صنعاء نيوز/ -
لعل التقارير التي أشارت مؤخرا إلى تخوفات إسرائيلية من دور صيني في سوريا، تدلل على احتمالات صراع قد يتولد في سوريا بين الصينيين والإسرائيليين وإن كان بشكل غير مباشر خلال الفترة القريبة المقبلة.
لا يعني دخول الصين لتطوير الدفاعات السورية من أجل مواجهة الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة، أن بكين تتدخل بشكل مباشر لمواجهة الغارات الإسرائيلية أو لدعم النفوذ الإيراني في سوريا، بقدر ما سيكون منفذا مناسبا للصينيين من أجل خدمة مشاريعهم التوسعية في المنطقة، وقد تكون سوريا رأس حربتها في قادم الأيام.
موقع “بريكينغ ديفينس” نقل عن مصادر إسرائيلية، يوم الجمعة، أن لدى إسرائيل “مؤشرات أن خبراء صينيين زاروا خلال الأشهر الأخيرة منشآت عسكرية سورية تضررت خلال الحرب”. وأطلق إعلان عن مساعدات صينية لسوريا الإنذار في الدوائر الأمنية الإسرائيلية.
في هذا السياق، يرى الباحث السياسي، صدام الجاسر، خلال حديثه لـ”الحل ”، أن المشهد السوري يزداد تعقيدا، فالتوجه السوري نحو الصين بدأ بعد قصف إسرائيل لمطار دمشق الدولي، حيث عُقد إجتماع روسي إيراني سوري، احتجت إيران فيه على التساهل الروسي تجاه هذا الاستهداف للمطار وعدم دفاعها عنه، لذلك اتجهت إيران للطلب من الصين وبتمويل منها تزويد دمشق بمنظومة جديدة من الدفاعات الجوية.
وأضاف الجاسر، أن الصين تقوم بالفعل حاليا بتطوير الدفاعات الجوية السورية، بتمويل إيراني، ويجري ذلك وسط حياد من الروس الذين لا يريدون الوقوع بالحرج مع الإسرائيليين، خاصة بعد التوترات الأخيرة بين روسيا وإسرائيل.
ولفت الجاسر إلى أن دخول الصين على الخط في سوريا يحمل مصلحة مشتركة للصين ولدمشق، فالأخيرة ترغب بدعم صيني عسكري واقتصادي، والصين ترغب بأن يكون لها تواجد بالقرب من المياه الدافئة، وهذا ما تستطيع تحقيقه في سوريا، بحسب الجاسر.
خلال احتفال أقيم في 20 تموز/يوليو في العاصمة السورية دمشق، جرى الإعلان عن أن سوريا ستتلقى معدات اتصال متقدمة من الصين.
ونقل موقع “بريكينغ ديفينس” عن مصدر رسمي إسرائيلي أن هذه المساعدات “تهدف لتحسين البنى التحتية المحلية للاتصالات، خاصة في المناطق التي تعرضت للقصف”.
وبحسب ما نقل الموقع عن مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإنه من غير الواضح بعد نوع أجهزة الاتصال التي سيتم تزويد سوريا بها، لكن من المتوقع أن تملأ الفجوة التي تعاني منها القوات السورية.
لكن هذه المساعدة قد تكون جزءا صغيرا من الجهود الصينية لإعادة بناء القوات الحكومية.
وينقل الموقع عن أحد المصادر أن إسرائيل على يقين بأن “العديد من المنشآت التابعة للجيش السوري سوف يتم إعادة بنائها من قبل الصينيين الذين يملكون القدرة على جلب آلاف العمال لإتمام المهمة خلال وقت قصير.
وحذّر المصدر من أن الصينيين قد يحاولون بيع السوريين بعض المنظومات الدفاعية والتي قد تجعل العمليات الإسرائيلية في سوريا أكثر تعقيدا حيث أن “الأنظمة الروسية المستخدمة من قبل السوريين ضعيفة بمواجهة التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة”.
