صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر - الدكتور عادل عامر
يشكل التهرب أحد المعوقات الهامة في سبيل الوصول إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والتي تعد أحد أهم الأهداف الرئيسية للمكونات. فالضريبة هي إحدى الرسائل الأساسية لتمويل التنمية الاقتصادية. وأن النقص الذي يطرأ على حصيلة الضريبة نتيجة التهرب الضريبي يؤدي إلى أضعاف قدرة الحكومة على تمويل الاستثمار اللازم للتنمية ، والى أضعاف فاعلية الضريبة كأداة لتوجيه النشاط الاقتصادي بما يخدم أغراض التنمية وتحقيق العدالة في توزيع الدخول وكبح جماح الاستهلاك ومحاربة التضخم الذي يصاحب عملية التنمية.
-قد يؤدي تفشي ظاهرة التهرب الضريبي وشيوعه في نوع معين من الأنشطة الاقتصادية إلى تشجيع الأفراد والشركات لغرض العمل في هذه الأنشطة لما له من أثر بالغ في التهرب من الضريبة وقد تكون تلك الأنشطة غير مفيدة بالنسبة للمجتمع ومع ذلك يتجه الأفراد للاستثمار فيه ، نظراً لما يتميز به من أمكانية التهرب من الضريبة.
-عملية التهرب الضريبي تؤدي الى تقليل حصيلة الإيرادات الضريبية مما يدفع الدولة إلى زيادة أسعار الضرائب المفروضة أو فرض ضرائب جديدة مما قد يؤثر على الطاقة الضريبية للمجتمع بشكل يتجاوز إمكانياته المادية مما يترتب عليها أثار سلبية بالنسبة للاقتصاد القومي وأضعاف الحافز على الاستثمار في الإنتاج.
الفرع الثاني- أثار التهرب الضريبي من الناحية المالية: إن للتهرب الضريبي أثار سلبية كبيرة تلحق بالخزينة العامة للدولة وذلك من خلال انخفاض قيمة الحصيلة الضريبية مما يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وقيامها بوظائفها المختلفة وعدم تحويلها لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع مما يدفع الدولة إلى اللجوء لمصادر التمويل المختلفة لغرض مواجهة الالتزامات الملقاة على عاتقها. ومن أبرز أثار التهرب من الناحية المالية هي, الأضرار بالخزينة العامة للدولة وذلك بسبب انخفاض حصيلة الضرائب مما سيؤدي إلى عجز الموارد التي تعتمدها الدولة في تغطية نفقاتها العامة ، الأمر الذي يدفعها إلى العمل على تدبير موارد جديدة قد تتمثل في فرض ضرائب جديدة أو رفع أسعار الضرائب المالية.
-إن عملية التهرب الضريبي تؤدي إلى نقص الحصيلة الضريبية للدولة مما يدفع الحكومة إلى الاقتراض أو إلى الإصدار النقدي الجديد ، بما يصاحبه من مخاطر نتيجة لما قد يؤدي ذلك من تضخم وارتفاع في الأسعار ، من شأنه الأضرار في الطبقات الفقيرة بالإضافة إلى قد ما يصاحب القروض الخارجية من ضغوط قد تهدد الاستقلال السياسي والاقتصادي للدولة.
-قد تلجأ الدولة في بعض الأحيان في سبيل مكافحة التهرب الضريبي إلى الكثير من النفقات العامة بدلاً من توجيهها إلى تحقيق المزيد من الخدمات العامة والمشروعات الاقتصادية والاجتماعية التي تعود بالنفع على جميع أفراد المجتمع وخاصة الطبقات الفقيرة التي تسعى الدولة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية لأفراد المجتمع.
