صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر - الدكتور عادل عامر
ان المصارف العربية تحرص على الاحتفاظ باحتياطيات نقدية أخرى تتمتع بثقة عالمية ومعتمدة من قبل بلدان صناعية متقدمة تنافس الاحتياطيات الدولارية، بغية العيش مع نظام نقدي عالمي متوازن وتنتمي فيه النقود الدولية إلى اقتصادات متوازنة.
ان اعتماد عملة اوربية واحدة له انعكاسات هامة على جميع المؤسسات المصرفية العاملة في الاتحاد الاوربي، ذلك لان المصارف هي التي تتحمل الاعباء الخاصة بتغيير تكنولوجيا المعلومات، وتكاليف العملة الجديدة،
حيث تحمل القطاع المصرفي الاوربي بين ( 8 – 10 مليارأي ما يعادل ( 10 – 13 (مليار دولار بعد اتمام الوحدة النقدية، حيث ان الغاء العملات الوطنية يؤدي الى استنزاف الكثير من ايرادات المصارف، ويهدم الحواجز التي تحمي اسواقها، لان الايرادات المتاتية من خدمات التعامل بالعملات الاوربية والمدفوعات العابرة، حيث لن يكون هناك حاجة لمثل هذه الخدمات بعد للحدود، وتحويل التجارة سوف تتناقص جذريا التحول للعملة الموحدة
ويمكن تلخيص اهم انعكاسات اليورو على القطاع المصرفي الاوربي:-
أ -تخلق العملة الاوربية احتدام المنافسة المصرفية من ناحية استقطاب الخدمات والتنسيق العالي فيما بينها، وفتح واستحداث مراكز وفروع مصرفية جديدة داخل الاتحاد الاوربي للاستفادة من مفهوم المعاملة بالمثل.
ب -ان شدة المنافسة بين المصارف انعكس على انخفاض مستوى ربحية تلك المصارف نتيجة انخفاض تكاليف الخدمات المصرفية، وتقليص الفروق في نسب العمولة بين مصارف الدول الأعضاء.
ج -دعم سوق الاسهم في الدول الاعضاء بشكل يعمل على اعادة تخصيصات الدول في المحفظة الدولية، من اجل تحقيق وزن اكبر في السوق العالمية.
د - على المؤسسات المصرفية المتوسطة ان المنافسة العالية بين المصارف انعكست سلبا والصغيرة.
ه - ازدياد حركة انتقال رؤوس الاموال لاستكمال عمليات تحرير كافة المعاملات المالية، بما في ذلك حرية انتقال الأموال السائلة والتحويلات المصرفية، ومختلف الادوات والوسائل المالية، وتحقيق الاستقرار في أسعار الصرف في ظل نظام نقدي اوربي موسع، الامر الذي منح داخل السوق الموحدة. اكبر لتكوين محافظ استثمارية اكثر تنوعا للمستثمرين المحليين فرصا
و -ازدياد عمليات التوسع والاندماج المصرفي، بهدف دعم موقفها التنافسي في السوق الموحدة مثلما فعلت المصارف الاسبانية إن تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية يتركز عبر قنوات التجارة الخارجية والاستثمارات وينعكس على الاحتياطيات من العملات الأجنبية وعلى عملة الربط للعملات الوطنية. فعلى مستوى التجارة الخارجية يشكل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول والأهم بالنسبة للدول العربية خاصة وأن الجزء الأكبر من الصادرات العربية توجه للإتحاد الاوربي، وكذلك القسم الأعظم من الواردات العربية تأتي منه، ويكفي أن نشير إلى أن حجم التجارة العربية غير النفطية مع أوروبا يزيد عن (100 مليار دولار) عام 2005 ،في حين لا يتعدى ( 60 مليار دولار) مع أمريكا في العام نفسه، هذا الحجم مؤهل للزيادة نظرا للاهتمام الكبير الذي يوليه الإتحاد الأوربي للمنطقة العربية، نتيجة التنافس بينه وبين أمريكا للاستحواذ على أسواقها. فدول الخليج تحظى بأهمية كبيرة لدى الاتحاد الاوربي في ضوء ما تتمتع به من أهمية اقتصادية واستراتيجية، حيث تمثل منطقة الخليج مركز الثقل النفطي العالمي بإنتاجها ما يقارب (15 (مليون برميل يومي من أصل (70 (مليون برميل على المستوى العالمي، زيادة على امتلاكها لأكبر احتياطي نفطي في العالم وصل إلى ( 700 (مليار برميل عام 2003 أي ما يعادل نسبة ( 66 (%من إجمالي الاحتياطي العالمي، كما تحتل دول الخليج موقعا جغرافيا استراتيجيا يوفر لها خاصية تجارية متميزة بسوقها الواسعة المستقبلة للمنتجات الأوروبية حيث يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لدول الخليج بقيمة مبادلات تجارية إجمالية وصلت إلى نحو ( 50 (مليار يورو عام 2001 ،
