shopify site analytics
بيان صادر عن القيادات القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بشأن سوريا - ‏كيف يقدّم الحوثيون طوق نجاة أخلاقي لإسرائيل؟ - خروج مليوني بالعاصمة صنعاء في مسيرة "ثابتون مع غزة العزة - جامعة ذمار تنظم وقفة احتجاجية تنديداً بالجرائم الصهيونية - مسيرة طلابية لطلاب كلية الطب بجامعة ذمار - نزلاء الإصلاحية الاحتياطية بمحافظة صعدة ينفذون وقفة تضامنية مع غزة - تفقد وكيل مصلحة الجمارك سير العمل بمكتب ذمار - اليمنية تؤكد استمرار رحلاتها عبر مطار صنعاء - وزير النقل والأشغال بصنعاء: سيتم استئناف العمل بمطار صنعاء وميناء الحديدة اليوم - 7 شهدا حصيلة العدوان الصهيوني على اليمن -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - ا.د.سعيد النشائى-جامعة واترلو- اونتاريو - كندا

الثلاثاء, 29-مارس-2022
صنعاء نيوز/ ا.د.سعيد النشائى-جامعة واترلو- اونتاريو - كندا -
محمد عبد الشفيع عيسى
أوروبا تنتحر .. ! وداعا للغرب و للشرق أيضا.. و مرحبا بالعالم الثالث القديم
لست أدري لماذا ارتأيت أن أبدأ معالجة الأزمة الروسية-الأوكرانية الأخيرة، من نقطة غير مطروقة كثيرا، وهي تكوين "الاتحاد السوفيتي السابق" نفسه ثم مجموع "العالم الاشتراكي" ككل، كيف تشكل وماذا كان طابعه الرئيسي..؟ إذ يبدو لنا و كأنّ الاتحاد السوفيتي السابق ، والكتلة أو الكتل الاشتراكية السابقة جميعها، قد تكونت على عجل، بدون التمهل وبدون أخذ الوقت الكافي لتحقيق النضج المنتظر .

ولنبدأ بالاتحاد السوفيتى ، الذى كان أشبه بإمبراطورية قادمة من العصور الوسطى ، رغم نبل مقصده ودعامته العقائدية (الاشتراكية) ذات الملمح السامي فى العمق البعيد .

ولكأنّ الاتحاد السوفيتي قد احتوى فى داخله على بذور فنائه ككيان غير منسجم .

و يلاحظ هنا مثلا أن الغرب الأمريكى – الأوروبى، أو "الغرب الأمريكى" كاختصار دالّ ، قد اختار النقطة الأوكرانية كبؤرة للحدث الأخير، باعتبار أوكرانيا بوتقة للنزاعات، حيث تجمع نقيضين في كيان سياسي واحد، إذ تتكون من (مجتمع روسي)، إن صح التعبير، جنبا إلى جنب (مجتمع غير روسي) بل و (ضد –روسي). فهذا انتقاء دالّ بامتياز على الغرض منه فى ميزان الصراع الإستراتيجي (أمريكا/روسيا).
وعموما، يبدو أن الاتحاد السوفيتى كان دولة (فسيفسائية) بحق ، ضمت روسيا وامتدادها الكلى بيلا روسيا والامتداد الجزئي لروسيا ممثلاً فى أوكرانيا، وشيئاً من شمال القوقاز (جورجيا)، بالإضافة إلى الشيشان و داغستان، و كذا أذربيجان قرب بحر قزوين. كما ضم الاتحاد السوفيتى بلدان مايسمّى (آسيا الوسطى الإسلامية) حيث الكازاك (ستان) ، والتركمان (ستان) ، وأوزبك (ستان) و قرغيزيا، و الطاجيك.

