صنعاء نيوز -
لأوّل مرّةٍ، يزعم المُحلّلون في وسائل الإعلام العبريّة، لأوّل مرّةٍ ينضّم عرب الـ48 (فلسطينيو الداخل) للحرب التي تخوضها “دولتهم” ضدّ شعبهم العربيّ-الفلسطينيّ. المظاهرات التي انطلقت في العديد من المدن العربيّة-الفلسطينيّة، داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر، يُضيف الخبراء في تل أبيب، أكّدت أنّ الانتماء الأوّل والأخير لهذه الفئة السُكّانية هي لشعب فلسطين العربيّ، وهذا الأمر بحدّ ذاته فشلاً إستراتيجيًا إسرائيليًا، على حدّ تعبيرهم.
وكما جرت العادة الإسرائيليّة الممجوجة، فقد سلّطت وسائل الإعلام في الكيان الضوء على “أعمال العنف” في البلدات الفلسطينيّة بمناطق الـ48، مُستغلّةً التعاطف والتعاضد بين أبناء الشعب الواحِد للتحريض على “عرب إسرائيل”، الذين يعيشون في نعيمٍ على حدّ تعبيرهم.
مظاهر التأييد والفرحة بسقوط الصواريخ على تل أبيب وضواحيها تُنذِر بعودة انتفاضة عام 2000 إلى الجليل، والمُثلّث والنقب والمدن المُختلطة، إسرائيل المأزومة، تعيش حالةً من الرعب إزّاء هذا التطوّر، وتخشى جدًا من أنْ تندلِع “أعمال الشغب والإخلال بالنظام العّام” في الداخِل الفلسطينيّ، وقد وصلت الأمور إلى حدِّ لا يُطاق: إذْ بدأت المُخابرات الإسرائيليّة بتوجيه رسائل نصيّةٍ إلى فلسطينيي الداخل تتوعّد من خلالها بمعاقبتهم بشدّةٍ لأنّهم شاركوا في الأعمال المُخلّة بالنظام العّام، كما أكّدت الرسائل.
مدينة اللد، مركز فلسطين، المدينة التي أنجبت حكيم الثورة وراعيها، المرحوم الدكتور جورج حبش، تحوّلت إلى ساحة حربٍ بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ: المُواطنون الفلسطينيون خرجوا عن بكرة أبيهم للثأر لاستشهاد الشّاب موسى حسّونة من المدينة المُختلطة بنيران مُستوطنٍ مُتدّينٍ حاقدٍ في الليلة الواقعة بين الاثنين والثلاثاء. وبحسب التلفزيون العبريّ، الذي “أبدع” في التحريض، وحوّل الجلّاد إلى ضحيّةٍ، فقد قام العرب بالسيطرة على المدينة، وأحرقوا بيوت اليهود، والمدارس الدينيّة اليهوديّة، ولم تجرؤ الشرطة الإسرائيليّة على التدّخل.
ليئور أكرمان، وهو أحد القادة السابقين في جهاز الأمن العّام (الشاباك)، تنقّل طوال يوم أمس من أستوديو إلى آخر مُحذِّرًا من غضب مَنْ نعتهم بـ”عرب إسرائيل”، مُشدّدًا على أنّ هؤلاء هم مشكلةً ومعضلةً قديمة جدًا لم تُعالَج، وها نحن نرى التداعيات، كما زعم في مُقابلةٍ مع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ. كما أنّ محاولاته البائسة واليائسة لـ”تحليل” الوضع، لم تُضِف أيّ شيءٍ جديدٍ، رجل أبيض، مُستجلَب من أوروبا ومُستوطِن في فلسطين، يخشى على دولته من غضب أصحاب الأرض الأصلانيين، الذين هبّوا شيبًا وشُبانًا للدفاع عن فلسطين المسلوبة منذ 73 عامًا.
أكرمان شدّدّ على أنّ حركة حماس استطاعت توحيد “عرب إسرائيل”، وهو الأمر الذي كان مُستحيلاً، مُشدّدًا على أنّ هذا الأمر هو ممكن الخطر، مُذكّرًا بأنّ الأجواء في الداخِل الفلسطينيّ تُعيد إلى الأذهان ما حصل في العام 2000 عندما هبّ فلسطينيو الـ48 ضدّ الظلم والعنصريّة في إسرائيل، التي ردّت بقتل 13 شابًا منهم بدمٍ بارِدٍ. استُشهِدوا الشباب في (أكتوبر الأسود) عام 2000، مئات الجرحى ما زالوا يُعانون، ولم يُقدّم أيّ قاتلٍ من شرطة الاحتلال للمحكمة. إذا كان هذا الـ”عدل” الإسرائيليّ، فكيف لن يتضامن ابن الجليل مع سُكّان غزّة وبالعكس؟ وهل الكيان قادِر على تقسيم الفلسطينيين إلى قسميْن، بالطبع لا، والأحداث الجارية تؤكِّد لكلّ مَنْ في رأسه عينان أنّ المؤامرات ضدّ الشعب، الذي يُواجِه المُحتّل بصدورٍ عاريّةٍ عصيٌّ على التنازل، ويُصِّر على إسقاط المؤامرات ضدّ شعبه. |