وهو ما يعادل ( 50 (%من حجم تجارة الاتحاد الاوربي مع العالم العربي، كما يعد الاتحاد الاوربي ثاني أكبر مستورد للمنتجات الخليجية بعد اليابان بقيمة ( 17 (مليار دولار عام 2001 أي ما يعادل (9 (%من إجمالي الصادرات الخليجية، تمثل الصادرات النفطية منها حوالي . (28) (65 (%وهو ما يعادل (23 (%من إجمالي الواردات النفطية للاتحاد الاوربي مع الاتحاد الأوروبي تاريخيا، وقد تكرست أما منطقة المغرب العربي، فهي أكثر تعاملا أكثر فأكثر من خلال اتفاقيات الشراكة الأورو-متوسطية التي وقعتها كل الدول المغربية ما عدا ليبيا التي تسعى لتوقيعها،
والتي ستترجم بإنشاء منطقة تجارة حرة في غضون عام 2010 ،ويكفي أن نشير إلى حصة أوروبا من الصادرات المغربية خلال عقد التسعينات من القرن الماضي تجاوزت (70 ،(%وبالمقابل سجلت حصة أوروبا من الواردات المغربية لنفس الفترة (68 (%وهو ما يؤكد كثافة التعاملات التجارية لدول المغرب العربي مع الاتحاد الأوربي مقارنة بتعاملها التجاري مع بلدان القارات الأخرى.
ومهما ثقل وزن المعاملات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية، فإنه تجدر الإشارة إلى هيكل الصادرات العربية الذي تهيمن عليه المحروقات، والتي تخضع أساسا لسياسة العملة الأوربية الموحدة الأوبك في تسعيرتها بالدولار الأمريكي، وهذا ما يطرح مشاكل بالنسبة للاقتصادات العربية خاصة عندما تراجع الدولار أمام اليورو مما يعرضها لخسائر كبيرة، فهي من جهة بحاجة إلى اليورو لتسديد تعاملاتها مع الاتحاد الأوروبي في حين تتلقى عوائدها من المحروقات بالدولار، وهذا ما يرجح اعتماد تسعير النفط المصدر للاتحاد الأوربي باليورو، وتكون كل القروض
والمساعدات وكل المعاملات معه باليورو، الذي سيشكل عملة دفع مستحقات التجارة الخارجية، وأداة للتدخل في سوق الصرف وعملة احتياط رئيسة. أما الصادرات خارج المحروقات فهي ضعيفة جدا وستلاقي منافسة غير متوازنة داخل السوق الأوروبية بحكم انخفاض تكاليف تصنيعها وبحكم ازدياد تكامل اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي التي ساهم في زيادة تكاملها العملة الموحدة "اليورو".
وتعتمد غالبية الدول العربية على الدولار بشكل أساسي في احتياطياتها من العملة الأجنبية، ّ وكذلك في حساباتها ومعاملاتها الدولية مما يجعلها معرضة للهزات الاقتصادية، فكلما اهتز الاقتصاد الأمريكي واهتز الدولار مثلما يحدث الآن اهتزت وراء ذلك اقتصاديات البلدان العربية بشكل تبعي، فانخفاض قيمة الدولار تجاه قيمة اليورو والتي حددها سعر الصرف (34,1 (دولارا لليورو الواحد في جانفي 2005 ،سيؤثر سلبا على قيمة الاحتياطي النقدي العربي، ولكن عند اعتماد أكثر من عملة رئيسة كاحتياطي فإن تأثير الانخفاض في سعر الصرف سيكون أقل حدة، لذا فعلى الدول العربية وبحكم علاقتها مع الاتحاد الأوروبي أن تعتمد اليورو كعملة احتياط رئيسية جنبا إلى الدولار وهذا يعني أنه يجب شراء اليورو لتنويع سلة احتياطيات البنوك. (29 (المركزية العربية بمزيد من اليورو بدلا من الاعتماد على الدولار فقط لقد أتاح اليورو أمام الدول العربية فرصة كبيرة لربط عملاتها بسلة عملات الشركاء التجاريين، وبما أن الاتحاد الأوروبي هو من أهم الشركاء التجاريين فيجب أن يحتل اليورو الحصة الأكبر في السلة زيادة على الدولار والين،
لأن ربط العملات المحلية للدول العربية بالدولار فقط سيؤثر على الاحتياطي من العملات الأجنبية وعلى التجارة الخارجية وعلى الميزانية العامة والقروض الخارجية ويجعل العملة المحلية عرضة للتقلبات التي شهدها وسيشهدها الدولار. ولقد أثبتت التجربة الاقتصادية أن الدول التي ترتبط عملاتها المحلية بسلة عملات أجنبية حققت استقرارا أفضل في أسعار صرف عملاتها وتجارتها الخارجية من تلك التي تعتمد الربط بعملة أجنبية واحدة.
