صنعاءنيوز / حيدر حسين سويري -
للجمهور العراقي بشكل خاص، والعربي بشكل عام، ذوق خاص في قراءة القصص أو مشاهدتها؛ فهو جمهور عاطفي بطبعه، وبتعبير أدق جمهور عاطفي بفطرته، وبالرغم من ان كاتب القصة (السيناريو) والمخرج هما ابنا هذا الجمهور إلا أنهما أو الكاتب بصورة أولى، أحيانا يتفاجأ بردة فعل وتفاعل عجيب من قبل الجمهور مع بعض شخصيات قصته الثانوية تاركاً الشخصيات الرئيسية وراء ظهره...
فمثلاً: لقد تفاجئ شاعرنا الكبير المرحوم مظفر النواب، بالانتشار الواسع والكبير الذي أصاب قصيدته (الريل وحمد)، وتحقيقها نجاحاً باهراً حتى قبل ان تكون اغنية، فكما نعلم أن للشاعر ثمة قصائدٍ لا تقل روعة وانتشاراً، خصوصاً السياسية منها، فقد كانت لها وقع كبير بين الجمهور السياسي عموم الشعب العراقي والعربي، لكن قصيدة (الريل والحمد) وبالرغم من أنها كتبت باللهجة العراقية الجنوبية، غطت على جميع قصائده الأخرى، الفصحى منها والعامية (الشعبية)...
نعود للموضوع: في مسلسل العراقي (حيرة) والذي يفتقر للإنتاج، فإنتاجه متواضع جداً، وفيه من الأخطاء الفنية ما ليس بالقليل، منها أنه لم يصور مشاهده في بغداد، وطرق بعض العادات المرفوضة عند الشعب العراقي، إلا أنه حقق نجاحاً، ليس لأنه مسلسل ناجح أو جاء بفكرة جديدةٍ، لكنه جاء في وقت فيه الجمهور العراقي يفتقر للإنتاج التلفزيوني، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان اختيار المخرج للممثلين وتلائم الشخصيات مع شكل وكاريزما الممثل الوقع الكبير...
هنا أردت أن أكتب عن شيء اكتشفته اثناء مشاهدة المسلسل، شيء واحد فقط، وهو ذهاب المسلسل برمته لدى الجمهور نحو شخصية (فريدة) وإعطائها دور البطولة وإن كره الكاتب والمخرج؛ فلقد بدأ الكاتب حكايته بـ(سمر) وجعلها بطلة قصته (حتى صورة اعلان المسلسل تركزت على ثلاث شخصيات عدنان وابنه جمال وسمر)، إلا اني اعتقد ان المسلسل خرج عن سيطرة ورؤية المؤلف من حيث لا يشعر، حيثُ سيطرة شخصية (فريدة) على المسلسل برمته، حتى تحول اسم المسلسل من (حيرة) الى (فريدة) عند المشاهد العراقي، فجميع أفراد العائلة(صغيرها وكبيرها، رجالها وبناتها) تفاعلت وتعاطفت مع (فريدة) الأكثر مظلومية في المسلسل، حتى أن المؤلف والمخرج أرادا أن يهربا من الظهور الهائل لشخصية (فريدة) الى شخصية لا تقل أهمية عنها وهي (رويدة)، لكنهما فشلا في ذلك؛ وأعتقد أن أحد أهم أسباب هذا الفشل هو الاختيار غير الموفق للممثلة التي أدت دور (رويدة)، هذا الامر يتعلق بالمخرج فقط حيث كان اختياره للممثلة غير موفق ابداً، فهي لا تلائم الدور من حيث الشكل والكاريزما، وهذا ليس انتقاصا من الممثلة، بل ان أدوارا أخرى قد تناسبها في مناسبات أخرى...
نجح المؤلف (ولا أدري إن كان يدرك ذلك أم لا) في ان يجعل من (سمر) المظلومة ابتداءً (مكروهة)، وذلك بسبب بحثها عن الانتقام، وأوضح أن الحقد مرض نفسي يؤدي بصاحبه الى التهلكة، بالرغم من انها تطالب بحقها تبحث عن أخذ ثأرها من (عدنان)؛ وجعل من طيبة ونقاوة (فريدة) سلاح لا يملكه أي أحد؛ أما طريقة حبها لـ(جمال)، فهي تمثل الحب الحقيقي (القلبي) لا العقلي المبني على المصالح، لكنه في نفس الوقت ضيع حق (سمر) وإن أثبت حق (فريدة)...
المسلسل لم ينتهي بعد، والاحداث بدأت تشتد، وقد تبدأ بالانفراج فقد أخذ الوضوح وانكشاف الحقيقة قربه من شخصيات المسلسل الرئيسية، سننتظر لنرى ماذا ستكون عليه نهاية المسلسل، وهل سيوفق الكاتب والمخرج في جعل النهاية كما يريدها الجمهور ام لا؟!
بقي شيء...
انا لست ناقداً لأبين بواطن الخلل، وأكشف عن مراكز الابداع، لكني مشاهد وتكلمت من خلال وجهة نظر العائلة العراقية، التي تشاهد هذا المسلسل، كما وأتمنى التوفيق لجميع كادر المسلسل...
|