صنعاءنيوز/ فاروق الكمالي - حمزة الحضرمي - رؤوفة حسن.. أفول نجمة لن يخبو سناها
غادرت الدكتورة رؤوفة حسن الشرقي الحياة إلى عالم السلام الأبدي ذلك السلام الذي ظلت تنشده في نفوس البشر من حولها في الوطن اليمني طيلة عقود.
ويرى أكاديميون ومفكرون أن الدكتورة رؤوفة رغم رحيلها الجسدي إلا أنها باقية في ذاكرة الجميع.. وطن ومجتمع. بما قدمته من أعمال خالدة, في سبيل خدمة الإعلام اليمني والتراث والثقافة اليمنية.
وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) رصدت عدداً من الانطباعات الشخصية للعدد من الشخصيات التي واكبت مسيرة النجمة التي أودعت صباح الجمعة التاسع والعشرين من أبريل2011م، في باطن خزيمة بالعاصمة صنعاء.
عضو مجلس الشورى الأستاذ يحي حسين العرشي مستذكرا مسيرة رؤوفة: كانت من الفتيات اللاتي التحقن بالعمل الإعلامي وقت مبكر وقد عرفتها زميلة عزيزة في الإعلام منذ أن كانت في إذاعة صنعاء وبعد أن تابعت دراستها التحقت بصحيفة الثورة وكانت خير من يعبر عن انطلاقة المرأة اليمنية في ذالك الوقت بما شهده من بدايات محدودة ولعل الجميع يتذكر فقد كان لها برنامج شجاع في التلفزيون يعبر عن الرأي والرأي الأخر.
ويشير العرشي إلى أن نشأتها كانت في أجواء الثقافة وكانت من طلائع من التحق بالمسرح مذ طفولتها فقدمت نفسها كممثلة راقية ثم تابعت نشأتها في المجال الإعلامي والثقافي على هذا النحو من الشجاعة ومن الوضوح إلى أن تمكنت من تحصيل العلم الراقي في فرنسا وحصولها على الدكتوراه هناك.
ويؤكد أن الدكتورة رؤوفة حسن كانت علما من أعلام المرأة اليمنية في المؤسسات الدولية وفي مؤسسات المجتمع المدني حيث كانت في كل منتدى في الخارج تمثل المرأة اليمنية بحضورها ومشاركتها وأبحاثها ودراساتها التي كانت دائما تؤكد المستوى الراقي للمرأة اليمنية وللمثقف اليمني.
ويتذكر العرشي عنها أنها كانت تواجه التحديات في صنعاء فكانت تتعرض للاتهامات الباطلة لمجرد أنها كانت تتابع قضايا الثقافة وتسمح للآراء أن تعبر عن نفسها من خلال تلك المؤتمرات والندوات الأمر الذي كلفها أعباء الغربة.. ويقول : لقد كان من حسن حظي أنها جاءت إلى تونس حين كنت سفيرا هناك مع أسرتها والتحقت بمؤسسة ثقافية تختص بالمرأة وبقت هناك حتى انتهت الغيمة التي كانت عليها في صنعاء ثم عادت إلى الوطن لتعمل وتتابع علوم المعرفة بكل شغف.
ويشير العرشي إلى أنها كانت في أخر عملها كرئيس لمركز الدراسات النسوية والذي يتصل بالبحث والدراسات والثقافات اليمنية والاهتمام بإحياء التراث وما يتعلق بالملبس اليمني تعمل بكل طموح من اجل إنشاء المؤسسة الثقافية التي تقع في ميدان التحرير وأعطيت المبنى الذي بدأت ترممه وتعده لهذا المشروع الثقافي الضخم وكانت هكذا من نشاط إلى نشاط وطموحة لتقديم ما لم تقدمه سيدات كثيرات في هذا المستوى من الوعي، ولعلكم تابعتم يومياتها في الثورة المكتوبة بالمعاناة وكان آخر مقال لها وكأنها تودعنا جميعا وارجوا من صحيفة الثورة إعادة نشر ذلك المقال.
