صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر - الدكتور عادل عامر
ان العملة الاوربية الموحدة تمثل انموذج رائد في مجال التكامل الاقتصادي العالمي، التياستطاع ان تحقق ميزات عديدة لصانعيها، حيث ان انشائها جاء على شكل مراحل وخطوات الى التكامل استطاعت من خلالها المجموعة الاوربية من تكوين اتحاد وتكتل اقتصادي وصولا الاقتصادي النقدي على مستوى اصدار العملة الاوربية الموحدة.
تعتمد الدول العربية انظمة صرف مختلفة، ولكنها تعتمد في احتياطياتها النقدية على الدولار، الامر الذي يجعل أي ازمة مالية او نقدية تنسحب بدورها بشكل مباشر او غير مباشر الى اقتصادات تلك البلدان محدثة فيها ازمات تفوق الازمة التي تحدث في الاقتصاد الامريكي، اضف الى ذلك ان احتلال الدولار الامريكي الدور القيادي في جميع المعاملات النقدية في العالم، مبررا لعجز الاقتصاد الامريكي المتاصل بسبب قيام الدولار بمد العالم كله بما يحتاج اليه من السيولة النقدية، حيث يحتل الدولار على ما يقارب (75 (%من احتياط العالم النقدي وما يقارب (80 (%من النقد الدولي المتداول، بالوقت الذي ينفرد الاقتصاد الامريكي وحده بكل المردود الذي تحقق نتيجة لهذا الاستقطاب.
ان اعتماد عملة واحدة داخل الاتحاد الاوربي سوف يقود ذلك بطبيعة الحال القطاع المصرفي المصري الى الغاء جميع ما يحتفظ به من عملات اوربية وطنية (فيما يخص عملات دول الاتحاد الاوربي)، الامر الذي يحرم القطاع المصرفي من الاستفادة من العوائد المتحققة من جراء التغيير في اقيام تلك العملات، وبالتالي يؤثر ذلك على عوائد المصارف المصرية وخاصة النشطة منها في هذا المجال.
وان اعتماد العملة الاوربية الموحدة (اليورو) في تسويات التجارة الخارجية سوف يؤثر ذلك على طبيعة ونوعية الاحتياطيات النقدية التي يحتفظ بها كل من البنك المركزي المصري وباقي المؤسسات المصرفية الاخرى من النقد الاجنبي. ومن الجدير بالذكر ان زبائن المصارف المصرية (الدائنون / المدينون) لم يتأثروا بهذه العملة الجديدة، وذلك بسبب ان التحول الى اليورو هو مجرد تحول في القيمة المالية دون المساس بالقيمة الحقيقية للودائع او القروض. ان العملة الاوربية الموحدة (اليورو) تدعوا جميع المصارف العربية الى اعادة هيكلة حساباتها وذلك باختزال حسابات (15 (عملة اوربية الى عملة واحدة. اضف الى ذلك اعدادها برامج تدريبية للكوادر العاملة لتاهيلها للتعامل مع العملة الاوربية الموحدة.
وفيما يلي سنتناول انعكاس اليورو على بعض المؤشرات النقدية
1U -اليـورو والجنيـه المصـري يعتمد البنك المركزي المصري على نظام سعر الصرف المرن، والذي تم اتباعه في ضوء العلاقات الاقتصادية على مر الزمن بالدولار، حيث ان غالبية تعاملات مصر الخارجية ولفترة طويلة تتم باستخدام الدولار. حيث ان هذا النظام من اسعار الصرف كان وسيلة مضمونة وفعالة لتثبيت القوة الشرائية للجنيه المصري، وبسبب ارتباط الجنيه المصري بالدولار فان أي تغيير في قيمة الدولار مقابل اليورو سوف يوثر على قيمة الجنيه المصري مقابل اليورو، وفي ظل هذا التأثير يبقى ارتباط الجنيه المصري بسلة من العملات المرجحة بالاوزان النسبية (لتجارة مصر مع اهم الشركاء التجاريين لها)، هو الوسيلة الاكفئ لتجنب اكبر قدر ممكن من الخسائر التي قد تتعرض لها المصارف المصرية. وان اهم اهداف الاحتياطي هو تغطية احتياجات مصر من الواردات حيث تتفاوت النسب التي يغطيها هذا الاحتياطي من دولة الى اخرى، ولكن المعدل الدولي هو ان يغطي هذا الاحتياطي ما يعادل قيمة واردات الدولة