ومعلوم أنه فى مجموعة بلدان آسيا الوسطى الاسلامية يحتل الإسلام الحضارى، تاريخياً، مكانة سامقة فى التركيبة الاجتماعية – الثقافية ، ولعبت حركة (الإحياء الإسلامى) قُبيْل وبُعيْد سقوط الاتحاد السوفيتى دوراً رئيسياً فى التطور السياسى والاجتماعى لبلدان المجموعة .
بل لقد ضم الاتحاد السوفيتى بلدان بحر البلطيق – أو جمهورياته – ليتوانيا ولاتفيا و أستونيا، والتى كان لها دورها، المرسوم وغير المرسوم ، فى عملية انهيار الاتحاد السوفيتى ، والمجموعة السوفيتية ككل. كما شملت روسيا مناطق سيبريا التى تمتد بفضائها الفسيح حتى مناطق الالتقاء البحرى مع اليابان ، وقد ضمت روسيا جزر الكوريل بعد الحرب العالمية الثانية. كانت هذه كلها شبه عوالم منفصلة من جذور شتّى ، في قلبها (العصب الروسى) ومعه أشتات لا تمت بصلة قويّة للعصب، وإن شاركته الانتماء للدولة الروسية ردحا من الزمان .
ومن حول الاتحاد السوفيتي كانت هناك مجموعته (الاشتراكية الأوربية). وقد ضمت الكتلة الاشتراكية المرتبطة عضويا بالسوفييت كلاّ من بولندا وهى بلد أوروبى شرقىّ عتيد، حيث أهم مؤسسة إجتماعية هى الكنيسة الكاثوليكية ، وهو ما ربما يتأكد من الدور الرئيسى الذى لعبه رأس الكنيسة الكاثوليكية (بابا روما) في عقد الثمانينات وما قبله، و كذا نقابة العمال (تضامن) فى فصل بولندا عن الجسم الرئيسى للكتلة (الأشتراكية) السوفيتية، ومن ثم إسقاط الاتحاد السوفيتى بل ومجموع الكتلة المذكورة .

وقل مثل ذلك ، أو قريبا منه ، عن كل من المجر و (تشيكوسلوفاكيا) –التشيك وسلوفاكيا حاليا- وكذلك رومانيا التى انشقت مبكراً ، وجميعها محسوبة على (أوروبا الشرقية). بل ضمت الكتلة الاشتراكية (السوفيتية) بضعة من أوروبا الغربية، ممثلة فى (جمهورية ألمانيا الديمقراطية) أو (ألمانيا الشرقية) . ولقد تمددت في لحظة الستينات لتضم شبه الجزيرة القابعة قبالة الشاطئ الأمريكي نفسه، كوبا، من أمام "فلوريدا"..!. ثم اشتمل نفوذها ليمد ذراعيه إلى إفريقيا ولا سيما بعد استقلال البلدان الخاضعة سابقا للاستعمار الإسباني والبرتغالي جنوب القارة السمراء-الخضراء بعد 1974.
هذا العالم الاشتراكي الفسيح ، كان يمثل الاتحاد السوفيتى قلبه النابض ممتدا يفترش نحو سُدْس الكرة الأرضية. وإن قلب الاتحاد السوفيتى هو "روسيا الدولة " ، ومن جوفها "روسيا – العصب" (وإن شئت فقل روسيا العنصر أو ربما العِرْق). وإن الدولة الروسية بعصبها القوىّ، وامتدادها البيلاروسى، ثم القوقازى، هى بدورها، بمثابة القلب لما أطلق عليه (آوراسيا) Eurosia. علما بأن هذا المسمّى التاريخى يختلف عما يطلق عليه راهناً (الاتحاد الأوراسى) كشبه منظمة سياسية إقليمية تضم عدداً من البلدان ذات الطابع الأوروبى ، وأخرى ذات الانتماء الآسيوى ، و حيث تمثل روسيا ، وروسيا البيضاء (بيلاروسيا) و كازاخستان قوامها الجغرا-سياسى العتيد. فهذا الاتحاد الأوراسي يمثل ما يمكن اعتباره (التعريف الواسع) للعالم الأوراسى ، كتعبير يرتكز على رابطة الانتماء السياسى وفق خطوط جغرافية تقريبية..

أما التعريف الضيق للأوراسية فإن قلب القلب فيه هو روسيا التى غالباً ما نظرت إلى محيطها المجاور، آسيويا بالذات وإلى حد ما أوربيا، باعتباره "منطقة نفوذ، وربما "مجال حيوي" أيضا، أو "أوراسية موسّعة". فتلك هى الأصل التاريخى لما اعتُبِر من قبل المؤرخين (الإمبراطورية الروسية) كما تحددت فى زمن بطرس الأكبر ( 1674-1725) .
هذه الامبراطورية ذات التخوم المتجمدة شمالا، وتلفها صحارى سيبيريا شرقا، تقول بعض أدبيات الجغرافيا السياسية التقليدية إنها كانت ولم تزل متطلعة بشغف دائم إلى الوصول إلى عالم (المياه الدافئة) .

