صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
الاقتصاد مهم ليس فقط للدول والحكومات والسياسيين، وإنما أيضا للمواطنين بمختلف فئاتهم، فكما تعكس قوته قوة ونفوذ الدولة والإدارة القائمة عليها، فإنه يشكل مستوى رفاهية السكان في دولة ومستواهم المعيشي.
الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، هي جملة صحيحة إلى حد كبير، وفي حين يميل البعض للقول إن السياسة هي ما تحرك الاقتصاد، ففي كثير من الأحيان (وربما أغلب الوقت) يحرك الاقتصاد السياسة.
ما المقصود بالتنمية الاقتصادية؟ وما الفرق بينها وبين النمو الاقتصادي؟
يرجع ذلك بشكل أساسي إلى مطاردة السياسيين لكل فرصة من شأنها أن تضمن السلامة والازدهار الاقتصادي لبلادهم ما ينعكس على رفاهية الشعب وبالتالي معدل مقبول السياسيين لديهم والثقة في قدرتهم على تحسين مستوياتهم المعيشية.
على مر التاريخ، كانت إدارة الاقتصاد الرشيدة هي مفتاح نهضة الشعوب وتقدمها وازدهارها، حيث أن الإدارة الناجحة لموارد الدولة توفر موارد إضافية لاستثمارها في جوانب أخرى، مثل تحسين التعليم وخدمات الصحة وبناء جيش قوي وامتلاك بحث علمي موثوق.
في المقابل، فإن الإدارة غير الحكيمة والتدهور المستمر لموارد الدولة، عادة ما يكون سببا في انحدار الحضارات وانهيار الأمم وتفشي الفقر والمرض والفساد ومعاناة الشعوب، والتاريخ كان شاهدا على حالات كهذه منذ زمن الإغريق مرورا بإمبراطوريات العصور الوسطى ووصولا إلى عصرنا الحالي. لكن ما هو مفهوم الاقتصاد بالضبط، الذي يجعله بهذه الأهمية التي تشكل مستقبل وحاضر الأمم، وهل من البساطة في شيء إدارته كوحدة واحدة؟
ما هو مفهوم الاقتصاد؟
باختصار، يمكن القول إن الاقتصاد هو مجموعة واسعة من الأنشطة الإنتاجية التي يقابلها نشاط استهلاكي واسع، يجري بينها عملية تبادل (بيع وشراء) تساعد في معرفة أفضل سبيل لتوظيف الموارد النادرة للدولة.
وتدار عمليات الإنتاج والاستهلاك وتوزيع السلع والخدمات، بهدف تلبية احتياجات أولئك السكان الذين يعيشون ويعملون داخل الاقتصاد (النظام الاقتصادي)، وهو دور بالغ الأهمية لتحقيق أقصى استفادة من عوامل الإنتاج والموارد. يتشكل الاقتصاد من عدة أسواق مختلفة، دورها الأساسي الجمع بين المشترين والبائعين، وتستخدم أسواق الاقتصاد كآليات لإدارة الموارد النادرة في الاقتصاد، كما أشرنا في السابق، وفقا لموقع "فيوتشر ليرن" التعليمي. وبنظرة أقرب، يمكن القول إن الاقتصاد يتكون من المستهلكين الذين يشكلون أحد أهم أطراف النظام وهم من يشترون المنتجات والخدمات ويساهمون بشكل غير مباشر في تحديد الأسعار واحتياجات السوق. كما يتكون النظام الاقتصادي على الجانب الآخر، من الشركات التي توظف المستهلكين أنفسهم كموظفين لديها وتنتج السلع، وذلك إلى جانب الحكومة التي تلعب أدوارا مختلفة حيث تشتري المنتجات وتوظف العمالة وتفرض الضرائب. تفاعل كل هذه الأطراف معا يخلق الاقتصاد.
