صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
يعتبر الحق في الرأي والتعبير من أقدس الحقوق وأكدها، حيث حظي باهتمام بالغ في العهود والمواثيق الدولية، وكذا الدساتير الوطنية لجل الدول الأممية، لكونه مرتبطا بالحقوق المدنية والسياسية الأساسية للإنسان كيفما كان انتماؤه، وبغض النظر عن طبيعة الأفكار التي يريد التعبير عنها شريطة احترام القوانين الجاري بها العمل.
هكذا نجد المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية باعتباره الإطار الدولي الأساسي الذي يقنن هذا الحق تنص على أنه: “لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة ولكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو بأي وسيلة أخرى يختاره".
وهذا ما أكده الفصل 25 من الدستور المغربي حيث اعتبر: “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها”، بل أكثر من ذلك جعل مجموعة من الحقوق المرتبطة بحقل حرية الرأي والتعبير من الحقوق المضمونة، حيث نص الفصل 29 من الدستور المغربي على “أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة، ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات، حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته".
هذه مبادئ ونصوص قانونية يفترض أن توفر الحماية القانونية لأهم الحقوق الأساسية للإنسان، فهل يا ترى تلتزم الدولة المغربية بها وتعمل على تنزيلها على أرض الواقع أم هي مجرد حبر على ورق؟
للأسف عبرت أغلب التقارير الحقوقية الوطنية والدولية عن قلقها الشديد من التردي الحقوقي، ومن السياسات الأمنية التي تتهجها الدولة تجاه مواطنيها، حيث يسجل استمرار واضح للتعاطي الأمني، واستعمال العنف المفرط، واستغلال القضاء لقمع المطالب الشعبية السلمية والعادلة، التي تصاعدت أمام التأزم الاجتماعي والسياسي والتنموي الذي يعيشه المغرب، ابتداء من الأحكام القاسية الصادرة في حق نشطاء الريف وجرادة، وكذا التدخلات الأمنية العنيفة التي تعرض لها الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ضد مسيراتهم الاحتجاجية، ومرورا باستعمالها لكل أساليب الترهيب المتنوعة لردع احتجاج طلبة كليات الطب، بلغت مداها بتوقيف ثلاثة من أساتذتهم في كل من الدار البيضاء ومراكش وأكادير، تم انتقاؤهم بشكل انتقامي فج وغير مبرر بسبب نشاطهم النقابي وتضامنهم مع الطلبة المحتجين، فضلا عن توقيف طبيب آخر بسبب نشاط ابنه في التنسيقية الوطنية لطلبة الطب، ناهيك عن انتهاكها للحق في استغلال السكن الخاص حيث عمدت إلى تشميع مزيد من البيوت الخاصة لأعضاء من جماعة العدل والإحسان، ليبلغ عددها أربعة عشرة بيتا، في مدن وجدة وفاس وطنجة وتطوان والمضيق وأكادير والقنيطرة والدار البيضاء والجديدة وآسفي ومراكش وبوعرفة، في إطار حملة ممنهجة تمت في إطار التعليمات وخارج إطار القانون والقضاء، بل بمقتضى قرارات أمنية وإدارية تعسفية، ضاربة عرض الحائط قدسية الحق في السكن المنصوص عليها في الفصل 35 من الدستور، التي تؤكد أن القانون يضمن حق الملكية، وأنه لا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.
[email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/