و في عمق المناظرة الاستراتيجية الكبرى (ماكيندر/ ماهان) يتجلّى التقابل بين عالم اليابسة وعالم البحار، باعتباره محرك التغير التاريخى للعلاقات بين الأمم خلال العصور الحديثة. و ربما من هنا اعتبرت (روسيا) لدى البعض بمثابة النموذج الأنموذجي للشغف (المرضي ..!) بالوصول من عالم اليابسة والحيط المتجمد إلى عالم البحار الدافئة. وروسيا بهذه البمثابة ، تقف قبالة (دولة العالم الجديد) فى مطلع العصر الحديث، ما سمى بعد ذلك "الولايات المتحدة الأمريكية "، كدولة (متشبّعة) بالانتماء البحرى – المحيطى ، أو كجزيرة عظمى تفصلها عن (العالم القديم) مياه دافئة كثيرة ( المحيطان الأطلنطي و الباسيفيكي). وهذا سر انقسام الفكر الاستراتيجى الأمريكى الحديث بين تيار انعزالى يدعو للاكتفاء باليابسة كجزيرة، وبين تيار (اندماجى – إدماجى) يدعو للقفز من فوق البحار والمحيطات والمياه الدافئة من أجل الالتحام العضوى المسيطر بما وراء البحار overseas .. مثلها فى ذلك مثل بريطانيا إلى حد بعيد .
و عدا عن الاتحاد السوفيتى و مجموعته الاشتراكية الأوروبية (أوروبا الشرقية) كان هناك العالم (الاشتراكى) بالمعنى الواسع، لما بعد الحرب العالمية الثانية. فقد وُجدت شريحة واسعة نسبيا من البلدان ممثلة فى (يوغلاسلافيا) بزعامة "جوزيف بروز تيتو" ، والتى تمّزقت إرباً بعد سقوط الاتحاد السوفيتى حيث ورثتها دول عديدة : صربيا ، الجبل الأسود ، البوسنة ، كرواتيا ، كوسوفو ، ومقدونيا .

