|
|
|
صنعاء نيوز -
الثورة في جميع الدول العربية — لن تنجح إذالم يتجنب الانقسام الايديولوجي ، ويجري تعبئة الناس لبناء دولة الرفاهية المدنية والديمقراطية
عبد الاله البياتي ، هناء البياتي ، ايان دوكلاس
منذ وفاة محمد البوعزيزي المأساوية في تونس ،اندلعت شرارة الانتفاضات الشعبية في مختلف أنحاء العالم العربي ،دون استثناء ، بنفس الالية، مع ما يصاحب الانتفاضات من آلام وامال. لقد استخدم الناس نفس الشعارات التي تكررت في الانتفاضات مئات المرات منذ قرن : الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية وعروبة فلسسطين. كانوا قد فشلوا مئات المرات ، وفي المئات من الأماكن من قبل ، ولكن هذه المرة يبدو ان الانتفاضات وصلت إلى مستوى من النضج مثل الكرز في فصل الربيع. تقول الاغنية الفرنسية عن كومونة باريس ان الربيع هو وقت نضوج الكرز . ان ال ربيع العربي هو وقت نضوج ثورة الديمقراطية.
عندما كتبنا مقالاتنا عن تونس ومصر ، كانت مؤسسات الفكر والرأي — حتى العربية منها — تشكك في نزاهة الانتفاضات وتشكك في احتمال تمددها إلى بلدان أخرى ،ذلك لأن مفهوم العرب كأمة واحدة قد غاب عنهم ، كما غاب عنها مفهوم التضامن السائدة في الاجسام الحية التي هي المجتمعات كقوة تحرك الناس. و بسبب أيديولوجيات هذه المؤسسات ،فانها لم تكن تستطيع ان تتوقع ان الثورة يمكن أن تولد في الشارع. ان تكون الثورة المصرية قد ولدت في الشارع في 25 يناير لا يعني انها ليست سوى مؤامرة من بعض الشباب الذين كانوا أصدقاء على الفيسبوك. كان هناك تراكم في النضالات والمطالب خلال سنوات. اذ كانت هناك الإضرابات العمالية والاعتصامات ، واجتماعات الأحزاب السياسية وحملاتها ، والاحتجاجات بين الفنانين والكتاب والنقابات المهنية ومظاهرات الشباب وكانت المحاكمات والفضائح ، ورفض تنفيذ القرارات القضائية ، وهلم جرا ، كانت لسنوات هي أحداث الحياة اليومية في مصر. وكان كل المراقبين ، بما في ذلك رأس النظام ، على بينة من مشاعر الاستياء بين المصريين. و لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، والأنظمة العربية النفطية ، وصندوق النقد الدولي – وهم الذين يشكلون نقيضا للشعب – كانوا راضين عن الاوضاع في مصرلأنهم كانوا مسيطرين على ثلاث ركائز قوية — : الطبقة الكومبرادوريةالفاسدة والمفسدة ، والجهاز القمعي ، وعلى وسائل الاتصالات ، بما في ذلك الحزب ، والصحف والقنوات الفضائية ، بل وانهم لم يعبأوا لهذا الاستياء. وفي الواقع فإلى جانب إثراء النخب الكومبرادورية ، كان هناك تدهور مستمر في مستويات معيشة الطبقة الوسطى ، فضلا عن معاناة الفقراء ويأس الشباب من الحاضر والمستقبل.
لقد أظهرت العفوية في انضمام كل التيارات الموجودة بين الشباب الى ميدان التحرير في اليوم الثاني من الاحتجاجات ان الثورة لم تكن — ولن يسمح لها أن — تحكمها تيارات ايديولوجية محددة ، بالاضافة الى عدم حاجة الثورة إلى قائد ، فردا أو تنظيما ، لتطوير الثورة. ان هاتين الخاصتين جعلت انه من المستحيل على النظام قمع الجماهير المتزايدة في ساحة التحرير اذ لا وجود لقيادة يمكن ردعها، أو يمكن سجنها وقطع رأس الثورة ، كما ليس هناك أيديولوجية يمكن بواسطتها احداث انقسام أو تخويف الشباب.
