير اسلحة نوعية بإمكانيات بسيطة كالصواريخ البالستية والطيران المسيّــر الذي استطاع ان يغيّـر مجرى الحرب بشكل لافت ويضع السعودي في دائرة الإحراج أمام الداخل والخارج، ربما مستفيدة هذه الحركة من عمليات تهريب لقطع غيار اسلحة ومعدات عبر البحر والبر،مستغلة رخاوة وافتقار التحالف للخبرة بهذا المضمار.
وفي شهرنا هذا آذار مارس، والحرب تطل برأسها على العام السابع تتبدأ الحقائق للسعودية أكثر وأكثر.. فبرغم الأهداف والأطماع التي حققتها على الأرض في اليمن خصوصا في الجنوب وبرغم تدمير كل القوة العسكرية اليمنية التي كانت تشكل كابوسا لها على مر عقود مضت، وأجهزتْ على كل البُـنية التحتية لليمن وأعادت الوضع العام فيه على كل الصُــعد الى العصور الوسطى إلّا أنها أي السعودية تجد نفسها تغوص في رمال يمنية متحركة عميقة وملتهبة، تتلمس على إثر ذلك الخروج والفكاك من هذه الربقة المُـحكمة، بعد أن اكتشفت أنها اتخذت قرار حربها على قاعدة بيانات خاطئة، وأساءت تقدير قوة الخصم ” الحوثيين” و بالغتْ كثيرا في ولاء الشركاء المحليين ” حزب الإصلاح” الذي انتهج تجاه السعودية والتحالف نهج المتذاكي، تماما كما انتهجتْ السعودية نفس التذاكي والحذلقة تجاهه، فكل منهما ظل يعتقد أن بمقدوره أن يستخدم الآخر ويستغفله لتحقيق غايته من هذه الحرب. فالسعودية اعتقدت أن بوسعها أن تتخذ من حزب الإصلاح وباقي القوى بمَـن فيها القوى الجنوبية جسر عبور للوصول الى صنعاء وهزيمة الحوثيين واعادة اليمن الى سابق عهدها( حديقة خلفية للمملكة ) ومن ثم ستدير للإصلاح وللقوى الحليفة الأخرى من الجنوبيين ظهر المجن. والإصلاح من جانبه اعتقد أن بوسعه استغلال الوجود السعودي وعاصفته الحزمية لهزيمة الحوثيين والعودة الى سُــدة الحكم بصنعاء قبل أن يكتشف هو الآخر أنه يحرث في بحر الوهم، وكذا راهن الجنوبيون على الموقف السعودي بطرد القوى الشمالية من الجنوب لإعلان الدولة الجنوبية المنشودة، ولكنهم كغيرهم اكتشفوا الخيبة بكل مرارتها، فالسعودية التي راهنوا على موقفهم بشد أزرهم واستعادة دولتهم هي بنفسها بحاجة الى من يحمي جنوبها من الهجمات والغارات البرية الخاطفة المتلاحقة التي ينفذها الحوثيون بشكل شبه يومي، فضلا عن هجماتهم الجوية المتواصلة على مدن ومصالح استراتيجية في جنوب المملكة الذي يتوجع بصمت منذ ستة أعوام وحتى كتابة هذه السطور !
– اليوم الجميع- وأولهم السعودية التي باتت وحيدة تواجه مصيرها باليمن باسم التحالف بعد أن تركتها الإمارات مغاضبة قبل عام ونصف، وانسحبت من مسرح العمليات العسكرية والإبقاء على مشاركتها السياسية الرمزية بهذا التحالف-، يتلمسون طرق الخروج من هذه الورطة، بعد ان استحال أمامهم جميعا تحقيق ما تمنونه، وبعد أن أضحى حُــلم الحسم العسكري وهزيمة الحركة الحوثية سرابٌ بقيعة، فهذه الأخيرة لم تحافظ فقط على قوتها العسكرية أمام العاصفة العاتية وأمام العُــزلة السياسية الدولية القاسية بل استطاعت أن تنتقل وبشكل مذهل من موقع الدفاع والضعف الى موقف الهجوم والمبادر، ففي الآونة الأخيرة لا يكاد يمر يومٌ دون أن تطال المدن والقرى والمنشآت السعودية هجمات الطائرات المسيّــرة والصواريخ الحوثية، وهو الأمر الذي أحدثَ حالة من القنوط واليأس لدى المملكة في وقت تكشّــر فيه واشطن أنيابها بوجهها على خلفية حسابات حقوقية ومآخذ أمريكية على طبيعة نظام الحكم السعودي التعسفي الذي ترى فيه واشنطن بانه أمعن بممارسة القمع والانتهاكات الداخلية بضراوة، وفي ظل يتفاقم فيه الوضع الإنساني باليمن وتتعالي الأصوات الحقوقية الساخطة على هكذا وضع وعلى تزايد عدد ضحايا الغارات الجوية.
