صنعاء نيوز - * أكاديميون: الزج بالصغار في التظاهرات والاحتجاجات جريمة أخلاقية..
* منظمات حقوقية تدعو كافة أطراف العمل السياسي إلى استشعار مسؤوليتهم، وتجنيب الأطفال صراعات الكبار
* برلمان الأطفال: إشراك الصغار في المسيرات والاعتصامات انتهاك لحقوق الطفولة
* اليونيسيف تدعو إلى احترام حقوق الأطفال وتجنيبهم لأي أعمال عنف
تحقيق / افتكار القاضي
رغم المخاطر التي قد يتعرضون لها والتحذيرات والمناشدات التي تطلقها المنظمات المحلية والدولية - لا يزال الكثير من الآباء والأمهات يدفعون بأبنائهم الصغار إلى التظاهرات وساحات الاعتصامات في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات، إما بدوافع حزبية أو شخصية، وتلعب الأحزاب السياسية وبعض منظمات المجتمع دوراً في هذا المعترك إذ تساهم بشكل أو بآخر بالزج بالأطفال إلى ميادين الاحتجاجات والمظاهرات - سواء المؤيدة أو المعارضة - الأمر الذي يترتب عنه نتائج سلبية وخيمة على حياتهم.
مئات الأطفال اليوم يشاركون في هذه المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية سواء برفقة آبائهم أو أصدقائهم دون إدراك منهم لما قد يتعرضون له من مخاطر في حال حدوث مواجهات ..
الكثير من الآباء والأمهات عبروا عن قلقهم وتخوفهم من الزج بأطفالهم إلى ساحات وميادين التظاهرات ويرفضون مشاركة أبنائهم الصغار في مثل هذه التظاهرات، رغم ذلك إلا أن البعض من الأطفال يشارك في هذه المسيرات والاعتصامات بشكل سري (دون معرفة آبائهم) بتأثير من قبل أصدقائهم أو جيرانهم أو مدرسيهم ..حيث يوهمون آباءهم بأنهم سيذهبون للعب وخلافه ، لكن أهلهم يكتشفون بعد ذلك أمراً آخر فأبناؤهم لم يكونوا يلعبون أو لم يذهبوا إلى المدرسة وإنما كانوا في ساحات التظاهرات والاعتصامات ..
أم عبد الكريم ..ترفض أن يلقن الأطفال أي شعار معارض أو مؤيد في المظاهرات والاعتصامات التي تدور في الساحة وتقول (هناك من يدلي برأيه من الشباب والنساء والرجال في هذه المظاهرات فما الداعي أن نزج بالأطفال من مختلف الأعمار إلى الساحات وهم لا يعون ولا يدركون ما يرددون من شعارات وهتافات أو ما يكتب على صدورهم أو وجوههم من كلمات وعبارات.. وتؤكد بأنها رغم تحذيرها لولدها (13 عاماً) من الذهاب إلى ساحات التظاهرات إلا أنها فوجئت بذهابه إلى إحدى ساحات الاعتصامات برفقة عدد من أصدقائه دون أن يخبرها أو يستأذن والده على الأقل وكان يحاول أن يكذب بأنه لم يكن في ساحة التظاهر لولا أني هددته بأني سأخبر والده فاعترف وقال : لا يوجد أي خوف وليس هناك مواجهات وكثير ممن هم في سني وأصغر مني يشاركون في الاعتصامات . وبعد لومه وعتابه تعهد بأن لا يذهب مرة أخرى .
حنان أم لثلاثة أبناء وعلى الرغم من أنها تشارك في المظاهرات والاعتصامات المعارضة إلا أنها ترفض أن تأخذ أولادها معها أو تسمح لأحدهم المشاركة في الاعتصام.. وترى أن مشاركة الأطفال في المظاهرات سواء كانت معارضة أو مؤيدة تعتبر ظاهرة غير صحية وتحمل الآباء مسئولية ما قد يحدث لأبنائهم خاصة في حال حدوث أية اشتباكات قد تلحق الضرر بهؤلاء الأطفال الأبرياء.
آباء يصطحبون أبناءهم
أحمد محسن يستغرب على جميع الأطراف السياسية وكذلك الآباء والأمهات كيف يسمحون للطفولة البريئة أن تقتحم تلك الميادين وتردد هتافات بعيدة كل البعد عن مستوى سنهم . ولا يفقهون معناها.
ويقول: ساحات المظاهرات هذه الأيام للأسف الشديد أصبحت مجالاً للتفاخر باستعراض تلك الوجوه البريئة وأنا بدوري لا يمكن أن أسمح لأي من أبنائي بالذهاب إلى ساحات الاعتصامات ليعبروا عن آراء الكبار القادرين على التعبير عن آرائهم بأي صفة وبأي خطاب لأنهم مسئولون عن ما يقولونه ومدركون لما يرددونه وما قد يواجههم .
