shopify site analytics
رئيس جامعة ذمار يتفقد دائرة المكتبات ويبحث خطط تطوير المكتبة المركزية - رئيس الجامعة يدشن امتحانات الفصل الدراسي الأول بمعهد التعليم المستمر - مصلحة الدفاع المدني تنظم زيارة إلى معارض الشهداء بالعاصمة صنعاء - اسدال الستار على بطولة الجمهورية للعبة الملاكمة - انطلاق الماراثون الطلابي لكليات جامعة ذمار كخطوة نحو البطولة الوطنية - ذمار تكرم اسر الشهداء - مجموعة إخوان ثابت تدعم هيئة مستشفى الثورة العام بالحديدة بأدوية خاصة - في ذكرى الفاجعة وألم الفقد.. عبدالجليل حيدر .. الفقيد الإنسان - الكرملين: لهذا السبب استهدفنا أوكرانيا بصاروخ أوريشنيك - واشنطن تهدد.. لماذا لا تعترف بعض الدول بالمحكمة الجنائية الدولية وترفض الانضمام اليها -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - 
بداية اقول أن مقتضي، هذا المبدأ الذي يحكم سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة أن للقاضي الحرية في تقدير قيمة كل دليل طبقا لقناعته القضائية

الجمعة, 29-يوليو-2022
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
الدكتور عادل عامر

بداية اقول أن مقتضي، هذا المبدأ الذي يحكم سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة أن للقاضي الحرية في تقدير قيمة كل دليل طبقا لقناعته القضائية، وله من خلال هذا التقدير أن يستقي قناعته من أي دليل يطمئن إليه حيث لا يوجد ما يلزمه بحجته المسبقة، كما له أن يطرح الأدلة التي لا يطمئن اليها وله في النهاية سلطة التنسيق بين الأدلة المعروضة عليه لاستخلاص نتيجة منطقية من خلال التوصل للحكم

وقد عبرت محكمة النقض المصرية عن هذا المبدأ في قضاء لها بقولها ( العبرة في المحاكمات الجنائية هو باقتناع القاضي بناء علي الادلة المطروحة عليه لا يصح مطالبة قاضي الموضوع بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون سلطة ان يأخذ من أيه بينة او قرينة يرتاح اليها كدليل وله ان يطرح اي دليل لا يرتاح اليه )، وأن الاخذ بمبدأ حرية القاضي في تكوين قناعته له ما يبرره اذ ان الاثبات في المواد الجنائية يتسم بأنه لا يتعلق بأثبات تصرفات قانونية يحتاط أطرافها بالأدلة التي تم تهيئتها مسبقا , كما ان الاثبات الجنائي لا يقتصر علي الوقائع المادية وانما يشمل اثبات الوقائع المعنوية ( النفسية ) أيضا فالجريمة ليست كيانا ماديا خالصا قوامه الفعل وأثاره وانما هي كذلك كيان نفسي يقوم علي الارادة والإدراك وهي امور كامنة في ذات المتهم مما يستلزم ان تعطي للقاضي الجنائي سلطة او حرية واسعة في تقدير الادلة يتحرك في نطاقها بحرية، فعملية تقدير الأدلة لا يمكن صياغتها بقواعد قانونية ثابتة، وفرض قوتها التشريعية علي قناعة القاضي وإنما لابد ان يترك له تقديرها وفقا لقناعته

وبالحديث حول نشأت هذا المبدأ يرجع نشأته إلى بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ونجاح البربر في الاستيلاء علي الحكم بدأ ينتعش نظام الأدلة القانونية الذي كان بموجبه يقوم المشرع نفسه بتنظيم القناعة واليقين القضائي طبقا لقواعد ينص عليها بهذا الشأن، وذلك بتحديده الشروط التي يستلزم توافرها في الدليل القابل لأثبات الإدانة، ويترتب علي هذا النظام ان القاضي لا يمكنه أن يصل إلى قناعته بإثبات الواقعة إلا إذا توافرت الشروط اللازمة له، فالمشرع في نظام الأدلة القانونية يحدد حجية الأدلة مسبقا ويضع ما يسمي ( بتسعيرة الأدلة ) حيث يحدد القيمة المقنعة لها.