من 28-29 يناير عندما هزم الشباب امن النظام حتى 11 فبراير عندما قام الجيش بتسلم السلطة لقيادة الدولة في الفترة الانتقالية ، تحولت الثورة الى كل شعب مصر في تحالف غير مكتوب بين القوى هدفه معاداة الديكتاتورية ، ومكافحة الفساد ومكافحة تزوير إرادة الشعب. وبذا فقد بدأت الخطوة الأولى في ثورة ناجحة : مناقشة القضايا العامة من قبل الجمهور في الأماكن العامة ، في مشهد من الحرية والمشاركة العامة لم يكن له مثيل من قبل في العالم العربي. لا المشروعة فحسب ، بل القانونية ايضا
و من الطبيعي في هذا المشهد أن تزدهر الآلاف من التيارات يدعي كل منها بانه الثورة الحقيقية ، ولكن يمكننا أن نميز عموما تيارين رئيسيين. واحد يدعو الى الاستقرار والنظام ، وذلك لجعل الفترة الانتقالية ناجحة ، والآخر يسعى للتغيير السريع والعميق ، وذلك لضمان نجاح الثورة. حتى الآن كل من من هذين التيارين مفيد. واحد يمنع الثورة من ان تكون مغامرة فاشلة والآخر يمنع الثورة من أن تكون مجرد تغيير وجوه. و النتيجة ، ولأن الاجراءات تتم من خلال الحوار السلمي العلني ، فأن التغيير يتحقق من خلال القانون ودون مصادمات عنيفة. لقد اتخذت قرارات هامة من أجل التغيير عن طريق فرض إجراءات قانونية ومؤسسات موجودة. و هذه هي واحدة من سمات الثورة المصرية التي تميزها عن التراث الثوري الماضي. فهي تجري ليس فقط من خلال الشرعية الثورية كما كان الجال في الثورات سالفا ، ولكن من خلال القانون أيضا.
لقد تحقق الكثير لتفكيك ومعاقبة التحالف السابق بين السلطة السياسية والطبقة الكومبرادورية التي وقفت ضد مصالح مصر وشعب مصر ، ولكن يتفق الجميع على أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لبناء دولة ديمقراطية جديدة من خلال إصلاح القديمة . يجب تغيير الدستور ، وهيكل ، وممارسات الدولة ، بحيث يمكن للدولة أن تدافع عن الثروات الوطنية والمال العام ، وفي الوقت ذاته ان تخدم الفقراء وذوي الأجور المنخفضة من خلال اعتماد طريقة جديدة لإعادة توزيع الدخول. و أيضا ، يمكن للدولة أن تعاقب الديكتاتورية والفساد ، وفي الوقت نفسه منع إنشاء أنماط جديدة من الديكتاتورية والفساد عن طريق دمقرطةصنع القرار من خلال تعزيز المؤسسات ووسائل التقييم والمراقبة من خلال المشاركة الشعبية. كما ينبغي على الدولة إنشاء آليات لحماية موظفي الخدمة العامة ضد التعسف والفساد ، وتطوير نظام مستقل للعدالة الإدارية ، و مؤسسة مستقلة تقوم بالتحقيق وتقييم جميع بنود الانفاق العام في جميع فروع الدولة ، وضمان الحرية والمساواة في الحقوق بين جميع المواطنين ، رجالا ونساء ، وفي نفس الوقت تمكين الجميع من العيش بسلام معا من خلال احترام التنوع وحقوق الأقليات ، سواء كانت سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها.
أن المناقشات الجارية بين الجماهير بنبغي ان تتيح إنتاج برامج واضحة للمهام التي ينبغي على الثورة انجازها ، وان تنتج ننظيمات لتعبئة وتنظيم الشعب. وفي هذا الخصوص نحن نعتقد أنه ينبغي أن تخطو المناقشات بعيدا عن دائرة العموميات والأيديولوجيات ، وذلك لانتاج تحالفات مرحلية حول المهام والبرامج العاجلة والمتوسطة المدى . بالاستناد الى مصالح الشعب ،سيتمكن للثوريين المصريين اخراج مصر من الاتقياد الاعمى لاملاءات وكلاء الكومبرادورية العميلة لامبريالية الولايات المتحدة وبناء مصر مستقلة، سياسيا واقتصاديا ، تقوم سياساتها على مصالح الشعب المصري وعلى تبادل المنافع مع أصدقائها. ان أزمة الامبريالية العالمية المالية ، وفشل العولمة الليبرالية والليبرالية الجديدة ، وامكانيات مصر الكامنة بالاضافة الى التضامن والتعاون العربي ، من شأنه أن يساعد في بناء دولة مصرية قوية ديمقراطية حديثة ومتقدمة يعيش شعبها برفاهية وكرامة وعدالة وحرية.
