صنعاء نيوز/ -
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
السماء هي الحدود، ليست فكرةً مبتذلةً، أوْ تقليديّةً أوْ نمطيةَ، وعلى نحوٍ خاصٍّ عندما يتعلّق الأمر بشابةٍ فلسطينيّةٍ خرجت من حجم المعاناة وأسوار الحصار، من غزّة العزّة، وعاشت تفاصيل نكبة شعبها، لتخترِق الطوق وتشُقّ الحظر وتؤكِّد لكلّ من في رأسه عينان أنّها أنموذجًا ساطعًا من شعبٍ لم ينكسِر ولن يخضع: إنّها الفلسطينيّة تمام أبو حميدان (34 عامًا)، التي بعد 8 أعوام، من مغادرتها قسرًا غزّة المحاصرة، وهي أكبر وأفظع سجن في العالم، استطاعت أنْ تفوز برئاسة مجلس بلدي منطقة (أولوفستروم) التابعة لمقاطعة (بليكينج) في السويد.
وأبو حميدان، حققت الحلم ووصلت لهدفها، ولكنْ لم تتوقّف ولن تتوقّف عن الطموح وتحقيق الأهداف، أبو حميدان فرضت نفسها على الأجندة، لأنّها نجحت في كسر القواعد حتى في الغرب الـ”متحضّر”، وها هي صحيفة (هآرتس) العبريّة تنشر عنها تقريرًا تُبدي فيه “إعجابها” من أبو حميدان، ومن نجاحاتها بالسويد، ذلك أنّ الإعلام العبريّ يعمل دون توقفٍ على شيطنة الفلسطينيّ، وتصويره للإسرائيليين والعالم بأنّ الفلسطينيّ هو قاتل، مخرّب، مجرم، مغتصب، وما إلى ذلك من صفاتٍ سلبيةٍ نابعةٍ من الحرب النفسيّة ضدّ هذا الشعب الذي يئّن منذ 74 عامًا تحت نير الاحتلال، وهذه الحرب تعتمِد على تنميط الفلسطينيّ بنزع إنسانيته وحقّه بالعيش بكرامةٍ كباقي شعوب العالم.
ومن المُفيد الإشارة إلى أنّ الصحيفة العبريّة لم تنشر مقابلةً مع أبو حميدان، ولكنّها اعتمدت على النشر في الإعلام العربيّ المُهاجِر أوْ أكثر تدقيقًا المُهجّر.
أبو حميدان قالت لموقع “الترا فلسطين”، إنّها هاجرت إلى السويد مع أسرتها في عام 2014، بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، لتبدأ من هناك رحلتها في السويد، مضيفةً أنّ أول عمل لها كان في مطعمٍ للبيتسا، وذلك بعد أسبوع من وصولها السويد.
الفلسطينية الشابّة تطرّقت في حديثها للطريقة غير السهلة للاندماج في السويد، مشيرةً إلى أنّها وصلت إليه مع طفلة تبلغ من العمر عاميْن في حينه، لكنّها بدأت مسارها من خلال تعلم اللغة والسعي للحصول على الإقامة التي اكتسبتها بعد شهرين من وصولها.
الـ”مهاجرة” من غزّة، والتي تستحضر غزيتها وفلسطينيّتها باستمرار، قررت الانخراط في العمل السياسي، مع إشارتها إلى أنّها درست الصحافة والإعلام في قطاع غزة قبل مغادرتها.
الرغبة في الممارسة السياسية، دفعتها للانخراط في حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي السويدي، ومن هناك فتحت طريقها نحو العمل العام في السويد، وكانت فترتها الأولى في الحزب كما ذكرت لـ”الترا فلسطين”، تتمثل في مشاركتها باجتماعات الحزب، قبل تكليفها بمهام مؤقتة في المجال التعليمي التابع لبلدية منطقة أولوف ستروم إلى أن تم اختيارها كعضوٍ دائمٍ في اللجنة.
كانت هذه المهمة فاتحةً لعملها في المجلس البلدي، فقد تدرجت لاحقًا حتى أصبحت نائبة رئيس المجلس البلدي لمدة عامين، قبل أن ْيتم انتخابها بالإجماع من قبل أعضاء الحزب لتولي المجلس البلدي، أمّا التحدي القادم الذي وضعته نصب عينيها فهو انتخابات البرلمان السويدي، التي من المزمع إجراؤها الشهر القادم، أيلول (سبتمبر) إذْ أنّها ستكون مرشحة عن حزب العمال الديمقراطيّ الاشتراكيّ، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ الحزب داعم للقضية الفلسطينية إجمالًا، وبطبيعة الحال تُواجِه أبو حميدان موجةً من التحريض من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة والداعمة لإسرائيل، من خلال وصفها بمعاداة السامية، وهو الأمر الذي لم تأتِ على ذكره صحيفة (هآرتس) العبريّة في تقريرها عن أبو حميدان.
أبو حميدان خلُصت إلى القول في حديثها لموقع (ألترا فلسطين):”أنا بنت فلسطين وأرى في نفسي صوتًا للدفاع عن قضية فلسطين العادلة، وسأسعى دائمًا لإيصال هذا الصوت إلى كلّ العالم ومخاطبته باللغة التي يفهمها”، مؤكّدةً في ذات الوقت “حلمي أشوف فلسطين موحدة في ظلّ حكومة ديمقراطية، وأنْ نبدأ في بناء دولة مؤسسات على أسس سليمة، فقضيتنا كبيرة وعادلة، ويجب أنْ ندافع عليها بطريقة صحيحة ونحن موحدين”، على حدّ قولها.
وجديرٌ بالذكر أنّه يسكن في المنطقة التابعة لبلدية أولوفستروم نحو 13 ألف نسمة، ويحكم هذه البلدية الحزب الاشتراكي الديمقراطيّ بالتعاون مع حزب اليسار والحزب المسيحيّ الديمقراطيّ، وأبو حميدان ترى أنّه يتعيَّن على الجميع المشاركة في العملية السياسية، ولا بد أنْ تكون هناك الشخصيات التي تُمثِّل السويديين من أصولٍ أجنبيّةٍ مهاجرةٍ. |