الأمر لم يعد اختياريا، في الوقت الذي بدأت دول الاتحاد الأوروبي في تسعير صادراتها باليورو بدلا من العملات الأوروبية الوطنية، وهذا سيؤدي حتما إلى زيادة طلب الدول العربية على اليورو لتسوية مستحقات وارداتها من دول الاتحاد، سواء ببيع جزء من احتياطات الدولار وتحويله إلى يورو، وسينتج عن هذا الإجراء خسارة تتحملها البنوك المركزية العربية
وفق تغير قيمة سعر الصرف بين الدولار واليورو، أو تسعير صادراتها تجاه دول الاتحاد باليورو بغرض زيادة شفافية الأسعار ومقابلة احتياجاتها من اليورو، وهو الحل الأمثل مثلما فعلت السعودية وليبيا والجزائر وشركات النسيج المصرية
إن تأثير اليورو على الاقتصادات العربية لا يقتصر على مجال التجارة الخارجية فقط، بل يتعداه إلى المصارف وحركة رؤوس الأموال والعمالة والاستثمار والنمو الاقتصادي...وغيرها. فالقطاع المصرفي العربي أكثر عرضة للتأثر بأي تطور في عملة الاتحاد الأوروبي "اليورو"، نظرا للتواجد المصرفي العربي والذي وصل إلى ما يزيد عن (125 (مصرفا عربيا منها ( 80 ( مصرفا في لندن وحدها. هذه المصارف ستتأثر باستخدام اليورو، ويتوقع تقليص شبكة المصارف المراسلة،
وحدوث انخفاض كبير في إيراداتها، ومواجهة منافسة شديدة في مجال نشاطها، وعدم تحمل تكاليف التكنولوجيا اللازمة للتعامل مع المستجدات التي تنجم عن استخدام اليورو، وكذلك الحال بالنسبة للبنوك المركزية داخل البلاد العربية التي تتحمل تكاليف تسوية المعاملات البينية للدول العربية، وبينها وبين مراسليها الأوروبيين،
وهذا ما يستدعي زيادة طلبها على اليورو لتسوية المعاملات العربية الأوروبية من جهة، والتقليل من المخاطر المصاحبة لتغير أسعار الصرف بين العملات المختلفة وبين الدولار باعتماده العملة المعتمدة لتسوية معظم المعاملات العربية.
كذلك تشهد حركة رؤوس الأموال العربية تدفقا هائلا نحو بلدان الاتحاد الأوروبي في شكل استثمارات عربية للاستفادة من مزايا السوق الأوروبية الموحدة، وتجنب تكاليف التحويل بين العملات، وتحقيق الكفاءة الإنتاجية وعائد الاستثمار. هذه الأموال ستكون في غالبيتها من الدول العربية ذات الفوائض المالية مثل دول الخليج،
مما يؤثر على نصيب الدول العربية الأخرى المستقبلة لرؤوس الأموال العربية كمصر والسودان وسوريا والأردن وتونس ولبنان، زيادة على التراجع المتوقع في حركة رؤوس الأموال الأوروبية باتجاه البلاد العربية، وذلك بسبب المزايا التي يحققها اليورو للاستثمارات الأوروبية داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك التراجع المتوقع في القروض والمنح والمساعدات التي تقدم للدول العربية وتوجيهها إلى بلدان أوروبية أعضاء في الاتحاد إذا صادفتها مشاكل اقتصادية حتى لا تمتد آثارها إلى بقية الدول الأعضاء في الاتحاد وبالتالي على استقرار اليورو.
إن تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية قد يتسرب من خلال أسعار الفائدة لرؤوس الأموال الأوروبية، فكلما هبطت هذه الأسعار انخفضت قيمة خدمة الديون الخارجية التي تثقل كاهل الدول العربية، ويتوقف هذا التأثير على حجم القروض الخارجية المقومة باليورو. فكلما كانت نسبة الديون باليورو أكثر كلما كان انخفاض في قيمة خدمة هذه الديون في حالة انخفاض أسعار الفائدة
|