صنعاء نيوز/ نادية عصام حرحش -





ليس الامر مرتبط بركب موجة انتصار بوقف إطلاق النار. ولا اعرف كيف لنا ان نحدد شكل الانتصار امام كم الخسائر. ولكن في فقه القوى والجبروت. فالصمود انتصار. والمقاومة نصر. والتصدي للجبروت الغاشم هو انتصار للصمود.
غزة التي صمدت كما لا يستطيع الصمود أحد، امام دك مبانيها وقصفها وارتقاء أبنائها. غزة التي قاومت بعدتها المحدودة عتاد قوة الردع والقتل العتيدة. غزة التي صمدت وقاومت وحيدة، امام خنوع العالم وصمته الجبان.
غزة التي جلعت العالم يشهد ان العزّة بغزة تزهو تنتصر بالرغم من الوجع والامل والخسارة البليغة.
قرار القبول بوقف إطلاق النار هو انتصار. هو انتصار لقدرة التحمل ولحقن الدماء ولوقف الدمار.
غزة لم تحاول تلقين الأعداء درسا.
غزة وقفت فقط من اجل الحق المستباح بالقدس.
غزة وقفت وقفة عزة وشموخ وتضحية عظيمة.
غزة وقفت بوجه الطاغوت قائلة كلمتها:
القدس قلب هذا الوطن. ولكنا في هذا الوطن نبض القدس.
وغزة جعلت الدم يضخ في عروقنا من جديد…. ونزفت.
ولكن الشعب الواحد التحمت دماؤه والتأم ليتوحد من الناصرة واللد وحيفا وام الفحم وعكا الى جنين وطولكرم ونابلس ورام الله.
كأن كرامة الاقصى من كرامة الانسان. كأن شموخه بمنبر وقبة وصخرة تروي مسرى وعروج انبياء. سر كوني يشعل ما تم نسيانه من الحياة ليتدفق خارجا وبقوة صارخا للحياة. ليعيد المعنى للوجود
لتسقط الارض ربما.. لتُدك. لتهتز… ولكن يبقى الحق هو الاحق
فالحق لا يضيع عند شعب لا يزال ينهض رغم كل الانكسارات
المقاومة اثبتت انها الحق. حق امام الطاغوت مهما كبر حجمه وزاد طغيانه.
يقتلون الحياة فينا بلا تردد. هذا القتل العلني والاعدامات الظالمة على مرأى البشر. هذا التنكيل الذي يطال الاحساس والكرامة من ابناء الشعب من شرقه الى غربه. من شماله الى جنوبه.
المقاومة حق. والحق هو سلاحنا امام الطغيان القائم.
نحن شعب لا يزال ينبض حياة
وسيستمر بالحياة رغم عنجهية الاحتلال وانصياع القيادة الفلسطينية ووهن الوجود العربي.
سنستمر بأن نكون
فوجودنا هو الارض
وهو العرض
وهو الكرامة التي اضاعها الحكام من اشتات ما كان وطنا عربيا.
وجودنا مقاومة
ومقاومتنا سلاحنا
وسلاحنا حجر، او سكين، او طلقة، او جسد هوت منه الحياة فهوى الى التراب ليكون أقرب الى دمه المنهمر.
مقاومتنا هي عزتنا.
غزة هي عزة فلسطين.
وكأن لحظة وقف إطلاق النار الفعلي كانت لحظة اعلان ثبوت العيد.
رفعت المآذن ودقت الاجراس وعم الفرح… انتصارا لصمود اهل غزة.
تنفسنا جميعا الصعداء…. يستطيع اهل غزة النوم الليلة.
نعرف ان صباحهم لن يكون كصباحنا.
سيصبح اهل غزة على تفقد خسائرهم، ولملمة احزانهم، والبكاء على فقدانهم الجلل.
ولكن أمهات واباء غزة سيغمضون اعينهم باستراحة محارب بعد ليالي قصف ورعب غير متوقفة.
لقد قدمتم يا اهل غزة من اجل نصرة القدس الغالي والاغلى.
لقد قدمتم ارواحكم واملاككم.
لقد قدمتم امنكم وطمأنينتك فداء ونصرة لاستغاثة القدس.
مقاومتكم اشعلت نيراننا الخامدة في ارجاء هذا الوطن
مقاومتكم ايقظت سبات العالم
مقاومتكم فضحت الجبناء والمرتزقة وأصحاب الاجندات.
مقاومتكم عززت قدرتنا على الصمود.
مقاومتكم أخرجت الحياة من نفوسنا المتلبدة.
مقاومتكم احيتنا.
نصرتمونا فنصركم الله.
المقاومة وحّدتنا بينما فرّقتنا السلطة.
المقاومة قادتنا وخطت معنا قراراتنا
بأننا وطن واحد
شعب واحد
مهما فرقته الجغرافيا
توحده الهوية الفلسطينية الواحدة.
مهما قسمتنا الحواجز والمعابر
مهما تفرقنا في معازل
مهما اختلفنا
فقضيتنا هي قضية حق
قضية شعب واحد
بهوية واحدة
مهما تعددت الهويات وتلونت وتبدلت
هويتنا هي قضيتنا الصامدة المقاومة.
الصمود والمقاومة قوتنا
ووحدتنا هي بوصلتنا
الاتحاد دوما قوة.
وقوة الحق تعكسها مقاومة باسلة شجاعة تحركها الحكمة في الوقت المناسب.
اعذرونا أهلنا في غزة… انتصاركم بثباتكم وتحملكم وصبركم وعزيمتكم هو انتصار لأحلامنا المقموعة في داخلنا.
فلقد ايقظتم احلامنا.
واعدتم العزة لقضيتنا.
نحن ننتصر لكم…. وقلوبنا تحترق على اوجاعكم وآلامكم.
المجد والخلود لمن ارتقوا شهداء.
الصبر والسلوان للأهالي والأصدقاء والأحبة ولك من فقد عزيز وحبيب وقريب.
العزة لأهل غزة بصبرهم وثباتهم وتحملهم وتضحياتهم التي سنحملها دين على رقابنا دوما.
كاتبة فلسطينية

http://nadiaharhash.com