الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
يُقّر الإسرائيليون بأنّ اتفاقيات السلام والتطبيع التي أبرمتها دولة الاحتلال مع أنظمةٍ عربيّةٍ كانت وما زالت وستبقى باردةً، لأنّ الشعوب العربيّة دون استثناءٍ ترفض التصالح مع الكيان، الذي يُواصِل الاحتلال واقتراف الجرائم بحقّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ، وأكثر من ذلك، فإنّ الشعوب العربيّة تُعبِّر عن رفضها القاطع للتطبيع مع إسرائيل عمليًا في مناسباتٍ عديدةٍ، وتبرز هذه المقاطعة في مجال الرياضة، حيثُ يرفض السواد الأعظم من الرياضيين العرب منازلة الإسرائيليين في المباريات الدوليّة التي تجمعهم.
يُشار إلى أنّه من أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات معلنة مع إسرائيل، ويقول الرافضون لتطبيع العلاقات مع إسرائيل إنّها ما تزال تحتل أراضي عربية في فلسطين وسوريّة ولبنان منذ 1967 وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
الشواهد حول المُقاطعة العربيّة لإسرائيل في الرياضة، والتي سنأتي على ذكرها في سياق التقرير كثيرة، ولكن ربّما الأكثر تعبيرًا ورمزيةً عن الرفض القاطِع للتطبيع جرى في بطولة العالم لرياضة (المواي تاي بوران)، عام 2019، في تايلاند، حيث فضّل الملاكم اللبنانيّ يوسف عبود (23 عامًا) التضحية بالميدالية الذهبية، وقرر الانسحاب بعد أنْ تأهل لمواجهته لاعبٍ إسرائيليٍّ.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت مؤخرًا وتيرة انسحاب الفرق واللاعبين الرياضيين من بطولات عالمية، رفضًا لمواجهة إسرائيليين، ودعما للقضية الفلسطينيّة.
أوّل من أمس الخميس: انسحاب العراق من بطولة رومانيا للتنس لرفضه مواجهة إسرائيل
وفي السياق عينه، أعلن رئيس اتحاد التنس الأرضي في العراق، أوّل من أمس الخميس، عن انسحاب فريق بلاده من بطولة رومانيا للتنس الأرضي بسبب مواجهةٍ مع الفريق تابع للاحتلال الإسرائيليّ. وقال ماجد العكيلي في بيان صحفي أوردته الوكالة الرسمية “واع”: “انسحب زوجَا الفريق العراقي وهما اللاعبان نصر مهدي ومحمد المهدي لرفضهما مواجهة فريق الكيان الصهيوني”.
وأضاف أنّ “مباريات البطولة أوقعت الفريق العراقي بمواجهة فريق الكيان الصهيوني، وذلك في مستهل منافسات بطولة رومانيا الدولية للتنس الأرضي التي بدأت الأربعاء”. وبدأت المنافسات الأربعاء، وتشارك فيها عدة دول عربية وآسيوية وأفريقية وأوروبية، وتستمر حتى الثامن عشر من شهر آب (أغسطس) الجاري.
وعبّر العراق مرارًا عن موقفه الرافض للتطبيع مع الاحتلال، مشدّدًا على دعمه الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني.
قانون التجريم العراقيّ للتطبيع مع إسرائيل
وتجدر الإشارة إلى أنّ البرلمان العراقيّ، صوّت في الـ25 من شهر أيّار (مايو) الماضي، لصالح مقترح قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل. وينص القانون الجديد على عقوبات، بينها السجن المؤبد أوْ المؤقت، ويهدف وفق مادته الأولى إلى “منع إقامة العلاقات الدبلوماسية أوْ السياسية أوْ العسكرية أوْ الاقتصادية أوْ الثقافية أوْ أيّة علاقات من شكل آخر مع الكيان الصهيوني المحتل”.
وتنص المادة 201 من قانون العقوبات العراقي، على أنه يُعاقب بالإعدام كل من رَوَّجَ لمبادئ الصهيونية، بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها، أو ساعدها ماديًا أو أدبيًا، أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها”. ولا يقيم العراق أيّ علاقاتٍ مع إسرائيل، وترفض الحكومة وأغلبية القوى السياسية التطبيع معها.