ما هي الأزمة الاقتصادية؟ وهل تحدث بشكل متعمد؟
ويسمح الاقتصاد الفعال بتحرك أسهل للعمالة، أي أنه يجعل عملية التوظيف أيسر، كما يجعل عملية الحصول على الخدمات أسهل للمستهلكين بما ذلك الأفراد والشركات. وهذه الفعالية تجعل تطوير الاقتصاد أكثر سهولة، وبالتالي يتعاظم حجمه، ويترتب على ذلك خلق وظائف أكثر فتقل البطالة ويزداد دخل وإنفاق السكان.
وبالتالي يرتفع الطلب وتزيد الشركات من إنتاجها، في دائرة تحفز النمو الاقتصادي، وهذا النشاط المتسارع يعزز إيرادات الدولة من الضرائب وعائدات التصدير، وبالتالي تمتلك الحكومة موارد أكبر لتحسين رفاهية المواطن.
هناك علاقة كبيرة ومباشرة بين تحقيق هذه الفعالية وامتلاك خدمات لوجستية فعالة، إذ يلعب النقل والخدمات اللوجستية الجيدة دورا مهما في تخصيص الموارد النادرة بسهولة (والتي تعد المهمة الأساسية للنظام الاقتصادي).
ما هي أنواع الاقتصاد؟
اقتصاد السوق
يسمح هذا النوع من الاقتصاد للأفراد والشركات بيع وشراء السلع والخدمات بحرية كاملة، ويكون عامل العرض والطلب هو المحدد الأساسي للأسعار والمحفز الرئيسي للإنتاج، وتعد الولايات المتحدة المثال الأكبر والأقرب لهذا المفهوم، حيث يحدد المستهلكون والمنتجون ما يتم بيعه وإنتاجه.
بما أن المنتج يمتلك ما يصنعه فهو من يقرر أسعاره الخاصة، لكن في المقابل يمتلك المستهلك أيضا قرار الشراء وسلطة تحديد المبلغ الذي يريد إنفاقه، لكن في النهاية يخضع كلاهما إلى قوانين العرض والطلب التي تحدد الأسعار ومقدار الإنتاج الكلي.
ببساطة، لو زاد طلب المستهلك على سلعة محددة، فإن الأسعار ستتجه نحو الارتفاع، لأن السوق يترجم ذلك إلى أن المستهلكين على استعداد لإنفاق المزيد مقابل هذه السلعة، وفي نفس الوقت، تتجه قوى الإنتاج إلى زيادة مستوى إنتاج هذه السلعة لتلبية الطلب، نظرا لأن المحفز الأول للمنتجين هو الربحية. وبناء على ذلك، فإن اقتصاد السوق يميل بطبعه إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتساهم هذه الطبيعة عند ارتفاع الأسعار في أحد القطاعات بسبب الطلب، في توجه الأموال والعمالة اللازمة نحوه لتلبية ضغوط الطلب المتزايدة.
الاقتصاد المختلط
ومع ذلك، نادرا ما توجد "اقتصادات سوق" خالصة كما تشير النظريات، وهناك دائما بعض التدخلات الحكومية أو التخطيط المركزي، وحتى الولايات المتحدة يمكن اعتبارها اقتصادا مختلطا. تقدم الحكومات اللوائح وخدمات التعليم العام والضمان الاجتماعي من لتعويض بعض أوجه القصور لاقتصاد السوق والمساعدة في خلق التوازن.
لذلك، يمكن القول إن مصطلح اقتصاد السوق يعني اقتصاد أكثر توجها نحو السوق بشكل عام وليس بالضرورة أن يكون كما يتم تعريفه نظريا بالضبط.
في الاقتصاد المختلط، تتعايش الأسواق الحرة مع تدخل الحكومة، وقد يظهر الاقتصاد المختلط عندما تتدخل الحكومة في الأسواق من خلال إطلاق شركات مملوكة للدولة، أو عبر اللوائح الإعانات لبعض الشركات والسياسات الضريبية.
ومع ذلك، يمكن أن يظهر الاقتصاد المختلط عندما تقوم حكومة اشتراكية (أو التي تتبنى اقتصادا موجها) باستثناءات من لوائح ملكية الدولة لعوامل الإنتاج، وذلك بغرض جني الفوائد الاقتصادية من لمفاهيم الملكية الخاصة وحوافز السوق الحرة.