، وفي حالة مصر فان الاحتياطي) شهور، وهو المعدل الامن دوليا يغطي قيمة واردات مصر لاكثر من عام كامل، حيث بلغ الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي. وبغض النظر (37 (المصري عام 2000) 20 (مليار دولار، وعام 2007) 4.22 (مليار دولار عن مدى الرشادة الاقتصادية للاحتفاظ بكل هذا الاحتياطي، والجدل الذي يدور حول هذه النقطة، فمن الملاحظ ان معظم الاحتياطي المصري مقوم بالدولار رغم ان اكثر من ( 45 (%من تجارة مصر تتم مع الاتحاد الاوربي، ومع بداية تسعير دول الاتحاد الاوربي لصادراته ووارداته العملة الاوربية الموحدة م.م.مصطفى كامل على مصر ان تعتمد اليورو لتسوية قيمة وارداتها من الاتحاد الاوربي، الامر باليورو كان لزاما الذي ترتب على البنك المركزي المصري ان يعتمد التنويع في احتياطياته بين الدولار واليورو والين،
حسب توزيع التجارة الخارجية لمصر بين منطقة الدولار ومنطقة اليورو ومنطقة الين، ليستخدم اليورو لتسوية تجارة مصر مع الاتحاد الاوربي ويستخدم الدولار لتسوية تجارة مصر مع الولايات المتحدة الامريكية ودول العالم التي تتعامل بالدولار ويستخدم الين لتسوية تجارة مصر مع منطقة الين. 3U -اليـورو وسعـر الفائـدة
ان السياسة النقدية في مصر تحدد سعر الفائدة على الجنيه المصري بناءا على سعر الفائدة على الدولار عالميا بحيث تحقق الجاذبية للجنيه كوعاء ادخاري، لكن بعد ظهور اليورو وتمتعه بجاذبية عالمية ومحلية كوعاء ادخاري دون الخوف من تقلبات اسعار الصرف. الامر الذي دعى واضعي السياسة النقدية في مصر اعتماد تحديد اسعار الفائدة على الجنيه المصري، بما يحقق استمرار جاذبيته كوعاء ادخاري مرتبط بمدى تاثر الدولار مقابل اليورو وتاثر سعر الفائدة على الدولار عالميا
4U -اليـورو والبورصـة المصريـة بعد التعامل الحسابي باليورو بين المصارف وفي اسواق الاوراق المالية الدولية فان البورصة المصرية من الطبيعي ان تتاثر بهذه العملة، وان كان هذا التاثير يتركز في الجزء المخصص بشهادات الايداع الدولية ( GDR ،(من جانب غير المصريين الذين يشترون هذه الشهادات باليورو،
حيث ان تنشيط قيمة هذه الشهادات وزيادة حجم معاملاتها في البورصة المصرية، يزيد من حجم الطلب على الاوراق المالية خاصة بعد قيام العديد من صنايق الاستثمار باصدار وثائقالتعامل باليورو، الامر الذي تطلب من بورصة الاوراق المالية المصرية استعداد كافي للتعامل بالعملة الاوربية "اليورو"، في التعاملات اليومية والتنسيق مع البورصات العالمية خاصة البورصات التي ترتبط بها مصر. ومن الجدير بالاشارة هنا، ان مصر ابرمت في 25/1/2001 ،اتفاقية شراكة مع الاتحاد الاوربي، دخلت حيز التنفيذ مطلع عام 2004 ،حيث تناولت تلك الاتفاقية وضع اطار مناسب والتعاون بين مصر والاتحاد الاوربي فيللتعاون والشراكة في السياق الاقليمي الاكثر اتساعامجال المساعدات الانمائية.
حيث ينصب جوهر هذه الاتفاقية على انشاء منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد وهو ماينطوي على تحرير متبادل للتعريفة الجمركية الخاصة بالسلع الصناعية والزراعية وتحرير التجارة وانتقال رؤوس الاموال بينهما، وبذلك تتصدر مصر قائمة الشراكة التجارية مع الاتحاد الاوربي بين باقي البلدان العربية،
فقد وصلت تجارة مصر مع الاتحاد الاوربي نسبة ( 40 (%من اجمالي تجارتها مع العالم، ووصلت التجارة الثنائية بين البلدين (1.11 (مليار يورو مقارنة بمتوسط قدره (10 (مليار يورو عام 2000 ،منها (4 (مليار يورو تخص صادرات مصرية للاتحاد الاوربي و(1.7 (مليار يورو تخص صادرات الاتحاد الاوربي لمصر. كما تم فتح مصرف الاستثمار الاوربي في القاهرة عام 2003 ،لتعزيز التعاملات المالية. (38 (بين مصر والات )
ان اعتماد الوحدة النقدية الاوربية "اليورو"، يحقق نوع من التوازن العالمي تنسحب تاثيراته الايجابية على العالم العربي، ويصبح امام البلدان العربية البديل المقارن مع كل ما يحمله الدولار الامريكي من ضغط وتهديد مستمر الى الاقتصادات النامية بشكل عام والعربية بشكل خاص واقتصاديا سياسيا |