عضو مجلس الشورى الأستاذ علي عبد الله السلال بدوره اعتبر رحيل رؤوفة خسارة كبيرة للوطن في هذه الظروف التي يمر بها وحد قوله فقد كانت من أبرز النساء اليمنيات التي تصدرنا للنهضة التنويرية والمعرفية في الوطن وحملت على كاهلها الانتصار للفكر والثقافة والتراث اليمني، ونتمنى لها المغفرة والرحمة وأن تبادر الدولة إلى إطلاق أسمها على أحد معالم العاصمة تخليدا لها عبر الأجيال.
من جانبها وصفت عميدة المعهد الوطني للعلوم الإدارية الدكتورة وهيبة فارع الراحلة بأنها الأخت والزميلة العزيزة ..منوهة إلى أنه من الصعب رثاء عزيز,فقد كانت حد قولها في حياتها العصامية صاحبة قضية ومشروع.
وبيّنت فارع أن الدكتورة رؤوفة في مماتها رمزا لكفاح المرأة اليمنية, وكانت صبورة إلى الحد الذي يقتل, متسامحة إلى الحد الذي يخجل, تحملت آلامها بصبر وشقت طريقها دون انتظار أو مساعد ة من احد, وكانت ككل مكافح إن تعثرت وقفت لكن وقوفها كان شموخا وإباء , تحملت آلامها ومرضها وحدها رافضة أن يشاركها فيها أحد وتحملت قسوة الألم وقسوة فراق أخت وشقيقة وهي بين الحياة والموت.
ولفتت الدكتورة فارع إلى محطات جمعتها بالراحلة: لقد اجتمعنا معا في بعض المحطات وشاركتها أعمالا كثيرة، لكنها كانت السباقة إلى التجديد والإبداع, فلسفتها دوما الاستغراق في العمل إلى حد نسيان ما حولها والخطو الحثيث نحو النجاح والإنجاز والابتكار إلى حد التذوق والاندماج.
وأضافت: كانت تطوف بأفكارها وإبداعاتها منتقلة من فكرة إلى أخرى ومن ابتكار إلى آخر, تتناسى فيها مواعيد الأكل والشرب والراحة والنوم, كأنها كانت كمن يسابق الزمن قبل أن يدركه الموت وكأنها كانت تسابق القدر الذي كانت معه في تحد دائم وان عاكسها.
وأشارت وهيبة فارع إلى أن الراحلة كانت من خيرة النساء اليمنيات, امتدت دائرتها الثقافية إلى كل شبر في اليمن بدأ من الجامعة والمؤسسة الثقافية إلى المنتديات في الداخل والخارج وكانت صاحبة مشروع الدولة المدنية.
من جانبه قال المستشار بالمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون على صالح الجمرة إن الحديث عن مشوار الدكتورة والإنسانة رؤوفة حسن التنويري يحتاج إلى وقت طويل وطويل ولا يكفي التعبير عنه في عدد من الكلمات فهي بحاجة إلى كتاب كامل.
واعتبر الجمرة أن الدكتورة رؤوفة امرأة خلقت لتكون حية فقد دعت إلى إحياء الفكر والحياة وغرست نور العلم والثقافة في قلب كل إنسان، لافتا إلى أن هناك كثيرين لم يعرفوا رؤوفة حقيقية ولهذا فإنه وجب علينا أن نطلعهم ونعرفهم من هي رؤوفة حسن وماذا كانت وماذا قدمت.
وعن ذكريات العمل الإذاعي يقول الجمرة لقد كانت تلميذاتي ذات يوم حيث كنت مدير الإذاعة وهي طالبة في الإعدادية وكانت تدرس وتعمل وتقرئ وكانت تمتاز باستحضار كل ما تقرئه عند الحاجة و كانت في برامج الأسرة، وفي كل البرامج الإذاعية قبل أن يوجد التلفزيون فكانت شعلة داخل الإذاعة وخارجها ولا أستطيع أن أزيد عن هذا.
