صنعاء نيوز/ بروكسيل : مصطفى منيغ -
شامِلٌ هو الطَّمَع ، أما الاستحواذ للأصل يَقْطَع ، اشْتِهَاء مَرْضَى النُّفوس لتقبيل رأس الأقرع ، وإظهار الخَنَاعَة لمن وجهه من الحُسن فزَع ، مؤكِداً أن القبح زينته المَتاع ، والجمال عيبه الفقر دَقَع ، الطَّمَّاع لا يشعر بالشَّبَع ، والمُستَحوِذ على الرَّد امْتَنعَ ، فأيّهما السَّالب الأفظع؟ ، الراغب في المزيد مهما عنه شَاع ، أم المستغلّ فجوة الغياب ليتسلَّل حيث يترَبَّع ، بالحيل بالافتراء بأي مكيدة لها يصنَع؟ . لأوْجه الشَّبه هما واحد الساقط في مصيدتهما عن نفس الألم يتوجّع ، والأفضل مواجهتهما بما الحق في القانون شَرَّع . السلطات الجزائرية كما أخبرني والسيدة (ث) ذاك الجزائري ، حاولت الهجوم على مدينة "فجيج" أكثر من مرة ، بل عمدت لسلب بعض المغاربة القائمين بتربية الأنعام أرزاقهم طمعا ًوليس بما تدَّعيه أصلاً ، تلك العناصر المستغلة عدم رغبة القوات المغربية الدخول في صراع مباشر مع القوات الجزائرية حفاظاً على سلامة المنطقة من حرب لو اشتعلت الله وحده أعلم بمصيرها والأضرار الجسيمة التي ستطال بشراً من كلتا البلدين المتجاورين ، لكنها سلطات جزائرية لا زالت طامعة في الاستحواذ على المزيد من الأراضي المغربية بغير موجب حق ، أراضي تأسست في "جرادة " جمعية يرأسها صديقي العزيز المعلم في مدرستها الابتدائية ، الذي استضفته أكثر من مرة في حلقات من برنامجي " وغداً تُشرق الشمس" تحدَّثَ فيها مُطولاً عما أطلق عليها وجمعيته "الأراضي المغربية المحتلَّة من طرف الجزائر" فيما بعد "بني ونيف" لمساحات شاسعة . في لقاء جمعني وعامل الأقليم ، تناولتُ مثل المواضيع ، لتطَّلِع عن طريقه "الرباط" بمسؤولياتها في الشأن ، لكن السكوت ظلَّ مُهيمنا لأسبابٍ الدولة أدرى بها ، ولا نملكُ إلاَّ اتباع ما تراه ولا نراه ، صراحة المغرب تسامح مع نظام الهواري بومدين لدرجة لا يمكن تصورها ، ربما لموقف اتخذه وهو المدرك بما وصلت إليه العلاقات المتينة بين الجزائر والصين والاتحاد الصفياتي وكوبا وليبيا القذافي في مرحلة من المراحل ، وكل المنظمات الثورية عبر العالم المموَّلة في جزء من ميزانياتها من طرف نفط الشعب الجزائري ، وكانت المعارك الطاحنة التي دارت في "بئر أنزران" بين القوات المسلحة الملكية والبوليساريو المتبوعة عمليا بالجيش الجزائري ، تلك المعركة التي قدمت كوبا للبوليساريو صواريخ سام السفياتية الصنع ، وساهمت ليبيا بأموال ضخمة لتكسير الدفاع المغربي عن أقاليمه الصحراوية المحررة بواسطة المسيرة الخظراء المظقرة ، تلك المعركة التي تمكن تحالف الباطل الجزائري على الحق المغربي من اسقاط ثلاث طائرات ، لكن الملك الحسن الثاني أمر لتنفيذ ما جعل هؤلاء المعتدين يتعرفون على الجيش المغربي حينما يحوِّل غضبه إلى نار تحرق الغزاة وتشتت شملهم تشتيتا خصه التاريخ بصفحة انتصار المغرب ، والانتقال إلى مرحلة بناء الجدار العازل ، والتحكُّم أكثر في جميع المداخيل المؤدية كانت لحدوده على مسافات طويلة غير مُخترقة . وجدتُ السيدة (ث) داخل