صنعاءنيوز / أنور العنسي _ من صفحته على الفيس بوك -

"هناك من الناس من يذهب في طريق عكس طريقك ، وهناك من تتقاطع طريقه مع طريقك ، وهناك من قد تلتقي قليلاً طريقه مع طريقك ، وهناك من له طريق ولك طريق مختلف في الإتجاه ، وفي طريقة السير في ذات الطريق ، هكذا هي الحياة"!

هذه ربما هي الجُمل الأهم التي قالها في حياته ، لكنها كانت الأهم التي سمعتها منه في حياتي للمرة الأولى والوحيدة التي جلست فيها إليه.

لسببٍ ما لم أكن أفهم أن عُمان ليست إلاّ بلادي ، وأن قابوس ليس سوى والدي!

هذا هو السلطان الذي لم أعرف في كل قراءاتي سلطاناً سواه .!

أحترمني قابوس كثيراً عندما إعتذرت عن قبول هدية ثمينة منه قد تعرض حياتي للخطر ، وارتسم على محياه القليل من الابتسام الخجول وهو الرجل الذي يندر أن يبتسم ، وذلك عندما قلت له "أجمل هدية من قابوس تهديها إلئ هي قابوس نفسه"

درس إبن سعيد بن تيمور العُماني بلاده وقبائلها ومجتمعاتها بعناية ، بعقلية عالم ، بمنهجية باحث ، بمحبة للناس ، بفهمِ لقسوة الجغرافيا ، بإدراك لعبقرية المكان ، حتى عندما ساعدته بريطانيا على الجلوس في مقعد أبيه لم يكن ليرغب في الجلوس عليه كما أرادته بريطانيا أو كما كان عليه أبوه ، كان قابوس الذي درست لم يكن يرغب إلا أن يكون قابوساً لعمان!

كل براميل النفط التي ضخها الغرب من صحراء الخليج لاتساوي قيراطاً واحداً من حكمة قابوس التي أسداها هذا الرجل لمنطقة الخليج ، ومع ذلك لم يفطن إليها أحد.

تفاهم قابوس مع إسرائيل مبكراً ، هذا صحيح ، أدرك انها واقعٌ على الأرض لكن هذا لم يمنعه من استضافة من يحلمون بزوال إسرائيل من على الخارطة ، ويصرخون بشعار (الموت لإسرائيل).

فهم قابوس بواقعية شديدة موقع بلاده بين البحر ، البحر الكبير ، البحر المترامي بين جنوب شرق العالم ، وبين الصحراء العربية الحالمة بأن تتسيد عالماً غربياً لئيماً عرف كيف يستنزف ثرواتها بالقوانين التي تحتكم إليه بلدانه ولم تنتبه لفلسفته السياسية.

مدرسة قابوس إبن (أكسفورد) الذي أرسله والده للفسحة والتجوال والاستمتاع حول العالم لم يكن هذا ليصرف نظره عن التطلع نحو الحكم في بلاده ، لم يكن هذا ليمنعه عن الإصرار على أن يجعل من عمان منطقة مركزية لافتة في فهمٍ عميق لتحولات التاريخ وصيرورات العالم ، فهمٌ إحترمته لاحقاً بريطانيا والولايات المتحدة والغرب وحتى روسيا والصين وغيرها ولم يفطن إليه أقرب الجوار!

كل ما أتمناه هنا ليس رضى مسقط بأي شيئ من أي شيئ يكون عليه الرضى ، ولا آبه من غيرة أعدائها بكل شيئ تكون عليه العداوة .. كل ما أتمناه أن يتقن العرب من مشرقهم إلى مغربهم فهم (درس قابوس) المتوازن جيداً في السياسة ، في الاقتصاد ، في المصالح التي يجب أن تتوافق عليها مصالح كل المجتمعات والدول!.