الاقتصاد الموجه
تعتمد هذه الاقتصادات على وكيل مركزي (ربما يكون سلطة سياسية عليا) ليحدد أسعار السلع وكيفية توزيعها، ولا يمكن في هذا النظام أن يحدث العرض والطلب بشكل طبيعي، وتكون الاختلالات به أكثر شيوعا.
الاقتصاد الموجه هو الاقتصاد الذي تتخذ فيه الحكومة المركزية جميع القرارات الاقتصادية، وتمتلك الحكومة الأرض ووسائل الإنتاج، ولا تعتمد على قوانين العرض والطلب التي تعمل في اقتصاد السوق وتتجاهل العادات التي توجه الاقتصاد التقليدي، بحسب موقع "ذا بالانس" المتخصص بالاقتصاد والأسواق المالية.
من أمثلة هذا النظام، دولة بيلاروسيا، حيث تمتلك الحكومة 80% من الشركات في البلاد و75% من بنوكها. أيضا الصين بعد الحرب العالمية الثانية أقامت مجتمعا شيوعيا وأسست نظاما اقتصاديا مخطط مركزيا، لكن الأمور تبدلت الآن وتتجه بكين بشكل متزايد نحو تبني مفاهيم السوق، وهي أقرب للاقتصاد المختلط "نسبيا".
كيف يقاس حجم اقتصاد الدول؟
النمو الاقتصادي هو زيادة في إنتاج السلع والخدمات الاقتصادية، مقارنة من فترة زمنية إلى أخرى، ويمكن قياسه من الناحية الاسمية أو الحقيقية (المعدلة وفقا لتغيرات التضخم). لكن تقليديا، يتم قياس النمو الاقتصادي الكلي من حيث الناتج القومي الإجمالي أو الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من استخدام مقاييس بديلة في بعض الأحيان. ينظر إلى قياس حجم الاقتصاد وفقا للناتج المحلي الإجمالي، على نطاق واسع، باعتباره المقياس الرئيسي لمعرفة وتحديد حجم الرفاهية المحققة في دولة ما. الرفاهية لا يقصد بها السعادة أو وسائل التمتع، ولكن سهولة وجودة الحياة، ويشمل ذلك تقديم خدمات وأجور جيدة للمواطنين.
وفقا لمحللين، تؤدي المكاسب الإجمالية في إنتاج دولة ما أحيانا إلى زيادة الدخل، مما يلهم المستهلكين للإنفاق وشراء المزيد من السلع والخدمات، مما يعني جودة حياة مادية أعلى أو مستوى معيشي أفضل.
ما هي فروع الاقتصاد؟
للاقتصاد فرعين أساسيين، هما الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي، وكلاهما يهم الحكومات والإدارات السياسية، لكن قد يكون دور الدولة أكثر أهمية في إدارة الأول (الكلي)، في حين يبدو إشرافيا وتوجيهيا بشكل أكبر في الثاني (الجزئي).
الاقتصاد الكلي
الاقتصاد الكلي هو الجانب المعني بالظواهر الاقتصادية العامة المختلفة مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلد، وتوقعات التضخم والتضخم ذاته، والإنفاق الحكومي، والاقتراض، والسياسات المالية، ومعدلات البطالة، والسياسة النقدية.
وذلك للمساعدة في نهاية المطاف في فهم حالة الاقتصاد، وصياغة السياسات على مستوى أعلى وإجراء البحوث الكلية للأغراض الأكاديمية، بحسب موقع "وول ستريت موجو" للمعلومات المالية والاقتصادية.على سبيل المثال، تنظر البنوك المركزية في جميع البلدان بشكل رئيسي إلى حالة الاقتصاد الكلي للبلد وكذلك العالم من أجل اتخاذ قرارات حاسمة مثل تحديد أسعار الفائدة في سياسة الدولة.