أكاديميــون
الدكتور/عبدالحكيم الشرجبي - أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء يقول: الشرائع السماوية والمعاهدات والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان تحرم الزج بالأطفال في أتون الصراعات بكافة أشكالها وأنواعها.
ويؤكد أن استخدام الأطفال كدروع بشرية أو أي شكل من أشكال الصراعات تجرمه كافة القوانين الوطنية الناظمة لحقوق الإنسان ويسيىء إلى طفولتهم واستغلال براءتهم ". وأعتبر أن من يقوم بهذا العمل ومن يحرض بزج الأطفال في المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات حتى وإن كان بصورة بسيطة يعتبر جريمة أخلاقية ويخالف قيم الدين الإسلامي الحنيف.
نائبة مدير مركز النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء الدكتورة سعاد السبع تقول: الأطفال لم يتهيأوا فطرياً للمشاركة في المظاهرات والاعتصامات ومشاركتهم تعرضهم لأي خطر أو إصابة أو حتى ضربات الشمس، و ينبغي أن يكون الأطفال في مأمن من صراعات الكبار وجميع الأطراف المشاركة في المظاهرات المؤيدة أو المعارضة، لأن الأطفال لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم في المواقف الخطرة ولا يمتلكون الخبرة والقدرة للتحرك أو التصرف ".
وتضيف: المظاهرات في اليمن لم تصل بعد إلى مفهوم الديمقراطية لما يشوبها من صدامات واحتدامات سواءً كانت لفظية أو جسدية وهو ما يجب أن يبتعد عنه الأطفال، نظراً لما يلحق بهم من مساوئ في خلق مزيد من الكراهية والعنف لأي موقف يتعرضون له في حياتهم الطفولية.
سيــــاج
منظمة سياج لحماية الطفولة حذرت من الزج بالأطفال في المظاهرات.. وقال رئيس المنظمة أحمد القُرشي: إن إقحام الأطفال إلى ساحات الاعتصام المناوئة أو المؤيدة أمر مرفوض وغير مقبول لما يشكله من خطر كبير على حياتهم. مشيراً إلى سقوط 22 طفلاً بريئاً بالرصاص الحي منذ بدء الاعتصامات في مختلف محافظات الجمهورية ..
ويضيف: من حق الطفل التعبير عن رأيه، لكن في مثل هذه الحالة يسقط التعبير على الأطفال تجنبا للمخاطر التي ستترتب على حياتهم انطلاقاً من مقولة (درء المفسدة أولى من جلب المصلحة).
ودعا رئيس منظمة سياج كافة أطراف العمل السياسي إلى استشعار المسؤولية الكاملة تجاه حماية الأطفال، وعدم الزج بهم في أتون الفتنة والصراع من باب التعبير عن الرأي .
شـــــوذب
مؤسسة شوذب للطفولة والتنمية هي الأخرى نددت بشدة استخدام الأطفال واستغلالهم في النزاعات والصراعات القائمة.
ودعت الأطراف السياسية في اليمن وفي مقدمتها السلطات المعنية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية إلى تبني حوار إيجابي يجنب الوطن أتون الصراع ويساهم في عدم إقحام الأطفال في النزاعات الداخلية. وشددت على ضرورة منع استخدام الأطفال دون سن 18 كأداة للعنف أو غرض له واستغلالهم في ما يتنافى مع مصالحهم الفضلى .. مطالبة أطراف العمل السياسي في اليمن إلى تعزيز الأمن البشري وإشراك الأطفال في بناء السلام والمصالحة والوفاق الوطني، وعدم تعريض حياتهم للخطر.
تعطيل العملية التعليمية
مجموعة التعليم في حالات الطوارئ عبرت عن قلقها إزاء تعطيل العملية التعليمية وعدم انتظام حضور الأطفال في المدارس نتيجة الاضطرابات التي تشهدها بعض المحافظات، وأكدت على حق الأطفال في التعليم في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات الاضطرابات المدنية أو في حالات الطوارئ باعتبار المدارس مسئولة عن توفير البيئة الحامية والآمنة للأطفال للوصول إلى حقهم في التعليم. واعتبرت أن مثل هذه الأمور هي انتهاك لحقوق الأطفال في التعليم وتعريضهم للخطر .. داعية جميع الأطراف إلى توفير الحماية للأطفال وعدم إشراكهم في الأنشطة السياسية .
الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة الدكتورة نفيسة الجائفي تقول: تم إعداد خطط مستقبلية لعقد لقاء موسع مع عدد من الأحزاب السياسية والعلماء الأكاديميين والشباب والأطفال من أجل منع استغلال الأطفال في هذه الاعتصامات وتجنيبهم مخاطر النزاعات السياسية .
