صنعاء نيوزاستطلاع/ صقر الصنيدي - * خلط النفايات الطبية مع العادية والتخلص منها بالطرق التقليدية.. مخاطر غير محسوبة.
الثلاثاء , 17 مايو 2011 م
* الجهل بالوسائل الصحية للتعامل معها ينذر بأمراض عديدة.
منذ سنوات طويلة وقضية التخلص من النفايات الطبية عالقة دون حلول ملموسة تجعلنا نشعر بالأمان على مصير كل تلك الأدوات الطبية المستخدمة ووصولها إلى المكان الذي يبعد عنها الخطورة عن الآخرين ? وكثيراً ما تم عقد العديد من الندوات الصحية بهذا الخصوص وطرحت أفكار ظلت نظرية بعيدة عن الواقع ولم تر النور جزئياً أو كلياً ? وتعتقد بعض المستشفيات العامة أو الخاصة أنها عندما تجمع النفايات الطبية في أكياس أو براميل وتسلم إلى سيارات جمع القمامة قد أدت واجبها وانتهى دورها دون التركيز عن الآلية التي سارت عليها طريقة الجمع وتعامل العاملين مع نقلها وهل لديهم الخبرة الكافية لحماية أنفسهم من الأضرار المترتبة على أخطاء بسيطة وغير تلك الأسئلة المثيرة للاهتمام.. ويمكن العودة إلى دراسة أشرف على إجرائها الدكتور عادل العماد الأستاذ في كلية الطب جامعة صنعاء ونفذت سابقاً لتقييم واقع هذه النفايات الخطرة في مستشفيات أمانة العاصمة التي يفترض أن تكون النموذج الجيد للآخرين وتوصلت هذه الدراسة إلى أن العمال يقومون بجمع المخلفات الطبية والعادية معاً في جميع المستشفيات وقالت 13 مستشفى أنها تدرب العاملين لديها على كيفية التعامل مع النفايات ومن خلال النزول الميداني اتضح أن مستشفى واحدا يقوم بتدريب العاملين لديه على الطرق الصحيحة في جمع النفايات الطبية ? وأكدت الدراسة أن 28% من العمال قد أصيبوا بأمراض ناتجة عن هذا العمل وأن 64% من العمال يقومون بالنقل اليدوي للنفايات ? وهناك غياب للتخطيط الفعال في إدارات المستشفيات من حيث وضع ميزانية تختص بالنفايات الطبية وعدم وجود دليل إرشادي أو لائحة تنظيم عملية جمع النفايات وأن عدم تدريب العمال وتوعيتهم بمخاطر النفايات الطبية وعدم ممارسة الدور الرقابي على العمال تؤدي إلى الكثير من المشاكل التي تصيب العمال وتساهم في تلويث البيئة.
لا يمتلكون الخبرة
في معظم المستشفيات يتولى عملية إدارة النظافة عمال ليست لديهم المعلومات الكافية للتعامل مع النفايات الطبية الخطرة ولا يمتلكون الخبرة للتفريق بين ما هو خطر وغيره ويتم التعامل بذات الآلية ? يقول الدكتور عبدالباسط عبدالصمد أحد أطباء المستشفى الجمهوري أنه يفترض أن يخضع كل العاملين في المستشفيات والذين لهم احتكاك مباشر مع الأدوات الطبية أو المرضى إلى دورات مكثفة في التعامل الملائم مع المخلفات الطبية والوسائل الوقائية التي توفر لهم الأمان ولغيرهم بحيث يصبحون قادرين على حماية صحتهم وتقديم النصح والإرشاد للآخرين من المرضى أو الزوار وغيرهم من المترددين على المستشفيات لكن ما يحصل غير ذلك فالعامل لا يمتلك أي مهارة حقيقية في التعامل ويهتم فقط بتنظيف المكان وجمع المخلفات في الجهة المخصصة دون اعتبارات أخرى.
يعمل عبدالله الكسمة في تنظيف أحد المستشفيات منذ ما يزيد عن 15 عاماً ولم يعرض عليه لمرة واحدة الحصول على تدريب عن كيفية عمله، لكنه يحرص ذاتياً على ارتداء كفوف تغطي يديه أثناء نقل المواد الحادة التي يتوقع أن فيها خطورة عليه ويقول أنه يتعرض بين حين وآخر إلى أمراض يعتقد أنها معدية جراء تعامله مع المواد الصحية المستخدمة ويتلقى العلاج في نفس المستشفى الذي يعمل فيه دون أن يحدد له الأطباء السبب وغالباً ما تكون الأعراض عبارة عن ارتفاع درجة حرارة الجسم والتهابات مفصلية ودوار خفيف وأعراض أخرى تبقى في العادة ثلاثة أو خمسة أيام ثم تبدأ بالزوال.