مهام الثورة بالتوازي
وبصرف النظر عن السياسات الخارجية والدولية المتفق حولها بين جميع المصريين ، على اساس جعل أمن ومصالح مصر ، والاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر ، هي الدليل في السياسة الخارجية المصرية تجاه الدول الأخرى وفي العلاقات الخارجية ، فان تعميق التغييرات الداخلية هو الدور الفعلي للثورة. في هذا المجال ، من وجهة نظرنا ، هناك ثلاث مهام متوازية امام الشباب والقوى التقدمية. أولا ، النجاح في الفترة الانتقالية من خلال سياسات وقرارات فعالة وبواسطة توسيع الحريات العامة من أجل مقاومة الضغوط الداخلية والخارجية المعادية للثورة. وينبغي لذلك الحفاظ على التحالف بين الجيش والطبقة الوسطى والشباب كي تمر الفترة الانتقالية دون صعوبات كبيرة لمصر ، لا سيما من حيث تجنب الفوضى والمصاعب الاقتصادية. و يجب أن تحل الخلافات من خلال الوسائل المقبولة للحوار كما ينبغي تبني المطالب العادلة للقطاعات المختلفة من السكان و تحويل ذلك إلى وسيلة لتنظيم سياسي جماهيري ، ووضع برنامج سياسي مرحلي.
الثانية ، النجاح في كتابة دستور جديد لضمان بناء دولة مدنية ديمقراطية كفوءة وعصرية يمكنها أن تجيب على التحديات بخصوص الحريات ، والادارة الجيدة والتنظيم الفعال. وفي هذا المجال ينبغي أن تتجنب القوى التقدمية صراعات الأسود اوالأبيض بشأن هوية الدولة. ف مصر بلد عربي مسلم سواء كان منصوص علي ذلك في الدستور أم لا. هذا الانتماء هو ليس انتماء دينيا او اثنيا وانما حضاريا وجيوبولتيكيا.ولكن إعطاء الحق في أن تقرر شرعية القوانين الى أشخاص غير ممثلي الشعب وأجهزة الدولة الديمقراطية هو امر يخلق انقسامات لا لزوم لها ، ويهدد مبادئ التعايش السلمي في المجتمع ، ويؤسس لنموذج دولة نخبة غير منتخبة ، وقد يمنع تكيف مصر مع مستجدات الواقع في المجتمع. ولذلك ،فان رفض المادة 2 من الدستور هو 1971 امر مشروع ولكن من الضروري تجنب الصدام حول هذه القضية بدفع من الرجعيين الاسلاميين أو الاقباط المتطرفين قائمة على الهوية. ولهذا نقترح اذا كان ذلك ضروريا صيغة جامعة مثل : ان الشعب يقر القوانين ، مستلهما الفقه الإسلامي ، والقوانين والاتفاقيات الدولية ، وقيم السلام والمساواة بين المواطنين، رجالا ونساء، والتسامح والعدالة للجميع.
الثالثة ، نحن نعتقد ان في أي بلد في انتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية فأن القضية الاساسية في معركة الدستور ينبغي ان توجه نحو منع الفساد ، ومنع تهميش الأقليات ، ومنع القمع ، وتطوير الدولة لتكون دولة رفاه مسؤولة عن ، من بين أمور أخرى تقديم وتطوير الخدمات العامة في مجالات التعليم والصحة والعدل والمساواة والمواصلات والاتصالات والطاقة والكهرباء والماء ، والنقد والتبادل، والمقاييس والمواصفات ، والحفاظ على وتطوير التراث والتنمية المادية و الثقافية ، وتوفير دخول عادلة للجميع. و فيما يتعلق بمهام الدولة ، فان أهمها هو : السيادة و إدارة الثروات العامة والاقتصاد الوطني ، وأمن المواطنين وسلامة ارض الوطن ، والعدالة والحريةللمواطنين والمجموعات والجماعات . وكل ذلك ينبغي أن ينجز من قبل مؤسسات الدولة بكفاءة وشفافية وديمقراطيا. ان آليات ضمان قيام الدولة بمهامها ينبغي أن ينص عليها بشكل واضح في الدستور. وهناك الكثير مما يمكن أن يقال في مجال الاستفادة من التجارب الدستورية السابقة في مصر والبلدان أخرى. ويمكننا ان نذكر بعض النقاط الملحة :
الدولة هي دولة جميع المصريين.و المصلحة العامة هي المبدأ الامر في الدولة . و ليس في قوانينها ، اوهياكلها اواجراءاتها ، او سلوك موظفيها ما يخدم ،على حساب المصلحة العامة — أو يظهر أي شكل من أشكال التمييز ضد — أي جماعة معينة ، او فرد ، أو أيديولوجية ، حتى لو اقر ذلك من قبل الحكومة. وينبغي أن يكون العدل وتفعيل القانون سلطة مستقلة. وليس لا ي فرد أو جماعة الحق في فرض فكرته الخاصة عن العدل. السيادة هي فقط للدولة وسياساتها وقرارات القضاء. و ينبغي منع العصابات والميليشيات المسلحة ، وان يحظر العنف السياسي والديني.
