صنعاءنيوز -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected] https://web.facebook.com/omar.dghoughi.idrissi
يعرف التفكك الأسري بأنه حالة مستمرة من عدم الاستقرار والاضطراب العاطفي لدى العائلة، حيث يكثر الصراع والجدل والمشكلات بين الأبوين في العائلات التي تعاني منه ويكون ذلك بشكل مؤذٍ قد يصل الأمر إلى ارتفاع الصوت أو العنف الجسدي واللفظي في بعض الأحيان، ويمتد تأثير هذه المشكلات على الأولاد في كثير من الأحيان فقد يقوم أحد الوالدين بتعنيف الأطفال أو الصراخ عليهم أو ضربهم نتيجة الكثير من الضغوطات الناتجة عن المشكلات العائلية، ويترك مفهوم التفكك الأسري في عقل الطفل الكثير من المشكلات التي تؤثر على صحته النفسية وتقود وتوفر لهم بيئة للانحراف والسلوكيات السيئة في ظل انشغال الوالدين بالمشكلات، وغياب الاهتمام عن التركيز على التربية السلمية للطفل.
فالتفكك الأسري يعد أحد أخطر المشكلات الاجتماعية التي ينعكس تأثيرها سلبًا على أفراد العائلة خصوصاً الأطفال والمجتمع كذلك، وينتج عن هذا ضغط عاطفي يؤثر على الصحة العقلية للأطفال ويؤثر على نموهم بشكل سليم وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى انحرافهم نحو أفعال وسلوكيات عدوانية تؤذي المحيطين بهم.
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى التفكك الأسري، وفيما يأتي أهمها:
ضعف الاتصال بين أفراد العائلة يعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التفكك الأسري، حيث إن التواصل والتفاهم يعدان البنية الأساسية لأي علاقة سليمة، كما تعاني العائلات المفككة أسرياً من مشكلات عدم القدرة على التواصل بشكل صحيح والتفاهم ويسبب هذا انعدام الثقة والتوتر بين أفراد العائلة ويؤدي إلى العديد المشكلات.
محاولة التحكم المستمرة من أحد الأبوين في اتخاذ القرارات دون استشارة الطرف الآخر أو التحكم المستمر في الأطفال من خلال انعدام الخصوصية لهم وضعف الشخصية وتعليمهم التبعية، كل هذه العوامل ستؤدي إلى علاقة غير مستقرة وتزيد فرصة التفكك الأسري وتضعف شخصية الطفل.
الانتقاد المستمر والمفرط للأبوين لبعضهم أو للأطفال وغيرها من الإساءات اللفظية التي قد تؤدي إلى تدهور العلاقات العائلية والمساهمة في التفكك الأسري، وبالتالي تقليل احترام الذات لدى الطفل. عدم التعاطف أو إظهار أي مشاعر تجاه الطرف الآخر أو الأطفال، والسخرية المستمرة تؤدي إلى زيادة المشكلات والعقد النفسية لدى الأطفال، بالإضافة إلى إيذاء الطرف الآخر وتوفير أجواء صراعات مما يؤدي إلى زيادة احتمالية التفكك الأسري.
الإهمال المتكرر لدور الأبوين في العائلة والاتكال على طرف دون الآخر في إنجاز دور التربية للأبناء، سيؤدي لحدوث خلل كبير في تربية الأبناء والتأثير بشكل سلبي على الصحة النفسية للأطفال.
للتفكك الأسري العديد من الآثار الخطرة والسلبية على الطفل وتنعكس هذه الآثار على المجتمع وتوضح النقاط الآتية أهمها:
يعاني الأطفال الذين عاشوا في بيئة مفككة أسرياً من مشكلات نفسية عديدة تنعكس على تصرفاتهم التي قد تتصف بالعدوانية تجاه زملاءهم وأصدقاءهم في المدرسة وقد تتطور الأمور إلى الإيذاء المتعمد والمستمر للآخرين.
تؤدي المشكلات الأسرية إلى التأثير على الطفل في المجتمع المحيط به بشكل سلبي، بحيث ينعكس التفكك الأسري على نفسيته ويجعله انطوائيًّا ومنعزلًا لا يختلط ولا يتفاعل مع من حوله مما يضعف شخصية الطفل ويجعله يعاني من العديد من العقد النفسية.
يجد الطفل الذي عانى في حياته من تفكك أسري صعوبةً بالغةً في الاندماج والتفاعل مع المجتمع المحيط به، ولا يتمكن من التواصل وتكوين العلاقات بالآخرين.
يعاني الطفل الذي تربى في بيئة التفكك الأسري من عدم القدرة على التعبير عن مشاعره للآخرين بشكل صحيح وصريح وواضح، حيث إن الطفل في مرحلة ما من حياته كان قد عانى من قمع للمشاعر أو تسلط من أحد الوالدين، وقد صنع هذا حاجزاً في حياته لاحقًا منعه من التعبير عما يشعر.
يعاني الطفل الذي تعرض للتفكك الأسري من ضعف في الشخصية وتردد في اتخاذ وصياغة القرارت المهمة في حياته، ولا يستطيع في كثير الأوقات تحمل المسؤوليات في حياته أو حتى أي عمل يوكل إليه.
يقع الطفل الذي يتعرض للتفكك الأسري غالباً لضحية اللوم؛ لأنه قد يعتقد أنه السبب الرئيس للمشكلات والنزاعات المستمرة بين الأبوين، فيصل الطفل إلى مرحلة يبدأ فيها بلوم وكره نفسه. يواجه الطفل الذي يتربى في بيئة أسرية مفككة صعوبةً في التواصل والتفاهم مع والديه ويبدأ بفقدان الثقة فيهما، وقد ينتقل الطفل للثقة بالغرباء، وفي المقابل قد يجعله ذلك عرضةً للاستغلال والابتزاز من قبل أشخاص سيئين ومنحرفين، وقد يقود هذا الطفل لأفعال منحرفة.
يشعر الطفل الذي عاش تجربة التفكك الأسري بأنه أقل قيمة وأهمية من زملائه الذين عاشوا تجربة العيش في بيئة أسرية سلمية، حيث سيشعر بنوع من العار والخجل والأسف. يبدأ الطفل الذي تعرض للتفكك الأسري بمحاولة الانتقام من المجتمع الذي يعيش فيه، وقد يبدأ بإيذاء الآخرين جسدياً باستخدام أدوات حادة أو خطرة أحيانًا، بالإضافة إلى الأذى العاطفي من خلال السخرية والتقليل من إنجازات من حوله، لكي يحاول جعل الآخرين يعانون مثل الظروف القاسية التي عاشها وتربى فيها.
يساهم التفكك الأسري في تنمية العديد من الصفات السلبية والسيئة مثل عناد الأطفال والتمرد وعدم الإنصات وتقبل من حوله مهما كان مختلفاً عنه والحكم المسبق، والتسرع في اتخاذ القرارات والتكبر لتعويض ما عاشه من نقص في الماضي، وقد يصل الأمر إلى التطرف في الأفكار والانعزال.