الفرع الثالث - أثار التهرب الضريبي من الناحية الاجتماعية: إن للتهرب الضريبي أثاراً اجتماعية سلبية تؤثر على المجتمع إضافة إلى أثار التهرب الضريبي على الناحيتين الاقتصادية والمالية وفيما يلي إيجاز بالآثار الاجتماعية للتهرب الضريبي وهي :-
-تعتبر الضريبة أحد مظاهر التضامن الاجتماعي ، لذا فأن التهرب الضريبي يعد أخلالاً خطيراً لمبدأ التضامن الاجتماعي وإهدار للعدالة الاجتماعية التي هي أساس فرض الضرائب ، فالتهرب الضريبي يؤدي إلى أضعاف رابطة التضامن الاجتماعي بين أفراد الأمة الواحدة. حيث أصبح مفهوم العدالة الاجتماعية بمعناها الواسع يعني مراعاة الأوضاع الشفهية للمكلف ومراعاة مقدار الدخل بحيث يعفى منه القسم الضروري للعيش
وتفرض معدلات تصاعدية على الباقي وترتفع كلما أرتفع الدخل ، وأن من بين أهم الأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها من فرض الضرائب وذلك رغبة منها في أعادة توزيع الدخول ومصادر الثروة الأخرى ويتحقق ذلك باستخدام الضرائب التصاعدية بحيث يدفع ذوي الدخل المرتفع ضريبة نسبية أعلى من تلك التي يدفعها ذوي الدخل المحدود مع مراعاة وجود الأنفاق الحكومي. إن التهرب الضريبي يؤدي الى المزيد من أنواع التهرب ،
حيث يأخذ شكلا" شمولياً بمعنى أن التهرب من الضريبة قد يؤدي إلى التهرب من ضريبة أخرى. كما أن التهرب الواقع من أحد المكلفين يؤدي الى تهرب مكلف أخر من الضريبة وذلك نتيجة للترابط القائم بين أعمال كل منهما ، وهذه الحلقة تؤدي لشيوع مثل هذه الظاهرة مما يفسد بدوره الأخلاق وفقدان المكلفين الشرفاء لثقتهم في الجهاز الضريبي ويقوي فيهم روح التهرب من الضريبة أسوة بالآخرين . مما يضعف علاقات التضامن الاجتماعي بين أبناء المجتمع ويضر أضراراً كبيراً بقدرة الدولة على استخدام الضريبة كأداة أساسية لتوزيع الأعباء القومية بين المواطنين ، بما يحقق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
-إن التهرب الضريبي بما يؤدي إليه من تضخم وارتفاع في الأسعار وما يصاحبه من اختلال الاستقرار والتوازن الاجتماعي بين طبقات المجتمع ، يعد من أخطر النتائج التي تترتب على التهرب الضريبي وعدم نجاح الإدارة الضريبية في منعه أو الحد منه هي أضعاف هيبة الدولة أمام مواطنيها بما يزيد من انتشار التهرب ، ويعكر صفو السلام الاجتماعي فضلاً عن النتائج الخطيرة بالنسبة للنظام السياسي القائم.
مكافحة التهرب الضريبي.
تعتبر الثقة بين المكلف والجهات الضريبية جزءًا من الثقة بين الدولة والمواطن، فالمواطن الذي يؤمن بان الإنفاق الحكومي هو إنفاق رشيد وعادل ونزيه، يكون اقرب إلى الالتزام بواجباته الوطنية ومنها الواجبات الضريبية,
إما عنصر الثقة بين المكلف والإدارة الضريبية في الدول النامية يكاد يكون منعدمًا، حيث أن مأمور التقدير ينظر إلى معظم أو غالبية الكشوفات والحسابات المقدمة من قبل المكلف على أنها غير صحيحة، وان المكلف يعمل دائما على إخفاء دخله الحقيقي، أو إخفاء بعض مصادر دخله، وان ما قام المكلف بالتصريح عنه للإدارة الضريبية لا يمثل الواقع الصحيح والمركز المالي السليم للمكلف، فالمكلف حسب وجهة نظر مأمور التقدير غالبا ما يكون متهمًا
الفرع الأول- وسائل مكافحة التهرب الضريبي بكافة الوسائل الممكنة: إن مسؤولية التهرب وتبعاتها تقع على عاتق كل من الإدارة الضريبية, والمكلف, فالإصلاح الضريبي يمكن أن يحد من التهرب الضريبي, فإصدار تشريعات تتسم بالبساطة والوضوح مع معدلات ضريبية مناسبة ومعقولة إضافة إلى تفعيل دور القضاء الضريبي لمواجهة جرائم التهرب الضريبي
كلها تعد أمور حاسمة في الحد من هذه الظاهرة إضافة إلى إجراءات الإدارة الضريبية المعتادة مثل توفر الكادر وبمستوى دعم سياسي ومادي ومعنوي يكفل إشباع الحاجات، وبتوفر نظم معلومات كفوءة قادرة على معالجة الكم الكبير من البيانات والمعلومات واعتماد طرق فحص كفوءة إضافة إلى التدابير الأخرى مثل الجباية من المنبع وتفعيل دور المادة (28) من قانون ضريبة الدخل التي تلزم الجهات والأشخاص بتبليغ الإدارة الضريبية عن المعاملات التي تجريها مع المكلفين
