صنعاءنيوز / منير الحردول -
الكاتب منير الحردول -المملكة المغربية-
أنا الفرعون الطاغية المجنون، أنا قاهر الضعفاء في زمن أمهل الجبناء وقتا كافيا للاختفاء وراء مال الأثرياء الموعود، أنا الظالم الذي تجرد من إنسانيته واتبع الشهوات إلى أقصى الحدود، أنا من أغلقت المنافذ والحدود على البشرية لتعجز عن التعارف والتعايش بلا حدود! وتقيم في أراض محدودة عنوانها أنانية أنت ابن بلدك وجنسيتك وعقيدتك فإياك أن تخرق تقاليد وتراث الحدود، أنا من أمر الفيروسات بالزحف وأعطى الضوء الأخضر للطغيان على اللعب على أوتار النفوذ، أنا الذي خلخل المفاهيم الكونية للإنسانية وبات قاب قوسين بين تخمة الشراب والأكل، وبين الجوع القاتم القائم على أكل ما تحتاجه البشرية للبقاء في وضع غريب اسمه سر الوجود، انا المحرك للتاريخ والمفسر للظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي حابت العالم منذ زمن يلقب بالعهود، أنا المسبب للمجاعات والحروب، أنا الآمر والناهي في اشعال الحروب، أنا الغشاش آكل أموال اليتامى والضعفاء من أبناء الجنس الآدمي الموهوب! أنا القادر على زحزحة الواقع بغية تغيير عقليات الوجود، أنا ثم أنا..
عذرا وعفوا! أنا لست أنا، أنا مجرد بشر مدرس يلبي واجب نداء تربية أجيال مستقبل الشروق والغروب، أنا مجرد إنسان بسيط عاش في أسرة فقيرة، كافح معيلها الأب قدوة السر المحجوب، ومعيلها سنوات تحت الارض في منجم فحم ببلدة صغيرة تحولت إلى مدينة عمالية وأغلقت لتمسي في ذاكرة اسمها مدينة "جرادة" الفحم الأسود المنبوذ، أنا الذي أعشق الكتابة واخطط ليل نهار بيدي لدرجة الإدمان في زمن لا يعير للكتابة اهتمام ولا اعترام بالموجود، أنا الذي أحب الخير للجميع، وأتعايش مع جميع الافكار والثقافات وأرفض الإقصاء من أي شخص أو جهة لأسباب تراثية أو عقدية أو فكرية مهما كانت ترسبات وعي الوجود، أنا المحب للخير الميال لشرب القهوة، والمواظبة على قراءة الكتب وتتبع الأحداث وقراءة مقالات الرأي والفكر والفن داخل وخارج الحدود الوهمية التي رسمها البشر لشخصي الذي يؤمن بإنسانية المجد المفعمة بالمحبة والتعايش مع الخلاف والاختلاف إلي أبعد الحدود!
انا الإنسان! الميال للصدق وتقبل الصدمات والألم داخليا، ألم عنوانه المكر والخيانة والتحامل والتعالي رغما عني وانفي!!، وذلك بحكم أن الفطرة لا تعترف أبدا بطب أدوية المهدئات ومسكنات ألم الروح المليئة بالألغاز غارقة في وعد منحوت في لوح فحفوظ! ذاك اللوح هو سر من خلق إله، خالق لحياة سميت بالوجود الوجود!
عفوا، أنا مجرد بشر، وفي بعض الأحيان يتوهم الوجدان بصوت خافت، صوت اسمه من أنا ومن أكون،وكفى!!!!
|