وإذا كان عبدالله يحاول حماية نفسه ذاتياً فهناك من لا يقوم بذلك إطلاقاً في نفس المستشفى تعمل حليمة منذ عشر سنوات في مجال النظافة وهي تجمع كل شيء يلوث المكان وتقوم بنقل الأدوات المستخدمة وغسل الأرض التي تكون معرضة لكل الملوثات ولا تضع أي أدوات حماية بسيطة ? ومعظم اهتمامها هو عن المبلغ الذي تتقاضاه نهاية كل شهر لتعيل أسرتها كما قالت وقد حصلت على هذا العمل بالصدفة وتعد نفسها محظوظة لأنه أخف من غيره من الأعمال التي تحتاج جهد ووقت أكبر ? ولا تتذكر أنها أصيبت بمرض له علاقة بعملها ? وكل الأمراض التي تصيبها تعيدها إلى أسباب أخرى غير العمل حتى لا تتخوف من العمل الذي تقوم به ? وحتى عندما تجرح يدها أو أي جزء آخر تلجأ إلى استخدام "شاش" للربط مكان الجرح دون العرض على الأطباء المتواجدين وذلك رغبة منها في عدم إحراجهم.
ولا يختلف الحال مع أولئك الذين يعملون في نقل النفايات الطبية من المستشفيات إن لم يكونوا أكثر جهلاً بخطورة ما يقومون به من تعرضهم للملوثات بصورة مباشرة ويقول أحدهم أنه لا يفرق بين أي نوع من النفايات ويعتبر أن المستشفيات تختلف فهناك من يستخدم أكياسا خاصة بالنفايات الطبية وهي أكياس سوداء واسعة خاصة بالمستشفيات ويتم ربطها بصورة جيدة بينما مستشفيات أخرى وهي الأكثر تضعها في براميل ونقوم بإفراغها إلى السيارات الخاصة بالنقل وتعاد البراميل التي تستخدم دائماً.
ولا يعرف معظم العاملين على سيارات نقل القمامة إي معلومات عن خطورة الأمراض المنقولة عبر الأدوات الطبية المستخدمة ولا يربطون بينها وبين إصابتهم بأي أمراض ? رغم تذكرهم لحالات مرضية كثيرة دون إحساسهم بإمكانية أن تكون تلك النفايات هي السبب.
جوار المستشفى
وهناك من يشتكي قيام بعض المستشفيات بالتخلص من النفايات الطبية من خلال وضعها في أكياس جوار المستشفيات في انتظار سيارات القمامة وكثيراً ما يحدث خروج وتوزع تلك النفايات في مساحات واسعة جوار المستشفى دون مراعاة لأي خطورة تنتج عن هذا التصرف.
ويقول عبدالواحد عامر أنه كثيراً ما يشاهد أطفالا وهم يلعبون بأدوات صحية يحصلون عليها من جوار المستشفيات يعبثون في أماكن عديدة دون معرفة بالخطورة التي تشكلها على صحتهم ? كما أن المستشفيات لا تخشى وجود رقابة تهتم بمثل هذه الأمور ومعظم المستشفيات يمكن رؤية أدوات ونفايات طبية إلى جوارها وبكميات كبيرة وتتواجد لمدة طويلة دون أن تجد من يجمعها لأنهم يعتبرونها خارج المستشفى ? ويقول أنه ذات يوم ذهب إلى إدارة مستشفى قريبة من منزله وأخبرهم أن الكثير من "الإبر" المستخدمة متواجدة جوار المستشفى شكروه على النصيحة لكنهم لم يفعلوا شيئا وظل أكثر من أسبوع وهو يشاهد ذلك المنظر دون أي تغير.
تنقل الفيروسات
توجد الكثير من الأمراض التي تسببها وتنقلها النفايات الطبية وكما يقول الدكتور مطهر حسن محمد المتخصص في الفيروسات أن هناك الكثير من الفيروسات تنتقل عبر الأدوات الطبية المستخدمة والملوثة والتي تكون سبباً في أمراض خطيرة ويصعب علاجها كفيروسات الكبد التي تنتقل عبر الدم أو عبر المواد الحادة والطبية المستخدمة وفيروسات نقص المناعة ومعظم الفيروسات الخطرة تجد من النفايات الطبية بيئة ملائمة للانتقال والعدوى من مصاب إلى سليم ومنها ما ينتقل باللمس العادي ومنها ما يحتاج إلى إحداث جرح أو طريق للعبور والتغلغل في الدم وينصح مطهر بضرورة إعطاء العاملين توعية كاملة وأدوات وقاية جيدة لحفظ سلامتهم وعمل لوائح وقوانين تمنع عملية إلقاء النفايات وتلزم المستشفيات بالتقيد بالإجراءات الصحية المعروفة.
|