تطوير الدولة المدنية الحديثة
ان التنمية في مصر يمكن أن تكون صلبة وفعالة إذا كان هدفها واجراءاتها هو تطوير جميع المناطق وتعبئة جميع الموارد. ان التضامن بين القادر والضعيف ، وبين الأجيال ، وبين المناطق الغنية والفقيرة ، ليس فقط واجبا أخلاقيا بل هو أيضا عامل اقتصادي لاقتصاد فعال. ف توسيع السوق الداخلية والإنتاج المحلي ، في الزراعة والصناعة ، وتعبئة كل الموارد الوطنية ، واستعادة القدرة على المبادرة والإبداع والإنتاج ، وكذلك السلم الاجتماعي يمر عبر هذا التضامن.
ان الدولة الحديثة تطور المؤسسات المنتخبة المحلية من خلال اللامركزية والديمقراطية مع الحفاظ على وحدة الدولة واشرافها ومع الحذر من خلق اقطاعيان محلية من خلال الحقوق وطرق التمويل التي تحصل عليها المؤسسات المحلية. ان المؤسسات المحلية هي إضعاف للبيروقراطية ، وهي مراقبة على أعمال الدولة ، وهي زيادة في المشاركة الشعبية في الحياة العامة ، وهي مدرسة لبناء القيادات السياسية. و لزيادة المشاركة ، وبالتالي مشاركة الجميع ، نحن نقترح النظام النسبي في الانتخابات المحلية ، وان تكون قواعد تمويل المؤسسات المحلية في ميزانية الدولة عادلة وغير تمييزية .
ان حرية تكوين الجمعيات في منظمات مجتمع مدني لاربحية ، في أي مجال كان ودون تدخل الدولة التعسفي ، أمر ضروري للمجتمعات الحديثة لتشجيع نشاط واجراءات اعضائها الشرعية. ويقتصر دور الدولة على مراقبة التمويل والماليةفي منظمات المجتمع المدني وذلك لتجنب استخدام هذه المنظمات لأنشطة خارج أغراضها المعلنة.
ينبغي إلغاء التمييز في التعيين والنقل والترفيع لموظفي الخدمة العامة لضمان ان يكون الرجل المناسب او المرأة المناسبة في المكان المناسب ، كما ينبغي مكافحة فساد وإفساد الموظفين. و حيثما كان ذلك ممكنا ، ينبغي أن تكون التعيينات نتيجة امتحان تحريري سري ، أو أن تقوم على التحصيل العلمي والشهادات. و ينبغي ان يعمل موظفي الخدمة العامة وفقا للمصلحة العامة ، وتجنب تضارب المصالح ، وإساءة استعمال السلطة ، وخدمة أي مصلحة خاصة. و على النقابات الدفاع عن موظفي الخدمة العامة والمشاركة مع الادارة في بحث المسائل المتعلقة بهم كافراد أو كجماعة. وينبغي تطوير نظام القضاء الإداري لجعل المؤسسات تعمل بشكل صحيح. ان تغيير النظام السياسي الذي كان ولا يزال الهدف من الثورة هو أكثر من مجموع الأشخاص الذين يشكلونه فهو أيضا مجموعة من الممارسات الإدارية في الحياة اليومية تشكل الجهاز الذي ينبغي اصلاحه من خلال إجراءات ديمقراطية جديدة واجراءات تقنية فعالة.
أما بالنسبة لاختيار نظام برلماني أو رئاسي ، نحن نعتقد أن المصريين يمكنهم اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة جيدا ، بما في ذلك من خلال النظر في تجارب البلدان الأخرى. ان برلمانا مفككا دون أغلبية واضحة يضعف فرص الاستقرار ووضع سياسات طويلة الأجل. وفي المقابل فاذا كان رئيس السلطة له صلاحيات واسعة فان ذلك ينتهي بشخصنة الدولة. نحن نقترح الجمع بين نظام الاغلبية على مرحلتين في الانتخابات للبرلمان ، ونظام مجلسي البرلمان ، وكذلك حماية الأقلية في البرلمان لمنع ديكتاتورية الأغلبية داخل البرلمان ، واستقلال السلطة القضائية ، وخصوصا المجلس الدستوري ، ومجلس الدولة ، ومؤسسة مستقلة للمراقبة المالية لتقييم والتحقيق في الانفاق العام في جميع فروع الدولة ، ومشاركة السلطات المحلية والمجتمع المدني والنقابات ووسائل الإعلام ، و الاختصاصيين ، وتوفير الحريات في الاعلام ، وذلك لرصد ومنع الحكومة من استخدام مؤسسات الدولة بشكل غير صحيح . و الرئيس هو ممثل لكل الشعب وقائد لجميع مؤسسات الدولة. و حقه هو ايقاف الإجراءات غير الدستورية ويتخذ قراراته بمساعدة مؤسسات الدولة.