من جانبه أوضح رئيس ملتقى الرقي والتقدم يحيى محمد عبد الله صالح أن الدكتورة رؤوفة كانت تتطلع إلى دولة مدنية ديمقراطية فسعت خلال حياتها لتمكين المرأة في كافة المجالات وكان لها دور كبير في منظمات المجتمع المدني والدفاع عن حقوق الإنسان.
وقال: لذا فإننا نشعر أنها لم تذهب فقد ربت أجيالا كثيرة ستحمل الراية من بعدها وسنتذكرها دائما عند تحقيق أي منجز كانت تتطلع إليه.
وأكد يحيى محمد عبد الله صالح أن رؤوفة حسن تركت فراغا كبيرا ونفتقدها خلال هذه الأزمة فهي الصوت العاقل والهادئ والصوت الذي ينبغي أن نستمع إليه فقد كانت تعبيرا عن ضمير الوطن والشعب والشباب والمرأة.
وأضاف: لذا كنا نؤمل بوجودها أن يكون هناك عقلانية بالطرح والعمل ولكن ما شاء الله كان فقد خسرنها وخسرها الوطن وسنعمل من أجل تحقيق الرسالة التي ناضلت من أجلها.
فيما قال وكيل محافظة تعز عبد القادر حاتم "عرفت الدكتورة رؤوفة إنسانة عظيمة ومبدعة تعلمنا منها الكثير في أخلاقيات المهنة الإعلامية وأدهشتنا بثقافتها وهمتها العالية، فهي مستنيرة الفكر وتجيد أكثر من لغة، وأضاف" ستظل الدكتورة علماً بارزاً في مجال الإعلام اليمني يستحال أن تنساه الأجيال".
واعتبر حاتم وهو احد تلاميذ الراحلة في قسم الإعلام بجامعة صنعاء رحيل الدكتورة رؤوفة خسارة لن تعوض باعتبارها من أوائل اليمنيات المثقفات وعلم من أعلام اليمن الأفذاذ اللواتي رفعن اسم الوطن عالياً في كثير من المحافل والمشاركات، ولم تأخذ حقها الفعلي على ما قدمته أثناء حياتها. لافتاً إلى ما واجهت الراحلة من الإضطهادات الكثيرة والضيم وخاصة من قبل بعض الأطراف التي لم تتفهم حينها تطلعاتها وأفكارها المستنيرة، متمنياً أن تبادر الجهات الرسمية والمعنية بتكريمها وفاءاً لدورها الكبير ورسالتها النبيلة.
من جهته قال مدير عام إذاعة تعز عمار المعلم" كانت الدكتورة رؤوفة حسن مؤسسة قسم الإعلام الذي تحول بعد ذلك إلى كلية الإعلام وقد مثلت لنا الشمعة التي احترقت لتضيء للآخرين الطريق ومثلها في حياتنا مثل العلم الذي اهتدينا من خلاله إلى مسار الإعلام الحديث والمتطور بما مثلته من وعي مبكر وطموح واضح للارتقاء بالرسالة الإعلامية إلى مسار أفضل يواكب تطورات العصر".
وأضاف" كنا كوكبة لا تزيد عن 50 طالباً حرصت الراحلة الدكتورة رؤوفة على أن تنتقينا بدقة لعلمها أن رسالة الإعلام مسؤولية وأمانة ستنهض بها في الزمن الجديد ".
وتابع" وظلت رحمها الله تواكب خطواتنا وتشحذ هممنا وتفتح مداركنا على آفاق المعرفة الحديثة والتطورات الجديدة في فضاء الإعلام، وكانت مستنيرة في فكرها ناضجة بوعيها وهي اليوم راسخة في قلوبنا رسوخ الجبال التي يستحيل على النسيان أن يتعمد محوها من ذاكرتنا".
