صنعاء نيوز/ ديانا فاخوري - – من دمشق الى القدس فغزة – ما يجعل الصهاينة وأذنابهم يستعيدون مكمن مأزقهم الوجودي وموعد مٓهْلِكِهِم فيهرعوا بكل هلع وارتياع للنص التوراتي من سفر إشعياء النبي: “ولولي ايتها الأبواب.. اصرخي أيتها المدينة”!؟
الأبواب تولول، والمدينة تصرخ: انه المأزق الوجودي ذاته من أينشتاين الى نتنياهو الى عامي أيالون مثلا (ضع عشرات الخطوط تحت كلمة “مثلاً” – أضف جدعون ليفي، يوڤال ديسكين، مئير دوغان، أمنون ابراموڤيتش، افراييم هليفي، كارمي غيلو، روني دانييل، بيتي موريس – مثلاً أيضاً)، كما بيّنتُ في مقالي السابق (18/5/2021). ثم ماذا عن إفيغدور ليبرمان الذي يُصر على طرح السؤال: إذا كان هذا هو حالنا في مُواجهة “حركة حماس” فكيف سنستطيع خوض حرب ضدّ إيران و”حزب الله”؟
واليوم نستدعي دافيد بن غوريون وهو احد آباء الكيان المُغتٓصِب، صاحب الأمنية الشهيرة بان يستفيق “ذات صباح جميل”، ليرى تلك القنبلة الديموغرافية وقد زالت من الوجود!
ديفيد بن غوريون (النبي المسلح) هو احد آباء الكيان المحتل الثلاثة الى جانب حاييم وايزمن وناحوم غولدمان. وايزمن كان عرّاب وعد بلفور .. بن غوريون كان قائد العمل العسكري على الأرض، وهو الذي أمر بالمجازر ضد الفلسطينيين وبتهجيرهم ..غولدمان نظّم حملات المستوطنين وجمع الأموال ونسج العلاقات الدولية. من المعروف ان العلاقة بين وايزمن وبن غوريون لم تكن على ما يرام، لكنها تميزت بالصداقة والمودة والثقة بين غولدمان وبن غوريون مما سمح لهما بالمصارحه في دقائق الأمور.
في كتابه «المفارقة اليهودية»، يوثق غولدمان تفاصيل لقاء “البوح السري/المكتوم والخطير” مع بن غوريون في منزل الأخير سنة 1956:
“في تلك الليلة الجميلة من ليالي الصيف فتح كل منا قلبه للآخر، وكان حديثنا حول مشكلتنا مع العرب. أنا لا أفهم سبب تفاؤلك، قال لي بن غوريون. بنظري لا يوجد أي سبب يشجع العرب على إقامة سلام معنا. ولو كنت، أنا شخصياً، زعيماً عربياً لما وقّعت على شيء مع إسرائيل. وهذا أمر طبيعي جداً إذ نحن الذين قمنا بالسطو على بلدهم. لقد انتزعنا منهم بلدهم. صحيح أنها وعد من الله لنا، ولكن لماذا سيهمهم ذلك ؟!…إن إلهنا غير إلههم. نحن أصلنا من إسرائيل، وهذا صحيح، لكنّ ذلك يعود إلى 2000 سنة خلت: ماذا يعني لهم ذلك؟!…لقد ظهر العداء للسامية، وظهرت النازية وهتلر وأوشفيتز. هل هذه غلطتهم؟… إنهم لا يرون سوى شيء واحد: لقد جئنا وسرقنا بلدهم. فلماذا عليهم أن يقبلوا بذلك…؟!”.
واضاف بالحرف: “اسمع يا ناحوم. لقد أصبحت على مشارف السبعين من عمري. فإن سألتني ما إذا كان سيتم دفني، إثر موتي، في دولة إسرائيل لقلت لك نعم. فبعد عشر سنوات أو عشرين سنة سيبقى هنالك دولة يهودية. ولكن إذا سألتني ما إذا كان ابني عاموس، الذي سيبلغ الخمسين من عمره في أواخر السنة الجارية (1956) ، سيكون له الحظ بأن يدفن بعد موته في دولة يهودية فسوف أجيبك: 50/50” .. بذعرٍ شديد قاطعه غولدمان: “كيف لك أن تنام على هذا التوقّع فيما أنت رئيسٌ لحكومة إسرائيل؟!”، فأجابه كمن يطلب النجاة من الآتي: “من قال لك إنني أعرف ما هو النوم يا ناحوم!”.