دور النقابات اساسي في التغيير الاجتماعي. و سلاح النقابات الاساسي هو الإضراب ، ولكن سياساتها تختلف في ظل الرأسمالية المتوحشة عنها في دولة الرفاه. في دولة الرفاه ، يجب أن تكون النقابات مشاركة في صنع القرار في جميع المؤسسات — وهذا هو طريقها لتطوير مصالح أعضائها ، وتطوير الاقتصاد ، وتطوير كيفية ادارته عبر قبول سياسات فعالة لتحقيق ذلك . وينبغي أن يكون سلاحها في ذلك هو الحوار والمفاوضات ، واللجوء الى الاضراب كسلاح اخير عندما تكون المطالب جوهرية.
ان تكافؤ الفرص في تمويل المجموعات السياسية يؤمن ديمقراطية سليمة. لذلك ينبغي أن تضمن الدولة منع أي أجندة خارجية من السيطرة على التيارات الوطنية عن طريق التمويل ، ولكن في الوقت نفسه ينبغي اتاحة التمويل المحلي وتمويل الدولة واستخدام وسائل الإعلام لجميع المجموعات.
نموذج جديد للثورة
ان النقاش حول الدستور سيظل مجرد اطروحات نظرية إذا لم يستمر التحالف الذي قام بالثورة — الشباب والطبقة الوسطى والجيش — كائتلاف. و إذا لم تنجح قوى الثورة في الانتخابات فلن يمكن تحقيق برنامج التغيير. ان الثورة المضادة ، على الرغم من هزيمتها السياسية ، لها قوة الوضع السابق السائد قبل الثورة ، وقادره على تغيير جلدها من اجل منع بناء دولة ديمقراطية مدنية. لكن كذلك فان قوى التغيير لديها القدرة على الفوز إذا تم تشكيل ائتلاف واضح ، وإذا تم الحفاظ على التصميم والقناعة ، وإذا رفضت الشعارات الأيديولوجية ، جنبا إلى جنب مع برنامج واضح للمدى المتوسط يمكن من خلاله تعبئة الشعب من أجل التغيير. ان تحليل الاستفتاء حول التعديلات الدستورية يبين أن هذا الأمر امر ممكن. فبسهولة يمكن لل 30 في المائة التي صوتت بلا أن تتحول إلى 60 في المائة إذا اسرتشدت جيدا ببرنامج هادئ ضروري سلمي للتغيير . ان البدء في الثورة هو مسألة إرادة. اما انجاح الثورة فهو علم. ان الثورة المصرية بشرت بنوع جديد من الثورات متكيفة مع بلد كبير من 85 مليون شخص في العالم الثالث في القرن 21. ان قواها الاجتماعية بسبب ما تم انجازه بجكم الوعي أو الضرورة إلزمت كل الثوريين في العالم إعادة النظر في أفكارهم عن الثورة : كتلة كبيرة من دون قيادة تدخل في تحالف لتغيير النظام دون استخدام العنف المسلح ، وتشرع في بناء دولة جديدة من خلال الإجراءات القانونية. ان إنجاز المهام الموكلة للثورة ينبغي ان يجري في المستقبل بنفس النضج والروحية وذلك من أجل عدم تعريض الثورة أو مصر الى الخطر ، لأنه من الواضح أن الثورة المضادة
، الداخلية والخارجية ، تعتمد على الانقسامات والفوضى والصعوبات الاقتصادية لرفع رأسها
هذا وقت نضوج الكرز “ هي أغنية مكتوبة في فرنسا وهي ترتبط بذكريات كومونة باريس 1870”
عبد الاله البياتي هو محلل سياسي عراقي. هناء البياتي هي كاتبة وناشطة سياسية. إيان دوغلاس حاصل على دكتوراه في الفلسفة السياسية وخبير في جيوبولتيك المنطقة العربية.
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
RSS |
حول الخبر إلى وورد |
|
|
|
|