سياتها تنتظرني لتبدأ معي حواراً ما كنت أن أقبل الخوض في غماره لول إلحاحها غير المعتاد لتوضيح بعض الامور العالقة بيننا واشتشارتي في أخرى ، المسألة قد تبدو مُعقّدة بعد الكلمات التي فاه بها خالها في حقى على وجه التحديد ، ممَّا تركني أحبذ الابتعاد ما أمكن عن ذاك الجو المزدوج التركيبة ، مادامت الرؤية الجزائرية عند الأغلبية فيه لا تتراجع بسهولة لو صممت على موقف حتى وإن خسرت به و معه لا يهم ، إذ البداية من الصفر مسألة لا تجعل أصحابها يفرون منها ، إضافة لحبهم السيطرة المُطلقة مهما كان الحجم المَعني والمساحة الباسطين فوقها نفوذهم العائلي المرتبط بتقاليد من العسير التخلي عنها كلِّية ، السيدة (ث) قد تكون مُغايرة ولكن في العمق لن تستطيع انسلاخها عن ذاك العالم الذي ولدت وترعرعت ضمنه ، يأتي ظرف تتخلى فيه عما يجذبها نحوه الآن ،لانه الأصل الغير قابل للتطور بسماح غير المألوف عند تلك العائلة أن يحضر بقوة ذاخلها ، النائم وتحت رأسه وسادة محشوة بالصوف ، ليس النائم ووسادته من قطن ، هناك اختلاف يجعل كل منهما على مستوى من العيش داخل المتربي عليه ، وصلنا إلى مدينة "السعيدية "دون انتباه مني لتوقف السيارة عند منزل وتدخوني إليه برفقتها ، لتخبرني أنها اشترته مؤخرا لنقضي العطل الصيفية بين جدرانه المصبوغة باللون الوردي ما عدا حجرة النوم بالأزرق الخفيف ، كل التجهيزات جديدة من النوع المُستورد المُكلّف ، في المطبخ فتحت الثلاجة لتخرج منها قنينة لا بطاقة ملتصقة بها تعلن عن فحوى سائلها ، ثم طلبت منّي احضار كأسين وأتبعها إلى الشرفة المطلةعلى احدى ساحات المدينة لنجلس ، والسائل مصبوب بحركة لطيفة من يديها لا تخلو من دلال في الكأسين لونه كشكله غريب عنى غرابة لا أطيقها بل غمرني احساس يبعدنى عن تناول ولو جرعة منه ، أحسَّت بارتباكي فسألتني إن كنتُ حقيقة أثق فيها؟، أجبتها بنعم ، فاستطردت : إن كنتَ صادقاً فاشرب ما في الكأس دون أن تترك فيه أي قطرة ،أحسست برعشة خفيفة تحاول السيطرة على مظهري بالرزانة والتحكم في مشاعري تحكما يريح حتى أعصابي ، وكان عليّ أن أختار وبسرعة أسوأ قرار سأتخذه في حياتي ، الذي فسَّرتهُ لها بما تَرَكْتُهَا تلعن تلك الطريقة السخيفة التي أرادت بها امتحاني ، الخارج كما رأيتُه عن صواب الصواب ، قلتُ لها (وتجهّم الجديّة مسح عن محياي مرح اللحظات الماضية ونحن في تلك الجلسة التي ستحولها الذكرى لتجربة ظلت عالقة في ذهني حتى الآن) : سأشربُ ما في الكأس لأظهر لكِ ما ترغبين أن أظهره ، وبعده أنتِ من طريق وأنا من آخر ،أخذتُ الكأس وشربت ما امتلأ به من سائل، مباشرة بعد ذلك وقفتُ طالباً منها أن تعيدني إلى وجدة إن أرادت طبعاً ، قبل أن تنطق باية كلمة صبت الكأس الثاني في جوفها ، لتتمعَّن في وجهي بشكل لم أجد أي تعبير مناسب أربط به ذاك الاشعاع الطارق عقلي ، يلزمه بالتريّث لغاية نبيلة حاصلة لا محالة ، تعيد ما بيننا لسابق عهد وكلانا يخطط لحياته ما عساه يكون ، فإذا الواقع في رحلته بجانبنا يخرجنا من حالة ليدخلنا في أخرى رغماً عنا(يتبع)