ويوافق محللون تحدث معهم الموقع على وجود مخاوف إسرائيلية حقيقية من الاستثمارات الصينية المتعاظمة في سوريا.
ويقول الرئيس الأسبق للموساد داني ياتوم إن “أي نوع من العلاقات بين قوة عالمية كالصين وبين دولة تعتبر عدوة لإسرائيل هو أمر مقلق”.
ويضيف “من دون شك، فإن الصينيين سيقومون بمشاريع كبيرة في سوريا، وعلى إسرائيل أن تحرص على أن ذلك لن يقيّد حريتها في العمل هناك”.
ويشير ياتوم إلى أن ما يبدو كمشاريع تجارية في سوريا، قد يشكل غطاء لمشاريع عسكرية أو استخباراتية وأن “العمليات الصينية في العديد من الدول أثبتت بأن هناك دائما وجها آخر لما قد يبدو كمشروع تجاري”.
ويعتقد الخبير في شؤون الشرق الأوسط مردخاي قيدار، بأن الوجود الصيني سيعقد الجهود الإسرائيلية المقعدة أصلا للعمل في سوريا.
وتنبّأ بأنه “في المستقبل غير القريب، سيتعين على إسرائيل تنسيق هجماتها على الأهداف الإيرانية في سوريا ليس فقط مع روسيا بل أيضا مع الصين”.
إسرائيل تتخوف من دور صيني في سوريا، تدلل على احتمالات صراع قد يتولد في سوريا بين الصينيين والإسرائيليين وإن كان بشكل غير مباشر خلال الفترة القريبة المقبلة.
صدام الجاسر، يرى أن المرحلة القادمة ستشهد زيادة في التوتر بين الصين وإسرائيل، ولكن إسرائيل لن تجازف بفتح جبهة جديدة في سوريا، خاصة في ظل التوترات الصينية الأميركية بعد لإعلان عن الزيارة التي تقوم رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان، وتهديد الصين باجتياح الأخيرة.
لذلك فإن الموقف الإسرائيلي لا يزال غير واضح في كيفية التعامل حتى الآن بالنسبة للصين، ومن المؤكد أنها ستلجأ لوسائل ضغط أخرى في مواجهة الصين في سوريا، ولكن إذا حصلت أي مواجهة بين الطرفين، أو أي استهداف إسرائيلي للصينيين في سوريا، فذلك يعني الدخول في حرب جديدة على الساحة السورية، أطرافها الصين وروسيا وإيران، في مقابل إسرائيل والولايات المتحدة والحلفاء، وهذا ما سيسبب توترا في كامل المنطقة وليس في سوريا فقط.
وفي هذا السياق، يؤكد الجاسر، أن الصين بدأت فعليا بتحسين الدفاعات الجوية السورية، وتأهيل بعض المنشآت العسكرية المتضررة خلال الحرب، مشيرا إلى وجود معلومات تؤكد وصول خبراء عسكريين صينيين إلى معامل الدفاع في السفيرة في ريف حلب، حيث يتم إعادة بناء قدراتها فعلا.
وأضاف الجاسر، أن الصين مستعدة لبيع السلاح لدمشق، وفي حال وجدت أن سوريا ساحة مناسبة للضغط على الولايات المتحدة فيمكن أن تدخل إلى سوريا بقوة أكبر، وهناك ذريعة وجود الحزب التركستاني الذي يتبنى قضية الإيغور والذي يشكل حساسية بالغة للصين، وهذا الحزب لم يصنف حتى الآن كحزب إرهابي، وأيضا من الممكن تفعيله ضد الصين في سوريا في حال قررت التدخل بشكل واسع في سوريا.
وختم الجاسر، أن إسرائيل من الممكن أن تتضرر من دعم الصين لدمشق، وستكون حذرة خلال المرحلة القادمة، ولكن من جانب آخر لا يمكن التنبؤ بتصرفات إسرائيل التي من غير الممكن أن تتوقف عن استهداف المواقع الإيرانية في سوريا، وهذا أيضا أحد عوامل زيادة التوتر في المرحلة القادمة.
وكالات
|