وتمنى عمار المعلم أن تقدر الجهات والمؤسسات الإعلامية حقها في تقديم العلم والمعرفة للأجيال بأن تعطيها ما تستحقه من الوفاء والتكريم في ذكراها، وأن تطلق أحد شوارع العاصمة باسم رائدة التنوير الإعلامي الدكتورة رؤوفة حسن ومثلها في أحد قاعات كلية الإعلام وهذا اقل ما يتوجب فعله.
فيما ذكر مدير إذاعة الشباب مطيع الفقيه أن الدكتورة رؤوفة حسن كانت صاحبة أول مشروع لكلية الإعلام، تقدمت به بعد تأسيسها قسم الإعلام بجامعة صنعاء عام 1991م، كونها كانت تحمل على الأقل المشروع الكامل لمعنى كلية إعلام، فضلا عن أسلوبها الراقي والمتقدم في تدريس الطلاب.
وقال مطيع وهو أحد تلامذة الراحلة في الدفعة الثانية " الدكتورة رؤوفة من الدكاترة القلائل الذين كسروا حاجز العلاقة بين الدكتور والطالب وجعلها علاقة اجتماعية أكثر من علاقة طالب ودكتور حتى أننا في الدفعتين الأولى والثانية كنا نسمى دفعة أبناء رؤوفة".
مؤكداً بأن الدكتورة لم تنل على أقل حقوقها في الوطن، فضلاً عن مضايقتها واضطهادها، في فترة لم تستوعب رئاسة الجامعة أفكارها المتقدمة وتتبنى مشاريعها الحضارية.
واختتم بالقول " أنا لست مع تكريم الأموات ولكن على الأقل بحسب العرف السائد أرى بأنه ينبغي إطلاق اسمها على أحد القاعات بالجامعة والاحتفاء بأربعينياتها وإصدار كتاب يتناول إنتاجها ونضالها العلمي والمعرفي والحضاري".
المخرج التلفزيوني بقناة اليمن الفضائية عبد الكريم عجلان أحد طلاب الدفعة الثانية التي تتلمذت علي يد الراحلة أشار إلى ما تميزت به الدكتورة رؤوفة من عقل مستنير وأسلوب راقي في التعامل والطرح.
وقال: عندما كانت تدرسنا عودتنا على الحديث بثقة ولغة تتسم بالتواضع والمرونة، وأكثر ما كانت تمقته الخطاب الجاف المتعالي والفكر المتعصب، كما أنها لم تكن تتعصب ضد من يخالفها في الرأي وتتعامل معه بمرونة.
وأضاف عبد الكريم عجلان: علمتنا كيف نفتح الأذهان على ما يحيط بنا ولقنتنا الأساليب التي تجعل منا إعلاميين أصحاب رسالة تخدم الوطن وتحرص على وعي المجتمع وتقدمه.
وذكر أن الدكتوره رؤوفة امتلكت طاقة وصفها بالعجيبة وأن طلاب الإعلام في الدفعتين الأولى والثانية كانوا أكثر من استفاد من خبرتها وتجاربها, ومن لم يدركها فاته التحصيل المتميز والتوجيه الصائب لذي عادة ما يكون طالب الإعلام في بداية مشواره في أمس الحاجة ليه ويعكس تميزه في المستقبل.
وأكد أن رؤوفه حسن كان لديها مشاريع طموحة جدا خسرها الوسط الإعلامي قبل أن تموت بزمن عندما تم إقصائها من كلية الإعلام عقب الانتخابات البرلمانية في 93 التي خاضت غمارها دون أن تعين عميدة لتثري الطلاب وتؤسس مسارا أكاديميا فاعلا لرفد الساحة المحلية بخيرة الكوادر.
ولفت عجلان إلى المهمة الأخلاقية التي على عاتق طلابها وتلاميذها من بعدها لمواصلة الرسالة التي بذرتها فيهم لخلق أجيال يعول عليها التنوير وتوجيه المجتمع.
سبأ |