الاقتصاد الجزئي
الاقتصاد الجزئي يقصد به المكونات الأساسية التي يتكون منها الاقتصاد والتي تشمل عوامل الإنتاج الأرض والعمل ورأس المال والدور التنظيمي وريادة الأعمال، والقطاعات الثلاثة الرئيسية للاقتصاد، الزراعة والتصنيع والخدمات. وباختصار يقصد به أي قطاع أو صناعة أو أحد مكونات الاقتصاد الأكبر.
يدرس الاقتصاد الجزئي الحياة اليومية، بما في ذلك ما يراه ويختبره المواطنون، إذ يدرس أنماط السلوك الفردي والأسر والشركات وسياساتها، ويتعامل مع سلوكيات العرض والطلب في الأسواق المختلفة، وسلوك المستهلك، وأنماط الإنفاق، وسلوك أسعار الأجور، وسياسات الشركات.
على سبيل المثال، في الهند التي تسجل نموا متسارعا منذ سنوات، يكون للرياح الموسمية تأثيرا على معدل التضخم وخاصة أسعار الغذاء، وقد تؤدي الرياح الموسمية السيئة إلى زيادة التضخم نظرا لأن المعروض من الأعلاف والخضروات وما إلى ذلك لا يتناسب مع الطلب.
ويمكن أن تؤدي الرياح الموسمية الجيدة إلى خفض أو استقرار التضخم لأسباب واضحة، ويؤثر هذا على سلوك الإنفاق للمستهلكين الأفراد والشركات القائمة على الزراعة.الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي وجهان لعملة واحدة، أي أن لديهما العديد من الأشياء المشتركة على الرغم من أنهما يبدوان وكأنهما مختلفين.
الأسئلة الأكثر شيوعا حول الاقتصاد
ما هو التضخم؟
التضخم يمثل تراجعا لقوة عملة معينة على الشراء خلال فترة زمنية ما، ويعزى ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار السلع. يتم تقدير معدل التضخم الذي يعبر عن انخفاض القوة الشرائية، عن طريق تحديد متوسط السعر لمجموعة من السلع والخدمات الأساسية التي تحددها السلطة المعنية (الحكومة أو البنك المركزي).
ما هو الناتج المحلي الإجمالي؟
هو قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة داخل حدود بلد ما في فترة زمنية محددة. وكون هذا أشهر مؤشر لقياس إنتاج البلاد، يعتبره أغلب الخبراء بطاقة تشخيص لأداء الاقتصاد وصحته.
في حين أن هناك طرقا عديدة لاحتسابه، تتمثل إحدى هذه الطرق في حساب جميع الأموال التي تنفقها الأطراف المختلفة المشاركة في الاقتصاد، ويقصد بذلك المستهلكين والشركات والحكومة، حيث يدفع كل منهم مقابل السلع والخدمات التي تشكل الناتج المحلي في النهاية.
وبالتالي، فإن الناتج المحلي الإجمالي للبلد يساوي إجمالي إنفاق المستهلكين بالإضافة إلى الاستثمار التجاري، والإنفاق الحكومي، وصافي الصادرات (إجمالي الصادرات مطروحا منه إجمالي الواردات).
ما هو الناتج القومي الإجمالي؟
يقصد به القيمة الكلية للمنتجات والخدمات التي تم وفرها الاقتصاد خلال فترة زمنية محددة باستخدام وسائل الإنتاج المملوكة لسكان البلد، لكن بخلاف الناتج المحلي، فإن هذا المقياس يشمل وسائل الإنتاج المملوكة للشعب خارج أراضيه، ويعتبره بعض خبراء مؤشرا أكثر موثوقية لقياس حجم الاقتصاد وتطوره، ومع ذلك فهو غير شائع الاستخدام.
وتحتسب قيمة الناتج القومي الإجمالي عن طريق النظر إلى إجمالي إنفاق المستهلكين، بالإضافة إلى الاستثمار الخاص داخل البلاد وأيضا إنفاق الحكومة، علاوة على صافي الصادرات وأي دخل يحققه الأشخاص المقيمون داخل البلاد من جراء استثماراتهم في الخارج، وكل ذلك يطرح منه الدخل المحقق قبل الأجانب المقيمين داخل الاقتصاد.
|