صنعاءنيوز / بقلم: أمال أغزافي -
عندما نعيش وسط بيئة إجتماعية يغلب عليها طابع التمرد والقسوة واللامبالاة في سلوكياتها وطباعها ،فنجد على أن سنوات حياتنا تمر تائهين ، ما بين الأحلام والواقع، وبين الإنجاز والخيال وبين العمل والأمنيات وما بين الحقيقة والسراب ،وهذا ما يجعل طابعنا الإجتماعي يشوبه نوع من الشكوك ، لأن رؤيتنا غير واضحة وخطواتنا غير تابتة ومحددة ، نسلك طريقا غير الطريق ونخطو بخطواتنا في ظلام حالك لا يرى الحقيقة كما هي، نعيش حياتنا كأنها معركة حربية داخلية خلف هذه المعركة جيش من المشاعر والتفاصيل المتراكمة التي عشناها طول حياتنا ، لأن كل ما نعيشه ونشعر به نحن من يعرفه وجربه لا هم ، لهذا لن يفهموك .
طبعا صعب أن يفهموك لأن هناك فجوة كبيرة بينك وبينهم ، وهذا راجع في الأصل أنك لا تريد أن تفهم ما يدور حولك أو بالأحرى لم تفهم نفسك جيدا ، لم تحاول التعرف عليها والتعرف على داتك منغلق داخل دائرة لوحدك ، تحلل وتناقش وتترصد الأخطاء لأنك تعتبر نفسك مثاليا ولا ترتكبها ،مع أن المشكل الحقيقي هو عدم اعترافك بأخطائك وتقبل هفواتك ، فبعض الأحيان الوقوع يعلمنا روعة الوقوف، وأن تسامحك نفسك من أجلك ومن أجل الأخرين ،فمن تسلح بالمسامحة كان سلاحه القوة والعزيمة فحاول فك قيودك والإنطلاق نحو الحياة .
ففي بعض الأحيان ندخل في حالة مزاجية لا نعرف ما سببها ولا نجد لها تفسيرا واضحا فكيف سيفهموك ،لا أحد سيفهمك وأنت تقابل الصدمات بصمت قاتل وهذا الصمت كالبركان معرض للإنفجار في أي وقت ،لهذا لن يفهموك إذا لم تخرج من صمتك وتعبر عنه فمهما شرحت ما جال في خاطرك لهم لن يفهموك ،فعلا لن يفهموك وأنت قابع مكانك تعاني الآلام والحزن يأكل قلبك وتنظر إلى من سيمد لك العون ويساعدك لكنك أنت لم تطلب ذلك أو بالأحرى لم تعلن عنها فتركتها في داخلك تأكلك شيئا فشيئا .
لن يفهموك وأنت عندما تريد النوم تدخل في صراعات داخلية كأنك تسبح في أعماق البحر وأنت لا تتقن فن السباحة ، والخاسر الوحيد هو أنت رغم مقاومتك للغرق، فأنت الخاسر لنفسك وعقلك وقلبك اللذان أجهدتهما في التفكير المفرط وتفاهات الأشياء من أجل اللا شيء ، لأنك بنيت جدارا بينك وبينهم وإستحملت تلك المعاناة وحدك ولم تريد أي أحد مشاركتك فيها لهذا حاول أن تهدأ وتأخد نفسا عميقا ، وتأمل جيدا في حياتك وفي كل المحيطين بك ، ستجد نفسك تدور في حلقة مفرغة لهذا لن تجد من سيفهمك ، لأنه عليك أن تفهم نفسك وذاتك وتتعرف عليها بكل سلبياتها وإيجابياتها وتصلح ما إنكسر في داخلك وأن لا تلوم نفسك وتقوم بتعديبها لأنهم لن يفهموك ،صعب جدا أن تجد من يفهمك وأن تعيش هذا الشعور بين مد وجزر لمشاعر اجتحاتك وأخرى إستسلمت للرحيل لها ،وتهمل نفسك وحياتك وجعلها خارج سياج حكاياتك ولا تجعل الخوف يملأ قلبك ولا الذل يزورك ولا الحزن يعشعش فيك حاول وكرر المحاولة من جديد فلم يفت الآوان بعد لأن مزال أمامك الكثير والكثير لتفعله وتحقيقه، لايهم متى الآهم أنك إستيقظت من سباتك وفهمت نفسك وتعرفت عليها لأنك لم يكن الخيار أمامك فسنوات عمرك إقتطفتها من الصخور الحياة الصماء .
فمهما حاولوا أن يفهموك لن يفهمك أحد حتى ولو نزفت الكثير من الأوجاع وتبقى قويا صامدا أمامهم وأمام أوجاعك وحاولت التغلب عليها والإنتصار لها بكل ما أوتيت من قوة ، لا تتردد ولا ترجع للوراء يكفيك أن تقرر الإستمرار وعدم التخلي أو التوقف عن العتاب والإستسلام للواقع دون جدال ، ولا تزرع الخوف مكان الآمان أي كان هذا الخوف فلابد له أن يكون دافعا قويا للبحث عن هدفك والسعي ورائه لتصل إلى النجاح المبهر وإلى بر الأمان لأنه لن تجد سندا حقيقيا تعتمد عليه فكلما إزداد وعيك تزداد الفجوة العقلية بينك وبين من حولك، فمهما كنت متعبا ومظهرك منظما تصرفاتك هادئة تعجب لأمرك كل المحيطين بك، فهذا راجع لوعيهم المنخفض وهم لا يدركون ما جال في خاطرك فمهما شرحت ذلك لن يفهموك ،لأنك تتجاوز معاناتك بصمت وهدوء حتى يعتقد من يراك أنك لم تسقط يوما ، فهناك دائما كلمات تبقى رهينة على الوسادة كل ليلة نخلد للنوم ونحن متعبون من ضغوطات الحياة، لن يفهموك في حلم كان يقض مضجعك وحرمك من النوم عشرات الساعات وهم غارقون في النوم لن يفهموك ولن يفهموك عندما تريد شرح أفكارك لمن حولك ومقاومة تلك الدبدبات السلبية، فعليك الرفع من وعيك والتفكير بكل إيجابية لأنها ستتيح لك فعل أفضل الأشياء بطريقة جيدة إذا أردت أن يفهموك فعلا لأنهم ليس دنبهم فالمسافة الهائلة بينكم هي في الحقيقة بين الماضي والحاضر .
صدقني ولو فقدت ما فقدت حتى ولو لم يحاولو فهمك وكسر الحرمان أضلاعك ستجتاز هذه الحياة مادمت لم تفقد شغفك تجاه نفسك ولم تفقد الله في قلبك وشعورك بقربه وتعزيز علاقتك به، فأختر الرضا يهن عليك العبور ، فالحياة أقصر من أن نعيشها منعزلا وحزينا شاكيا وباكيا ،عليك أن تتفهم واقعهم وحياتهم وأن تتقبل عقليتهم وأن تأخد بيدهم برفق وترتقي معهم لأعلى الدرجات لو أردت فعلا أن يفهموك ، فعش حياتك بكل ما أوتيت من قوة وسعادة وكن فضوليا تجاه نفسك لتكتشفها وتعرف على نقط قوتك ونقط ضعفك ، وتحرر من قيودك التي صنعتها لنفسك وأن تخرج من ضجيج الحياة إلى عوالم ذاتك وتغوص في داخلها وتجعلها تزهر من جديد وتعيد ترتيب دفاتر حياتك لو أردت فعلا أن يفهموك .
|