مــعركة مأرب آخر فصول هذه الحرب .
قالَ المتحدث باسم الخارجية الأمريكية قبل يومين أن على الحوثيين الاقتداء برغبة السعودية وحكومة الرئيس هادي بوقف الحرب. فواشنطن تدرك اليوم -وعلى وقع المعارك المحتدمة على مشارفة مدينة مأرب جنوب شرق صنعاء والتي تهدد” المعارك” بسقوط آخر معاقل الحكومة أن السعودية ومعها هذه الحكومة باتتا يتمنيان وقف الحرب بأسرع وقت ممكن قبل أن تُـحل الكارثة وتسقط مأرب المدينة وتمضي الأمور باتجاه مزيد من التعقيد. ولهذا نرى الرياض تدفع بكل ثقلها لدى أمريكا والغرب ومجلس الأمن للتدخل للضغط على الحوثيين لوقف هجومهم والانصياع لصوات التسوية والسلام، ما يعني هذا أن معركة مأرب هي آخر معارك هذه الحرب سواءً بسقوط المدينة أو بدون ذلك ،فكل الظروف الداخلية والدولية والإقليمية تشير الى هكذا توقع، وما استعار المعارك على هذا النحو من الضراوة إلا محاولة أخيرة لكل طرف بتحسين وضعه على طاولة التفاوض القادمة وبالذات الحوثيين، الذين يشنون هجومهم هذا بالتوازي مع حوارات مباشرة وغير مباشرة يقومون بها مع التحالف وأمريكا بوساطة عُـمانية، أبرز هذه الحوارات ما أفصح عنها المتحدث باسم الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء الماضي بعد اسابيع من تأكيد واشنطن بأنها تجري حوارات عبر قنوات خلفية مع الحوثيين الذي يحجمون عن الإقرار بهذه الحوارات قبل أن يعترفوا بها مؤخرا على لسان رئيس وفدهم التفاوضي محمد عبدالسلام الذي اكد على حوارات غير مباشرة مع أمريكا عبر الوسيط العماني، في ظل نشاط محموم للمبعوث الأمريكي الى اليمن بالتنسيق مع الجهود الأممي بهذا الشأن.
زادت الهجمات الجوية المكثفة التي يقوم بها الحوثيون في عمق الأراضي السعودية من رغبة هذه الأخيرة بوضع نهاية لهذه الدوامة التي وجدتْ المملكة نفسها دائخة وسطها، فيوم الأحد الماضي 7 أذار مارس الجاري تعرضت عدة مناطق سعودية لأكبر وأعنف هجوم حوثي جوي منذ اندلاع هذه الحرب بواسطة 14 طائرة مسيّــرة وستة صواريخ بالستية أصابت عددا من المنشآت الحيوية بحسب مصادر حوثية وسعودية أبرزها ميناء تنورة شرق المملكة على ساحل الخليج العربي، وأهداف ومناطق متفرقة جلبت الهلع لدى كثير من السكان. فالمملكة لم تعد تتحمل هذا النزيف المادي والمالي، فضلاً عن إهدار سمعة الجيش السعودي ومكانة وهيبة السعودية ورمزيتها السياسية أمام جماعة مسلحة محدودة التسليح والإمكانيات تقبع منذ ستة أعوام في حصار مالي وعسكري واقتصادي مطبق، وعزلة سياسية دولية خانقة.
صحافي من اليمن-عدن
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)