أضف إلى ذلك – من البلقان أيضا –ألبانيا. وعلى مسافة بعيدة في أقصى شرق آسيا، كانت انتصرت الثورة الاشتراكية فى الصين (الشعبية) فى ديسمبر 1949 بزعامة ماوتسي تونج، لتشكل (مع منغوليا) الجناح الشرقى للعالم الاشتراكى، مقابل الجناح الغربى – السوفيتى- وما حوله. وبعد عشر سنوات تقريباً بدأ ما سمى بعد ذلك بالصراع أو (النزاع الصينى / السوفيتى) ، يحمل بذرة الانشقاق الكبير، ومن ثم توفرت الفرصة السانحة للغرب الأمريكي لما وقع بعد ذلك بنحو عشرين سنة. و دع عنك التوسع (المفرط) في مساحة النفوذ الذي أخذت تمارسه الأحزاب والتنظيمات و الجماعات الماركسية والاشتراكية و (الشيوعية)على امتداد الشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا منذ انتهاء الحرب الكورية ( 1950-53)وتقسيم كوريا وخروج (جمهورية كوريا الديمقراطية) –الشيوعية- ظافرة إلى حد بعيد. ظهر ذلك متجليا تحت ضغط الثورة الوطنية التحررية ضد الاستعمار الفرنسي ثم التدخل الأمريكي في (الهند الصينية) –كمبوديا و لاوس وفيتنام- ومن ثم تلألؤ النجم الفيتنامي –بزعامة الحزب الشيوعي في الشمال، و قائده المبّرز هوشي منه، طوال "الحرب الفيتنامية" منذ أول الستينات حتى 1975. و لا ننسى توسع نفوذ الحزب الشيوعي الاندونيسي في عهد أحمد سوكارنو حتى الانقلاب الدموي الذي قاده سوهارتو عام 1965، ونفوذ الأحزاب الشيوعية والجماعات اليسارية في الفيليبين، عدا عن (بورما) – ميانمار- و تايلند وغيرها.
كل ذلك قد أوحى ببروز (كتل) اشتراكية عظمى متلاحمة في العالم، من آسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية، إلى جوار نفوذ الأحزاب الشيوعية في أوربا الغربية نفسها ( إيطاليا وفرنسا بالذات) من الستينات حتى مطلع الثمانينات، وازدياد نفوذ الفكر التنموي والاشتراكي في (الإسكندنافيا ) -شمال أوربا- وخاصة السويد...إلخ.
هنالك تبين أن عالم الاشتراكية يتوسع بل وينتصر في مواجهة عالم الرأسمالية الغربية-الأمريكية، و أن الاتحاد السوفيتي والمجموعة الاشتراكية الأوربية بقيادته، ليست إلا نقطة في بحر متلاطم الأمواج. و كان أن بدأ الاتحاد السوفيتي يعاني من نقاط ضعفه وثغرات التكوين والبناء، اقتصاديا واجتماعيا اعتبارا من عام 1968 تقريبا، بالتزامن تقريبا مع العمل الأمريكي الحثيث لخلق منطقة نمو اقتصادي تقف بمثابة حاجز للصد في مواجهة المد الاشتراكي والشيوعي المتصاعد في شرق آسيا. ومن هنا بزغت مجموعة (الجيل الأول للبلدان حديثة التصنيع في شرق آسيا: كوريا الجنوبية وتايوان و هونج كونج وسنغافورة) وتلاها جيل ثان ثم ثالث على طريق سلكتها اليابان منذ الخمسينات فيما يسمّى بانتهاج النموذج الياباني Japanization بمساعدة أمريكية.
وهكذا، حين بدأ يدب الضعف في الكتلة السوفيتية، وحين بدأ يتصاعد الخلاف بين القطبين البارزين للعالم الاشتراكي الواسع (المترهل) –الاتحاد السوفيتي والصين)- كانت الولايات المتحدة تحاول لملمة شتات عالمها الرأسمالي، في وجه منافسة اقتصادية ضارية من حليفيْها، أوروبا الغربية واليابان، وتحاول التفوق عليهما: ماليا(بهيمنة الدولار) و تكنولوجيا أيضا منذ مطلع التسعينات مع مجيء إدارة بيل كلينتون (يناير 1993-2001). كما كانت قد عملت، قبل ذلك، على تصعيد سباق التسلح ضد الاتحاد السوفيتي منذ مطلع الثمانينات في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان 1981-89) ومن بعده (جورج بوش الأب 1989-93) و أرهقته صُعُدا حتى حانت لحظة السقوط السوفيتي عام 1991.

عودة إلى روسيا و أوراسيا لنذكر أنه غالباً ما أطلق على المجموعة الاشتراكية السوفيتية تعبير أوروبا الشرقية، وذلك فى إهمال لعلّه متعمّد لمناطق الانتماء الآسيوى، برغم اشتقاق المصطلح "الأوراسىّ" من الإلتقاء الأوروبى بالآسيوى .
و لربما كان احتواء روسيا وعالمها الأوروبى الاشتراكي لشطر من أوروبا بالذات (أوروبا الشرقية) هو أكثر ما آثار حفيظة العالم المسمى بالغربى (أوروبا الغربية + أمريكا الشمالية) تجاه العالم الروسى – الأوراسى بالذات.

وكثيراً ما قيل طوال (مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية) أو(فترة الحرب الباردة) أنه كان صراعاً بين الشرق والغرب East & West. هذا فى حين أن روسيا ليست من الشرق فى الحقيقة، ولربما كان الغربيون من أبدعوا ثنائية المصطلح ( شرق/غرب)لإخفاء حقيقة أن مصدر حنق (الغرب)على روسيا أنها (غربية) بمعنى ما، وأنها تنافس الغرب على (غربيته). و لربما كان ذلك المصطلح الملتبس ستارا لمحاولة إخفاء غربية روسيا، ونزع غطاء الشرعية الأوروبية عنها، وحتى نزع (أوراسيتها). فإن روسيا القلب ، روسيا الروسية (بالمعنى الواسع) أوروبية الى حدّ كبير وليست مجرد (أوراسية).
إنما يمكن ، بل ويحق تماماً، إطلاق صفة (الشرق) على الصين وما حولها. و ربما كان تعبير (شرق/غرب) بمثابة تنبؤ مبكر لما سيكون عليه الحال حين يتم صعود الصين ويكتمل القمر وتلتئم دائرة الصراع المنتظر بين الصين و (أمريكا ملحق بها غرب أوروبا) ؛ فى حين ربما يتم تحييد شمال أوروبا، ويظل شرق أوروبا حائراً لا يستقر على قرار. هنا فى عالم (الصين / أمريكا) يحق إطلاق تعبير (شرق/غرب) بأثر رجعىْ ، أو أنه بأثر مستقبلي دون ريب كبير.