نماذج من المقاطعة الرياضيّة العربيّة لإسرائيل
*في البطولة التي نُظّمت في تايلاند، وتنازل فيها الملاكم اللبنانيّ عن الميدالية الذهبيّة لرفضه منازلة الإسرائيليّ، قرَّر لاعب المنتخب العراقي لرياضة (المواي تاي بوران) علي الكناني، الانسحاب من البطولة ذاتها، بعد أنْ أوقعته قرعة الدور نصف النهائي في مواجهة خصمٍ إسرائيليٍّ.
*27 آب (أغسطس) 2019، رفض مصارع الجودو الجزائري فتحي نورين، خلال الجولة الثالثة من بطولة العالم للجودو في اليابان، مواجهة خصمه الإسرائيليّ بعد أنْ وضعتهما القرعة وجها لوجه.
*في البطولة الدولية للملاكمة 2019، المقامة في روسيا، لوزن أقل من 69 كيلوغرامًا، وبعد أنْ اختارتها القرعة لمواجهة لاعبة إسرائيلية، رفضت الملاكمة التونسية ميساء العباسي (20 عاما)، النزال وفضلت الانسحاب.
رفض المصافحة
*في البطولة نفسها وفي الدور نصف النهائي وزن 81 كيلوغرامًا، رفض المصري محمد عبد العال مصافحة نظيره الإسرائيلي ساجي موكي الذي حصد الميدالية الذهبية في البطولة.
*5 نيسان (أبريل) 2021، رفض مصارع الجودو الجزائري عبد الرحمن بن عمادي، مواجهة المصارع الإسرائيلي لي كوشمان، في فئة تحت 90 كيلوغرامًا، من أجل الحصول على الميدالية البرونزية في الجائزة الكبرى للجودو بمدينة أنطاليا التركية.
*23 تموز (يوليو) 2021، أعلن مصارع الجودو الجزائري فتحي نورين انسحابه من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية (طوكيو 2020) رفضًا لمواجهة اللاعب الإسرائيلي بوتبول طاهار ضمن منافسات وزن 73 كيلوغرامًا.
*24 تموز (يوليو) 2021، قرر الاتحاد الدولي للجودو إيقاف نورين، ومدربه عمار بن يخلف.
*بعد يومين فقط من انسحاب نورين لحق به المصارع السوداني محمد عبد الرسول الذي أعلن انسحابه في 26 تموز (يوليو) 2021، من منافسات الجودو الأولمبية لتجنب ملاقاة الإسرائيليّ في الدور الثالث وزن 73 كيلوغرامًا للرجال.
إسرائيل: حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات (BDS) تهديدًا إستراتيجيًا
تَعْتبِر دولة الاحتلال الإسرائيليّ حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات (BDS) تهديدًا إستراتيجيًا عليها، وتقوم بتخصيص الميزانيات الهائلة من أجل الحدّ من نشاطها في جميع أصقاع العالم، بمُساعدة الصهاينة في المعمورة، والعديد العديد من الدول المُنافِقة والمُتلونّة لشيطنة الحركة، إلّا أنّ الإصرار على رفع القضيّة الفلسطينيّة إلى رأس الأجندة العالميّة، بصفتها أعدل قضيةٍ في العالم، تُفشِل مرّةً تلو الأخرى مساعي الصهيونيّة وربيبتها دولة الاحتلال، وتجعل من حركة المُقاطعة رأس حربة النضال ضدّ الغبن والظلم والاستبداد في زمن الهرولة العربيّة نحو التطبيع مع الكيان.
وفي أيّار (مايو) الماضي، وبفضل جهود حركة المقاطعة أعلنت الأرجنتين رسميًا عن إلغاء المباراة الوديّة التي كان من المُقرر إجراؤها في السادس من شهر حزيران (يونيو) مع المنتخب الإسرائيليّ في تل أبيب، حيثُ أكّدت جهات فلسطينيّة أنّ قرار الأرجنتين إلغاء المباراة هو قرارٌ سياسيٌّ بامتياز، وجاء بعد تلقّي المُنتخب رسالةً رسميّةً من نادي الخضر الفلسطينيّ حثته على إلغاء المباراة بسبب همجية الاحتلال، الذي قتل لاعبه محمد غنيم في نيسان (أبريل) الماضي.
وناشد النادي الفلسطينيّ المنتخب الأرجنتينيّ بالقول:”نحثكم/نّ على إلغاء هذه المباراة والانضمام عوضًا عن ذلك إلى الأعداد غير المسبوقة من اللاعبين المحترفين والفرق والرياضيين الذين يدافعون عن الحقوق الفلسطينية ويرفضون تلميع جرائم نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ”.