وقد تضاءلت سلطة القاضي في تقدير الأدلة ازاء نمو نظام الادلة القانونية الذي بلغ ذروته في القرنين السادس والسابع عشر في فرنسا ويمثل القانون الجنائي الفرنسي القديم لعام (1670 م) والذي اصدره الملك لويس الرابع عشر نموذج لنظام الادلة القانونية حيث صنفت الأدلة فيه طبقا لقوتها المقنعة الي اربعة أصناف هي الادلة الكاملة والادلة الناقصة ( نصف الدليل ) والادلة الخفية واخيرا الادلة الضعيفة.

ومنذ منتصف القرن الثامن عشر تعرض نظام الادلة القانونية والذي يحد من سلطة القاضي لانتقادات كثيرة من قبل الفلاسفة وفقهاء القانون واخذ تيار هذه الانتقادات يتصاعد بحيث اوجد روحا تتجه نحو اصلاح النظام الجنائي عموما وكان العلامة ( بيكاريا ) اول داع للحركة في هذا المجال ونادي بأن اليقين المطلوب في الإثبات الجنائي هو ( اليقين الذي يرشد أي انسان الي الاعمال الهامة في الحياة وهذا اليقين لا يمكن حصره في القواعد الخاصة بالأدلة القانونية . ثم جاء ( فلانجيزي )، مطالبا بالقاعدة القانونية الشاملة والاساسية للأثبات في المواد الجنائية والتي توجب ( تأسيس كل ادانة وبصفة مطلقة علي اليقين المعنوي وهذا اليقين لا يكمن الا في ضمير القاضي ) . وهذه الروح الجديدة احدثت تقدما سريعا وخصوصا في فرنسا وهكذا قام ( فولتير ) ومن بعده بعض الفلاسفة بمهاجمة الادلة القانونية والاشادة بمزايا نظام الادلة المعنوية الذي يقوم علي القناعة القضائية والذي بمقتضاه يباشر القاضي دورا ايجابيا في كشف الحقيقة ويبدو هذا الدور من جانبين هما حرية القاضي في ان يستخلص قناعته من اي دليل يطمئن إليه وحريته في تقدير هذه الادلة المطروحة عليه، ولهذه يطلق البعض علي هذا النظام بنظام حرية الادلة او نظام الادلة الاقناعية.

وبموجب هذا النظام تكون جميع أدلة الإثبات امام القاضي علي حد سواء ويتمتع بحرية في تقدير قيمة كل منها فليس هناك دليل له قوة ذاتية قانونية يلتزم بها , ونتيجة لذلك فأنه يحصر علي المشرع اضفاء قوة معينة لأي دليل من شأنه ان يقيد سلطة القاضي في تكوين قناعته، فالمشرع في هذا النظام لا يتدخل لتحديد الاسباب الخاصة في قناعة القاضي ويضمن هذا النظام للقاضي الجنائي استقلالا كاملا لتكوين قناعته القضائية بشأن قيمة الأدلة المعروضة عليه هذه القناعة التي لا يمكن ان تقوم بدورها في هذا المجال ما لم تتمتع بالحرية الكاملة.

ويترتب علي الأخذ بمبدأ حرية القاضي في الاقتناع نتيجتان مهمتان وهما حرية القاضي الجنائي في الاخذ بالادلة والثانية هي حريته في طرح مالا يطمئن اليه من الأدلة.

إن الغرض من الخصومة الجنائية هو الوصول الي معرفة الحقيقة ، كما أن جميع الإجراءات هدفها

الأساسي هو كيفية إثبات تلك الحقيقة التي وقعت، الأمر الذي يترتب عليه ألا يصدر القاضي حكمه إلا بناء على اقتناع يقيني بصحة ما انتهي إليه من وقائع وبخاصة عند حكمه بالإدانة استناداً الي ان الأصل

في الإنسان البراءة وأن الشك يفسر لصالح المتهم.

ويعتبر مبدأ القناعة الوجدانية للقاضي من أهم مبادئ الإثبات الجنائي حيث يخول القاضي حرية واسعة

في تحري الحقيقة في الدعوى الجنائية فيحكم حسب اقتناعه بالأدلة التي قدمت في الدعوي، ويتمتع

القاضي بسلطة تقديرية واسعة في قبول الأدلة ذاتها او استبعاد أي دليل أو حتي تقديره الشخصي لقيمة

كل منها وذلك تبعا لما يطمئن اليه وذلك ال يعني تكريسا لتحكم القاضي واستبداده الن الأنظمة تضع لكل

دليل شروطا وطرقا استخلاصه وتقديمه للجهات المسئولة.