وقد تكون معركة الغرب ضد روسيا الآن، بمناسبة "الحدث الأوكرانى" مؤخراً ، بمثابة محاولة غربية لتصفية الحساب التاريخي مع روسيا التي توسعت (بأكثر من اللازم) خصما من الرصيد الذهبي التاريخي للغرب الرأسمالي العالمي طوال قرون ثلاثة وزيادة. حدث ذلك في عهد "الاتحاد السوفيتي السابق" ومجموعته الاشتراكية الأوربية وحلفائها الاشتراكيين (أو خصومها أحيانا) في آسيا و غير آسيا –لاسيّما شبه الجزيرة اللاتينية كوبا. هذه روسيا التي يجب، أمريكياً، أن تعود إلى حِجْرها القديم، أي روسيا، (حتى بدون بيلا روسيا). بل أنه يفضل، أمريكيا، تجزئة روسيا نفسها ، وليس "الاتحاد الروسى" الواسع فقط ( أي دولة روسيا الاتحادية)، ومن ثم تحويل ذلك الكيان الروسى إلى كيانات لا تلتئم. فحينئذ سوف يتم تصفية الحساب من خلال ما يمكن اعتباره باللغة العنصرية الرائجة (الأخذ بالثأر). وحينئذ لن تقوم قائمة (للعدو العنصرى) المنظور له غربياً باعتباره العدو التاريخي حقا ً: أى روسيا ..!

فهل هذا صراع التاريخ البشرى ما بعد العصرين القديم والوسيط، (العصر الحديث بتعبير أدق)، صراع الغرب مع الغرب، نزاع على الهوية إن شئت، أو "احتكار الهوية". "فالغرب – الغرب" من وجهة نظر أوربا بمعناها الواسع (شاملة أمريكا الشمالية) ، يعتبر أن روسيا ينبغى ألا تكون من الغرب عملياً ، برغم أنها كذلك حضارياً ،إلى جانب تلامسها اللصيق مع العالم الآسيوى العريق.

هى حرب الغرب مع نفسه، ولم لا نقول حرب أوروبا مع نفسها. هى أوروبا التى صعدت على أعقاب الشرق، الشرق القديم(على محور مصر-الشام- شبه الجزيرة العربية-العراق) بما فيه الصين، ثم الشرق الوسيط ممثلاً فى العالم الإسلامى وقلبه العربى على كل حال.

إنه عصر أوروبا المتطاول، وعالمها الجغرافى الوسيع، تصفّي حسابها مع نفسها ، مع (الأغيار) أو الذين تعتبرهم كذلك ، و ربما ما هم كذلك، ولكنها مستعدة لتصفية الحساب بالحديد والنار مع (أبناء العم) .

وما بين الغرب والغرب، تقف ، الأقلية اليهودية والحركة الصهيونية، حائرة بدون مصير محدد شأنها فى ذلك شأن الكيانات أو (الدول) الوظيفية عموما – "مخالب القط" – فى العالم المعاصر، وأشهرها ثلاثة موظفة فى الصراعات الاستراتيجية من خارجها وهى الكيان الصهيونى إسرائيل، وتايوان، و رأوكرانيا، تحاول الاستفادة من الطرفين أو الأطراف.

