صنعاء نيوز/ -
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
تُواصِل إسرائيل لملمة جراحها من الفشل المُدّوي التي لحق بها في معركة الأقصى الأخيرة، والتي تمكّنت فيها حركة (حماس) من الانتصار فيها، باعترافٍ إسرائيليٍّ، وتجلّى هذا الانتصار بحسب تل أبيب في سيطرة (حماس) على الأقصى ونجاحها في تسويق نفسها للعالميْن العربيّ والإسلاميّ بأنّها المُدافِعة الوحيدة عن المسجد.
في الوقت عينه، وقعت عملية (إلعاد) ليلة أمس الخميس، وأوقعت ثلاثة قتلى، وعددٍ من الجرحى، وأعلنت الرقابة العسكريّة عن حظر النشر عن مجريات التحقيق. وعبّر رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس، عن إدانته لمقتل مدنيين إسرائيليين في بلدة “إلعاد”، بالقرب من القدس، وقال في تصريحٍ صحافيٍّ إنّ “قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يؤدي إلّا إلى المزيد من تدهور الأوضاع في الوقت الذي نسعى فيه جميعًا إلى تحقيق الاستقرار ومنع التصعيد”، وفق قوله.
عبّاس يُدين والسنوار يُهدَّد بالقتل
على النقيض تمامًا، دأبت وسائل الإعلام العبريّة على التحريض الممنهج على اغتيال رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بعد عملية “إلعاد”، ونشرت مختلف القنوات المتلفزة مقتطفات من خطاب السنوار الأخير بغزة والذي حذّر الاحتلال فيه من استمرار اقتحاماته للأقصى، داعيًا لتصعيد العمليات ضدّ وفي عمق المدن داخل الخّط الأخضر. ونشر النائب اليمينيّ المُتطرّف إيتمار بن غفير على (تويتر) صورةً للسنوار، مع علامة القتل، وأكّد أنّه يجِب تصفيته.
وعلى الرغم من أنّ (حماس) لم تكّن على صلةٍ بالعمليات الأخيرة داخل الخّط الأخضر، إلّا أنّ غونين بن يتسحاق، وهو ضابط سابق في جهاز الأمن العّام (الشاباك)، أكّد في مقالٍ نشره بموقع (زمان يسرائيل) أنّ الشاباك فشِل فشلاً مُجلجلاً في استشراف العمليات الأخيرة التي هزّت مراكز المدن الرئيسيّة في إسرائيل خلال الفترة الأخيرة، وأوقعت 18 قتيلاً، لافِتًا إلى أنّ أحد أهّم أسباب الفشل، إنْ لم يكُن الأهّم، يعود إلى فقدان الشاباك القدرة على تجنيد عملاءٍ له من طرفيْ ما يُطلَق عليه بالخّط الأخضر، كما قال.
الشباك فقد قدرته على “استخدام” المُتعاونين
بن يتسحاق أضاف أنّه التقى قبل عدّة أيّامٍ بضابطٍ في جهاز الشاباك وسأله: أين العامل البشريّ (HUMINT)، أيْ أين العملاء؟ فردّ قائلاً: “لا يوجد لدينا”. يُشار إلى أنّ الاستخبارات البشريّة هي الاستخبارات التي يتّم جمعها عن طريق وسائل اتصال بين الأشخاص، على خلاف مجالات جمع الاستخبارات الأكثر تقنية مثل استخبارات الإشارات والاستخبارات التصوّرية واستخبارات القياس والشارة.
ويعرّف حلف شمال الأطلسيّ (الناتو) الاستخبارات البشرية على أنّها “فئة من الاستخبارات تشتق من المعلومات المجموعة والمقدمة من مصادر بشرية”.
العمليات الأخيرة لم تكُن صدفةً عشوائيةً لإخفاقاتٍ استخباراتيّة
ضابط المخابرات بن يتسحاق أوضح أنّه لمُواطني إسرائيل يوجد سببًا لأنْ يكونوا قلقين جدًا، مُشيرًا إلى أنّ العمليات الأخيرة التي وقعت داخل الخّط الأخضر، لم تكُن عبارةً عن سلسلة صدفٍ عشوائية لإخفاقاتٍ استخباراتيّة، إلّا كانت عمليًا بمثابة علامة تحذير من أنّ جهاز الأمن العّام (الشاباك) أهمل الأداة الأكثر أهميةً في جمع المعلومات، وهي جمع المعلومات من مصادر إنسانيّةٍ، أوْ بتسميتها المهنيّة يومنت (HUMINT)، كما قال.
وخلُص الضابط السابق في جهاز المخابرات الإسرائيليّ إلى القول إنّ الجهود التي بذلها (الشاباك) في تطوير القدرات السيبرانيّة خلال السنوات الأخيرة زادت من قوّته في هذا المجال، ولكن في المُقابِل، شدّدّ على أنّ الجهاز يفقد قردته الاستخباراتيّة المُهّمة جدًا، أيْ جمع المعلومات من المصادر البشريّة، وهذا الأمر يُكلّف إسرائيل الكثير من الدماء، على حدّ وصفه.
دراسة: التصعيد الأخير يؤكِّد من جديد الحاجة لمناقشة الإستراتيجيّة الإسرائيليّة إزاء “حماس”
على صلةٍ بما سلف، رأت دراسة صادرة عن معهد السياسات والإستراتيجية في جامعة (رايخمان) في مدينة هرتسليا، شمال تل أبيب، رأتّ أنّ التصعيد على الساحة الفلسطينية خلال شهر رمضان يؤكِّد من جديد الحاجة إلى مناقشة الإستراتيجيّة الإسرائيليّة إزاء “حماس”.
وتابعت أنّ “المبادرات الإسرائيلية الواسعة النطاق التي أُعطيت لغزة بعد عملية “حارس الأسوار”، (أيّار “مايو) 2021)، دون المطالبة في المقابل بتنازلات من جانب “حماس”، سمحت للحركة بتوجيه “الإرهاب” والتحريض نحو الضفّة الغربية وإسرائيل، مع المحافظة على مساعي إعادة إعمار القطاع، وعلى المساعدة في مقابل تهدئةٍ أمنيّةٍ”.
“حماس” حملت العصا من الطرفيْن وباتت “المدافعة عن القدس”
كذلك، أضافت الدراسة التي نقلتها للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، نجحت “حماس” في حمل العصا من الطرفيْن، وتطبيق إستراتيجية تؤدي إلى موضعتها في الساحة الفلسطينية بصفتها “المدافع عن القدس”، بالإضافة إلى تعزيز قوتها وبناها التحتية في غزة، في مقابل الحفاظ على الهدوء الأمنيّ، كما قالت.
الدراسة أكّدت أنّه “يتعيّن على إسرائيل بلورة إستراتيجيّة شاملة هدفها إضعاف “حماس”، وتعزيز السلطة الفلسطينيّة، وفي هذا الإطار، يجب أنْ تدفع “حماس” ثمن أفعالها التدميرية، إلى جانب تعزيز السلطة الفلسطينيّة من الناحيتيْن الأمنيّة والاقتصاديّة”، مُحذّرةً من أنّ “عدم وجود إستراتيجيّة إسرائيليّة شاملة، باستثناء السياسة الحالية لـ”إدارة النزاع” بواسطة سياسة “الجزرة والعصا”، من شأنها تقليص القدرة الإسرائيليّة على العمل في المجال العملاني وفي مجال الردّ، الأمر الذي يساعد “حماس” في الساحة الفلسطينيّة”، على حدّ تعبيرها. |