الفرع الثاني- العمل على أيجاد جهاز ضريبي منظم ومتفهم وقادر على التطبيق الصحيح للقانون: تعتبر الإدارة الضريبية مركز الثقل في نظام التحاسب الضريبي والجزء الذي يمكن أن يبث الحركة في بقية أجزائه بطريقة منضبطة لتحويله إلى نظام عامل وفعال يحقق الأهداف المحددة له, لذلك تبقى الإدارة الضريبية هي الأساس في نجاح أي نظام ضريبي إذ تقع عليها مسؤولية تنفيذ التشريع الضريبي من خلال أجهزتها المختصة فتقوم بفرض الضريبية وتحصيلها, فاعتماد أفضل التشريعات وأتباع أفضل السياسات لا يمكن أن يحقق النتيجة المرتقبة أذا كانت أداة التنفيذ الإدارية عاجزة عن استيعابها وتطبيقها الفرع الثالث- تنمية الوعي الضريبي لدى المكلفين من خلال وسائل الإعلام المختلفة: لكي يتصرف المكلف بإيجابية تجاه الضريبة وبسلبية نحو التهرب الضريبي يجب على الإدارة توعيته, فكثير ما يتم التساؤل هل من الممكن محاربة وبفعالية التهرب الضريبي وذلك بتشجيع المكلف على التصريح بضرائبه فإحساس المتهرب بخطر قد يترقبه ,
يكون له تأثير تربوي في الجانب الاجتماعي, فيدفعه بذلك إلى عدم المجازفة بمكانته الاجتماعية, لذلك يجب على الإدارة تقديم يد المساعدة للمواطنين والمؤسسات في تحديد الوعاء الخاضع للضريبة ومن واجبها أن تضع في تصرفهم إرشادات إعلامية وكتيبات لشرح بعض الإجراءات الخاصة بالضريبة وعليه فان توجيه المكلف بالضريبة تأتي كمرحلة ابتدائية منذ بداية تعامله مع الإدارة الضريبية لأن تصرفه لا يخضع لأي حساب علمي
وإنما يخضع إلى دوافع نفسية ولذلك وجب إعلام جميع المكلفين بالضريبة بكل تغييرات ومستجدات التشريع الضريبي وعن كل الإجراءات الضريبية المتبعة والعمل على إزالة أسباب التوتر بين المكلف والإدارة الضريبية، مما يؤدي إلى خلق الثقة المتبادلة بين الطرفين وتحقيق التعاون بينهما
التشريعات الضريبية:
تصدر التشريعات عموما لتعبر عن حاجة المجتمع وظروفه الخاصة, لذلك تحتاج هذه التشريعات إلى صياغة جيدة ومناسبة لتتلائم مع هذه الاحتياجات بشكل عام, أما التشريعات الضريبية فتحتاج إلى مهارة خاصة من جانب المشرع في صياغتها, كي لا تأتي مشوبة بالغموض فهي تفتح الطريق أمام تعسف الإدارة الضريبية من خلال التوسع في تفسير نصوص التشريع أو تأويلها بما يسفر في النهاية عن إلحاق الظلم بالمكلفين, كما يتيح الغموض وسوء الصياغة الثغرات التي ينفذ منها المكلفين لممارسة كل صنوف التهرب الضريبي , كما إن التعقيد وعدم الوضوح في القانون الضريبي يكون هو المسؤول عن التهرب فكلما كان القانون الضريبي معقدًا ومليئًا بالاستثناءات سهل على المكلف التهرب من دفع الضريبة، وبالعكس فكلما كان القانون يمتاز بالوضوح والبساطة كلما قلت فرص التهرب الضريبي وعليه لابد إن يكون التشريع الضريبي جيد ومنسجم ومترابط وان لا يتضمن ثغرات تترك مجالا للتهرب وهذه الأمور تتطلب أيضا تحسين الإجراءات الإدارية من حيث اختصار إجراءات التحقيق والتحصيل مما يساعد على سرعة تحقيق الضريبة وجبايتها وبالتالي يتحقق عنصر الملائمة فلا تطول الإجراءات بحيث تترك مجالا للمكلف للتهرب من الضريبة
رابعا- أيجاد جهة تنظم العلاقة بين المكلف والإدارة الضريبية: تشوب العلاقة بين المكلف والإدارة الضريبية حالات الشك وعدم الثقة, مما يولد مشاكل عديد تعقد عملية التحاسب الضريبي, علما بأن المكلفين دائما ما يشعرون بان الإدارة الضريبية تحاول بشتى السبل اقتطاع جزء من دخلهم الذي بذلوا جهداً في الحصول عليه فضلا عن تعسفها في هذا الاقتطاع، فهم غير مقتنعين بعدالة ما يستحصل منهم، وعلى هذا الأساس تبرز أهمية تنسيق وتنظيم العلاقة بين الإدارة الضريبية والمكلفين بالشكل الذي يخلق أجواء الثقة والقناعة ,
ولتنظيم هذه العلاقة يجب أن تكون هناك جهة قادرة على مد جسور الثقة بين طرفي القضية بما ينعكس إيجابا على الحصيلة الضريبية وإيفاء المكلف بالتزاماته, إذ أن الإدارة الضريبية تفترض دائما أن المكلف غير صادق فيما قدمه من بيانات مالية, وبالتالي تلجأ إلى احتساب الضريبة عليه بموجب الضوابط التي تضعها, ولا تربط خضوع الضريبة بالمقدرة التكليفية للمكلف, وهذا الإجراء قد ينافي قاعدة العدالة التي هي أساس عمل الضريبة.
|