صنعاءنيوز / م/ يحيى محمد القحطاني -
الفساد في بلادنا اليمن المنكوبة، قديما وحديثا في الحرب أو السلم، أصبح ينافس كل مستويات الفساد في العالم، فلم يبقى الفساد محصورا، في فئات محدودة ومعينة بذاتها، بل شمل كل المستويات، من البواب إلى الوزير، وحتى نكون صادقين مع انفسنا، فهناك مسؤولون كبار وصغارغارقون، في جعل اليمن "دولة فساد بامتياز"، فإذا سألت أي شخص، يمر في الطريق العام، عن الفساد، سيصدمك بأن الفساد الآن، فاق ما كان يحدث في السابق، وبات مثل الماء والهواء، لذلك فماذا تنظر من ذلك الموظف الذي يرى المسئول الأكبر في وزارته فاسدا.؟؟
إنه الفساد: الذي مهما تغذى، على عرق الناس، وثروات البلد، لن يشبع ولن يتوقف عن طلب المزيد، خاصة إذا وجد البيئة التي تغذيه، بيئة تواطأت على مجاراة الفاسدين والسكوت عنهم، بيئة ما تزال تعتبر الفاسد رجلا ثوريا"ثورة الفقراء والكادحين والمظلومين"، يأخذ من أجل الفقراء، ويحارب الظلم والقهر، إنه الوجه الكاذب والمغالطة، التي دخل فيها عامة الناس وخاصتهم، فكل واحد يحلف بأغلظ الأيمان، أنه لو تتاح له الفرصة، لفعل أكثر من الفاسد.
ثم يأتي الحزب او الجماعة او الرئيس، الذي يحكمنا، وينشئ لجان رقابية لمكافحة الفساد، فوق اﻷجهزة الرقابية واللجان السابقة، لكي تتابع الصغار وتترك الكبار، تتابع الصغار وكأنها تقول لهم: لماذا لستم حيتانا كبيرة، حتى نخاف منكم، وﻻ نقرب حصونكم المنيعة؟؟، وهكذا تترسخ صورة نموذجية في بﻻدنا اليمن، لترسيخ الفساد فيها، أن الحوت الكبير الفاسد، يأكل الحوت الصغير، فقطعوا الرواتب، ورفعوا أسعار المواد الغذائية، والبترولية والغازية، أدخلونا في حرب داحس والغبراء.
وبسبب عدم تطبيق مبداء الثواب والعقاب، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، تفشى الفساد بهذه الصورةالمرعبة، في البر، والبحر، والجو، في مشاريع البنك الدولي، ومنظمات الغذاء واﻹغاثة، وصناديق الدعم الرياضي والزراعي والموروث الثقافي، هذا الفساد الذي حول حياة اليمنيين إلى جحيم، طوابيرللبترول والديزل، طوابير للغاز والماء، وحول اليمن إلى دولة فاشلة، من قبل حاشية ناهبة فاسده، والتي تشهد فساداً منقطع النظير، هذه الحاشية حولت الفساد إلي منظومة عمل، وإلي قوانين ولوائح، كناومازلنا نسير على نهجها، حتي كتابة هذه السطور، مما يجعل الفاسدين يستمرون، في فسادهم ونهب أموال الشعب، بل أنهم اخترعوا وابتكروا طرق ووسائل حديثة، إضافة إلى الطرق القديمة ليكون الفساد مزدوجاً ويؤتي ثمرته.
ومما لا شك فيه أن كل لصوص "الدولة اليمنية، القداما والجدد، الرجعيين والثوريين، الشرعيين والإنقﻻبيين، يتمادون في فسادهم، واﻹكثار منه والتفنن فيه، ما دام الصمت عنوانا للمرحلة، والسكوت علامة الرضى، في مأثور الكلام، هذا الصمت الذي اغتنمه المفسدون، وكأنه إشارة خضراء، تبيح لهم الإتيان، على اﻷخضر، واليابس، وتدميراليمن ارض وإنسان، متخذين من "أنا ومن بعدي الطوفان"، شعارا لهم.
وهكذا دواليك انقلبت معايير الارتقاء في المجتمع، لغياب المعايير الموضوعية، في إتخاذ القرارات، والتسييس في مجال العمل، واﻹقصاء للكفاءات، في المناصب القيادية، في مختلف المواقع، بدﻻ من اﻹكثار منها، ومحاربة الناجحين، وتصعيب اﻹمور عليهم، ولذلك فلن تكون هناك تنمية، وﻻ تطورأوتقدم في هذا البلد العقيمة، ﻻ اليوم وﻻفي الغد، وﻻ في الحرب، وﻻ في السلم.
وسيكون من الصعب تطويرها وإنقاذها، من براثن الفساد المقنن، سواء سياسيا، أو ماليا، أو حتى إداري، والتي عشش فيها الكساد والفساد، وفقدان النزاهة الشخصية بإرادة تامة، بل بات يشرع له ويحصن، في سلسلة قوانين، تجعل أهل الثقة محل أهل الكفاءة، وأصبح توزيع المناصب العليا، والترقي فيها، مرهون بالعمل، لصالح الجماعة الدينية، أو الحزبية، أو اﻷجهزة اﻷمنية، التي عينته في ذلك المنصب.
ومن خﻻل المؤشرات التي نراها كل يوم، من قرارات التعيين والتي تصدر يوميا، في الوزارات، والهيئات، والجامعات، من قبل حكومة الفنادق، أو حكومة الأمر الواقع، فإننا لن نرى حربا شعواء ضد الفساد، لان فتح ملفات الفساد في اليمن في هذه اﻷيام، سيؤدي إلى استنفار كلاب الفاسدين، يدافعون عن المجرم السارق الفاسق الآثم، ويصيحون ويشتمون الضحية، أو الذي يدافع عن الضحية، ولا يسمحون لأحد بالاقتراب من الفاسدين لأنهم عبيد، استمرؤا العبودية.!!
هؤلاء العبيد لﻷسف الشديد، يذكروني بكلاب الحراسة، التي تجيد النباح والعض، ونقل عدوى السعار، فهي تنبح في وجه كل من يقترب، من سيدها، حتى ولو كان سيدها، أكبر لص وأكبر مجرم في البلد، والعجيب أنه لو أتى، من هو أقوى من سيدها، وداس عليه أمامها، فإنها مباشرة تذهب الى قدمه، وتتمسح بها، وتتودد في ذل، وتبدأ بالنباح على من يقترب، من السيد الجديد لها.
و سيستمر مسلسل النهب للمال العام، النقدي، والعيني، طالما ظلت أمنية كﻻب الفاسدين، أن يلقي لها سيدها القديم او الجديد، بعظمة يبقي يلعقها، حتى يأتي مظلوم آخر، لتبدأ بالنباح عليه لتنال عظمة أخرى، بالمقابل تظل منظمات المجتمع المدني، والكتاب والصحافيين، خائفين وخانعين وصامتين أمام جرائم الفساد المالي واداري، والله من وراء القصد ..!! |