واعتبرت أن من يقوم بهذا العمل ومن يحرض على زج الأطفال في المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات حتى وإن كان بصورة بسيطة يرتكب جريمة أخلاقية ويخالف قيم الدين الإسلامي الحنيف .
برلمان الأطفال
برلمان الأطفال ناشد كافة الأحزاب ومنظمات المجتمع بعدم إشراك الأطفال في المسيرات والاعتصامات المؤيدة والمعارضة.. وقال بيان صادرعن البرلمان: إن إشراك الأطفال في مثل هذه الأعمال تشكل خطراً وعائقاً أمامهم وتتسبب في انتهاك حقوقهم, كما تؤدي إلى اضطرابات وأمراض نفسية مستقبلية في حال تواجدهم في مثل تلك الفعاليات والساحات.
وأعتبر إشراك الأطفال في المسيرات والاعتصامات وتواجدهم في الساحات يمثل انتهاكاً لحقوقهم وتجاهلاً لمصلحتهم الفضلى.. مؤكداً على حق الأطفال في المشاركة والتعبير عن آرائهم ومطالبتهم بحقوقهم لكن ليس في مثل هذه المشاركات التي لا تضمن بتاتاً مصلحتهم.
واستهجن برلمان الأطفال انتهاك حق الأطفال في التعليم نتيجة لإضراب عدد من المعلمين، فضلاً عن إغلاق عدد من المدارس لأبوابها وعدم قدرتها على استكمال العملية التعليمية بالإضافة إلى حرمانهم من حقهم في الحماية وتعرضهم للعنف والإساءة بجميع أشكاله ومصرع وإصابة عدد من الأطفال الذين تم الزج بهم في المسيرات والاعتصامات .
وأشاد أعضاء برلمان الأطفال بالجهود المبذولة من كل الجهات التي تساهم في توعية الجميع بعدم إشراك الأطفال في مثل هذه الأعمال الحزبية التي تخدم مطالب سياسية .
ووجه برلمان الأطفال نداءً إلى جميع المعتصمين وأولياء الأمور بعدم إشراك الأطفال ومنع تواجدهم في الساحات أو المسيرات وأن يحرص أولياء الأمور على عدم اصطحاب أطفالهم إلى مثل هذه النشاطات وتعريفهم بالمخاطر والآثار السلبية على صحتهم وحياتهم إذا استمر تواجدهم في مثل تلك الفعاليات والساحات.
يونيسيف
ولم يقتصر التنديد والتحذير على المنظمات المحلية فقط حيث دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) كافة الأطرف السياسية في اليمن إلى حماية الأطفال وتجنيبهم أحداث العنف وعدم الزج بهم في صراعات الراشدين.
وعبرت عن بالغ قلقها لتعرض الأطفال لأعمال عنف وأن يصبحوا ضحايا له, في خضم أية اضطرابات أو التجاذبات السياسية الحالية في اليمن.
ونبهت منظمة اليونيسف من المخاطر المترتبة على الاعتداء على المدارس والتي قد تعرض سلامة الأطفال للخطر. مشيرة في هذا الصدد إلى تلقي المنظمة تقارير واردة من عدن، تفيد بتعرض عدد من المدارس في مديريتي المنصورة والمعلا أمس الاثنين لهجوم من متظاهرين, وقاموا بتهديد الأطفال والمدرسين في حال عدم مغادرتهم للمدارس والانضمام إلى الاحتجاج بأنه سيتم حرقها, فضلاً عن سماع دوي طلقات نارية في المنطقة.
وأعربت المنظمة عن قلقها لتعرض عدد من الأطفال المشاركين في المظاهرات لإصابات في مواجهات مباشرة حدثت خلال الأسابيع الماضية في بعض المدن وفقاً للتقارير الميدانية بهذا الشأن . وقال ممثل منظمة اليونيسيف في اليمن جيرت كابنيري إن هذه التقارير تشكِّل قلقاً كبيراً لليونيسيف خصوصاً وأن الاحتجاجات التي تتسم بالعنف, تعرض صحة وحماية وتعليم الأطفال في اليمن لخطر كبير وتضاعف محنتهم.
داعياً كافة الأطرف السياسية وجميع المعنيين إلى احترام حقوق الأطفال والامتناع عن استخدام العنف والحرص على حماية الأطفال في جميع الظروف وتجنب تعريضهم لأي أعمال عنف من شأنها أن تؤثر على صحتهم البدنية والنفسية..
وأضاف: إن الهجمات على المدارس تشكل مصدر قلق بالغ لليونيسيف, حيث يعتبر الأطفال الفئة الأضعف وأول الضحايا في حالات الطوارئ أو الاضطرابات المدنية، وعلينا أن نعمل جميعاً من أجل عدم الزج بالأطفال في صراعات الراشدين .
عن الثورة
|