صنعاء نيوز/ - القاهرة- متابعات: رعب جديد يجتاح العالم بعدما أعلنت عدد من الدول حول العالم تسجيل إصابات بمرض جديد يعرف بـ”جدري القرود”.
فقد أعلنت القوات المسلحة الألمانية عن اكتشاف أول إصابة بجدري القرود في مدينة ميونخ، كما سجلت فرنسا أول إصابة في العاصمة باريس. وأكدت وكالة الصحة الكندية تسجيل أول حالتي إصابة بجدري القرود لدى البشر، فيما أعلنت الولايات المتحدة تسجيل أول إصابة بجدري القرود بعد وصول شخص مصاب من كندا. وأعلنت إسبانيا اكتشاف 23 إصابة في مدريد بجدري القرود، كما سجلت البرتغال أكثر من 20 إصابة في منطقة لشبونة يشتبه بأنها جدري القرود، فيما تحدثت إدارة الصحة في مونتريال عن وجود 17 حالة مشتبها بها بجدري القرود.
وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن اللقاحات التي يتم استخدامها للقضاء على جدري القرود فعالة بنسبة 85%.
أوضحت منظمة الصحة العالمية لـ”العربية.نت” عن أعراض هذا المرض النادر وطرق العدوى.
مرض نادر وانتشاره محدود
وأشارت المنظمة إلى أن جدري القرود هو مرض نادر يحدث أساساً في المناطق النائية من وسط إفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة، وهو مرض فيروسي حيواني المنشأ يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدّة. ومع أن الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980 فإن جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء إفريقيا. كما ينتمي فيروس جدري القردة إلى جنس الفيروسية الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري.
ويُنقل فيروس جدري القردة إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، ولكن انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر. ويتراوح في العادة معدل الإماتة في الحالات الناجمة عن فاشيات جدري القردة بين 1 و10%، وتلحق معظم وفياته بالفئات الأصغر سنّاً.
فاشيات المرض وانتقاله
وأكدت الصحة العالمية لـ”العربية.نت” أنه كُشِف لأول مرّة عن جدري القردة بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968. وأُبلِغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب إفريقيا، خصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي رُئِي أنها موطونة به، والتي اندلعت فيها فاشية كبرى للمرض في عامي 1996 و1997.
وتابعت المنظمة، أن العدوى تنجم بالمرض من الحالات الدالة عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، وقد وُثِّقت في إفريقيا حالات عدوى نجمت عن مناولة القردة أو الجرذان الغامبية الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض، علماً بأن القوارض هي المستودع الرئيسي للفيروس. ومن المُحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهية جيداً من الحيوانات المصابة بعدوى المرض عامل خطر يرتبط بالإصابة به.
ويمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي أو من إنسان إلى آخر عن المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخراً بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.
كما ينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهاً لوجه، مما يعرّض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير. كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة (جدري القردة الخلقي)، ولا توجد حتى الآن أيّة بيّنات تثبت أن جدري القردة يمكنه الاستحكام بين بني البشر بمجرّد انتقاله من شخص إلى آخر.
علامات المرض وأعراضه
إلى ذلك، أوضحت المنظمة أعراض المرض، حيث تتراوح فترة حضانة جدري القردة وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها بين 6 أيام و16 يوماً، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يوماً.
وتنقسم مراحل العدوى إلى فترة الغزو صفر يوم و5 أيام، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
وفترة ظهور الطفح الجلدي في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. ويكون وقع الطفح أشدّ ما يكون على الوجه في 95% من الحالات وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين 75%.
ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات بقعية (آفات ذات قواعد مسطّحة) إلى حويصلات (نفاطات صغيرة مملوءة بسائل) وبثرات تليها جلبات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماماً.
كما يُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القردة عن سائر الأمراض المماثلة. وعادةً ما يكون جدري القردة مرضا محدودا ذاتياً وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعاً بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.
ويعتبر معدل الوفيات في الحالات تبايناً كبيراً بين الأوبئة ولكنّ نسبته لا تتجاوز 10% في الحالات الموثقة التي تحدث معظمها فيما بين الأطفال. وعموماً فإن الفئات الأصغر سنّاً هي أكثر حساسية على ما يبدو للإصابة بجدري القردة.
تشخيص المرض
وتشتمل التشخيصات التمايزية التي يجب أن يُنظر في إجرائها على أمراض أخرى مسببة للطفح، من قبيل الجدري والجدري المائي والحصبة والتهابات الجلد البكتيرية والجرب والزهري وأنواع الحساسيات الناجمة عن الأدوية. ويمكن أن يكون تضخّم العقد اللمفاوية خلال مرحلة ظهور بوادر المرض سمة سريرية تميزه عن الجدري.
ولا يمكن تشخيص جدري القردة بشكل نهائي إلا في المختبر حيث يمكن تشخيص عدوى الفيروس بواسطة عدد من الاختبارات المختلفة.
لا علاج ولا لقاح
كما أكدت المنظمة أنه لا توجد أيّة أدوية أو لقاحات مُحدّدة متاحة لمكافحة عدوى جدري القردة، ولكن يمكن مكافحة تفشيه. وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحاً لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم. ورغم ذلك فإن من المُرجّح أن يفضي التطعيم المسبق ضد الجدري إلى أن يتخذ المرض مساراً أخف وطأة.
وتبيّن في إفريقيا أن عدوى جدري القردة تحملها أجناس كثيرة من الحيوانات التالية: السناجب المخطّطة وسناجب الأشجار والجرذان الغامبية والفئران المخطّطة والزغبات والمقدمات. ولا تزال هناك شكوك تحيط بالتاريخ الطبيعي لفيروس جدري القردة ويلزم إجراء المزيد من الدراسات لتحديد مستودعه بالضبط وكيفية بقائه في الطبيعة.
الوقاية من المرض
وأشارت المنظمة إلى أن الطريقة الوحيدة للحد من إصابة الناس بعدواه هي إذكاء الوعي بعوامل الخطر المرتبطة به وتثقيف الناس بشأن التدابير التي يمكنهم اتخاذها من أجل الحد من معدل التعرّض له. ولا غنى عن تدابير الترصد والإسراع في تشخيص الحالات الجديدة من أجل احتواء الفاشيات.
وللحد من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر. ينبغي تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بعدوى جدري القردة، ولابد من ارتداء قفازات ومعدات حماية عند الاعتناء بالمرضى، كما ينبغي الحرص على غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بهم أو زيارتهم.
الحد من خطر انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر ينبغي أن تركّز الجهود المبذولة للوقاية من انتقال الفيروس في البلدان الموطونة به على طهي كل المنتجات الحيوانية (الدم واللحوم) بشكل جيّد قبل أكلها، كما ينبغي ارتداء قفازات وغيرها من ملابس الحماية المناسبة عند مناولة الحيوانات المريضة أو أنسجتها الحاملة للعدوى وأثناء ممارسات ذبحها. |