وقد تعددت تعريفات الاقتناع اليقيني للقاضي فعرفه جانب من الفقه بانه ” الحالة الذهنية والنفسية أو هو

المظهر الذي يوضح وصول القاضي باقتناعه لدرجة اليقين لحقيقة الواقعة ” وعرفه آخرون بأنه “التقدير

الحر المسبب لعناصر الإثبات في الدعوى “كما عرف بأنه ” اطمئنان المحكمة إلي الأدلة وعناصر

الدعوى مادامت مطروح امامها علي بساط البحث “.كما أعطيت لهذا المبدأ اوصاف عديدة لتوضيح وتحديد مفهومه فاطلق عليه تعبير القناعة الوجدانية او الاقتناع الحر الداخلي أو الاقتناع القضائي . ويعتبر مبدأ الاقتناع اليقيني للقاضي من المبادئ الأساسية في الإثبات الجنائي التي نصت عليها معظم

التشريعات الجنائية لما له من ميزات وفعالية في الإثبات. والمشرع المصري اكد مبدأ حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدة بالنص علي ذلك في المادة )203 ” ) يحكم القاضي في الدعوي حسب العقيدة التي تكونت لدية بكامل حريته ” ويبرر هذا المبدأ جانب من الفقه بانه يتفق مع الأسلوب الطبيعي والمنطقي للتفكير البشري السليم فالتقيد بأدلة معينه للبحث عن حقيقة أمر ما يسعون إلي ذلك بكل الطرق فلا يتقيد القاضي بأدلة معينة، للكشف عن الحقيقة بل أن هذا المبدأ يجعل القاضي الجنائي حرا في تحري الواقع من أي مصدر غير ملزم

بدليل يفرض عليه التسليم بما يخالف الواقع فال تبتعد الحقيقة القضائية عن الحقيقة الواقعية . ويبرر أيضا بصعوبة الإثبات في المواد الجنائية إلا أنه يرد علي وقائع مادية التي يمكن تحديدها مسبقا ونفسية معنوية ذات طابع استثنائي فالإثبات الجنائي ينصرف إلي الركن المادي والمعنوي في الجريمة وذلك يتطلب ان يكون القاضي غير مقيد في تحري الوقائع من أي مصدر.

كما ان هذا المبدأ يساهم في الوصول الي العدالة الجنائية نظرا لما يخوله للقاضي من حرية تمكنه من الفصل في الدعوي بالكيفية التي تحقق العدالة خاصة بعد ظهور الكثير من الأدلة العلمية الحديثة فتقدير قيمتها إلي الاقتناع اليقيني لقاضي الموضوع وفقا للأسباب السائغة.

غير ان هناك انتقادات وجهت لهذا المبدأ ومن اهم هذه الانتقادات أو أن هذا المبدأ وأن قصد مصلحة المتهم إلا أنه يخل بحقوق الدفاع إلا أنه يسمح للقاضي بأن يأخذ باعتراف تم العدول عنه ،كما أنه يعوق حرية الدفاع إلا أنه يضع المتهم في حيرة من الانطباع الذي يمكن أن يحدثه هذا العنصر أو ذاك من عناصر

الإثبات علي نفسية القاضي.

ثانيا: أن هذا المبدأ يهدد القواعد القانونية الخاصة بعبئ الإثبات في المواد الجنائية الناتجة عن اصل البراءة فيجعل قاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم المعني لها حيث يستطيع القاضي بإعلان اقتناعه ان

يفسر الشك ضد المتهم.

ثالثا: ألا يسمح عمال باي رقابة للمحكمة العليا لقيمة الدليل في الإثبات فيمكن للقاضي ان يبرر حكمه

باقتناعه بالدليل الذي قد يبدو من الناحية الموضوعية ضعيفا للغاية.

وعلي الرغم من الانتقادات التي وجهت لمبدأ الاقتناع القضائي والتي قد يبدو البعض منها منطقيا اال انها لم تؤثر في الإبقاء عليه كأساس للإثبات الجنائي وقد اعتنقه المشرع المصري في نص المادة (203 )من قانون الإجراءات الجنائية وقد رددت محكمة النقض المصرية هذا المبدأ في الكثير من احكامها حيث جري قضاء النقض علي انه ال يتقيد القاضي في حكمه بالأدلة المباشرة دون غيرها فله الحق في استخلاص الحقائق القانونية مما قدم اليه من ادلة ولو غير مباشرة مادام ذلك متفقا مع العقل والمنطق . وللمحكمة أن تكون عقيدتها من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة المكنات العقلية متي كان ذلك سائغا.

