صنعاء نيوزعبدالله الصعفاني - ذاكرتك ضعيفة مثلي.. سارع إلى حبتين من الموز وتناولهما على قهوة الصباح.. استعن بواحد من دفاتر أبنائك وتأمل في خارطة الوطن العربي لا لتساعدهم على مذاكرة الجغرافيا وإنما لتتأمل الجغرافيا بعيون مؤرخ اللحظة وقارئ المشهد.
* تأمل مرة واثنتين وثلاثاً حتى لو رجع إليك البصر حسيراً أو حتى خاسئاً.. هذا قدرك وهذه فاتورة التأمل وضريبة العقل.. وفي كل مرّة توقف أكثر في جغرافية اليمن مدناً وقرىِّ ساحاتٍ وشوارعَ.
* ستتذكر أن فلسطين ما تزال محتلة ومعها الجولان ومزارع شبعا.. لا بأس فالموضوع قديم ولعل بعد انكسار الأمل إشراقة عمل.. ماذا ستقرأ على الصفيح الساخن لخارطة الأمة..
* احتلال أمريكي للعراق جاء ليحقق الديمقراطية ففقد أصحاب الأرض الطموح في الديمقراطية وغاب الأمن.. وبعد كل هذه الأعوام ما يزال نزيف الدم ينسكب وكأن الحرب بدأت الآن.. وطبعاً فإن دخول المحتل قد يكون عرساً عند من يدعوه من المعارضين وسرعان ما يتحول إلى مخاض عسير وولادة قيصرية قد تأتي على الأم والمولود معاً..
* أما الفاصل الإعلاني فهو أن الجامعة العربية ماتت عدة مرات.. مرة في فلسطين ومرة في العراق ومرة في السودان فما الذي حدث وما يزال..
* ثورات وحركات "الفيس بوك" التي جاءت لتؤكد أنه لابد من شرارة لإشعال كل حركات التغيير.. والويل لأمة لا تقرأ الأحداث بشكل محترم ولا تقتنص التغيير إلى القادم الأفضل بآليات ديمقراطية نزيهة وشفافة تتجسد فيها النخب الحاكمة والمعارضة الصدق مع الحق والشفقة على الخلق، إعلاء للأهداف الوطنية على ما سواها من الأهداف والمصالح الضيقة.
* ونبقى عند تأمل ما حدث ويحدث على الخارطة.. كانت الحالة الثورية الجمعية في تونس في ذروة ما بعد الاحتقان.. فكان ما كان من التأثير الساحق الماحق للشعار المثير "الشعب يريد إسقاط النظام".
والتقط ميدان التحرير المصري الشارة أو الشرارة من شارع الحبيب بورقيبة وأيضاً كان ويكون مما تعرفونه.
وهنا كان لابد أن يؤثر المركز في مجمل الخارجة.
* على أن المؤكد أن اليمن وليبيا وسوريا ليست مصر وليست تونس تماماً كما أن كلمة "الثورة" ما تزال ممنوعة من الصرف في النسيج الخليجي العام بدليل ما أسفر من الحوار بين دوار اللؤلؤة ودور دروع الجزيرة..
* كان وما يزال الزحف الأخضر والأحمر داميين في ليبيا طرابلس الغرب وبنغازي الشرق.. ولأن كل شيء جائز في الحب والحرب لابد من تطاير الشرر إلى بلد الشرارة الأولى تونس حيث الحدود الليبية التونسية.. ومرعب جداً ما يحدث في ليبيا بين أحفاد عمر المختار الذي فرض على الطليان أن يؤدوا له التحية حتى وهم يعدمونه..
يااااه لقد ذهب من كل شيء أحسنه حتى في أخلاق المحتلين..!!
وبعد "سلام من صبا بردى أرق.... ودمع لا يكفكف يا دمشق" يكون الحديث عن ما يحدث في آخر قلاع الممانعة التي تستحق استحضار بقايا النخوة السورية والعروبية لتحقيق انتصار للغة الإصلاحات السياسية والاقتصادية دونما السماح بانفجار شامل يضحك له الصهاينة حتى تظهر ضروس الجنون.
* ومن النظرة إلى أحوال "الخالة" تعالوا نفكر في أوضاع "الأم" حيث نحتاج في اليمن للاستفادة من دروس الأشقاء..
لغة الإقصاء مرفوضة من أي طرف لأنها تجر إلى احتقانات وانفجارات يصعب السيطرة عليها.. والتوافق على تنفيذ المبادرة الخليجية يحتاج إلى استحضار النوايا الطيبة وحسنات الصدق مع الله ومع الناس ومع بلد مهدد بالتآكل الشامل.. وتقارب الفرقاء في زمن العسر أهم من تقاربهم في زمن القسمة واليسر.. ومستقبل اليمن أوسع من مخانق الشوارع وليس أفضل من التوافق في وقت الخطر.
* نحن بحاجة إلى التغيير الذي يتناسب مع واقعنا دون أن نغفل ما يحدث حولنا رغم ما قطعوه في مضمار المدنية .. إنهم في تونس ما يزالون يتحدثون عن حكومة خفية وملامح انقلاب على الثورة يمتد من ملاعب الكرة إلى دهاليز السياسة.
وفي مصر قطع رئيس الوزراء زيارته إلى الخليج لأن المواجهات الطائفية على أشدها حيث ازهقت أمس الأول فقط أرواح أكثر من عشرة مواطنين وأصابت ما يقارب المائتين في انفلات أمني لم تسلم منه المحاكم ولا القضاة.
* لقد حققوا ثورة دفعت بالعشرات من قادة النظام إلى سجن "طًرّة" لكن انضباط الشارع يرفض التوقف تحت مبررات ظاهرها "أمينة تنصّرت وكاميليا أسلمت" وحقيقتها عواقب كسر الإرادات.
ولكل ذلك لا غنى عن تغيير حقيقي في اليمن ولكن دونما اغتيال للحكمة أو جهل بالعبرة والاعتبار. |