هذا تشكيكٌ بٓيِّن ٌ بقدرة الصهيونية “الأصيلة” على تأمين توريث مستدام للصهيونية “البديلة” بكل ما أوتيت من عمالة وخيانة فلربما يأتي يوم تنتفض فيه الأجيال الجديدة، كما يعتقد بن غوريون، على نهج الخيانة وتدين الخونة معيدةً الاعتبار إلى الوطنيين المضطهدين من قبل الصهيونية الأصيلة والصهيونية البديلة، فتنقلب الدنيا رأساً على عقب ويستحيل الحلم الصهيوني كوابيس تدمر أصحابه وأذنابهم … وهو، أعني بن غوريون، واثق أن زمن العمالة والتطبيع لن يدوم، وان اسرائيل الى زوال!
وهكذا هٓبّٓ باب دمشق (باب العمود) بانتفاضة القدس دفاعاً عن حي الشيخ جراح وسكانه لتتطور المواجهة الشعبية العفوية لمواجهة عسكرية من العيار الثقيل بين المقاومة الفلسطينية المتحصنة بغزة هاشم وكل فلسطين الممتدة من النهر الى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش (27،009 كم مربع – متر ينطح متر، كاملة غير منقوصة!)
ما “سيف القدس” الذي رفعه الغزيون دفاعاً عن المقدسات والأرض التي بارك الله حولها الا تعبير عن تراكم قوة استراتيجية تاريخية جغرافية لشعب فلسطين الذي ما برح يخزّن غضبه وآلامه ومعاناته منذ نيف و73 عاماً لينفجر عاصفة من الصواريخ – لا “معسكرات من الصراخ” كما خشي محمد حسنين هيكل – تدعم انتفاضات مُقٓدّسة وطنية ومقدسية .. لنُري الصهاينة، اصلاء وبدلاء، من آيات الله ورجاله في الميدان .. انه التقاء غزة بدمشق برمزية باب العمود (باب دمشق) .. هي غزة التي تُعرف بـ”غزة هاشم” لأن جد النبي العربي الكريم، هاشم بن عبد مناف، دفن فيها. كما ولد الامام الشافعي وترعرع فيها .. و في المخطوطات أنها وجدت في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وكانت بمثابة الحاضرة المقدسة للفرعون تحتمس الثالث .. اما دمشق فعاصمة الدنيا واريكة الدهر، ابنة سوريا التي تجسد قصة الحب الأزلي بين الله و الانسان” في المسجد الأموي” وماء “بردى” .. كذلك في كنيسة “حنانيا” و شقيقتها الكبرى “المريمية”، وضريح “محي الدين ابن عربي” في سفح قاسيون .. وكان “ابن عربي” قد أوصى بدفنه في دمشق حيث يستطيع أن يرى الله بالعين المجردة .. دمر هولاكو بغداد وأسلم في دمشق .. حرر صلاح الدين القدس وطاب موتا في دمشق .. قدم لها الحسين بن علي ويوحنا المعمدان وجعفر البرمكي رؤوسهم طلبا لرضاها .. وما بين قبر زينب وقبر يزيد خمس فراسخ .. انها دمشق كما باب دمشق/ العمود القدسي، لا تعبأ بكارهيها .. وتتفرغ للاعداء الذين ظنوا أنفسهم أسيادها ليستفيقوا عالقين تحت أظافرها!
نعم، من آيات الله ورجاله في الميدان – من دمشق الى القدس فغزة – ان يستعيد الصهاينة وأذنابهم مكمن مأزقهم الوجودي وموعد مٓهْلِكِهِم فيهرعوا بكل هلع وارتياع للنص التوراتي من سفر إشعياء النبي: “ولولي ايتها الأبواب، اصرخي أيتها المدينة”!
نعم،القدس اقرب.. “فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ( 5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)” – سورة المعارج ..
نعم، بذاكرة الحق النووية، وقنبلة اصحاب الارض الديموغرافية، ورجال الله في الميدان تخلق المقاومة اختلالاً مستداماً في التوازن الاستراتيجي لمصلحة فلسطين وأهلها! فصححوا البوصلة لتصححوا التاريخ، “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ”، وباسم الله وجهوا “الكف ضد المخرز”، وكل “البنادق” الى تل ابيب .. وباسم الله اقرأوا: “نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ”!
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين!
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
كاتبة عربية أردنية |