ومع التسلم بمبدأ حرية القاضي الجنائي في الاقتناع الا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو مدي هذه الحرية

وهل هي حرية مطلقة وبدون حدود ؟؟ انه من غير المقبول ان تكون هذه الحرية بال قيود وضوابط الأن ذلك فيه عصف بالحريات وعدم توازن في الأسلحة بين المتهم والمجتمع الذي يتهمه لذلك يرى جانب من الفقه ان الإدانة التي تنتج من اقتناع القاضي وإنما من الدليل الذي يستند اليه هذا الاقتناع.

لذلك البدء من وضع قيود وضوابط علي حرية القاضي في الاقتناع ويمكن القول أن الفقه والقضاء قد سبقا المشرع الي إقرار هذه الحدود ووجها المشرع إليها طبقا للمبادئ القانونية العامة وبخاصة حق الدفاع

وهذه القيود هي:

أولا: تعليل وتسبيب الأحكام يقصد بأسباب الحكم الأسانيد الواقعية والقانونية التي بني عليها الحكم ، فاذا كان القاضي الجنائي حرا في الاقتناع باي دليل إلا أنه ملزم بضرورة تسبيب حكمة وإلا فإنه يعتبر قاصرا وجديرا بالنقض فيجب علي المحكمة أن تبني حكمها علي أسباب سائغة لها معينها من والأوراق وتؤدي الي النتيجة التي انتهي إليها الحكم.

ثانيا: أن الشك يفسر لمصلحة المتهم يجب أن يصل القاضي في اقتناعه الي حد اليقين التام فالأحكام تبني

علي اليقين وال تبني علي الظن والاحتمال فيكفي ان يتشكك القاضي في صحة اسناد الواقعة الي المتهم

فيقضي بالبراءة فاذا حكمت المحكمة بالإدانة رغم تشككها في ذلك كان حكمها جديرا بالنقض فال يجوز ان تبني الإدانة إلا علي اليقين التام.

ثالثا: الاقتناع بنا ًء علي دليل: يجب ان تكون ادانة المتهم مبنية علي الجزم واليقين فيجب أن يستند

القاضي في تكوين عقيدته إلي دليل وإلا يكفي أن يكون أساس الحكم بالإدانة مجرد اجراء من إجراءات

الاستدلال.

رابعا: الاقتناع بنا ًء علي ادلة قضائية طرحت للمناقشة : ويعني ذلك وجوب استخلاص القاضي لقناعته من

الأدلة التي طرحت في الجلسة بحضور الخصوم وبصورة علنية وتمت مناقشته وهذا الضابط يحقق

العدالة ويكشف الحقيقة ويضمن الدفاع.

خامسا: الاقتناع بنا ًء علي ادلة مشروعة : يشترط حتي يستطيع القاضي الاستناد الي دليل معين ان تكون طريقة الحصول عليه قد جرت بطريقة مشروعة الن القاضي ليس له مطلق الحرية في تكوين عقيدته من الأدلة غير المشروعة التي يتحصل عليها حتي في حالة كون الدليل صادقاً ، فعلي القاضي ان يستقي قناعته في الحكم من خلال ادلة مشروعة أما الأدلة التي جاءت وليدة إجراءات غير قانونية او باطلة فال يجوز الاعتماد عليها ويجب طرحها الن ما بني علي باطل فهو باطل.

سادسا: الاقتناع بنا ًء علي اللمام بجميع الأدلة : ان حرية القاضي في تكوين اقتناعه ال تتأتي قبل استكماله للتحقيق في الواقعة واستجماع ادلتها فال يجوز له بتر هذا التحقيق وليس له الاستغناء عن كل

تحقيق منتج في الدعوي ومؤثر في سير القضية اال بعد تمحيصه والرد عليه فاذا اقتصر القاضي علي بعض الأدلة وفصل قبل أن يطلع علي الأدلة الأخرى فان حكمه يكون سابقاً الوانه وجدير بالنقض. نخلص من ذلك الي أهمية هذا المبدأ في الإثبات الجنائي وما يخوله للقاضي الجنائي من حرية واسعة في البحث عن الأدلة وقبولها وتقديرها إلا أنها ليست مطلقة وانما مقيدة بحدود وضوابط معينة الغاية منها ان تمارس هذه الحرية في إطارها الصحيح وبما يضمن الوصول للحقيقة وعدم الإفتات علي الحقوق والحريات الشخصية.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)