فى المقابل، إن (العالم الثالث السابق) – إفريقيا وآسيا غير الأوراسية، والدول اللاتينية من (العالم الجديد)- سوف يأتي دورها المأمول بعد أن يزول عصر الغرب والشرق (شاملاً هذا الشرق اليابان وكذلك الصين) فيقوم عصر الجنوب. ذلك الجنوب كان شعاراً فى لحظة ، منذ الخمسينات والستينات من القرن المنصرم وحتى التسعينيات، حين ساد مصطلح(الشمال الغنيّ والجنوب الفقير). ولكن المصطلح قد ذهب مع الريح، ليحل محله غرب دون شريك، غرب (حقيقى) أمريكى مقابل غرب (زائف) روسى – صينى، ثم ليصطدم الأصيل والزائف فى حرب يشنها "الغرب الغرب" المزعوم دون هوادة، فى حلقات متسلسلة أحدثها حلقة أوكرانيا .
إنها أوروبا تنتحر، بالمعنى التاريخي العميق ، فإلى أين إذن؟ هذا ما نتطلع إلى استكناه سرّه فى حيرة قلقلة، وفى قلق حائر.. ولننتظر لنرى ما يكون عليه الحال بعد زمن بعيد أو غير بعيد ، ومن يدرى؟ لعله قريب ..!

تعليق من ا.د.سعيد النشائى-جامعة واترلو-أونتاريو-كندا
تحليل جيد يتناول كثير من الأحداث فى المرحلة الحالية وما قبلها من مراحل فى العقود السابقة. ولكنه يفتقد لكثير من الحقائق التى يؤكدها علم المادية التاريخية أهمها:
1- أن أنهيار الأتحاد السوفيتى ورسملة الصين ليسا نهاية الأشتراكية ولا دليل على أن النظام الرأسمالى الاستغلالي ورأسه الإمبريالية الأمريكية الاستيطانية النازية مستمرة للأبد. أنه يعنى فقط أن هذه التجارب الأشتراكية المبكرة لم تحقق نجاحا مستمرا نحو الشيوعية فى المركزين الرئيسيين وسوف تعود للأنبعاث مرة أخرى.
2- هنالك ارتباط عضوى قوى بين التحرر الوطني وانتصار البلدان المستعمرة ( بضم الميم) والثورة الأشتراكية وأن كل انتصار لحركة التحرر هو خطوة فى أضعاف المعسكر الإمبريالي لصالح الصعود المتجدد للثورة الأشتراكية.
3- فى العديد من الدول, خصوصا دول الشرق الأوسط, تأخرت ثورة التحرر الوطني تأخرا كبيرا تجاوز النصف قرن نتيجة الاستقلال المزيف فى أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضي حيث حلت الإمبريالية غير المباشرة محل الاستعمار المباشر وتعاونت مع طبقات محلية عميلة فى استمرار عملية السيطرة واستغلال هذه البلدان.
4- من ضمن عمليات استمرار استغلال واذلال هذه البلدان وشعوبها كان سرقة أرض فلسطين وإقامة الكيان الصهيونى النازى وأستخدامه كطرادة أمامية لهذه الإمبريالية.
5- على العكس من ذلك تطورة ثورة التحرر الوطني فى أمريكا اللاتينية بطابع اشتركي ووصلت للحكم قوى اشتراكية عن طريق انتخابات حرة وسوف تستمر هذه العملية فى الحديقة الخلفية لزعيمة الإمبريالية العالمية , أمريكا النازية.
6- أما فى الشرق الأقصى فالمادية التاريخية وقوانينها لا تتآكل بمرور الزمن, ولقد عادت حركة التحرر للصعود فى سوريا واليمن والعراق ولبنان , الخ مدعومة بأيران وتكونت جبهة المقاومة التى تحقق انتصارات وتتسع.
7- النظم المستعربة هى الصهيونية أما الشعوب فهى مؤيدة وبشدة لحركة المقاومة.
8- الوضع العالمى يتطور لمصلحة حركة التحرر وأهم هذه التطورات هو انكماش دور أمريكا النازية وفقدانها لدورها الأحادى فى السيطرة على العالم بعد أنهيار الأتحاد السوفيتى وسوف يتغير العالم إلى متعدد الأقطاب وربما تخرج قريبا أمريكا النازيه من هذه الأقطاب.
9- المستقبل القريب هو للشعوب ضد الإمبريالية والصهيونية وعملائهم وأدواتهم الأرهابية المجرمة مثلهم.
10-حرب أوكرانيا هى من صنع أمريكا النازية والتي وضعت حكم نازى صهيونى على رأسها فى أنقلاب عام 2014 والعمل العسكرى الروسى وحلفائها هو ضد النازيين الجدد ومن خلفهم وليس ضد الشعب الأوكرانى.


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)